تطور شركة المساهمة والتعريف بها وخصائصها

تطورالشركة المساهمة

يختلف الفقه حول الأصل التاريخي لنشأة شركة مساهمة:

فادعى بعضهم أن لبناتها الأولى قد أرسيت بظهور بنك “سان جيورجيو” في جمهورية جنوة عام 11409).

ولمح آخرون إلى أن جذورها تمتد إلى “جمعية التجار المغامرين” التي عرفتها إنكلترا في أوائل القرن الخامس عشر .

والراجح أن شركات الأسهم قد ظهرت في إنكلترا وهولندا وفرنسا في القرن السابع عشر لتنفيذ المشاريع الكبرى الناجمة عن اكتشاف القارة الأمريكية وفتح طريق الهند، وتكرست شخصيتها الاعتبارية استنادا للأوامر الملكية القاضية بإحداثها.

وتبني قانون التجارة العثماني أحكام شركة الأسهم في القانون الفرنسي وأدخل عليه بعض التعديلات، كما تم تعديل بعض أحكامها أثناء الانتداب الفرنسي، وبعد ذلك صدر قانون التجارة رقم 149 لعام 1949 الذي تبني أحكام القانون اللبناني لعام 1942 مع بعض التعديلات، وأخيراً نظم المشرع السوري أحكام الشركة المساهمة في قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 في الباب السادس منه بالمواد من 86 حتى 202.

تعريف الشركة المساهمة وخصائصها

تعريف الشركة المساهمة

من قراءة نصوص قانون الشركات نستطيع أن نستخلص تعريفا للشركة المساهمة ونعرفها على النحو التالي:

هي شركة تجارية بشكلها تستمد اسمها من موضوع عملها، تتألف من خمسة وعشرين مساهمة على الأقل، ويتألف رأسمالها من أسهم يطرح جزء منه على الاكتتاب العام وتكون مسؤولية المساهمين فيها محدودة بما يملكونهم من أسهم، وتكون أسهمها متساوية القيمة وقابلة للتداول وللإدراج في أسواق الأوراق المالية. ( مادة 86 و 87 و 88 شركات ) .

خصائص الشركة المساهمة

مما تقدم من تعريف للشركة المساهمة نخلص إلى أنها تتمتع بخصائص تتعلق بصفتها التجارية وأسمها ورأس مالها ومسؤولية الشريك فيها.

 أولاً – صفتها التجارية:

 تعد الشركة المساهمة ذات صفة تجارية أيا كان موضوع عملها وحتى ولو قامت بنشاط مدني كالزراعة مثلاً، وبالتالي فهي شركة تجارية بشكلها، وتكتسب صفة التاجر وتكون خاضعة الأحكام قانون التجارة والالتزامات التجار، ولأحكام الإفلاس والصلح الواقي.

ثانياُ – اسمها:

لا يكون للشركة المساهمة اسما مؤلف من اسم المساهمين أو اسم بعضهم كما هو الحال في شركات الأشخاص.

وإنما يستمد اسمها من غرضها، أي من طبيعة النشاط الذي أسست لمزاولته.

وذلك لأن شخصية الشريك فيها ليس لها أدنى اعتبار في تكوينها.

كما أن الغاية الرئيسية من ذكر أسماء الشركاء في عنوان الشركة هي تقوية ائتمانها بإعلام الغير بأسماء الشركاء المسؤولين بالتضامن، بينما في الشركة المساهمة تكون مسؤولية الشركاء محدودة بقيمة أسهمهم، لذلك يؤخذ اسمها من موضوع نشاطها فيقال مثلا: “شركة الصناعات النسيجية المساهمة”.

على أنه يمكن أن يستمد اسم الشركة من اسم شخص طبيعي إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص.

 كما أن ليس بالضرورة أن يستمد اسم الشركة المساهمة من غرضها فقد يكون عبارة عن اسم جغرافية أو اسم أحد الحيوانات أو مشاهير الرجال أو أي تسمية عابرة، كما هو حال ” شركة غدق المساهمة”.

 وأيا كانت التسمية فيجب أن يتبع اسم الشركة عبارة “ مساهمة ” وذلك لتمييزها عن الشركة المحدودة المسؤولية ولإزالة أي لبس حول نوعها في حال الترخيص لها باستعمال اسم شخص طبيعي عندما تستثمر براءة اختراع مسجلة باسمه، فيوضح ذلك أن الشخص ليس شريكاً متضامناً فيها.

