إجراءات تنفيذ وتحصيل الدين الثابت بالكتابة

إجراءات تنفيذ وتحصيل الدين الثابت بالكتابة

يمر تحصيل الدين الثابت بالكتابة عن طريق دائرة التنفيذ بإجراءات تنفيذية تتمثل في طلب التنفيذ واخطار المدين وحق المدين بالإعتراض على الدين وما يترتب على ذلك من آثار مختلفة قد تستوجب رجوع الدائن إلى المحكمة المختصة للمطالبة بالدين.

أولاً- طلب التنفيذ واخطار المدين :

يتقدم طالب التنفيذ باستدعاء إلى دائرة التنفيذ يطلب فيها تنفيذ السند مرفقاً به سند الدين الأصلي ، الذي يحفظ عادة في الصندوق الحديدي لدائرة التنفيذ، مع عدد كاف من صور هذا السند.

وبعد تنظيم الملف التنفيذي، يتوجب على دائرة التنفيذ طبقاً لأحكام المادة 469 من قانون أصول المحاكمات تبليغ المدين مذكرة إخطار تربط بها صورة عن السند المطلوب تنفيذه، ويتضمن الإخطار البيانات التالية:

1 – طلب تأدية الدين والمصاريف والرسوم.

2 – إنذار المدين بالإطلاع على الملف وابداء ما قد يكون لديه من أوجه الإعتراض على مجموع الدين أو على قسم منه في ميعاد خمسة أيام تلي تاريخ التبليغ .

-3 إخطاره بأن الدائرة ستقوم بالتنفيذ الجبري إذا لم يتم الوفاء أو يقع الإعتراض.

هذا وتعتبر مهلة الخمسة أيام منحة للمدين وفرصة لو كي يبادر إلى وفاء الدين أو الإعتراض عليه جزئياً أو كلياً ولا تضاف مهلة المسافة إلى مهلة الإخطار، لأن المفروض في موضوع تنفيذ الديون الثابتة بالكتابة. أن يكون المدين مقيماً أو ساكناً أو صاحب موطن مختار في المنطقة التي يشملها الإختصاص المكاني لدائرة التنفيذ.

ثانياً- موقف المدين ( الوفاء أو الاعتراض ):

بعد أن يتبليغ المدين الإخطار التنفيذي، أو لمجرد علمه بوجود الملف التنفيذي وقبل تبلغه ، أن يختار أحد المواقف التالية:

1- الوفاء:

للمدين أن يبادر خلال خمسة أيام تلي تاريخ تبليغه الإخطار، إلى إيفاء الدين عن طريق إيداع مبلغه في صندوق دائرة التنفيذ، وفي هذه الحالة، يعتبر راضخاً للسند ومقراً بما جاء فيه ويعنفى من أداء كافة رسوم التنفيذ ( المادة 474أصول ).

2- الاعتراض والإنكار:

إذا راجع المدين دائرة التنفيذ خلال مهلة الخمسة أيام ، واعتراض على تحصيل الدين أو أنكر حق الدائن فيه، توقفت كافة الإجراءات التنفيذية بحقه .

3- الإقرار بالدين:

قد يراجع المدين دائرة التنفيذ خلال مهلة الخمسة أيام ، ويقر بجميع الدين أو بجزء منه، ويشترط أن يتم هذا الإقرار بحضور رئيس التنفيذ، وينظم به محضراً بعد التثبت من هوية المقر ( المادة 471 أصول ) ويؤخذ على هذا المحضر  توقيع المدين ، ويوقع من قبل رئيس التنفيذ.

4 – سكوت المدين ومضي المدة:

إذا سكت المدين وانقضت مدة الإخطار دون أن يعترض أو يتقدم للوفاء، فإن السند يكتسب القوة التنفيذية التامة التي تعرض المدين لإجراءات التنفيذ الجبري على أمواله المنقولة وغير المنقولة لتحصيل الدين المطلوب مع المصاريف والرسوم، والتي سبق بحثها في معرض التنفيذ على أموال المدين المنقولة وعقاراته.

