الوسم: مستشار قانوني

  • محل عقد التأمين 2- البدل أو القسط وكيفية حسابه

     قسط-بدل-التأمين

    تعريف البدل أو القسط وأهميته

    أولاً- تعريفه:

    القسط هو ثمن التأمين، وهو المقابل المالي الذي يلتزم المؤمن بدفعه لتغطية الخطر الذي تأخذه شركة التأمين على عاتقها.

    فهو من الناحية الفنية يمثل قيمة الخطر المغطى، ويمثل من الناحية القانونية مقابل الضمان والأمان الذي تبيعو ش ركة التأمين لزبائنها.

    وقد يرفع القسط إلى شركة التأمين بصفة ثابتة لا يتغير -في الأصل – من عام إلى آخر، لذلك يسمى التأمين في هذه الحالة التأمين ذا القسط الثابت.

    وهو ما يدفع لشركة التأمين ذات القسط الثابت،كما هي الحال بالنسبة للأقساط التي تحصل عليها المؤسسة العامة السورية للتأمين التي تقوم بيذا الدور.

    أما في حالات التأمين التبادلي أو التعاوني فيمكن أن يكون المبلغ الذي يدفعه المؤمن لهيئة التأمين التعاونية متغيراً ويسمى في هذه الحالة اشتراكاً.

    غير أن هذه التفرقة بين المبلغين قد زالت أمام تحديد حد أقصى للاشتراك الذي يدفعه المؤمن.

    وبعد أن أخذت شركة التأمين بمبدأ المساهمة في الأرباح وما يترتب عليه من تخفيف العبء على دافعي الأقساط.

    لذلك أصبح من الجائز استخدام اصطلاح القسط للدلالة على التزام المؤمن عموماً أياً كان نوع الييئة القائمة بالتأمين.

    ثانياً- أهميته:

    يعد القسط عنصراً جوهرياً في التأمين، وله ما للخطر من أهمية، فوجوده لازم لقيام التأمين.

    فاذا  كان لا يمكن التأمين دون خطر، فلا تأمين أيضاً دون قسط فالقسط والخطر وجيان لعملة واحدة.

    ومن هنا تبدو الصلمة الوثيقة بين القسط والخطر.

    فالقسط مرتبطاً بالخطر، فهو يعبر عن الخطر من حيث قيمته المالية.

    ذلك أنه إذا كان المؤمن يلتزم بدفع القسط ، فإن ذلك يتم في سبيل الوصول إلى تغطية الكوارث التي قد تلحق به. فتسوية الكوارث

    أو الحوادث يتم عن طريق الإمدادات التي يدفعها المؤمنون على شكل أقساط.

    ومن مجموع هذه الأقساط يتسنى لشركة التأمين مواجهة الحوادث وتغطية النتائج الناجمة عن وقوعها.

    ولهذا كان من اللزوم أن يعبر القسط عن قيمة الخطر، فتتحدد قيمته في ضوء الأخطار المؤمنة.

    ويتم تحديد قيمة تلك الأخطار على أسس فنية، مع الاستعانة بقواعد الإحصاء.

    واذا كان القسط معبراً عن قيمة الخطر أو هو ثمن له، بحيث يكون معادلاً لقيمة الخطر وفقاً للقواعد والأصول الفنية مع الاستعانة بقواعد الإحصاء كما ذكرنا، إلا أنه ينبغي أن يدخل في الحسبان، إلى جانب ذلك، عوامل أخرى لها دورها في تحديد مقدار التأمين.

    إذن من الضروري توافر القسط لتغطية الكوارث التي تصيب المؤمنين خلال فترة التأمين والحصول على القسط هو السبيل الوحيد لتجميع الأموال اللازمة لتسوية الكوارث، وذلك عن طريق اجتماع أكبر عدد ممكن من طالبي التأمين، وتحملهم بالأقساط المناسبة مع جسامة الخطر المؤمن.

    فإذا لم يتوافر هذا الركن- أي القسط – في عملية من شأنها انتقال تبعة الخطر دون مقابل فإن مثل هذه العملية لا تعد تأميناً -وعلى أي حال- يمكن عدها هبة مشروطة .

    يتبين مما سبق أن القسط كمحل للتأمين يلعب دوراً مهماً في تكوين عقد التأمين، ويتم تحديده وفقاً لأسس فنية تعتمد على قواعد الإحصاء. فكيف يتم هذا التحديد.

    تحديد القسط

    يتم مبدئياً تحديد القسط من طرفي العقد، ومع ذلك يشكل التأمين نشاطاً يستند إلى قواعد رياضية مستخدمة في إطار تجاري منظم، هي قواعد الإحصاء، وهذا ما يحدد مكونات القسط التجاري لذلك يدفعه المؤمن ويسميه بعضهم القسط المعلى أو المحمل .

    ويقصد بذلك، أن القسط يتحدد على أساس قواعد الإحصاء ويسمى القسط الصافي أو البحت وهو الذي يساوي قيمة الخطر تقريباً وفقاً لقواعد الإحصاء.

    تضاف إليه المصاريف والنفقات التي تتحملها شركة التأمين حتى تضاف إلى الأقساط بطريقة نسبية.

    وتدخل في الحسبان عند تقدير القسط، وتسمى هذه المبالغ التي تصفيها شركة التأمين إلى القسط الصافي التكاليف أو علاوات القسط.

    لذلك ولمعرفة كيفية تحديد القسط لابد من أن نعرض القسط الصافي ثم أعباء القسط أو علاوته

    القسط الصافي

    ينظر في تحديد القسط الصافي إلى عدة عناصر، من أبرزىا الخطر. فالقسط الصافي يمثل قيمة الخطر على وجو التقريب.

    فيه المبلغ الذي يكفي لتغطية الأضرار الناتجة عن الخطر إذا ما تحققت الكارثة أو وقع الحادث، دون أن تتعرض شركة التأمين لخسارة، ودون تحقيق ربح .

    والى جانب الخطر هناك عوامل أخرى تدخل في الحسبان عند تحديد القسط ، هذه العوامل الأخرى هي المبلغ المؤمن أو أداء المؤمن، ومدة التأمين، وكذلك سعر الفائدة التي تحصل عليها شركة التأمين من استغلال رصيد الأقساط الذي يتجمع لديها.

    وبناءً على ما تقدم فإننا سنتعرض في دراستنا لعوامل تحديد القسط الصافي إلى عامل الخطر (أولاً ) وبعد ذلك ندرس العوامل الأخرى التي تدخل في تحديده ( ثانياً ).

    أ- عامل الخطر:

    يتوقف تحديد قيمة القسط على عامل الخطر الذي يشكل العنصر الأساسي لهذه العملية، إذ على قدر الخطر يكون القسط. وبناءً على ذلك يتحدد القسط بالنظر إلى احتمال تحقق الخطر المراد تأمينه من جهة، ومدى جسامة هذا الخطر من جهة أخرى. ويتدخل كل من درجة احتمال وقوع الخطر ومدى

    جسامته في تكوين القسط. وبذلك لابد أن يكون القسط مناسباً مع هذا الخطر.

    1 – درجة احتمال وقوع الخطر:

    ويقصد من درجة احتمال تحقق الخطر المؤمن معرفة فرص تحققه. وبما أن الخطر يستجيب لشروط فنية، فإنه لا بد من بيان عدد الحالات التي يتحقق فيها الخطر بالنظر إلى مجموع الحالات التي نواجيهها، وبعبارة أخرى، يجب أن نحدد العلاقة بين عدد الفرص التي تتحقق فيها الكارثة أو الحادثة والعدد الكمي للفرص الملكنة.

    ففي التأمين من الحريق إذا تبين وفقاً لطرائق الإحصاء أنه في كل ألف حالة تقع ثمان كوارث، فإن احتمال الكارثة يكون ثمانية من الألف (8/1000)  ويعني ذلك أنه إذا كان لدى شركة التأمين ألف

    مؤمن فإنه يحتمل احتراق ثمانية منازل من المنازل الألف المؤمنة.

    فلو فرضنا أن مدة التأمين هي سنة ومقدار المبلغ المؤمن هو عشرة آلاف ليرة لأمكننا التوصل إلى معرفة القسط الصافي الذي يجب أن يدفعه كل مؤمن.

    وذلك أن شركة التأمين ستقوم بتغطية الكوارث التي تتحقق هنا وهي ثمان، وقيمة تعويض كل منها عشرة آلاف ليرة. فيكون المجموع ثمانية آلاف ليرة.

    فإذا ما وزع هذا المبلغ على المؤمنين جميعاً وهم ألف لكان كل منهم أن يدفع ثمانين ليرة سنوياً. بفرض أن الضرر قد تحقق كلية.

    ومع مراعاة أن شركة التأمين لا تخسر شيئاً من مالها الخاص. فيكون القسط متوقفاً على درجة احتمال تحقق الخطر.

    2 – درجة جسامة الخطر المحقق أو الكارثة:

    الى جانب درجة احتمال تحقق الخطر يدخل في الحسبان أيضاً عند تحديد مقدار القسط الصافي

    درجة جسامته. أي جسامة الكارثة التي تتحقق، ومدى النتائج التي تترتب عليها.

    ذلك أن من الأخطار ما يؤدي تحققه إلى هلاك المؤمن هلاكاً كلياً كما في حالة التأمين من الحوادث التي تؤدي إلى وفاة الشخص، وكذلك بالنسبة للتأمين في حالة الوفاة. في هذه الحالة يترتب

    على تحقق الكارثة الفناء الكلي، ويستحق مبلغ التأمين كاملاً. فالجسامة هنا لا تدخل في الحسبان لأن الكارثة أدت إلى فناء المؤمن، ولذلك فإن تقدير القسط الصافي يتوقف على درجة الاحتمال وحدها دون أن تدخل الجسامة في الحسبان.

    ومع ذلك يظهر دور جسامة الخطر في تحديد القسط في حالات التأمين من الأضرار عندما تكون الكارثة كلية. ويكون الضرر جزئياً. ولهذا لا يستحق المؤمن كامل مبلغ التأمين بل قدراً يتناسب مع ما لحقه من ضرر.

     وفي هذه الحالة بما أن جسامة الخطر تتناقص فإنها تؤثر بالضرورة في مقدار القسط وتنقصه، نظراً لأن التزام شركة التأمين سيكون أقل.

    وتستخدم الإحصائيات للدلالة على درجة جسامة الخطر، فتبين، بالإضافة إلى تحديد درجة احتمال تحقق الخطر متوسط درجة جسامة الحوادث.

      فإذا تبين من الإحصاء أن الكوارث لا تؤدي عادة إلا إلى هلاك ثلاثة أرباع الأشياء المؤمن عليها مثلاً، فإن التزام شركة التأمين يقتصر على الوفاء بقيمة القدر الذي أهمكته الكارثة.

    واذا كان القسط الصافي يتحدد في ضوء الخطر، فإنه يجب أن يخفض إلى النسبة التي تمثل متوسط إهلاك الخطر للأشياء المؤمنة أيضاً.

    ففي مثالنا في الفقرة السابقة، إذا فرضنا أنه ثبت أن الحريق في بعض المنازل لا يفتك إلا بنسبة معينة كالنصف مثلاً، وكان القسط الذي يجب دفعه طبقاً للاحتمالات وحدها هو ثمأنون ليرة، فإن إدخال

    درجة جسامة الكارثة في الاعتبار، وهي هنا الخسارة بقدر نصف المبلغ المؤمن، يستوجب إنقاص مقدار القسط إلى النصف وهو مبلغ أربعون ليرة فقط بدلاً من ثمانين .

    من خلال ذلك يتبين أن هناك علاقة وثيقة تربط بين الخطر و القسط وأنه يوجد تناسب بينهما.