كما يجب أن يذكر اسمها وسجلها في مطبوعاتها وإعلاناتها وعقودها مع إدراج رأسمالها في هذه الأوراق.

 فإذا أغفل أعضاء مجلس الإدارة أو من يمثلها بذكر هذه البيانات جاز للمحكمة عندئذ اعتبارهم مسؤولين بالتضامن عن التزامات وديون الشركة تجاه الغير حسن النية الذي أبرم عقود مع الشركة دون أن يتبين له الشكل القانوني للشركة أو رأسمالها، (مادة 4/88 شركات).

 ثالثاً – رأس مالها:

يتميز رأس مال الشركة المساهمة بضخامة كبرى، نظرا لأن هذا الشك من الشركات يقوم على الاعتبار المالي.

ويقسم رأس المال إلى أجزاء صغيرة متساوية القيمة، يسمي كل جزء منها سهما.

وهي قابلة للتداول بالطرق التجارية وللإدراج في أسواق الأوراق المالية.

ويجب أن يطرح جزء من رأسمالها على الاكتتاب العام.

ونظرا لأن الشركة المساهمة تضطلع بالمشروعات الاقتصادية الكبرى، فلقد أناط المشرع بمجلس الوزراء وبناء على اقتراح وزير الاقتصاد وضع حد أدنى لرأسمالها لا يجوز النزول عنه بأي حال من الأحوال .

فإذا نقص رأسمال عن الحد الأدنى، جاز لوزارة الاقتصاد منح الشركة مهلة ستة أشهر لتصحيح أوضاعها أو تحويل شكلها القانوني إلى شكل محدودة المسؤولية، وفي حال عدم امتثال الشركة لطلب الوزارة خلال المهلة الممنوحة لها جاز للوزارة طلب حل الشركة من محكمة البداية المدنية التي يوجد في منطقتها المركز الرئيسي للشركة. (مادة 3/90 شركات).

كما وضع المشرع حدا أدني لقيمة السهم فلا يجوز أن يقل السعر الإسمي للسهم عن خمسمائة ليرة سورية.

ولكن لم يضع المشرع حداً أقصى لقيمة السهم وهذا من شأنه تحقيق المرونة في تقدير القيمة الاسمية للسهم.

وعليه فإن تقسيم رأس المال إلى أسهم قابلة للتداول وللإدراج في سوق الأوراق المالية مع تحديد مسؤولية المساهم بقدر قيمة أسهمه، هي الخصيصة البارزة للشركة المساهمة التي تمنحها عن غيرها من الشركات، والتي جعلتها الأداة المثلى لجمع المدخرات اللازمة لأي حجم من المشروعات الاقتصادية.

رابعاً – مسؤولية المساهم المحدودة:

 لا يكون المساهم في الشركة المساهمة مسوؤلاً عن ديون الشركة إلا بقدر القيمة الإسمية للأسهم التي يملكها في الشركة.

ويترتب على ذلك أنه متى أو في المساهم بقيمة الأسهم التي يملكها امتنع على دائني الشركة مطالبته بشيء.

كما أنه لا يكتسب صفة التاجر نظرا لمسؤوليته المحدودة، وبالتالي فإن إفلاس الشركة المساهمة لا يؤدي إلى شهر إفلاسه.

ولا تختلط صفة المساهم في الشركة بصفة المؤسس وإن كان مكتتبأ في أسهم الشركة. فالمؤسس هو من يبادر في تأسيس الشركة، ويشارك في وضع نظامها الأساسي واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتأسيس، ويتحمل المؤسسون المسؤولية عن الأخطاء التي يرتكبونها عند تأسيس الشركة أو عند فشل مشروع تأسيسها.

كما تكون مسؤوليتهم تضامنية ويلتزمون بالتعويض عن الضرر الناجم عن بطلان الشركة أو أي خطأ في التأسيس. أما إذا تم تأسيس الشركة المساهمة دون خطأ من المؤسسين، فإن مسؤولية جميع المساهمين، بما فيهم المؤسسين، تكون محدودة عن ديون والتزامات الشركة بحدود ما يملكونه من أسهم في رأسمالها .

Scroll to Top