5- الاعتراض بعد مضي المدة القانونية:

إذا راجع المدين دائرة التنفيذ، بعد المدة القانونية، وقبل تحصيل الدين منه، معترضاً أو منكرًا الدين، جاز ذلك إذا تقدم بمعذرة عن الأسباب الإستثنائية التي منعته من الحضور للاعتراض خلال المدة القانونية.

وفي هذه الحالة يعرض الأمر على رئيس التنفيذ لقبول المعذرة أو رفضها، فإذا قبلت المعذرة قرر الرئيس وقف الإجراءات التنفيذية المتخذة بحق المدين عند الحد الذي وصلت اليه ( الماد ة 3/474 أصول ).

وفي ذلك قررت محكمة استئناف حلب بقرارها رقم /1927ت تاريخ 1996/12/34 ما يلي:

أن اعتراض المدين على تحصيل سند ثابت بالكتابة بعد مضي المدة بأربعة أيام ودخوله القطر باعتباره كان مسافراً وثبوت سفره قبل تبلغه الإخطار لصقاً على العنوان المختار، يبرر منحه المعذرة بالإعتراض وقبوله وإلغاء كافة الإجراءات التنفيذية “ .

6- دعوى استرداد غير المستحق:

إذا تمكن الدائن من استيفاء دينه كله أو بعضه بطريقة التنفيذ المباشر أو بحجز ما المدين لدى الغير، بسبب سكوت المدين وعدم اعتراضه وكان هذا الدين غير مترتب بذمة المدين ، فإن من حق المدين أن يقيم على الدائن دعوى خلال سنة تلي استيفاء الدين أو قسم منه لاسترداد ما استوفي منه بدون حق مع مطالبة الدائن بتعويض عما لحق به من ضرر من جراء التنفيذ ( المادة 1/470 أصول ).

وتقام الدعوى، في هذه الحالة، أمام محكمة محل العقد أو التنفيذ أو موطن الدائن. و إذا كانت إجراءات التنفيذ لم تتم جميعها بعد، فإن الدعوى لا تؤثر في سير هذه الإجراءات، ويكون موضوعها منع معارضة، وبالتالي لا بد من صدور قرار من المحكمة الناظرة بالدعوى لوقف الإجراءات التنفيذية مؤقتاً وحتى البت في الدعوى.

وقد أراد المشرع من هذه الدعوى ألا يكون التنفيذ باستيفاء الدين من المدين ، وأن تم وفق الأصول والقانون بحكم القضية المقضية إلا بعد مرور سنة على استيفاء الدين .

 ثالثاً – آثار الاعتراض أو الإنكار:

إذا اعترض المدين أو أنكر الدين فإنه يترتب على ذلك آثار مختلفة:

1 – فإذا كان الإنكار أو الإعتراض على كامل الدين ووقع خلال المدة القانونية، توقفت جميع الإجراءات التنفيذية بحقه ، ويكلف الدائن بمراجعة المحكمة المختصة لرفع الدعوى واثبات ما وقع عليه الإنكار وصحة الدين والزام المدين به بحكم قضائي ( المادة 472 أصول ). وفي هذه الحالة يتوجب إعادة سند الدين الأصلي إلى الدائن مع بيان بما وقع عليه من إنكار، ويتقرر حفظ الملف التنفيذي واعتباره منتهياً.

ولا يشترط أن يثبت المدين سبب اعتراضه أو إنكاره، أي أن رئيس التنفيذ لا يملك البحث في جدية الإنكار، ويعتبر هذا خللاً كبيراً في التشريع يضعف من مؤسسة تحصيل الديون الثابتة بالكتابة.

وكان الأجدر بالمشرع لو ترك لرئيس التنفيذ تقدير جدية الإعتراض وفحص أسبابه ومستنداته وله بعد ذلك أن يوقف التنفيذ مقابل كفالة أو بدون كفالة وأن يكلف المعترض أو الدائن مراجعة المحكمة حسب الظروف، بدلاً من ترك أمر توقيف التنفيذ إلى المعترض ذاته حتى ولو لم يدعم إنكاره واعتراضه بأي دليل.

وهذا ما يدفع الدائنين ، في الواقع العملي ، إلى السعي لحرمان المدين من الإعتراض خلال مهلة الخمسة أيام ، وذلك عن طريق التبليغ لصقاً مثلاً أو عن طريق وضع موطن مختار للمدين لا علم له به.