    وعلى قدر الخطر يكون مقدار القسط، فهو يرتبط بالخطر من جهة درجة احتمال تحققه، ودرجة جسامته من جهة أخرى, وهذا ما يسمى بمبدأ ” تناسب القسط مع الخطر”.

    3 – مبدأ تناسب القسط مع الخطر:

    يقضي تحديد القسط الصافي الاعتماد على الخطر بشكل أساسي من حيث احتمال تحققه ودرجة جسامته.

    وبما أن عامل الخطر هو مقياس القسط الواجب دفعه لذلك يجب أن يكون هنالك تناسب بين القسط وبين الخطر. وهذا هو مبدأ تناسب القسط مع الخطر.

    ويترتب على تطبيق هذا المبدأ النتائج التالية:

    آ – لا تستحق شركة التأمين القسط إذا لم يوجد الخطر. فإذا كان الخطر غير موجود أو كان قد زال أو تحقق وقت التعاقد كان العقد باطلاً بغض النظر عن حسن أو سوء نية المتعاقدين أو أحدهما.

    ب – إن تحديد القسط يتبع الخطر من حيث ثباته أو تغيره. فإذا كان الخطر ثابتاً، كان القسط ثابتاً أيضاً. واذا كان الخطر متغيراً، فإن القسط ينبغي أن يتغير كذلك، وبالنسب نفسها، فيكون تصاعدياً أو تنازلياً بحسب طبيعة الخطر.

    وان كان يراعى عممياً جعل القسط ثابتاً في هذه الحالة، مع قيام شركة التأمين بعمل احتياطي كما ذكرنا عند كلامنا عن الخطر الثابت والخطر المتغير، ورأينا كيفية معالجة شركات التأمين لمخطر المتغير وتفادي تفاوت الأقساط وذلك عن طريق الاحتياطي.

    ج – إذا كان الخطر ثابتاً بطبيعته، وطرأت ظروف أو تغيرات خلال مدة العقد، سواء من فعل المؤمن أو من غير فعله، تزيد من درجة احتمال تحققه، فإن مبدأ تناسب بين القسط والخطر يستدعي التدخل لإعادة هذا التناسب عن طريق زيادة القسط تبعاً لذلك وبالنسبة نفسيا من التزايد.

    فإذا ا زد احتمال تحقق الخطر بفعل المؤمن أو بفعل الغير أو بتغير الظروف نفسها وجب تغير القسط بنسبة زيادة الخطر، واذا رفض المؤمن تلك الزيادة من حق شركة التأمين إنهاء العقد، على أنه يجب أن تكون زيادة الخطر متعلقة بتغير يطرأ على أحد العناصر التي يكون لها اعتبارها لدى المتعاقدين من جهة وألا تكون زيادة الخطر من شأنها أن تجعل الخطر غير قابل للتأمين.

     – وقد ذهب المشرع الفرنسي في هذا الشأن مذهباً متطورأً فقد نصت المادة التشريعية 113-4 من قانون التأمين الفرنسي لعام 1976

    ” إذا تسبب المؤمن بفعله في زيادة الأخطار المؤمنة، بحيث لو كانت هذه الحالة قائمة وقت التعاقد لامتنعت شركة التأمين عن التعاقد. أو لما تعاقدت إلا نظير مقابل أكبر وجب على المؤمن قبل أن يتسبب في ذلك أن يعلم شركة التأمين برسالة مسجلة”.

    فإذا لم يكن للمؤمن في زيادة الأخطار وجب عليه إعلام شركة التأمين خلال مدة ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ علمه بهذه الزيادة.

    وفي الحالتين، لشركة التأمين الخيار، إما أن تطلب فسخ العقد، أو تفرض زيادة في مقدار قسط التأمين.

    فإذا لم يقبل المؤمن هذه الزيادة، يفسخ العقد، ويحق لشركة التأمين في الحالة الأولى أن تطلب تعويضاً أمام القضاء.

    ومع ذلك، لا يجوز لشركة التأمين أن تتذرع بزيادة الأخطار إذا كانت قد علمت بها بأي وجه كان وأظهرت رغبتها في استبقاء العقد بوجه خاص إذا استمرت في استيفاء الأقساط أو إذا دفعت التعويض بعد تحقق الكارثة.

    وقد تبنى المشرع اللبناني هذا النص حرفياً بأحكام قانون الموجبات اللبناني المادة 977 منه. أما المشرع السوري فلم يأتِ بأي نص قانوني مماثل، فيما يتعلق بهذا الموضوع، لذلك نعود إلى القواعد العامة التي تحكم العقود.

    د – إذا كان القسط قد تحدد عند العقد على أساس ظروف معينة وردت في عقد التأمين، كان للمؤمن الحق في طلب فسخ العقد إذا لم تستجب شركة التأمين لطلبه في تخفيض القسط، بحيث يتلاءم مع الخطر عن المادة اللاحقة لزوال تلك الظروف.

    في هذا الصدد ذىب المشرع الفرنسي بأحكام المادة التشريعية 113-7 المعدلة بالقانون الصادر عام 1981 :

    ” إذا كانت وثيقة التأمين تشير إلى ظروف خاصة، أخذ بها بعين الاعتبار عند تحديد القسط ، وكان من شأنها زيادة الأخطار, كان من حق المؤمن، إذا  زالت هذه الظروف أثناء فترة التأمين، أن يطلب فسخ العقد، ودون أي تعويض، إذا رفضت شركة التأمين تخفيض القسط بما يقابلها، وفقاً للتعرفة

    المطبقة وقت إبرام العقد”.

    وقد تبنى المشرع اللبناني هذا النص حرفياً بأحكام المادة 978 موجبات وأضاف: “….

    “……، وان يكن هناك اتفاق على العكس”.

    ومن الواضح هنا أنه يجب أن تزول هذه الظروف التي نظر إليها عند تحديد القسط على أن من شأنها أن تزيد الخطر. فلا يكفي هنا مجرد نقصيا أو التخفيف منيا فقط دون زوالها. ويجب أن تكون هذه الظروف قد ذكرت من قبل في العقد، وقد حسب القسط على أساس وجودها.

    هـ – كما ينجم عن تطبيق مبدأ التناسب بين القسط والخطر، أنه إذا لم تتمكن شركة التأمين من الإجابة، بشكل حقيقي، بالخطر المؤمن، وبسبب عدم إدراك المؤمن وقت التعاقد للبيانات التي تعطي فكرة كاملة عن مدى الخطر، ولم يكن ذلك عن سوء قصد منه، كما لو سكت عنها بحسن نية.

    أو أعطى بيانات خاطئة بغير عمد. ففي هذه الحالة يحق لشركة التأمين أن تطالب بزيادة القسط بحيث يتناسب مع جسامة الخطورة، كما يحق لها أن تفسخ العقد.

    واذا لم تتبين شركة التأمين حقيقة الوضع إلا بعد وقوع الكارثة, كان ها أن تخفض مبلغ التعويض المستحق للمؤمن بنسبة الفرق بين معدل الأقساط التي دفعت ومعدل الأقساط التي كان يجب أن تدفع لو كانت المخاطر قد أعلنت إلى المؤمن على وجه صحيح وتام.

    وهذا الحل – التخفيض النسبي للتعويض – لا يطبق إلا إذا كان المؤمن، أثناء تنفيذه لالتزامه بإعلان شركة التأمين عن ظروف الخطر، حسن النية أو جاهلاً لهذه الظروف أو سكت عنها بغير سوء  نية ودون قصد الغش لديه .

    ويجب أن نشير إلى أن هذه النتائج المستمدة من تطبيق مبدأ تناسب القسط مع الخطر تفرضها العدالة التي يقتضييا التعاون المعتبر أساساً للتأمين، فمن ساهم في الرصيد المشترك بقسط غير متناسب مع الخطر المستهدف له، يجب أن يخفض نصيبه من هذا الرصيد بنسبة عدم كفاية اشتراكه فيه.

    ب – العوامل الأخرى التي تؤثر في تحديد القسط:

    إذا كان تحديد القسط يتوقف بشكل أساسي على تحديد درجة احتمال تحقق الخطر وجسامته، فإن هناك عوامل أخرى تؤثر في تحديده.

    فهناك مقدار مبلغ التأمين (أداء شركة التأمين)، ومدة التأمين، وسعر الفائدة كعنصر مالي.

    1- مبلغ التأمين (أداء شركة التأمين) :

    تقوم بين القسط ومبلغ التأمين علاقة حسابية وثيقة، فعن طريق تطبيق قواعد الإحصاء على هذه العلاقة يتحدد مقدار القسط. وبالتالي فإن القسط يتغير تبعاً لتغير المبلغ المؤمن، وطبعاً فإنه كلما زاد مقدار المبلغ المؤمن ازاد مبلغ القسط الواجب دفعه.

    ذكرنا بأن القسط يتحدد في ضوء درجة احتمالات وجسامة الخطر. وبالنظر إلى ذلك يعد وحدة نقدية معينة. وحدة نقدية تتخذ أساساً للحساب. فإذا كانت قوائم الإحصاءات تبين مثلاً أن كل قسط في حالة التأمين من الحريق هو أربعون ليرة – كما ذكرنا في مثالنا السابق – فإنه إنما ينظر إلى هذا التحديد على افتراض أن المبلغ المؤمن هو عشرة آلاف ليرة. فمبلغ عشرة آلاف ليرة هو الوحدة النقدية التي تتخذ أساساً للحساب.

    فإذا أمن الشخص من الحريق بمبلغ عشرة آلاف ليرة لمدة سنة، فإنه يدفع أربعين ليرة سورية قسطاً لهذا التأمين.

    فإذا ا زد المبلغ المؤمن زيدت قيمة القسط، أي أنه إذا صار المبلغ المؤمن عشرين ألف ليرة مثلاً  زاد القسط السنوي إلى ثمانين ليرة سورية، واذا ا زد المبلغ المؤمن إلى مئة ألف ليرة  زاد القسط إلى أربعمائة ليرة سورية وهكذا فإن القسط يزداد كلما ازداد مبلغ التأمين.

    على أن هناك حالات لا يتحدد فيها مبلغ التأمين وهو ما يحصل في حالة التأمين غير المحدد أو التأمين الكمي، حيث لا يبدو هذا النظام الخاص المتعلق بتزايد القسط مع مبلغ التأمين، وان كانت شركة التأمين تقوم بعمل حسابها على أساس مبلغ مرتفع جداً ويتأثر القسط بهذا المبلغ المرتفع في هذه الحالة. وبالتالي فإن تحديد القسط مرتبط بمبلغ التأمين وان لم يكن محدداً سلفاً في عقد التأمين.

    2 – مدة التأمين:

    يرتبط تحديد البدل بمدة التأمين. فالتأمين هو أصلاً من العقود الزمنية ويتدرج تنفيذه لزمن معين، والتي لا بد من تحديدىا في عقد التأمين، لحساب القسط وتحديده، هذه المدة الزمنية هي سنة من حيث المبدأ، ومدة السنة هي المدة العادية التي تتخذ أساساً للإحصاءات.

    ومع ذلك فقد يتم التأمين لمدة أقل من السنة، كالتأمين على الحياة لسفرة واحدة بالطائرة مثلاً، والتأمين الذي يتم على البضائع أثناء نقلها فقط، وقد يتم التأمين ضد بعض الأخطار التي تحتسب على أساس سنوي، ولكن لمدة أقل من السنة

    كتأمين السيارة لموسم معين مثلاً أو لمدة ستة أشهر.

