كيف يتم تأسيس الشركة المساهمة؟

تختلف الشركة المساهمة عن غيرها من الشركات في أنها لا تنشأ بمجرد إبرام عقد تأسيسها، بل إن تأسيسها معقد ويستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب إجراءات مختلفة نص عليها القانون، ويقوم بها أشخاص يسمون بالمؤسسين.

ومبرر هذا التعقيد هو أن الشركات المساهمة بما لها من تقل وتأثير بالغ على الاقتصاد الوطني إضافة إلى اعتمادها على الادخار العام من خلال دعوة الجمهور إلى الاكتتاب في الأسهم الصادرة عنها، لذا كان من الضروري أن يعمل المشرع على التأكد من جدية مشروع هذه الشركة عن طريق تعليق تأسيسها على اتخاذ إجراءات معينة تكفل حماية الاقتصاد الوطني وجمهور المدخرين والغير على حد سواء.

وتتمثل إجراءات تأسيس الشركة المساهمة في ست خطوات يجب اتخاذها هي:

تحرير النظام الأساسي للشركة وطلب تأسيسها والتصديق على نظامها والاكتتاب في رأس المال، والوفاء بقيمة الأسهم، وعقد الهيئة العامة التأسيسية وشهر الشركة وبإتمام عقد الهيئة والشهر تبدأ مرحلة میلاد الشركة سواء بالنسبة إلى المساهمين أو بالنسبة إلى الغير. وعليه سنقسم دراستنا إلى : – المؤسسون. – طلب التأسيس والتصديق على النظام الأساسي. – جمع رأس المال. . میلاد الشركة المساهمة.

المؤسسون

إن القيام بإجراءات تأسيس الشركة المساهمة يتطلب وجود أشخاص يباشرونها، وهم الذين يتخذون المبادرة بإنشاء الشركة، ويعرفون بالمؤسسين.

وعليه سنبحث في تعريف المؤسسين ومركزهم القانوني.

تعريف المؤسسين والحد الأدنى المطلوب لعددهم:

 أولا – تعريف المؤسس:

يعرف المؤسس بأنه الشخص الذي تصدر عنه فكرة تأسيس الشركة ويقوم بمباشرة إجراءات التأسيس بغية تحمل المسؤولية الناشئة عن تأسيس الشركة.

فصفة المؤسس مرصودة لكل شخص توفر فيه شرطان:

أولا: أن يشترك اشتراكة فعلية في تأسيس الشركة.

 ثانياً : أن ينم هذا الاشتراك عن رغبة صادقة في تحمل المسؤولية الناجمة عن عملية التأسيس.

 وعليه لا يمكن إعطاء صفة المؤسس للأشخاص الذين يساعدون في الترويج لمشروع الشركة أو يقنعون الغير بالاكتتاب على رأسمالها، أو الذين يقومون لصالح الشركة قيد التأسيس ببعض أعمال الخبرة القانونية أو محاسبية أو تجارية.

ولا يشترط في المؤسس أن يكون شخصاً طبيعياً، فقد يكون شخصاً اعتبارياً كالدولة أو أي شركة مساهمة أخرى.

 ثانياً – الحد الأدنى لعدد المؤسسين:

الإمكان قيام الشركة المساهمة اشترط المشرع حدا أدنى من المؤسسين لا ينبغي النزول عنه، فنص على أنه يجب ألا يقل عدد المؤسسين عن ثلاثة ويشكلون فيما بينهم لجنة مؤسسین (مادة 1/98 شركات).

وإذا كان المشرع قد نص على حد أدنى لعدد الشركاء المؤسسين، فإنه لم يضع قيوداً على الحد الأقصى، الذي قد يبلغ بضعة آلاف من الشركاء في الشركة المساهمة.

ومبرر ذلك أن هذه الشركة تقوم على الاعتبار المالي وليس على الاعتبار الشخصي أولا، وأن المساهم يهمه أولا وأخيرا المضاربة على قيمة ما يحمله من أسهم، في سوق المال، بقصد الحصول على ربح سريع عن طريق بيعها، وغالباً لا تتوافر لديه فعلا نية المشاركة في إدارة الشركة، كما هو حال حاملي نسبة عالية من أسهم الشركة أو الذين تولوا تأسيسها بنية المشاركة في إدارة الشركة وتحقيق الغرض من تأسيسها.

هذا ولم يشترط المشرع شروطاً معينة يجب توافرها في المؤسس لضمان نزاهته، كما فعلت بعض التشريعات، واقتصر في النص على شروط مماثلة في شخص عضو مجلس الإدارة،

ونعرضها لاحقاً

المركز القانوني للمؤسس وللشركة قيد التأسيس:

يتطلب تأسيس الشركة المساهمة فترة طويلة يشرع خلالها المؤسسون القيام بعدد كبير من التصرفات القانونية، كأن يتعاقدوا مع البنوك على تلقي الاكتتابات أو مع دور نشر لطبع نشرات وشهادات الاكتتاب والأسهم، وقد يقومون بدراسات فنية تتطلب نفقات باهظة، وأحياناً شراء المصانع والآلات واستخدام عدد من العمال.