2 – إذا اعترض المدين وأنكر قسماً من الدين وأقر أمام رئيس التنفيذ بالقسم الإخر، فللدائن الخيار، إما بالإستمرار في متابعة الإجراءات التنفيذية من أجل مبلغ الدين المقر به أو بطلب استرداد سند الدين وتعليق تحصيل المبلغ المقر به، حتى نتيجة مراجعة المحكمة المختصة لإثبات صحة الدين الذي وقع الإعتراض أو الإنكار عليه.

3 – إذا لم يعترض المدين في الميعاد القانوني ثم شطب الملف بعد ذلك بسب إهمال الدائن المراجعة فيه، ثم جدد الملف من الدائن، وترتب على التجديد توجيه إخطار جديد للمدين بإنذاره للوفاء، في يستطيع المدين أن يعترض خلال الخمسة أيام التالية لتاريخ تبليغه الإخطار الجديد، ويكون اعتراضه مقبولاً ومرتباً لآثار الإعتراض القانونية ؟

ذهب بعض الققهاء إلى أنه:

لا يؤثر الشطب على القوة التنفيذية التي يكون الدين الثابت بالكتابة قد اكتسبها من جراء عدم الإعتراض عليه خلال المدة المحددة في المادة … 2/469 والسند العادي اكتسب بعدم الإعتراض عليه قبل الشطب قوة تنفيذية تامة تعادل تلك التي تتمتع بها الإسناد الرسمية، ويترتب على المدين أن يقيم دعوى أمام محكمة الأساس ويستحص منها على قرار بوقف التنفيذ، أما اعتراضه أمام رئيس التنفيذ فليس من شأنه أن يوقف التنفيذ أو أن يحمل الدائن على مراجعة محكمة الأساس، والسبب كما تقدم اكتسابق السند قوة تنفيذية تامة “ .

وقد ذهب الإجتها د القضائي في نفس الإتجاه بقرارات عديدة جاء فيها:

” أن عدم الإعتراض على تنفيذ سند ثابت بالكتابة ضمن المدة القانونية يجعل من السند مكتسباً قوة تنفيذية تامة، تجعله بمصاف الأحكام ، وشطب الملف التنفيذي لمرور المدة القانونية عملاً بالمادة 288 أصول لا يؤثر في السند اكتسابه قوة التنفيذ الجبري.

والشطب لا يؤثر في الحقوق ، وتبقى قائمة لأنها لا تعتبر من الإجراءات ومن هذه الحقوق التي لا تتأثر بشطب السند التنفيذي نفسه أو تضمن محضر التنفيذ كفالة أو إقراراً من المدين بحق ما، وكذلك الإحالة القطعية لأن هذا القرار بالإحالة يولد للمحال عليه .”

رابعا : غرامة الانكار( اضغط هنا لمشاهدة وقراءة الموضوع كاملاً )

خامساً- تحصيل الدين من المظهرين والكفلاء:

تنص الفقرة  الأولى من المادة 475 من قانون أصول المحاكمات على أنه:

” يجوز للدائن أن يطلب من دائرة التنفيذ تحصيل دينه من المظهرين والكفلاء خلال خمسة عشر يوماً تلي تاريخ تبليغ الإحتجاج “.

وعليه، فإن حق حامل السند التجاري بالرجوع على المظهرين والكفلاء، يتوقف على توجيه الإحتجاج بعدم الوفاء إليهم خلال يومي العمل التاليين ليوم الاستحقاق، وإلا اعتبر حاملاً مهملاً وسقط حقه بالرجوع على المظهرين والكفلاء ما عدا المسحوب عليه القابل والساحب الذي لم يوجد مقابل الوفاء بتاريخ الاستحقاق وضامنيهم الاحتياطيين.

وبذلك إذا لم يكن الحامل مهملاً كان من حقه أن يتقدم إلى دائرة التنفيذ بطلب تحصيل الدين من المظهرين والكفلاء خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تبليغهم الإحتجاج، فإذا لم يفعل سقط حقه في مطالبتهم بوفاء الدين بهذه الطريقة.

 

Scroll to Top