    ومع ذلك فإن القاعدة العامة لتحديد مدة التأمين، والتي تتخذ لحساب البدل على أساس الوحدة – الزمنية، هي السنة. لذلك فإنه عند النظر إلى قوائم الإحصاء بالنسبة إلى حالة التأمين من الحريق مثلاً، إذا كان القسط السنوي يتحدد بالنظر إلى الوحدة النقدية، ولتكن عشرة آلاف ليرة، فإنه يتحدد على أساس الوحدة الزمنية، وهي عادة تكون سنة.

    فإذا ا زدت مدة العقد على السنة  زاد القسط كذلك. فإذا كان القسط السنوي أربعين ليرة مثلاً لكل وحدة نقدية مقدارها عشرة آلاف ليرة، فإنه إذا زادت مدة العقد فإن معنى ذلك زيادة القسط الذي يدفع بمقدار هذه الزيادة في المدة، بحيث يكون أربعين ليرة عن كل سنة، أي يتحمل المؤمن بالقسط السنوي مضروباً في عدد السنين التي اتفق عليها في العقد.

    ولا صعوبة في هذا الصدد إذا كان الخطر ثابتاً، من سنة إلى أخرى، على أن الأمر يظهر بعض التعقيد بالنسبة للخطر المتغير، فقد يتغير القسط متأثراً بمدة التأمين وبخاصة في التأمين على الحياة.

    فيختلف مقدار القسط تبعاً لطول مدة العقد، فيكون مخفضاً إذا كان واجب الأداء مدى الحياة، ثم يطرد إطراداً عكسياً مع المدة، بحيث يزاد القسط كلما نقصت مدة التأمين.

    فمثلاً القسط المقرر على التأمين لمدة عشر سنوات أكبر من قسط التأمين لعشرين سنة، وهكذا…

    ولكن ذلك لا يمنع من بقاء القسط السنوي موحداً طوال مدة التأمين المتفق عليها، فيكون أثر المدة قاصراً إذن في مقدار القسط وحدته.

    3 – سعر الفائدة:

    يتوقف تحديد مقدار القسط أيضاً على عامل آخر، وهو عامل مالي وليس إحصائي وهو سعر الفائدة.

    ذلك أن الأقساط، عموماً، تدفع مقدماً وتظل خلال مدة من الزمن في صندوق شركة التأمين قبل استخدامها في تغطية أثار الكوارث.

     ولهذا فإن شركة التأمين تستغل الأموال خلال هذه المدة فتحصل من ورائها على فائدة تحقق لها إيراداً، ويؤدي ذلك إلى إنقاص مقدار القسط. ذلك أن الفوائد التي تحصلها شركة التأمين تساعدها على مواجهة المصروفات العامة فتخففها.

    ولهذا يتوجب على شركة التأمين أن تضع في حسابها عند تحديد القسط ما تحصل عليه من فوائد نظير استغلال ما يتجمع لديها من أقساط.

    أي تخفض القسط بنسبة الزيادة التي تنتظر الحصول عليها من الفوائد لقاء توظيف المبالغ التي تتجمع لديها.

    ويظير هذا الدور الذي يلعبه عامل سعر الفائدة في تحديد القسط بشكل واضح في حالة التأمين على الحياة، إذ يتجمع لدى شركات التأمين مبالغ كبيرة من الاحتياطي تقوم باستثمارها.

    ويتم تخفيض مقدار الفوائد التي تحصل عليها شركات التأمين من مقدار القسط في ضوء ما تحصل عليه من استثمارات للمبالغ المتجمعة لديها، بالنظر إلى الظروف المحيطة بالنسبة لاستثمار رؤوس الأموال.

    بالتأكيد يمكن أن يدخل عامل سعر الفائدة في علاوة القسط عندما تتم المقاصة بين الفوائد التي تحصل عليها شركة التأمين وبين نفقات ومصاريف الشركة.

     ولكن يعد سعر الفائدة، تقليدياً، عاملاً من عوامل القسط الصافي، ذلك لأن سعر الفائدة ثابت نسبياً، وتستطيع شركة التأمين أن تكوّن، في هذه الحالة، احتياطات مالية، كما هي الحال بالنسبة للاحتياطات الإحصائية التي تكونها شركة التأمين فيما يتعلق بالخطر.

    أعباء القسط أو علاوته

    إن قيام شركة التأمين بأعمالها من تجميع للأقساط الصافية وتوزيعها على أولئك الذين تحقق الخطر بالنسبة إليهم. من خلال العام، يتطلب منها دفع نفقات وتكاليف يجب إدخالها في الحساب، واضافتها إلى القسط الصافي. فيكون القسط الصافي مضافاً إليه هذه التكاليف هو القسط التجاري، أي القسط الفعلي الذي يدفعه المؤمن للشركة.

    فالتكاليف أو الأعباء هي مبالغ يجب إضافتها إلى القسط الصافي لتأمينٍ ما لتغطية عدد معين من النفقات اللازمة لإدارة شركة تأمين وادارة العقد المسجل.

     ذلك أن تنظيم عملية التأمين بين المؤمن وشركة التأمين يحتاج إلى أجهزة ونفقات متعددة، لا تتحملها هذه الشركة في النياية.

    وتحتوي هذه الأعباء أو التكاليف التي تدفعها شركة التأمين، إلى جانب القسط، على عناصر متعددة، يمكن حصرها في ما يلي:

     – 1 – مصاريف اكتساب العقود،

    2- مصاريف تحصيل الأقساط،

    3 – مصاريف الإدارة،

    4 – الضرائب،

    5- الأرباح التي تهدف الشركة إلى تحقيقيا.

    وسنعرض هذه العناصر بشيء من التفصيل.

    أولاً- مصاريف اكتساب العقود أو عمولة الوساطة:

    غالباً، لا يقبل الأفراد من تلقاء أنفسهم على التأمين، ولهذا تحاول شركات التأمين الوصول إليهم عن طريق مندوبين، هم الوسطاء الذين يجلبون العملاء إلى الشركات، وهم وكلاء التأمين وسماسرته، ويدعون “بالمنتجين“.

    وان كثيراً من الناس لا يدركون فوائد التأمين إلا إذا أبصرهم هؤلاء الوسطاء، ومن يدرك منهم فوائده، لا ينشط من تلقاء نفسه للتعاقد مع شركة التأمين، وانما الوسيط هو الذي يستحثه على التعاقد، وييسر له سبله ويشرح له طرائقه المتنوعة.

    وهؤلاء الوسطاء الذين يحترفون هذا العمل، يجب أن يحصلوا على مكافأة نظير مهمتهم. وهذه المكافأة هي عمولة تمنح لهم عن كل عقد يتم إبرامه عن طريقهم بين المؤمن وشركة التأمين، تتحدد بنسبة قد تصل إلى مقدار القسط 15 %من القسط، وذلك إما على أساس مقدار القسط، واما على أساس مبلغ التأمين.

    ويراعى- في الواقع- عند تقدير هذه العمولة للوسيط ليس فقط مجرد إتمام العملية بين الشركة والمؤمن، ولكن أيضاً ما يبذل في ذلك من جهود مع العملاء قد تنجح وقد لا تنجح.

     ولاشك أن العمولة التي يتقاضاها الوسيط لا تتحملها شركة التأمين، وانما تلقى على عاتق العملاء المؤمنين فتضاف إذاً إلى القسط الصافي.

    ثانياً- مصاريف تحصيل الأقساط:

    القاعدة أن الدين محصلاً وليس محمولاً، أي أنه يجب تقاضيه في محل المدين. والمدين في عقد التأمين هو المؤمن، وبالتالي فيجب أن تدفع الأقساط في محل إقامة المؤمن ماعدا القسط الأول فغالباً ما يدفع عند إبرام العقد مع الشركة.

    وبناءً على ذلك فإن شركة التأمين عندما تسعى إلى عملائها لتحصيل الأقساط عن طريق محصلين يتقاضون أجوراً تدفعها الشركة وتنفق بالإضافة لذلك مصاريف انتقاليه تسمى مصاريف التحصيل.

    ولا شك أن تلك المصاريف ينبغي في النهاية أن يتحملها المؤمن، وتضاف تبعاً لذلك إلى القسط الصافي بمقدار ما تتناسب تلك المصروفات مع قيمة القسط أو مقدار الأقساط .

    على أن المشرع الفرنسي خفف من عبء هذه النفقات عندما عد أن الأقساط لم تعد محصلة في موطن المؤمن، وانما محمولة إلى شركة التأمين وبالتالي يجب على المؤمن دفعها في موطن الشركة.

    فقد نصت المادة التشريعية 113- 3  الفقرة الأولى:

    ” يدفع القسط في موطن شركة التأمين أو لدى الوكيل المعين لهذا الغرض”.

    ثالثاً- مصاريف الإدارة:

    ويقصد بذلك النفقات كافة التي تتحملها شركة التأمين في سبيل قيامها بعملها، فالشركة لها مكان تقيم فيه، قد تشغله مقابل بدل إيجار، كما يصرف أعمالها مدير أو مديرون، ويعمل فيها عددٌ كبيرٌ من الموظفين والمستخدمين، تدفع لهم أجور ومرتبات.

    وكثيراً ما تلجأ إلى خبراء تستعين بهم للكشف ولتقدير الأضرار، وترفع كما يرفع عليها الكثير من القضايا، مما يستدعي دفع نفقات لا يستهان بها، كما تدفع نفقات عن وسائل الوقاية التي تتخذها. ونفقات تسوية الكوارث.. وغيرها من النفقات التي تتحملها الشركة في سبيل الإدارة .

    وكل هذه النفقات التي تقوم بها شركة التأمين في سبيل الإدارة لا تتحمل عبأها الشركة، وانما تقع على كاهل عملائها، فتضاف إلى الأقساط بقدر يتناسب مع قيمتها حسب الظروف.

     وتتجه الدول حالياً نحو تخفيض تلك الأعباء عن طريق التنظيم العلمي للتأمين.

    ففي فرنسا صدر قرار عام 1965 يبين إمكان خفض نفقات الإدارة أياً كان نوعيا، بما فيها  عمولة الوسطاء وذلك بالنسبة لتأمين المركبات بنسبة 38 % عن عام 1970 وبنسبة 42 % عن عام 1980 وكذلك صدر قرار مماثل لهذا الصدد في حالة التأمين على الحياة يهدف إلى الحد من المصروفات عام 1970 الخاصة بإدارة واستغلال شركات التأمين على الحياة .

    رابعاً- الضرائب:

    يضاف إلى التكاليف التجارية سالفة الذكر العبء الضريبي، أي الضرائب التي تلتزم شركات التأمين بدفعها إلى الدولة.

     فالضرائب التي قد تفرض على عمليات التأمين لا تتحمل بها الشركة ولكنها تلقى على عاتق المؤمنين بإضافتها للقسط. وهذا بطبيعة الحال مع مراعاة ما قد يفرض على شركة التأمين من ضرائب على المؤمنين مباشرة تحصل مع القسط السنوي.

    ويجب أن نشير إلى أنّ قد تفرض، أحياناً، رسوم أو ضرائب تفرض على شركة التأمين ولكن يلقى بعبئها على المؤمنين عن طريق رفع مقدار القسط.

    خامساً: أرباح الشركة:

    بما أن شركات التأمين هي تجارية تهدف إلى الربح وهذا هو الأصل، فإنها تدخل في اعتبارها عند تحديد الأقساط التي يلتزم بها العملاء، ضرورة الحصول على قدر من الربح.

    وتدخل هذه الأرباح في الحسبان دائماً عند تحديد القسط الذي يلتزم به المؤمن، وبذلك تضاف نسبة ولو ضئياة تدخل ضمن أعباء القسط، وبالتالي ترفع مقداره.

