شروط تحصيل الديون الثابتة بالكتابة

 

شروط تحصيل الديون الثابتة بالكتابة

تمهيد حول تحصيل الديون الثابتة بالكتابة

الأصل أنه ليس للدائن تحصيل دينه الثابت بالكتابة عن طريق التنفيذ مباشرة، بل لا بد له من مراجعة القضاء والحصول على حكم قضائي يتضمن إلزام المدين بدفع الدين، وبعدئذ ينفذ الحكم عن طريق دائرة التنفيذ. وهذا ما كان مطبقاً في سوريا أثناء نفاذ قانون الإجراء المؤقت العثماني.

على أن المشرع، ولأسباب سنوضحها، أصدر بعض الإستثناءات على هذا المبدأ وجعل بموجبها الحقوق الثابتة بالكتابة صالحة للتنفيذ مباشرة دون حاجة للحصول على حكم قضائي بها.

وفي 1953/3/25 صدر المرسوم التشريعي رقم 77 والذي بموجبه أجاز المشرع تحصيل الديون الثابتة بالكتابة، سواء أكانت بسند عادي أم تجاري قابل للتظيير، مباشرة عن طريق دائرة التنفيذ ودون حاجة لاستصدار حكم قضائي.

وعندما وضع المشرع قانون أصول المحاكمات ضمن أحكامه أصولاً جديدة لإجراءات التنفيذ، احتفظ بأحكام المرسوم التشريعي رقم 77 مع بعض التعديلات القليلة وأفرد لها أحكاماً خاصة في الباب السادس من الكتاب الثاني لقانون أصول المحاكمات تحت عنوان تحصيل الديون الثابتة بالكتابة، وهذا ما دفعنا لتخصيص فصل خاص يتضمن الأحكام الخاصة بتحصيل الديون الثابتة بالكتابة والتي تتمثل في الشروط الواجب توافرها في الدين واجراءات تحصيله وما يعترضيا من اعتراض من المدين ، وما يترتب على هذا الإعتراض من آثار.

الشروط الواجب توافر ها لتحصيل الدين

نصت المادة 468 من قانون أصول المحاكمات على ما يلي:

“1- للدائن بدين من النقود إذا كان دينه ثابتاً بسند عادي أو ورقة من  الأوراق التجارية القابلة للتظيير أن يراجع دائرة التنفيذ ويطلب تحصيل دينه.

2 – لا يجوز سلوك هذه الطريقة الإ إذا كان للمدين موطن أصلي أو مختار أو سكنى بذات المنطقة التي يشملها الإختصاص المكاني لدائرة التنفيذ، أو كان لأحد المدينيي المتعددين سكن فهيا، أو كان السند محرراً في هذه المنطقة، أو مشروطاً دفعها فيها، وكان الدين حال الأداء ومعين المقدار “.

من خلال هذا النص نجد أن المشرع وضع شروطاً محددة لطلب تنفيذ وتحصيل الدين الثابت بالكتابة، وهذه الشروط هي:

1- أن يكون الدين مبلغاً من النقود:

إذا كان التزام المدين بشيء آخر غير النقود كالقيام بعمل ما، فلا يمكن تنفيذه مباشرة أمام دائرة التنفيذ ب لا بد من مراجعة القضاء والحصول على حكم قضائي يتضمن هذا الإلتزام بالتنفيذ، إذ لا بد من أن يكون محل الدين مبلغاً من النقود لكي يستطيع الدائن اللجوء إلى هذا الطريق الإستثنائي في تحصيل دينه.

ولا أهمية لمقدار مبلغ النقود أو لنوعه أو لطبيعته وسواء أكان ديناً مدنياً أم تجارياً فإن اتباع هذه الطريقة لتحصيل الدين يبقى ممكناً. وكذلك إذا كان بعض الدين مستحق والبعض الأخر غير مستحق جرى تنفيذ المستحق فقط، واذا تعددت الإلتزامات وكان بعضها من النقود وبعضها الآخر يتضمن شيئاً غير النقود، جاز تنفيذ ما كان منها من النقود الا إذا كان الإلتزام بالنقود مرتبطاً بالإلتزام الآخر بصورة لا تقبل التجزئة، وقام نزاع حول هذه الإلتزامات الأخيرة ففي هذه الحالة لا يجوز تنفيذ الإلتزامات النقدية بدون حكم.

كما أنه لا عبرة لتعدد المدينين أو لصفة المدين سواء أكان مديناً أصلياً أم كفيلاً أو لصفة الدين إذا كان التضامن مقررًا بشأنه أم لا.

2- أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة:

يكفيل أن يكون الدين ثابتاً بالكتابة، أن يكون محرراً في أية ورقة عادية، أو محررًا في ورقة معتبرة بحكم القانون سنداً تجارياً، ذلك لأن الدين الثابت بالكتابة يعتبر محقق الوجود ولا يكون محل نزاع جدي إلا بصورة نادرة. كما أنه في حال عدم وجود الدليل الكتابي فإن االأمر يحتاج إلى التثبت من وجود الإلتزام ومقداره، وهو ما يخرج عن اختصاص دائرة التنفيذ البت فيه.