ويبرمون هذه التصرفات باسم الشركة قيد التأسيس.

ويثور التساؤل عن صفة المؤسسين في القيام بهذه الأعمال هذا من جهة ومن جهة أخرى عن المركز القانوني للشركة قيد التأسيس؟

لا صعوبة في الأمر إذا ما فشل مشروع الشركة، إذ تبقى العقود والتصرفات، التي أجراها المؤسسون ملزمة لهم بصفتهم الشخصية وعلى وجه التضامن.

 ولكن تثور الصعوبة عندما ينجح مشروع الشركة، وتكتسب الشخصية الاعتبارية، فتنتقل إليها كافة الحقوق والالتزامات والعقود التي أبرمها المؤسسون لحسابها خلال فترة التأسيس. فما هو المركز القانوني للمؤسس عندما أبرم هذه العقود؟

ذهب البعض إلى أن المؤسس إنما يتعاقد لمصلحة الشركة المستقبلية، استنادا إلى فكرة الاشتراط لمصلحة الغير.

 إلا أن هذا الرأي يفسر تمتع الشركة بالحقوق الناشئة عن العقود التي يبرمها المؤسس مع الغير، ولكنه لا يفسر تحمل الشركة للالتزامات الناشئة عن هذه العقود.

وذهب آخرون إلى القول أن المؤسس يعد فضوليا يعمل لحساب الشركة المستقبلة.

 ويؤخذ على هذا الرأي، أن الفضالة تتطلب القيام بإدارة شؤون للغير بلا تفويض، والغير هنا هو الشركة المستقبلة أي شخص مستقبل ينحصر عمل المؤسس في خلقه وإيجاده، وأن الفضالة تفترض أن يكون تدخل الفضولي في شأن عاجل، لحساب شخص موجود، والشركة لم توجد بعد وتأسيسها ليس من الشؤون العاجلة التي تستدعي أن يتولاها المؤسس بقصد القيام بها. إضافة إلى أن أغلب أحكام الفضالة لا تنطبق على الوضع القانوني للمؤسس.

والرأي الراجح الذي نؤيده هو أن للشركة قيد التأسيس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم للتأسيس، قياسا على الشخصية الاعتبارية التي تحتفظ بها الشركة خلال فترة التصفية بالقدر اللازم الأعمال التصفية.

 وهذه الشخصية ليست كاملة، بل هي في طور التكوين، ومحدودة بالقيام بالإجراءات اللازمة للتأسيس، مما يمتنع معه على المؤسسين القيام بأي نشاط يتعلق بموضوع الشركة.

 وعندما يتعاقد المؤسسون في فترة التأسيس، فإن تعاقدهم يتم بوصفهم الممثلين القانونيين للشركة قيد التأسيس.

وتظهر فائدة هذا الرأي في إكساب الشركة الحقوق والالتزامات الناشئة خلال فترة التأسيس مباشرة دون أن يكون المؤسسون أنفسهم دائنين أو مدينين أو ملتزمين بنقل هذه العلاقات القانونية للشركة بعد تأسيسها بوجه نهائي.

طلب التأسيس والتصديق على النظام الأساسي

إن استكمال إجراءات التأسيس يتطلب التقدم بتحرير النظام الأساسي للشركة والتقدم بطلب التصديق عليه إلى وزارة الاقتصاد التي تصدر قرارها بالتصديق على النظام الأساسي للشركة والموافقة على طرح أسهمها للاكتتاب.

طلب التصديق على النظام الأساسي:

 أولاً – تحرير النظام الأساسي:

يقوم المؤسسون بتحرير النظام الأساسي للشركة، ويجب أن يتضمن اسم الشركة ومدتها وغايتها ومركزها الرئيسي، ورأس المال المصرح به، وكيفية إدارة الشركة وعدد أعضاء مجلس الإدارة ومدة ولايته وحدود صلاحيات مجلس الإدارة وبشكل خاص في الاستدانة وبيع أصول الشركة ورهنها والتصرف بها والتنازل عن مشاريعها وعن الرخص والامتيازات الممنوحة له وتقديم الكفالات، كما يجب أن يتضمن كيفية تنظيم حسابات الشركة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر الناجمة عن عمل الشركة (مادة 5/98 شركات).

إلى جانب هذه المعلومات التي فرض المشرع ضرورة توفرها في النظام الأساسي، يجوز للمؤسسين تضمين النظام الأساسي أحكاما أخرى شرط ألا تكون مخالفة للقوانين والأنظمة النافذة.

وتضع وزارة الاقتصاد نموذجا لنظام الشركة المساهمة يهدف إلى توحيد الأنظمة التي تسير عليها الشركات، ولكي يكون المتعاملون على بينة مما يطلب إليهم وتتاح لهم فرصة الحصول على موافقة الوزارة بالتصديق على نظام الشركة الأساسي وبإنجاز تأسيس الشركة في أجل قصير.

 ثانياً – تقديم الطلب:

يقدم المؤسسون طلبهم بالتصديق على النظام الأساسي للشركة المساهمة إلى وزارة الاقتصاد مرفقا بنسخة عنه وبإيصال عن تسديد الرسم الواجب لذلك.