    وتستخدم شركات التأمين جزءاً من هذا الربح إلى جانب علاوة أخرى إما عن طريق نسبة معينة تضاف إلى القسط الصافي في تكوين احتياطي الامان أو ما يسمى باحتياطي التقلبات العكسية. ويقصد به الاحتياط ضد الحالة التي تكون فيها الخسائر أزيد من المتوسط الذي حسب على أساسه القسط الصافي.  وتدخل هذه النسب ضمن أعباء أو تكاليف القسط.

    تلك هي أبرز التكاليف أو الأعباء التي تأخذها في الحسبان شركات التأمين عند تحديد القسط الذي يمتزم المؤمنون بدفعه، وذلك إلى جانب العامل الأساسي، وهو الخطر الذي يحسب على أساس جسامته ودرجة احتمال وقوعه القسط الصافي.

     وبذلك نكون قد بينا الجانب الفني لبدل أو لقسط التأمين من خلال حسابه وتحديد مقداره.

     أما الجانب القانوني لهذا القسط، وهو الالتزام بدفعه إلى شركة التأمين فنؤجل التعرض لو عند بحثنا لالتزامات المؤمن .

  • الشركة الخارجية ( مفهومها و أحكاها)

    الشركة الخارجية ( مفهومها و أحكاها)

     محامي-استشارة-قانونية

    مفهوم الشركة الخارجية

    استكمالا لأحكام الشركات في سورية، فقد أفرد المشرع باباً خاصاً بالشركة الخارجية في قانون الشركات، وهو الباب الثامن منه المتكون من ثلاثة مواد ( 209 – 211) تحت عنوان الشركة الخارجية، بين فيها تعريف الشركة الخارجية وماهيتها والأحكام التي تخضع لها.

    وقد عرف القانون الشركة الخارجية على أنها

    ” شركة محدودة المسؤولية تقوم بممارسة جميع نشاطاتها الواردة في نظامها الأساسي خارج سورية، ويجوز أن يكون للشركة مقر في سورية، إلا أنه لا يجوز للشركة الخارجية تملك أي أموال غير منقولة في سورية، كما لا يحق لها ممارسة أي نشاط لها مهما كان في سورية”. (مادة 209 شركات).

    ماهية الشركة الخارجية

    بما أن الشركة الخارجية هي شركة محدودة المسؤولية فإنها تعد حكماً وبنص القانون دائماً شركة تجارية وتخضع لأحكام قانون الشركات وقانون التجارة. ويجب أن يتبع عنوان الشركة عبارة :

    ” شركة خارجية محدودة المسؤولية”،

    وعليه تطبق على الشركة الخارجية جميع الأحكام الخاصة بالشركات المحدودة المسؤولية المنصوص عليها في قانون الشركات من حيث تأسيسها وإدارتها وماليتها، وبما لا يتعارض مع الأحكام الخاصة بالشركة الخارجية المنصوص عليها في الباب الثامن من قانون الشركات.

    وبالنظر إلى ما تقدم من أحكام نجد أن المشرع شجع على تأسيس شركات محدودة المسؤولية خارجية يكون مقرها في سورية دون أن يحق لها أن تمارس أي نشاط فيها أو أن تتملك أموال غير منقولة، ولا أری أي فائدة من ذلك إذا لم تكن هذه الشركات تتمتع بامتيازات وإعفاءات لا تجدها في دول أخرى.

  • ماحي حالات أنقضاء أو حل الشركة؟

    انقضاء وحل الشركات

    مقدمة:

    يقصد بالانقضاء في مجال الشركات انحلال الرابطة القانونية التي تجمع الشركاء فيما بينهم.

    وقد يستند انقضاء الشركاء وانحلال الرابطة إلى إرادة الشركاء أي يكون إرادياً ويطلق عليه الحل، وقد تنقضي الشركة في بعض الأحوال دون إرادة من الشركاء أي بشكل عفوي ويطلق عليه انحلال الشركة.

    ومتى انقضت الشركة فإن آثارها لا تزول عن الوجود حتما أي بمجرد توافر حالة من حالات الانقضاء. فالشركة وقد باشرت نشاطاً وتملكت أموالها في سبيله ودخلت في علاقات قانونية مع الغير لا بد من تصفيتها، وذلك بتسوية المراكز القانونية التي نشأت بمناسبة نشاط الشركة وقسمة أموالها بين الشركاء.

    ورغبة من المشرع في عدم تعليق المراكز القانونية الناشئة بمناسبة الشركة مدة طويلة بعد انقضائها، نص القانون على مدة تقادم قصيرة (مادة 3/25 شركات).

    وسوف نعرض في هذا الفصل الحالات التي يترتب عليها انقضاء الشركات ثم نعرض الآثار التي تترتب على هذا الانقضاء.

    يمكن تقسيم الحالات المختلفة التي تنقضي بها الشركات إلى : حالات انقضاء عامة تنقضي بها الشركات، مهما كان نوعها أو شكلها، وحالات انقضاء خاصة تتعلق بشركات الأشخاص لأن حالات الانقضاء هذه تتعلق بالاعتبار الشخصي للشريك سواء بالنسبة للشركاء الآخرين أو بالنسبة للغير المتعاملين مع الشركة وأيا كان سبب انقضاء الشركة فلا بد من شهره.

    الحالات العامة لانقضاء الشركات

    أولاً : الحالات الإرادية لانقضاء الشركات

    هناك أربعة حالات إرادية لانقضاء الشركات وهي:

    انقضاء المدة المحددة للشركة، وانتهاء المشروع موضوع الشركة، واتفاق الشركاء على حل الشركة، واندماج الشركة في شركة أخرى.

    1 – المبدأ:

    الأصل أن تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها.

    فلو أسست شركة لمدة معينة، عشر سنوات مثلاً، فإنها تنقضي بانتهاء هذه المدة.

    وقد تكون مدة الشركة قابلة للتعيين، كما لو أسست الشركة لمزاولة نشاط طوال حرب دائرة، فبانتهاء هذه الحرب تنقضي الشركة.

    وقد تكون الشركة غير محدودة المدة، عندها تبقى الشركة قائمة ما دامت تزاول نشاطها.

    ومع ذلك لا يجوز إجبار الشريك على البقاء أبدا فيها، وإنما يجوز له الانسحاب من الشركة.

    ولا يكون الانسحاب مؤثراً في استمرار الشركة ما لم يكن لشخص الشريك اعتبار وهذا ما سنوضحه في طرق الانقضاء الخاصة فيما بعد.

    2 – الاتفاق على استمرار الشركة:

    يجوز للشركاء الاتفاق صراحة على استمرار الشركة بمد أجلها لمدة أخرى. وفي هذه الحالة لا تنقضي الشركة، ولكن يشترط لذلك أن يقع الاتفاق على مد أجل الشركة قبل انتهاء مدتها المنصوص عليها في عقد تأسيسها، وأن يصدر هذا الاتفاق عن جميع الشركاء، أو عن أغلبيتهم المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة، وذلك لأن مد أجل الشركة يعد بمثابة تعديل لأحد شروط العقد، وهذا التعديل لا يجوز إلا بإجماع المتعاقدين، أو بموافقة الأغلبية في حالة النص على ذلك في العقد ذاته أما إذا كان الاتفاق على مد أجل الشركة قد تم بعد انقضاء المدة المحددة من عقد تأسيسها، ففي هذه الحالة نكون بصدد شركة جديدة تألفت على أنقاض الشركة القديمة التي انقضت بانتهاء المدة المحددة لها.

    ويتعين في هذه الحالة اتباع إجراءات التأسيس التي نص عليها القانون بالنسبة للشركة الجديدة.

    وقد يكون تمديد أجل الشركة مستندة إلى اتفاق الشركاء ضمنياً، كما لو استمر الشركاء، بعد انتهاء المدة المحددة للشركة، في مزاولة نفس عمل الشركة.

    وفي هذه الحالة لا تنقضي الشركة ولا تتكون شركة جديدة، بل تستمر الشركة كشخص معنوي.

    3 – اعتراض دائني الشركاء على مد أجل الشركة:

    سواء كان مد أجل الشركة قد تم باتفاق صريح أو ضمني، فإنه يحق لدائني أحد الشركاء الشخصيين أن يعترضوا على هذا التمديد، إذا كان دينهم ثابتا بسند تنفيذي، وذلك كي يستطيعوا التنفيذ على حصة مدينهم عند تصفية الشركة، لأنه إذا كان دائن الشريك لا يستطيع أن ينفذ بحقه

    على حصة الشريك قبل حصول التصفية والقسمة، وجب أن يسمح له بأن يمنع الشريك من أن يؤخر استعماله لحقه في التنفيذ على أموال المدين، وذلك بأن يعترض على تمديد أجل الشركة، فإذا اعترض اعتبرت الشركة منقضية بالنسبة إليه وجاز له التنفيذ على حصة مدينه فيها.

    ومتی اعترض دائن الشريك على هذا التمديد، جاز لسائر الشركاء أن يقرروا إخراج الشريك الذي وقع الاعتراض من جانب دائنيه، بحيث تستمر الشركة فيما بينهم.

    وحينئذ يقدر نصيب هذا الشريك من مال الشركة ومن الأرباح في اليوم الذي تقرر به الإخراج، وذلك حتى يتمكن دائنه من التنفيذ عليه .

    ثانياً – انتهاء المشروع موضوع الشركة:

    إذا اتفق الشركاء عند تأسيس الشركة على بقائها قائمة لتحقيق غرض محدد فإن الشركة تنقضي بانتهاء ذلك الغرض من إنشائها.

    ومن الأمثلة على ذلك تأسيس شركة لإنشاء مجموعة فنادق أو إنشاء مطار أو منطقة سكنية، فتنتهي بانتهاء العمل الذي حددته لنفسها.

    ولكن إذا استمر الشركاء في مزاولة نفس الأعمال التي تأسست من أجلها الشركة، كبناء منطقة سكنية جديدة، فإن عقد الشركة يمتد سنة فسنة وبالشروط ذاتها.

    ومع ذلك يحق لدائني أحد الشركاء الشخصيين الاعتراض على مد الشركة، ويترتب على هذا الاعتراض عدم سريان مد الشركة في مواجهته .

    ثالثا : اتفاق الشركاء على حل الشركة:

    قد يتفق الشركاء على حل الشركة قبل انتهاء المدة المعينة لها.

    ويشترط لذلك إجماع الشركاء على الحل أو موافقة الأغلبية المنصوص عليها في عقد الشركة.

    ففي الشركات المساهمة يشترط لحل الشركة موافقة الهيئة العامة بنسبة 75% من الحصص الممثلة في الاجتماع على ألا تقل هذه الأغلبية عن نصف رأس مال الشركة ( مادة 74 شركات).

    ويشترط للاتفاق على حل الشركة أن تكون الشركة موسرة أي قادرة على الوفاء بالتزاماتها، فلا يعتد بحل الشركة بإرادة الشركاء إذا كانت الشركة في حالة توقف عن الدفع.

    والحكمة من ذلك استبعاد التحايل على أحكام شهر الإفلاس حتى لا يكون الاتفاق على الحل سبيلاً للإفلات من الإفلاس.

    رابعاً : اندماج الشركة في شركة أخرى

    1 – مفهومه:

    تقضي الشركة بناء على رغبة الشركاء قبل انتهاء الأجل المحدد لها إذا ما قرروا إدماجها في شركة أخرى قائمة.

    ويعد الاندماج سبباً خاصاً لانقضاء الشركة، ولكنه ينطبق على جميع أنواع وأشكال الشركات، ذلك أنه يجوز للشركات مهما كان شكلها القانوني الاندماج لتشكيل شركة جديدة مادة 2/219 شركات).