على أنه يشترط دائماً أن يكون السند الذي يتضمن مبلغ الدين موقعاً من المدين بما يفيد التزامه بالدين، والإ اعتبر، سنداً محرراً بخط المدين دون أن يحمل  توقيعه ، وجود مبدأ ثبوت بالكتابة، ولا يمكن تحصيل المبلغ عن طريق دائرة التنفيذ مباشرة، لما تحمله هذه الورقة من احتمال قيام منازعة تستوجب المحاكمة والحصول على حكم قضائي بها.

ويجوز تنفيذ السند التجاري القابل للتظيير عن طريق دائرة التنفيذ وسواء أكان سند سحب أم سند لأمر أم شيكاً، وأن خلو السند التجاري من أحد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في قانون التجارة، وإن كان من شأنه أن ينزع عنها الصفة التجارية ويحولها إلى سندات عادية، لا يمنع من تنفيذها عن طريق دائرة التنفيذ مادام المشرع أقر تحصيل الديون العادية عن طريق التنفيذ .

3- أن يكون الدين حال الأداء معين المقدار:

لا بد من أن يكون الدين مستحق الأداء عند المطالبة به، ذلك لأنه إذا كان الدين معلقاً على شرط لم يتحق أو أجل لم يحل، فلا يمكن المطالبة به، وتكون المراجعة أمام دائرة التنفيذ غير مقبولة تبعاً لذلك .

كما أنه لا يمكن مراجعة دائرة التنفيذ إذا كان الدين غير معين المقدار، كان يكون حساباً جارياً أقفل ولم تجر تصفيته، ولا يحق لدائرة التنفيذ أن تجري هذه التصفية لتعلق ذلك بالأساس، أي لمحكمة الموضوع لأنه قد يكون محل نزاع.

4- أن يكون الدائن صاحب حق بالدين الثابت بالكتابة:

لا يشترط في الدائن أن يكون دائناً أصلياً أو صاحب علاقة مباشرة بالمدين ، بل يكفي أن يكون صاحب حق بالدين سواء بانتقاله اليه وفق أحكام حوالة الحق أم بالتظيير إذا كان الدين سنداً تجارياً.

أن يكون للمدين موطن أصلي أو مختار أو سكن له أو لأحد المدينين بالمنطقة التي يشملها اختصاص دائرة التنفيذ:

يجب أن يكون للمدين موطن أصلي أو مختار أو سكن بذات المنطقة التي يشملها الإختصاص المكاني لدائرة التنفيذ. كما أنه إذا تعدد المدينين وكان لأحدهم سكن في منطقة دائرة التنفيذ أعتبر هذا الشرط متوفراً، وكذلك االأمر إذا كان السند محرراً أو مشروط الوفاء في منطقة دائرة التنفيذ والتي يشملها الإختصاص المكاني للدائرة.

وبالنسبة للموطن المختار فقد أجاز المشرع للمدين بنص المادة 45 من القانون المدني اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني واشترط ثبوته بالكتابة، وجعله صالحاً للتنفيذ في كل ما يتعلق بهذا العمل بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري، وعليه يجوز للمدين أن يتخذ من لوحة إعلانات دائرة التنفيذ أو أي مكان آخر موطناً مختاراً لو للقيام بإجراءات تنفيذ سند دين مترتب بذمته، على أنه إذا جرى اختيا ر موطن من أجل عمل قانوني آخر فلا يمكن أن يستفيد الدائن من هذا الموطن لتنفيذ سند دينه الثابت بالكتابة.

وفي الواقع العملي ، درجت أكثرية الدائنين  على تضمين سندات الدين بما يفيد اختيا رالمدين موطناً مختاراً في بلدة الدائن التي فيها مقر دائرة التنفيذ يكون صالحاً لتبليغ و كافة الإجراءات التنفيذية، حتى أن بعضهم ينص على الموطن المختار خلسة دون علم المدين عندما يكون مكان الموطن في السند فارغاً أو غير منصوص عليه، وعندما يستحق الدين، يضع الدائن مكان إقامته لمتحصيل في دائرة التنفيذ، ويطلب تبليغ مدينه في هذا الموطن المختار، وقد تصل إجراءات التنفيذ إلى بيع أموال المدين دون أن يصل االأمر إلى علم المدين سيما إذا كان المال المحجوز عقاراً. ويترتب على ذلك آثار خطيرة.

وقد ذهبت محكمة النقض في ذلك إلى أنه مادام المدين قد وقع على السند على بياض أو دون إملاء فراغ مكان الموطن المختار فإنه ارتضى أن يضع الدائن العبارة أو المبلغ أو العنوان الذي يناسب الإتفاق المعقود بينيما.

Scroll to Top