هل يمكن أن يحصل القتل بالامتناع؟

 القتل بالامتناع

 إن الصورة العادية لجريمة القتل أنها جريمة ايجابية. أي أن ركنها المادي يتجسد بنشاط أو سلوك خارجي محسوس يصدر عن الفاعل .

 إلا أن المجرم قد يتوصل أحياناً بإحجامه أو امتناعه عن القيام بعمل ما، إلى تحقيق غرضه وإحداث النتيجة ذاتها إذا ما قام بعمل ايجابي .

فهل يصلح الوقف السلبي، أو الامتناع أو الترك، أن يكون الركن المادي لجرم القتل؟

 

الجواب على ذلك لا بد من تحديد المسألة بدقة. فامتناع الطبيب أو الممرضة عن تقديم الدواء إلى المريض في الوقت المحدد، بقصد قتله.

 وامتناع معلم السباحة عن إنقاذ أحد متدربيه الذي يغرق، قصدا بنية إماتته، وامتناع شخص عادي يرى أخر يوشك على الغرق عن إغاثته يقصد قتله.

 كلها أمثلة تتضمن سلوكا سلبياً من شخص يحجم عن القيام بما هو واجب عليه، مع توفر القصد الجرمي.

إلا أن الواجب الملقى على عاتق هذا الشخص قد يكون واجباً قانونياً أو تعاقدياً، كما في المثال الأول والثاني؛ وقد يكون واجباً أدبياً أو أخلاقياً، كما في المثال الثالث.

وفي ضوء ذلك، فإن القانون لا يجرم الامتناع عن القيام بما هو واجب أدبي، لأنه لا يتطلب ولا يفرض على الأشخاص الشهامة ، فلا يؤاخذ الشخص على امتناعه حتى ولو ثبت بالدليل القاطع أنه أراد النتيجة الجرمية، أي الوفاة.

 أما في الجانب الآخر، حيث يكون هناك واجب قانوني أو تعاقدي، فإن امتناع الشخص عن القيام بما هو واجب عليه يصلح أن يكون الركن المادي لجرم القتل إذا توافرت النية الجرمية. فالامتناع هنا كالفعل الايجابي.

وهذا في الواقع موقف قانون العقوبات السوري.

فلقد ساوى في ارتكاب الجرائم بين النشاط الايجابي والامتناع .

بالتالي، فإن الركن المادي للجريمة ممكن أن يتجسد بنشاط ايجابي كما هو المعتاد، وممكن أن يتجسد أحياناً بسلوك سلبي شريطة أن يكون على الممتنع واجب قانوني أو تعاقدي أن يتدخل للمحافظة على حياة الضحية ورعاية سلامته.

 أما في حالة الامتناع المجرد، حيث لا يوجد واجب قانوني أو تعاقدي، ولو كان بسوء نية، فلا يوجد عليه أية مسئولية جزائية.

التعليقات مغلقة.

Scroll to Top