    ويتم الاندماج بإبرام عقد بين شركتين أو أكثر يترتب عليه اتحاد ذمتها المالية بحيث يجتمع جميع الشركاء في شركة واحدة. ويتم الاندماج عملياً بأحد أسلوبين:

    إما بأن تندمج شركة “الشركة المندمجة بشركة أخرى “الشركة الدامجة” بحيث تنقضي الشركة المندمجة وتزول شخصيتها الاعتبارية وتبقى الشركة الدامجة وحدها القائمة بعد الدمج، ويطلق عليه الاندماج بطريق الضم.

    أو باندماج شركتين لتأسيس شركة جديدة تكون هي الشركة الناتجة عن الاندماج بحيث تنقضي الشركتان المندمجتان وتزول شخصيتهما الاعتبارية اعتباراً من تاريخ شهر الشركة الناتجة عن الدمج، ويطلق عليه الاندماج بطريق المزج(مادة 2/218 شركات).

    ويجوز للشركات ذات الشكل القانوني الواحد الاندماج ببعضها كما يجوز للشركات مهما كان شكلها القانوني الاندماج بطريق المزج لتشكيل شركة جديدة.

    ويجوز للشركات التضامينة والتوصية الاندماج بشركات محدودة المسؤولية أو مساهمة، كما يجوز للشركة المحدودة المسؤولية الاندماج بشركة مساهمة أو العكس. وسنبحث لاحقاً بالتفصيل بإجراءات الاندماج وآثاره.

     

    الحالات اللاإرادية لانقضاء الشركات

    تتمثل الحالات اللاإرادية لانقضاء الشركة في حل الشركة بحكم قضائي لسبب مشروع، ونقص عدد الشركاء عن الحد الأدني قانوناً، وهلاك موجودات الشركة، وشهر إفلاس الشركة.

    أولا – الحل القضائي لسبب مشروع:

    نصت المادة 498 من القانون المدني على أنه:

    “1- يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء، لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لأي سبب آخر لا يرجع إلى الشركاء، ويقدر القاضي ما ينطوي عليه هذا السبب من خطورة تسوغ الحل.

    2 – ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك”.

    ويتضح من هذا النص أن القانون يجيز لكل شريك أن يطلب من المحكمة حل الشركة إذا كان هناك أسباب مشروعة كقيام خلافات هامة بين الشركاء أو عدم تنفيذ أحدهم أو عدد منهم التزاماتهم تجاه الشركة أو كان تنفيذها مستحيلا.

    1 – عدم وفاء شريك بالتزاماته:

    إذا امتنع الشريك عن القيام بما التزم به في عقد الشركة، كأن يمتنع عن تقديم حصته في الشركة أو لم يقم بالعمل المترتب عليه، جاز للشركاء أو للشركة، بعد إعذاره، طلب حل الشركة، ومع ذلك يجوز للشركاء طلب فصل الشريك و استمرار الشركة مع الآخرين، مالم يكن عدم تقديم الشريك الالتزامه يؤدي إلى انتفاء المحل، وإضافة إلى طلب حل الشركة يمكن إلزام هذا الشريك بالتعويض على الشركة والشركاء، وكل ذلك يعد تطبيقا للقواعد العامة ولاسيما المنصوص عليها في المادتين 158 و 159 من القانون المدني فيما يتعلق بالعقود الملزمة للجانبين .

    2 – الخلاف المستعصي بين الشركاء:

    يحق لأحد الشركاء طلب حل الشركة في حالة قيام خلافات هامة بين الشركاء، ويشترط أن تكون الخلافات بين الشركاء هامة، أي على قدر من الجسامة بحيث تعوق أو تعرقل قيام الشركة بنشاطها.

    وبناء عليه، يعد خلافاً هاماً إعاقة نشاط الشركة واتهام الشركاء بعضهم البعض بتبديد أموال الشركة وتزوير دفاترها، مما يتضح منه استحالة استمرار المشاركة بعد ذلك، أو مما يؤدي إلى شل أعمال الشركة من خلال تعنت الشركاء وانقسامهم إلى فئتين متعارضتين بما يؤدي إلى زوال نية المشاركة ويحول دون اتخاذ أي قرار جماعي، ويجعل التعاون بينهم مستحيلاً.

    ولا يلزم بالضرورة أن يترتب على الخلافات بين الشركاء عجز الشركة عن مزاولة نشاطها، وإنما يكفي لطلب الحل أن يترتب على هذه الخلافات تحمل الشركة خسائر فادحة.

    ومعرفة ما إذا كان السبب ينهض مبررا لحل الشركة من عدمه مسألة تتعلق بالواقع يعود أمر البت فيها المحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية.

    ومع ذلك يجب على القاضي قبل الحكم بالحل أن يقدر وجاهة الأسباب المبررة له، وغالباً يستند القاضي إلى دفاتر الشركة لتحديد مدى تأثير الخلافات بين الشركاء على حسن أداء الشركة.

    وتجدر الإشارة إلى أن طلب حل الشركة لأسباب عادلة يعد حقاً مقرراً لكل شريك في الشركة. ويتعلق هذا الحق بالنظام العام، فيكون باطلا كل اتفاق يحد من حقوق الشركاء في طلب هذا الحل.

    وعند صدور الحكم القاضي بالحل فلا يكون بأثر رجعي، بل تنحل الشركة بالنسبة للمستقبل فحسب.

    ثانياً – تركيز الحصص في يد شريك واحد:

    ذكرنا من قبل أن تعدد الشركاء ركن من أركان عقد الشركة يجب توافره ابتداء وبقاء.

    وبالتالي إذا تركزت ملكية جميع الحصص في يد شريك واحد لم يعد ركن قائماً، فتنقضي الشركة. هذا ويتعذر مبدئياً، على الشريك المتبقي تلافي الانحلال بالتصرف بجزء من حصته إلى الغير أو بإدخاله شريكاً معه، إذ أن الشركة تعد منحلة حكماً ويشكل إدخال شريك فيها تأسيس شركة جديد .

    ولتلافي ما يترتب على ذلك من أعباء ونفقات، فقد أجاز المشرع تصحيح وضع الشركة وتوفيقه مع القانون خلال مهلة ستة أشهر من تاريخ الإنذار الذي توجهه وزارة الاقتصاد والتجارة إلى الشريك مادة 7/18 شركات).

    فإذا انقضت هذه المهلة اعتبرت الشركة منحلة حكما ويكون لكل ذي مصلحة أن يطلب إلى المحكمة الحكم بانحلالها.

    ثالثاً – انتفاء محل الشركة وشهر إفلاسها:

    يتناول محل الشركة كلا من موضوعها ورأسمالها وموجوداتها.

    وإن زوال أي من هذه العناصر أو فقده لمعظم قيمته، أو شهر إفلاسها يؤدي إلى انحلال الشركة، مالم ينتهي الإفلاس بالصلح مع الدائنين فتعود الشركة إلى مزاولة نشاطها.

    1 – زوال موضوع الشركة:

    إذا أسست الشركة للقيام بنشاط معين وتم حصره بالقطاع العام أو ألغى الترخيص الممنوح للشركة لتنفيذ مشروع يحتاج إلى ترخيص، كمنحها رخصة استثمار شبكة هاتف جوال، فإن ذلك يؤدي مبدئياً إلى انحلال الشركة.

    على أن زوال موضوع الشركة لا يؤدي إلى انحلالها مالم يكرس باتفاق الشركاء أو بحكم قضائي بناء على طلب أحدهم.

    فقد توقف الشركة نشاطها فترة من الزمن إلى أن تحل أو تتعاطى مشروعاً آخر تستثمر فيه أو تعدل موضوعها.

    2 – هلاك موجودات الشركة أو إفلاسها:

    تنقضي الشركة بهلاك جميع أموالها أو جزء كبير منها بحيث لا تبقى فائدة من استمرارها مادة 1/495مدني).

    ولا يلزم في هلاك المال الذي يؤدي إلى انقضاء الشركة أن يكون كليا، بل يكفي أن يكون جزئياً ما دام يؤدي إلى عدم قدرة الشركة على مواصلة عملها، كأن يشب حريق في المتجر الرئيسي للشركة ويأتي على البضائع جميعها أو معظمها.

    فالشرط الجوهري لانقضاء الشركة هو أن يترتب على الهلاك عجز الشركة عن الاستمرار في نشاطها أو لا يتسنى للشركة بعد الهلاك القيام باستثمار مفيد.

    ويعود تقدير ذلك إلى قاضي الموضوع لأنه من أمور الواقع.

    وإذا كان أحد الشركاء قد تعهد بأن يقدم حصته شيئاً معيناً بالذات، كأن يتعهد بتقديم حق الانتفاع بشيء معين، فإن هلاك هذا الشي قبل تقديمه يستتبع حل الشركة في حق جميع الشركاء مادة 2/495 مدني).

    ويستند هذا الحكم إلى أن التزام الشريك بتقديم حصة في الشركة يصبح مستحيلاً، ومن ثم ينعدم عنصر أساسي من عناصر الشركة، فتنحل بالنسبة لجميع الشركاء.

    أما هلاك الحصة بعد تأسيس الشركة، فلا يؤدي إلى انحلالها إلا إذا كان لابد منها لتنفيذ مشروعها أو كانت قيمتها هامة لدرجة أن يتعذر استمرار العمل بدونها، وذلك أسوة بموجودات الشركة بصورة عامة .

    4- شهر إفلاس الشركة:

    يقاس على هلاك موجودات الشركة شهر إفلاسها الذي يؤدي إلى حلها لزوال موجوداتها، لأنه بشهر إفلاسها تغل يد الشركاء في إدارة أموالها، ويتم جرد أموالها وتصفيتها من خلال وفاء دیونها، ويوزع الباقي، إن وجد، على الشركاء، فشهر إفلاس الشركة يؤدي إلى انحلالها حتما.

    الحالات الخاصة بانقضاء شركات الأشخاص

    تقوم شركات الأشخاص على الاعتبار الشخصي أي على الثقة المتبادلة بين الشركاء.

    ولهذا الاعتبار أثر هام في تكوين الشركة وبقائها.

    بمعنى أن الاعتبار الشخصي ليس شرط ابتداء فحسب، بل هو شرط بقاء أيضا.

    وبالتالي تنحل الشركة إذا حل بشخص الشريك حادث من شأنه زوال الاعتبار الشخصي.

    ومن هذه الحوادث التي تطرأ على شخصية الشريك وفاته أو فقده الأهلية العامة، أو شهر إفلاسه، أو انسحاب أحد الشركاء. وتعد هذه الطوارئ من الحالات الخاصة التي تنقضي بها شركات الأشخاص، ونعرضها تباعاً

    اولاً: وفاة أحد الشركاء

    إذا توفي أحد الشركاء ترتب على ذلك انقضاء الشركة (مادة1/496 مدني)، سواء أكانت معينة المدة أم غير معينة المدة، ولا يحل، مبدئياً، ورثة الشريك المتوفي محله في الشركة، لأن شخصيته محل اعتبار لدى باقي الشركاء الذين تعاقدوا بالنظر إلى صفات الشريك الشخصية لا الصفات الورثة.

    على أنه قد يؤدي انقضاء الشركة لوفاة أحد الشركاء خطرا على الشركة، ذلك أن الوفاة أمر محقق قد تصيب الشركاء من يوم لآخر مما يؤدي إلى بقاء الشركة في حالة من القلق يضر بائتمانها، لاسيما إذا أسست الشركة للقيام بأعمال طويلة الأجل أو كانت تحقق نجاحا في أعمالها.

    كما أن مصلحة ورثة الشريك المتوفي قد تتطلب الحلول محل مورثهم في الشركة.

    لذلكم كان لابد من تنظيم استمرار الشركة مع ورثة المتوفي إما بنص تشريعي أو اتفاقي.

    ثانياً – استمرار الشركة مع ورثة الشريك المتوفي:

    يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء تستمر الشركة مع ورثته ولو كانوا قصرة مادة 2/496 مدني).