 ويجب أن يتم التصديق على تواقيع المؤسسين من قبل الكاتب بالعدل أو من قبل أي جهة يحددها وزير الاقتصاد.

على أنه يجوز أن يقدم طلب التأسيس شخص واحد نيابة عن لجنة المؤسسين بموجب وكالة منظمة لصالحه من هؤلاء المؤسسين (مادة 2/98و3 شركات).

 ويجب أن يتضمن طلب المؤسسين بالتصديق على النظام الأساسي للشركة المعلومات التالية:

1 – أسماء المؤسسين وجنسياتهم والموطن المختار لكل منهم.

 2 – رأس مال الشركة وعدد الأسهم التي سيكتتب بها المؤسسون عند التأسيس وعدد الأسهم التي سيتم عرضها على الاكتتاب العام ومهلة الاكتتاب.

3 – اسم الشركة ومدتها وغايتها ومركزها الرئيسي وموطنها المختار.

 4 – بيان بالمقدمات العينية في رأس المال إن وجدت، واسم المؤسس الذي قدمها ويجب إرفاق تقرير الحصة العينية المقدم من قبل جهة محاسبية مصدقة قانوناً، بطلب التصديق.

 5 – الشخص أو الأشخاص المفوضون بالتوقيع على النظام الأساسي وبمتابعة إجراءات التأسيس لجنة التأسيس) والذين سيتولون دعوة الهيئة العامة التأسيسية للانعقاد والنيابة عن الشركة وإدارتها حتى تأسيسها نهائيا و انتخاب مجلس الإدارة.

 6 – اسم مفتش الحسابات الذي اختاره المؤسسون لمرحلة التأسيس.

تصديق الوزارة على النظام الأساسي:

بعد تقديم طلب التصديق على النظام الأساسي يتم التثبت من أن تأسيس الشركة لا يخالف النظام العام والآداب العامة، وأنه قائم على أسس سليمة، وأن عقد التأسيس والنظام الأساسي لا يخالفان أحكام القانون.

كما يمكن للوزارة أن تتأكد من الجدوى الاقتصادية لمشروع الشركة ومدی أهميته وضرورته للاقتصاد الوطني، وكذلك التأكد من أمانة المؤسسين وكفاءتهم حماية لأموال المكتتبين من بعض ضروب الغش التي قد تشوب تأسيس الشركة.

 وبعد ذلك تصدر الوزارة قرارها بالتصديق أو بالرفض ليستكمل بعد ذلك المؤسسون الإجراءات القانونية اللازمة.

 أولا – التصديق:

إذا وجدت وزارة الاقتصاد أن عقد التأسيس والنظام الأساسي لا يخالفان أحكام القانون، وأن تأسيس الشركة يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ولا يوجد ما يخشى عليه بالنسبة لأموال المكتتبين، فإنها تصدر قرارها بالتصديق على نظام الشركة الأساسي أو على تعديلاته خلال ثلاثين يوما من تاريخ وصول طلب التصديق عليه إليها (مادة 1/99 شركات).

 ثانياً – رفض التصديق:

يحق لوزارة الاقتصاد رفض التصديق على نظام الشركة الأساسي أو تعديلاته إذا تبين لها أن هذا النظام يتضمن ما يخالف أحكام القوانين والأنظمة النافذة، ولم يقم المؤسسون أو الشركة، في حال كانت مؤسسة وترغب بتعديل نظام الشركة الأساسي، بإزالة المخالفة خلال المهلة التي تحددها الوزارة.

 فإذا صدر قرار الرفض جاز للجنة المؤسسين الاعتراض على قرار الرفض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغهم قرار الوزارة، وتدرس وزارة الاقتصاد هذا الاعتراض وأسبابه، فإما أن تقبل الاعتراض أو أن ترفضه.

 فإذا رفض الوزير الاعتراض جاز للمؤسسين أو للشركة الطعن بقرار الوزير أمام محكمة القضاء الإداري التي تبت في الاعتراض موضوع لائحة الطعن خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اكتمال الخصومة، ويكون قرارها مبرمة غير خاضع للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.

هذا ولم يرد في القانون نص في حال لم تصدر وزارة الاقتصاد قرارها بشأن طلب التأسيس خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وصول الطلب إليها، ونرى أن ذلك يعد بمثابة رفض ضمني للطلب يجيز للجنة المؤسسين الاعتراض عليه لدى الوزارة.

ثالثا – إجراءات ما بعد التصديق:

إذا صدر قرار التصديق على النظام الأساسي للشركة سواء بموافقة من قبل وزير الاقتصاد أو بموجب قرار قضائي صادر عن محكمة القضاء الإداري، يتولى المؤسسون نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

كما يتعين على المؤسسين الحصول على موافقة هيئة الأوراق والأسواق المالية بشأن طرح أسهم الشركة على الاكتتاب العام وفقا للإجراءات والأحكام المنصوص عليها في الأنظمة الصادرة عن الهيئة بشأن طرح الأسهم على الاكتتاب العام.

Scroll to Top