    كما نص قانون الشركات فيما يتعلق بشركة التضامن على أن تستمر شركة التضامن، في حالة وفاة أحد الشركاء، بين باقي الشركاء الأحياء، وتؤول حقوق الشريك المتوفي إلى ورثته وتستمر الشركة مع هؤلاء الورثة وتكون لهم صفة الشركاء الموصين مالم يكن هناك نص مخالف في عقد الشركة. وتكون تركة الشريك المتوفی مسؤولة عن الديون والالتزامات التي ترتبت على الشركة حتى تاريخ شهر تحويل صفة ورثته في الشركة إلى شركاء موصين (مادة 40 شركات).

    وقد ينص عقد الشركة على حصر استمرار الشركة ببعض الورثة دون الآخرين، كأحد أبنائه الذين اعتادوا على مساعدته في أمور الشركة، مع تحديد كيفية تقدير حصته في الشركة.

    كما قد ينص عقد الشركة على تخصيص أحد الورثة بالحصة المذكورة على أن يعوض للورثة عن قيمتها بغيرها من موجودات التركة.

    ثالثاً : استمرار الشركة فيما بين الباقين من الشركاء:

    يجوز الاتفاق في عقد الشركة على أنه إذا توفي أحد الشركاء تستمر الشركة فيما بين الباقين من الشركاء (مادة 3/496 مدني).

    كذلك نص قانون الشركات في الفقرة الأولى من المادة 40 على أنه:

    ” إذا لم يرد في عقد الشركة نص مخالف، فإن شركة التضامن في حالة وفاة أحد الشركاء تستمر بين باقي الشركاء الأحياء”.

    وعليه، فإن المشرع افترض في قانون الشركات استمرار شركة التضامن، رغم وفاة أحد الشركاء، بين الشركاء الأحياء، مالم يتفق الشركاء على انحلال الشركة في حال وفاة أحدهم.

    وينطبق هذا الحكم على شركة التوصية، في حال وفاة أحد الشركاء المتضامنين، لنفس العلة التي استند المشرع فيها إلى النص على هذا الاستمرار، كل ذلك مالم يرد سبب آخر يؤدي إلى حل الشركة، كأن يكون الشريك المتضامن هو الشريك الوحيد في شركة التوصية، أو أن يبقى شريك متضامن واحد في شركة التضامن.

    وفي حال وفاة الشريك يكون لورثته أن يستوفوا نصيب مورثهم في رأسمال الشركة وفي الأرباح يوم الوفاة، ولا يكون لهم الاشتراك في الأرباح والخسائر التي تستجد بعد ذلك إلا بقدر ما تكون الأرباح والخسائر ناتجة عن عمليات سابقة على الوفاة، أي أن تكون نتيجة ضرورية مباشرة للأعمال السابقة على الوفاة (مادة 3/496 مدني).

    ولما كان تقدير نصيب الشريك المتوفى في أموال الشركة يوم الوفاة مثار اضطراب في نشاط الشركة لما يتطلبه من القيام بجرد خاص يوم الوفاة ومن نفقات باهظة، فإنه غالباً ما ينص في العقد على تقدير حصة الشريك المتوفي بحسب آخر جرد تم قبل الوفاة.

    وقد يتفق على أن تدفع قيمة الحصة على أقساط، لما يتضمنه الوفاء بقيمة الحصة دفعة واحدة من تأثير في مركز الشركة المالي).

    فقدان أهلية الشريك

    أولا – فقدان الأهلية أو إعلان الغيبة:

    تنقضي الشركة لفقدان الشريك أهليته (مادة 39 شركات).

    وقد يكون فقدان الأهلية نتيجة العلة عقلية تستوجب توقيع الحجر عليه، وقد يكون لسبب آخر، كذلك إذا غاب الشريك بحيث انقطعت أخباره وصار من غير المعروف إذا كان حياً أو ميتاً فإن هذا الغياب يؤدي منذ إعلانه بحكم قضائي إلى انقضاء الشركة.

    ذلك أنه لا يجوز للمثل القانوني المحجور عليه أو للغائب أن يحل محله في الشركة، لأن شركات الأشخاص تقوم على الاعتبار الشخصي والثقة بشخص الشريك، وقد لا تتعدى هذه الثقة إلى ممثله القانوني.

    ثانياً – استمرار الشركة فيما بين الباقين من الشركاء :

    يجوز للشركاء الاتفاق على استمرار الشركة فيما بينهم بمعزل عن الشريك الذي فقد أهليته شرط إجراء معاملة الشهر (مادة 39 شركات ومادة 3/496 مدني).

    وفي هذه الحالة يحق للمثلين القانونيين للمحجور عليه أو الغائب أن يستوفوا نصيب هذا الشريك من رأسمال الشركة ومن الأرباح، ويتم تقدير هذا النصيب بحسب قيمته وقت توقيع الحجر أو إعلان الغيبة.

    ولا يكون لهم الحق في المطالبة بحصة فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة عن عملیات سابقة عن فقدان الأهلية.

    إفلاس أحد الشركاء تحل شركة التضامن إذا شهر إفلاس أحد الشركاء (مادة 39 شركات)، وذلك لزوال الثقة التي وضعها فيه الشركاء، ولأنه يستحيل على الشريك في هذه الحالة القيام بتعهداته تجاه الآخرين، كل ذلك يؤدي إلى تقويض الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه الشركة.

    ومع ذلك، يجوز الاتفاق على استمرار الشركة مع الشركاء الباقين بمعزل عن الشريك المفلس، وحينئذ يستوفي وكيل التفليسة نصيب هذا الشريك في أموال الشركة بعد تقديره بحسب قيمته يوم الإفلاس، ويشمل ذلك حصته في رأسمال الشركة وأرباحها.

    انسحاب أحد الشركاء

    أولاً – مفهومه:

    قد يؤدي انسحاب أحد الشركاء إلى حل الشركة، وذلك لزوال الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه، نظرا لأن شركات الأشخاص تقوم على هذا الاعتبار حيث يعلق الشركاء رضاءهم وارتباطهم بالشركة على وجود كل واحد منهم وبقائه فيها.

    غير أن حرية الشريك في الانسحاب تتأثر بما إذا كانت الشركة محددة المدة أم غير محددة المدة. إذا كانت الشركة محددة المدة فلا يحق للشريك الانسحاب من الشركة قبل انقضاء مدتها إلا بموافقة باقي الشركاء.

    وعليه أن يبقى في الشركة حتى انقضاء المدة المحددة لها (مادة 1/42 شركات).

    ويستند هذا الحكم إلى القواعد العامة التي لا تجيز لأحد المتعاقدين أن يستقل بإنهاء العقد من جانبه دون رضاء باقي المتعاقدين.

    أما إذا كانت الشركة غير محددة المدة، فيجوز للشريك أن ينسحب منها بشرط إبلاغ شركائه قبل مدة كافية (مادة 497 مدني).

    كما يحق له أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة، وفي هذه الحالة تنحل الشركة مالم يتفق باقي الشركاء على استمرارها.

    ذلك أن الشريك في شركة الأشخاص لا يجوز له التنازل عن حصته في الشركة، ولو امتنع عليه الانسحاب لظل مرتبطة بالشركة طيلة حياتها، ولا يجوز للشخص أن يرتبط بالتزام يقيد حريته إلى أجل غير محدد لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التي هي من النظام العام.

    ثانياً – شروط الانسحاب:

    يشترط لصحة الانسحاب توافر الشروط الآتية:

    1 – أن تكون الشركة غير محددة المدة بمقتضى العقد أو بحسب ماهية العمل موضوع الشركة.

    2 – أن لا يكون للشريك حق التنازل عن حصته في الشركة. لأن الحكمة من منحه حق الانسحاب هو تمكينه من أن يتحل في أي وقت يشاء من الالتزام الذي يقيد حريته لمدة غير محددة.

    3 – أن يكون الانسحاب صادرة عن نية حسنة. فلا يكون الانسحاب صحيحا إذا صدر عن سوء نية، كما لو انسحب الشريك بقصد الاستئثار بصفقة رابحة.

    4- أن يكون الانسحاب حاصلاً في وقت مناسب، ويعد الوقت غير مناسب إذا حدث بعد الشروع في الأعمال بحيث أصبح من مصلحة الشركة أن يؤجل انحلالها، أو حدث والشركة وشيكة التوقف عن دفع ديونها ومعرضة للإفلاس.

    5 – أن يبلغ الشريك إرادته في الانسحاب إلى باقي الشركاء، وأن يتم شهر الانسحاب لأنه لا يكون  الانسحاب الشريك من الشركة أي أثر قبل شهره (مادة 2/42 شركات). 

    ثالثا – أثر الانسحاب:

    متى توافرت شروط الانسحاب فإذن ذلك يؤدي، مبدئياً، إلى حل الشركة، لأن الشخصية الشريك المنسحب اعتبار في تكوينها وبقائها.

    على أنه يجوز الاتفاق على استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء بمعزل عن الشريك المنسحب.

    وفي هذه الحالة لا يكون لهذا الشريك إلا نصيبه في رأسمال الشركة وأرباحها، ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم الانسحاب.

    وبما أن انسحاب الشريك من الشركة لا يكون له أي أثر قبل شهره، فإن الشريك يكون مسؤولاً عن التزامات الشركة التي قد تنشأ بعد انسحابه وقبل شهر هذا الانسحاب، وبعبارة أخرى إذا انسحب الشريك من الشركة فلا يكون مسؤولاً عن الالتزامات التي تنشأ في ذمة الشركة بعد شهر انسحابه (مادة 3/44 شركات).

    شهر انقضاء الشركة

    يجب شهر انقضاء الشركة في جميع الحالات حتى يعلم به الغير، وذلك فيما عدا الحالة التي يكون فيه الانقضاء واضحةاًمن نص عقد الشركة المشهر کانتهاء المدة المعينة للشركة.

    ويكون شهر الانقضاء وفقاً للإجراءات المقررة لشهر عقد الشركة نفسه، وذلك بتسجيل سنة الانقضاء في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة.

    ويجب أن يتم الشهر خلال شهر من تاريخ الانقضاء.

    وجزاء عدم الشهر هو البطلان كما هو الحكم في التأسيس، أي أنه لا يجوز الاحتجاج على الغير بالانقضاء غير المشهر.

    ومن ثم يحق للغير أن يتعامل مع مدير الشركة كما لو كانت الشركة قائمة، ويظل الشريك مسؤولاً عن الأعمال التي تجري باسم الشركة ولو بعد انقضائها، وهذا ما  أكده المشرع في حال انسحاب الشريك المتضامن من ضرورة شهر انسحابه وإلا كان انسحابه غير ذي أثر.

  • الشخصية الاعتبارية للشركات : مفهومها وطبيعتها

    الشخصية الاعتبارية للشركات

    مفهومها

    الشخصية القانونية هي الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات.

    وهذه الصلاحية لثبوت الحقوق والالتزامات، كما تتوافر للشخص الطبيعي أو الإنسان، قد تتوافر للشخص المعنوي أو الاعتباري.

    والشخص الاعتباري هو مجموع من الناس يبتغون تحقيق غرض معين.

    وبمقتضی الشخصية الاعتبارية يحق للشركة كالفرد الطبيعي أن تكتسب الحقوق وتلتزم بالالتزامات، فيكون لها أن تشتري وتبيع وترهن وتؤجر، كما أنها تسأل مسؤولية تعاقديه و غير تعاقديه وفقاً لأحكام المسؤولية المدنية التعاقدية والتقصيرية.

    حتى أنها تسأل جزائية في حدود ما يتناسب وشخصها الاعتباري كالحكم عليها بالغرامة عند مخالفة المدير للقوانين بناء على أمر الشركاء، هذا بالإضافة إلى أنه بمجرد ثبوت الشخصية الاعتبارية للشركة يمكن رفع الدعاوى عليها باعتبارها شخصية مستقلة عن شخصية الشركاء.

    وقد ظهرت فكرة الشخصية الاعتبارية لأول مرة، في الشرع الإسلامي مستمدة من الحديث الشريف

    “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على سواهم”

    وقد طبقت هذه الفكرة، وبصورة عملية، في الوقف والتركات والشركات و أخذ بها المشرع العثماني عند وضعه مجلة الأحكام العدلية، إذ شعر، بالنسبة للشركات، أن عقد الشركة ينشئ حقوق وواجبات مستقلة عن حقوق الشركاء وواجباتهم باعتبارهم أشخاصا طبيعيين، فرأى من الضروري تمييز شخصية الشركة عن شخصية الشركاء فاستند من أجل ذلك إلى نظرية الوكالة تارة وإلى نظرية الكفالة تارة أخرى، وعليه فكان كل قسم من شركة العقد يتضمن الوكالة، فكل واحد من الشريكين، في تصرفه، يعني في الأخذ والبيع وتقبل العمل بالأجرة وكيل الآخر.

    وقد اعترف المشرع السوري بثبوت الشخصية الاعتبارية لجميع الشركات ما عدا شركة المحاصة سواء في نص المادة 58 من قانون التجارة رقم 149 لعام 1949 أو في قانون الشركات الجديد رقم (3) لعام 2008.

    وقد أكد من خلال هذه النصوص أن الشركة ليست مجرد عقد مبرم بين أطرافها بل هي شخص اعتباري يستمر وجوده خلال حقبة من الزمن يمارس خلالها فعالیته ويكتسب ذمة مالية بما فيها من حقوق والتزامات ويقوم بعدد من التصرفات فإذا انقضت مدته بالانحلال وجبت تصفيته.

    أما مبرر استثناء شركة المحاصة من الشخصية الاعتبارية، فيقوم على أساس أنها مجرد عقد بين الشركاء وأن الشركة غير معدة لاطلاع الغير عليها ويتم تنفيذ أعمالها باسم أحد الشركاء بصفته الشخصية، أما نتيجة هذه الأعمال وحصيلتها، فتعود لمجموع الشركاء، لذلك لا حاجة لمنح شركة المحاصة الشخصية الاعتبارية ولا لشهرها.

    طبيعتها الحقوقية

    اختلف الفقهاء في تفسير الشخصية الاعتبارية للشركة وتحديد طبيعتها الحقوقية، ونشأت عن اختلافهم نظريات ثلاث هي: نظرية الفرض القانوني ونظرية الوجود الواقعي ونظرية الملكية الجماعية أو ثروة التخصيص.

    أولا – نظرية الفرض القانوني 

    قال بهذه النظرية معظم الفقهاء حتى أواخر القرن التاسع عشر، فقد اعترفوا للشركات التجارية بالشخصية الاعتبارية بشرط أن تؤسس وتشهر وفقا للأصول المبينة في القانون.

    وقد استخلصوا هذه النظرية عن طريق الفرض القانوني، ولاعتبارات عملية بحتة، من بعض النصوص القانونية ومثالها تلك التي تجيز إقامة الدعوى على الشركة أمام المحكمة التي يقع في دائرتها مركزها الرئيسي، وكذلك من النصوص التي تسمح بشهر إفلاس الشركة بصورة مستقلة عن الشركاء. وتبعاً لهذه النظرية، فإن أنصارها لا يقرون للهيئات أو مجموعات الأشخاص بالشخصية الاعتبارية إلا إذا أقر لها المشرع بهذه الشخصية لأن لا وجود لها إذا لم يحدثها القانون.

    ثانياً – نظرية الوجود الواقعي

    انتقد فقهاء آخرون، وأهمهم الأستاذ هوريو بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق العامة كالدولة والبلديات، والأستاذ كابيتان بالنسبة للأشخاص الاعتبارية من الحقوق الخاصة كالشركات، انتقدوا نظرية الفرض القانوني، وقالوا أن الشخصية الاعتبارية ليست ضرباً من ضروب الوهم والخيال وليست ناتجة عن حيلة شرعية، بل هي حقيقة حسية.

    وبالتالي لا يعلق وجود الشخصية الاعتبارية على إرادة المشرع، فهي موجودة بدون نص قانوني وبمجرد تكوين الشركة وشهرها .

    واعتبروا أن للمجموعة كيانا قائما بذاته ومستقلا عن الأفراد الذين تتكون منهم ما دامت تتمتع بفعالية خاصة بها وبإرادة يعبر عنها ممثلوها بصورة مستقلة عن إرادتهم الشخصية.

    فإذا ثبت للمجموعة ذلك الكيان المستقل، تمتعت حتما بالشخصية الحقوقية سواء أقر لها بها المشرع أم لا.

    وقد عبر الاجتهاد القضائي الفرنسي عن هذه النظرية في قرار المحكمة النقض الفرنسية جاء فيه: “أن الشخصية الاعتبارية ليست وليدة القانون وإنما تكتسب مبدئيا لكل مجموعة لها وسيلة جماعية للتعبير عن الإرادة للدفاع عن مصالح مشروعة وجديرة، وبالتالي، بأن تقرها الحقوق وتحميها”.

    ثالثا – نظرية الملكية الجماعية

    ويطلق عليها أيضا نظرية ” ثروة التخصيص”  ، يستبعد القائلون بهذه النظرية وجود شخصية حقوقية لغير الإنسان، وهم لا يرون ضرورة لها من أجل تفسير النتائج القانونية التي وصل إليها الاجتهاد في الاعتراف للشركات بموطن مستقل وبجنسية تختلف عن جنسية الشركاء، وإنما يبررون هذه النتائج بقولهم أن الأفراد عندما يتفقون على تكوين شركة يقدم كل منهم حصته من رأس المال المشترك، فتنشأ عن ذلك ملكية جماعية ليس لأحد حق فردي عليها طالما أن الشركة قائمة، لأن تمتاز بتخصيصها لوجهة معينة هي تحقيق موضوع الشركة، وتعد هذه الأموال بمثابة رهن لفئة خاصة من الدائنين هم دائنو الشركة.

    ومهما يكن تفسير الطبيعة الحقوقية للشخصية الاعتبارية، فقد أقر المشرع السوري صراحة وجود الشخصية الاعتبارية للشركات فقد نصت المادة 54 من القانون المدني على أن من جملة الأشخاص الاعتبارية الشركات المدنية والتجارية، كما نصت المادة 13 من قانون الشركات رقم العام 2008 على أنه “تتمتع جميع الشركات المنصوص عليها في هذا القانون -ما عدا شركة المحاصة- بالشخصية الاعتبارية بمجرد شهرها”.

  • الحصة العينية في رأس مال الشركة : مفهومها وأشكالها

    1- مفهومها:

    قد يقدم الشريك حصة عينية في رأسمال الشركة، والحصة قد تتناول العقار أو أموالاً منقولة كتقديم سيارة أو آلات معينة أو أثاث متجر أو بضائع، كما قد تكون الحصة ما معنويا كبراءة اختراع أو علامة تجارية أو رسم أو نموذج صناعية أو ترخيص إداري أو محل تجاري بكافة عناصر المادية.

    ويجب أن يكون تقديم الشريك للحصة العينية واضحة وصريحا في عقد الشركة وأن يثبت انصراف نيته إلى تقديمها كحصة في عقد الشركة، ويجب أن لا يخضع ذلك لتقدير قاضي الموضوع الذي يستدل على رأيه من قرائن وظروف كل نزاع على حده.

    2- انتقال الحصة للشركة:

    تقدم الحصة العينية للشركة إما بقصد التمليك أو لتنتفع بها.

    أ – تقديم الحصة العينية على وجه التمليك :

    إذا قدمت الحصة العينية على سبيل التمليك، فإنها تخرج نهائياً من ملكية صاحبها لتدخل في ذمة الشركة، وتصبح جزءاً من الضمان العام لدائني الشركة يجوز لهم الحجز عليها.

    كما يجوز للشركة ذاتها التصرف فيها.

    وعندما تقدم الحصة على سبيل التمليك فإن أحكام عقد البيع هي التي تطبق.

    وبالتالي على الشريك استيفاء جميع الإجراءات التي يتطلبها المشرع لنقل الحق العيني المقدم كحصة حتى يمكنه الاحتجاج به في مواجهة الغير.

    فإذا كانت الحصة المقدمة عقاراً وجب نقل ملكيته لدى مديرية المصالح العقارية.

    أما إذا كانت عنصراً من عناصر الملكية الصناعية فيتوجب نقل الحق بها لدى مديرية حماية الملكية وشهر هذا الانتقال بجريدة المديرية.

    وعندما تكون الحصة العينية عبارة عن متجر وجب تسجيل ذلك في سجل المتجر ونشر خلاصة عن هذا التصرف في صحيفة يومية تصدر في مكان تسجيل المتجر أو في العاصمة لكي يستطيع دائنو مقدم المتجر حصة في الشركة ممارسة حقوقهم بقيد ديونهم خلال عشرة أيام من آخر إجراء من إجراءات النشر، وعندها تصبح الشركة ملزمة بالتضامن مع مقدم المتجر بتسديد الديون المصرح عنها (مادة 2/92 تجارة).

    وبالمقابل أجاز المشرع لكل شريك غير الشريك مقدم الحصة أن يطلب إبطال الشركة أو فسخها وذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انقضاء مهلة العشرة أيام المقررة لقيد الديون (مادة 2/92 تجارة)، فإذا لم يقض بالبطلان أو الفسخ كانت الشركة مسؤولة بالتضامن مع صاحب المتجر عن وفاء الديون المقيدة في سجل المتجر مادة 3/92 تجارة).

    وعليه فإن اتباع إجراءات التسجيل والشهر عند تقديم الحصة العينية للشركة على وجه التمليك، وإن كان يشبه البيع من حيث إجراءاته وتبعة الهلاك وضمان الاستحقاق والعيوب، إلا أنه في الحقيقة ليس بمثابة بيع تماماً، لأن البيع يفترض نقل ملكية شيء مقابل ثمن نقدي، في حين أن نقل ملكية الحصة للشركة يقابله حق مقدمها الاحتمالي في تقاضي نصيب من الأرباح التي قد تسفر عنها الشركة ونصيب من موجوداتها عند حل الشركة أو تصفيتها.

     لذلك فإن الشريك مقدم الحصة لا يتمتع بامتياز البائع بسبب المبالغ التي قد تلتزم بها الشركة تجاهه.

     ب – تقديم الحصة العينية على وجه الانتفاع:

    قد تكون الحصة العينية التي يقدمها الشريك مجرد الانتفاع بمال معين بالذات مع احتفاظه بملكيته. في مثل هذه الحالة “فإن أحكام الإيجار هي التي تسري في كل ذلك” (مادة 2/479 مدني).

    فتبقى ملكية الحصة للشريك، وليس للشركة أن تتصرف فيها، كما لا يجوز لدائنيها توقيع الحجز عليها.

     وإذا هلكت الحصة تحمل الشريك تبعة هلاكها إذا لم تكن الشركة هي من تسببت بهذا الهلاك، وعندئذ تبرأ الشركة من التزامها برد الحصة إلى الشريك عند انحلالها أو تصفيتها.

    وإذا ظهر عيب في الحصة يحول دون الانتفاع بها أو صدر تعرض من الشريك أو من الغير، التزم الشريك بالضمان تجاه الشركة.

    وطالما كانت الحصة مقدمة إلى الشركة على سبيل الانتفاع فإنها تلزم برد العين ذاتها إلى الشريك بعد انتهاء مدة الشركة.

    وأيا كانت صورة تقديم الحصة العينية للشركة على سبيل التمليك أو الانتفاع، يجب تقدير قيمتها فور تقديمها حتى يتحدد نصيب كل شريك في رأس المال.

    وقد وضع المشرع قواعد وقيود خاصة لهذا التقدير ولاسيما في الشركة المحدودة المسؤولية والشركة المساهمة وذلك تلافياً للمبالغة في قيمة الحصص العينية خشية الإضرار بالدائنين، حيث يعتبر رأس المال هو الضمان العام للدائنين.

  • الجرائم التقليدية على الشبكة العنكبوتية

    وضع المشرع القواعد المتعلقة بارتكاب الجرائم التقليدية باستخدام الشبكة، وبكيفية تطبيق القوانين الجزائية في المادة 28 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية التي نصت على ما يلي:

    ( أ- إذا انطبق نص في القوانين الجزائية النافذة على إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ثطق العقوبة التي هي أشد.

    ب- يضاعف الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي من الجرائم المنصوص عليها في القوانين الجزائية النافذة الأخرى في إحدى الحالتين التاليتين:

    1- إذا ارتكبت الجريمة باستخدام الشبكة أو وقعت على الشبكة.

    2- إذا وقعت الجريمة على جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية، بقصد التأثير على عملها، أو على المعلومات أو البيانات المخزنة عليها).

    و سنتناول الأحكام التي جاءت بها هذه المادة على التتالي:

    أولاً:  تطبيق النصوص الجزائية:

    أشارت الفقرة (أ) من المادة 28 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية إلى أنه إذا انطبق نص في القوانين الجزائية النافذة على إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية فيجب تطبيق النص ذو العقوبة الأشد، والغاية من هذا النص واضحة، وهي رغبة المشرع في تطبيق العقوبة الأشد في حالة انطباق نصين على واقعة ما تتعلق بجرائم المعلوماتية، والمثال

    على ذلك هو أن المادة 29 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية على كل من يقوم بالترويج لأي جريمة باستخدام الشبكة، وقد جاءت المادة 8 من قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 19 تاریخ 2012/7/2 لتعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة جريمة ترويج الأعمال الإرهابية المرتكبة على موقع إلكتروني، ففي هذه الحالة يجب على المحكمة أن تطبق النص ذو العقوبة الأشد وهو نص المادة 8 من قانون مكافحة الإرهاب.\

    ثانياً: ارتكاب الجرائم التقليدية باستخدام الشبكة أو عليها:

    نصت الفقرة (ب) من المادة 28 على ما يلي:

    (يضاعف الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأي من الجرائم المنصوص عليها في القوانين الجزائية النافذة الأخرى في إحدى الحالتين التاليتين:

    1- إذا ارتكبت الجريمة باستخدام الشبكة أو وقعت على الشبكة.

    2- إذا وقعت الجريمة على جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية، بقصد التأثير على عملها، أو على المعلومات أو البيانات المخزنة عليها).

    وقد تستخدم الشبكة وخاصة الانترنت لارتكاب الجرائم التقليدية المنصوص عليها في التشريعات النافذة، ومن أمثلة هذه الجرائم :

    – جريمة الذم المنصوص عليها بالمادة 568 من قانون العقوبات.

     – جريمة القدح المنصوص عليها بالمادة 570 من قانون العقوبات.

    – جريمة التعرض للآداب العامة المنصوص عليها بالمادة 517 من قانون العقوبات.

     – جريمة التعرض للأخلاق العامة المنصوص عليها بالمادة 518 من قانون العقوبات.

     – جريمة توزيع الصور والأفلام المخلة بالحياء المنصوص عليها بالمادة 519 من قانون العقوبات.

     – جريمة توجيه الكلام المخل بالحشمة المنصوص عليها بالمادة 506 من قانون العقوبات.

    – جريمة التهديد بجناية مثل القتل المنصوص عليها بالمادة 561 من قانون العقوبات.

     – جريمة إثارة النعرات المذهبية التي ترتكب بالكتابة أو الخطاب المنصوص عليها بالمادة 307 من قانون العقوبات.

    – جريمة الاستحصال على أسرار تتعلق بأمن الدولة المنصوص عليها بالمادة 272 من قانون العقوبات.

    – جريمة إذاعة أنباء كاذبة في الخارج من شأنها أن تنال من هيبة الدولة المنصوص عليها بالمادة 287 من قانون العقوبات.

    فجميع هذه الجرائم وغيرها يمكن أن ترتكب باستخدام الشبكة وخاصة الانترنت، والحقيقة أنه لابد من أن يكون الاستخدام الشبكة دور إيجابي في ارتكاب الجريمة، كأن يرتكب النشاط الجرمي بواسطة الشبكة أو أن يكون للشبكة دور على قدر من الأهمية في ارتكاب الجريمة، كإرسال عبارات التهديد بالقتل إلى المجني عليه عبر البريد الإلكتروني، أو نشر العبارات التي تثير النعرات الطائفية على موقع إلكتروني،

     أما إذا كان دور الشبكة ثانوياً، فلا يمكن القول بأن الجريمة ارتكبت باستخدام الشبكة، كاستخدام الشبكة لمجرد التواصل، والمثال على ذلك إرسال بريد إلكتروني من الجاني إلى المجني عليه لترتيب لقاء بينهما في مكان ما، ثم قيام الجاني بقتل المجني عليه، أو إجراء اتصال بينهما عبر الشبكة لتحديد مكان اللقاء، ففي مثل هذه الحالة لا تعتبر جريمة القتل بأنها ارتكبت باستخدام الشبكة، لأن الشبكة لم يكن لها أي دور إيجابي في ارتكاب الجريمة.

    ومن الأمثلة الواقعية على الدور الإيجابي للانترنت في جرائم القتل، أن رجلاً قتل زوجته التي كانت موضوعة تحت المراقبة في المستشفى، بأن دخل عبر الانترنت إلى شبكة المعلومات الخاصة بالمستشفى، ثم قام بتغيير المعلومات الطبية الخاصة بالمجني عليها المريضة .

    وغني عن البيان فإن الركن المعنوي المطلوب في الجرائم التقليدية التي ترتكب في العالم المادي لا يختلف فيما إذا ارتكبت هذه الجرائم عبر الشبكة، فالعلاقة الذهنية النفسية التي يكون عليها الفاعل ساعة ارتكاب الجريمة وهي جوهر الركن المعنوي لا تتأثر لكون الجريمة ارتكبت عبر الشبكة، فجميع القواعد المتعلقة بالقصد الجرمي وعناصره وأنواعه، والخطأ وعناصره وصوره يمكن تطبيقها على الركن المعنوي في الجرائم التقليدية التي ترتكب عبر الشبكة.

    وفي جرائم المعلوماتية عموما يمكن إثبات القصد الجرمي من خلال القرائن، فتفتيش حاسوب المشتبه به مثلا، ومعرفة المواقع التي قام بتصفحها والأشخاص الذين اتصل بهم، قد يفيد في إثبات قصده الجرمي.

     ومن الوقائع الحقيقية التي تم فيها اكتشاف نية المدعى عليه في إحدى جرائم القتل، بأنه لدى تفتیش حاسوب المدعى عليه تبين بأنه كان يبحث عن مصطلحات مثل “قتل، خنق، وفيات، حادث” قبل قيامه بقتل زوجته، فبفضل عملية البحث هذه تم إثبات نية العمد لديه، ورفع مستوى الجريمة إلى القتل من الدرجة الأولى.

     ثالثا: ارتكاب الجريمة على جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية بقصد التأثير على عملها أو على المعلومات أو البيانات المخزنة عليها:

    والحقيقة أن غاية المشرع من هذه الفقرة هي وضع نص عقابي احتياطي يطال مختلف الجرائم التي تهدف إلى التأثير على عمل الأجهزة الحاسوبية أو المعلومات المخزنة بها في الحالات التي لم يفرض قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية عقاب عليها

  • جريمة البريد الالكتروني الواغل

    نصت المادة 20 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالغرامة من عشرين ألف إلى مئة ألف ليرة سورية، كل من يقوم بإرسال بريد واغل إلى الغير، إذا كان المتلقي لا يستطيع إيقاف وصوله إليه، أو كان إيقاف وصوله مرتبطة بتحمل المتلقي نفقة إضافية).

    وسنتناول فيما يلي الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة.

     أ- الركن المادي:

    عرف المشرع في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية البريد الواغل بأنه: (أي شكل من أشكال الرسائل، مهما كان محتواها، التي ترسل عبر الشبكة إلى الغير، دون رغبة المتلقي في وصولها إليه.

    الواغل في اللغة هو الرجل الذي يدخل على القوم في طعامهم وشرابهم من غير أن يدعوه إليه ، و الواغل كما جاء في التعليمات التنفيذية لقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية هي ترجمة مقترحة تعبر عن مصطلح spam أي البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه.

    ولم يشترط المشرع في البريد الواغل أن يحتوي معلومات معينة، فقد يكون محتواه إعلامي أو إعلاني عن البضائع التجارية وغير ذلك.

     ولكن يشترط لتحقق هذه الجريمة أن يكون المتلقي أو المرسل إليه غير قادر على إيقاف وصول الرسائل غير المرغوب فيها له، أو كان إيقاف وصولها مرتبط بتحمل المتلقي نفقات إضافية على نفقات الاشتراك بخدمة البريد الإلكتروني.

    وبناء على ذلك فلا تقوم هذه الجريمة إذا كان المرسل إليه يستطيع إيقاف تدفق البريد الواغل أو الغير مرغوب به ولم يقم بإيقافه دون ترتب نفقات إضافية عليه، كما لا تقوم هذه الجريمة بحق مرسل رسالة إعلانية أو عدة رسائل دون أن تشكل إزعاجا للمرسل إليه.

    ولم يشترط المشرع السوري أن يؤدي البريد الواغل أو غير المرغوب فيه إلى تضخيم البريد الإلكتروني كما فعل المشرع المقارن، فالمشرع الولائي الأمريكي مثلا يشترط أن يؤدي البريد غير المرغوب فيه إلى تضخم البريد الإلكتروني أي إغراق حساب البريد الإلكتروني عن طريق إرسال كمية كبيرة من الرسائل الإلكترونية مهما كان محتواها إلى صندوق بريد المرسل إليه المراد تعطيله، بحيث إذا امتلأ لم يعد بالإمكان فتحه أو التعامل معه كونه محدود المساحة، وهذا ما اشترطه المشرع الأمريكي في ولاية واشنطن وولاية فيرجينيا وغيرها من الولايات .

     فالمشرع السوري لم يشترط تضخم البريد الإلكتروني إلى نحو يجعل من فتحه مستحيلاً لأن هذه الحالة تعد جريمة من جرائم إعاقة الوصول إلى الخدمة المنصوص عليها في المادة 17 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة إرسال البريد الواغل جريمة مقصودة تتطلب القصد الجرمي العام بعنصريه العلم والإرادة.

    فيجب أن يعلم الجاني بأنه يرسل رسائل غير مرغوب فيها إلى المرسل إليه ويجب أن تتجه إرادته إلى ذلك أيضاً، وبالتالي فلا تسأل مثلاً شركة للمواد الطبية عن إرسال عدة رسائل عن طريق الخطأ إلى أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الطب، ثم توقفت الشركة عن إرسال هذه الرسائل الإعلانية عندما تبين لها الأمر.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة إرسال البريد الواغل بالغرامة من عشرين ألف إلى مئة ألف ليرة سورية، وهذه الغرامة ذات وصف جنحوي لأنها تزيد عن ألفي ليرة سورية.