الوسم: افضل محامي

  •  جريمة انتهاك الحياة الخاصة بالنشر على شبكة الانترنت

    نصت المادة 23 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية، كل من نشر عن طريق الشبكة معلومات تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، حتى ولو كانت تلك المعلومات صحيحة.)

    وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:

     أ- الركن المادي:

    عرف المشرع السوري في المادة الأولى من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية الخصوصية بأنها:

     (حق الفرد في حماية أسراره الشخصية والملاصقة للشخصية والعائلية، ومراسلاته، وسمعته وحرمة منزله، وملكيته الخاصة، وفي عدم اختراقها أو كشفها دون موافقته).

    فالخصوصية ترتبط بالشخصية الإنسانية، وهي عبارة عن مجموعة من الوقائع والعلاقات التي تساهم في تحديد هذه الشخصية، وتضم كافة العلاقات ذات الطابع الشخصي للإنسان، مثل الحياة العاطفية، والحالة الصحية، والحالة المدنية، ومحل الإقامة، والاتجاه السياسي… إلخ.

     فمثل هذه المعلومات يجب عدم التعرض لها أو المساس بها من قبل الغير، ما لم يكن هناك قبول صريح أو ضمني من صاحبها. فالخصوصية ذات قيمة إنسانية، وهي بذلك لا تشمل الأسرار الشخصية فقط، وإنما تمتد إلى الأمور الخاصة التي قد لا تكون سرية، ومع ذلك يحظر على الغير التدخل فيها .

    أما النشاط الجرمي لهذه الجريمة فيتمثل بفعل النشر على الشبكة المعلومات التي تتعلق بالخصوصية، ويشترط أن يكون النشر دون رضاء صاحب هذه المعلومات،

    ولا عبرة لكون هذه المعلومات صحيحة أم لا، وعلى ذلك فمن ينشر على موقع إلكتروني العلاقة العاطفية لشخص ما دون رضائه يسأل عن جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة.

    وقد يكون الفاعل قد حصل على هذه المعلومات من صاحبها برضاه إلا أنه لم يخوله نشرها، وغني عن البيان أنه في حالة نشر معلومات غير صحيحة تتعلق بخصوصية شخص ما فإن ذلك قد يشكل جريمة الذم عبر الشبكة.

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة جريمة مقصودة تتطلب القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني بطبيعة المعلومات المتعلقة بالخصوصية، وأن صاحب هذه المعلومات لم يأذن له أو يخوله بنشرها، كما يجب أن تتجه إرادته إلى هذا النشر عبر الشبكة رغم عدم رضاء صاحب هذه المعلومات.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية.

  • جريمة تزوير بطاقة الدفع الالكتروني

     نصت الفقرة ب من المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من:

    1-قام بتزوير بطاقة دفع.

     2-استعمل بطاقة دفع مزورة أو مسروقة أو مفقودة في الدفع أو سحب النقود.)

    وقد عرف المشرع السوري التزوير في المادة /443/ من قانون العقوبات بأنه:

    (تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد أثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما، يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي ).

    وقد عددت المادة (445) عقوبات طرق التزوير المادية، كما حددت المادة /446/ عقوبات طرق التزوير المعنوية.

    وطرق التزوير المادية كما يستدل من اسمها، طرق أو وسائل مادية تترك أثراً مادياً على المحرر يمكن إدراكه إما بالحواس أو بالخبرة الفنية، وذلك بعكس طرق التزوير المعنوية التي لا تترك أثراً يدركه الحس، وبالتالي يصعب إثبات التزوير المعنوي لعدم وجود الأثر المادي.

     وعلى ذلك فإن طرق التزوير المادية من الممكن أن تتم أثناء تحرير المحرر أو بعد الانتهاء من تحريره، أما طرق التزوير المعنوية فلا تتحقق إلا أثناء تحرير المحرر .

    وعلى ذلك سنعمد إلى دراسة الركن المادي والركن المعنوي لجريمة تزوير بطاقة الدفع في ضوء مفهوم التزوير المنصوص عليه في قانون العقوبات على التالي:

    أ- الركن المادي:

    ينطوي الركن المادي في جريمة التزوير التقليدية على تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المحددة قانونية، ولتوافر هذا الركن يجب أن يكون هناك محلا يرد عليه فعل تغيير الحقيقة وهذا المحل هو المحرر، ونشاط جرمي يتمثل بتغيير الحقيقة بإحدى الطرق المحددة قانوناً ويندمج في هذا النشاط النتيجة الجرمية وهي أيضا تغيير الحقيقة وعلاقة السببية بينهما.

    ثم يجب أن يترتب على التزوير عنصر الضرر، وهو شرط منفصل عن الركن المادي إلا أن غالبية الفقه الجزائي جرى على دراسته في إطار الركن المادي.

    ويقصد بتغيير الحقيقة تحريفها أي استبدالها بغيرها، وذلك بإحلال أمر غير صحيح محل أمر صحيح، فإذا لم يكن هناك حقيقة مغيرة أو محرفة فلا يكون هناك تزوير، كمن يقلد توقيع شخص آخر على وثيقة بإذن صاحب الإمضاء ورضائه فلا يعد ذلك تزويراً لأن الحقيقة لم تتغير .

    أما المحرر فيقصد به كل مكتوب يفصح عن مصدره ويتضمن وقائع أو بيانات تصلح الأن يحتج بها.

    فالتزوير هو الكذب المكتوب، والمحل الذي يجب أن يرد عليه التزوير يجب أن يكون مكتوباً، أي أن يكون محرراً.

    ويقصد بالكتابة في مجال التزوير العبارات الخطية أو العلامات أو الرموز التي تصلح السرد واقعة أو للتعبير عن إرادة، أي تصلح لنقل المعنى من شخص لآخر، فلا تعد كتابة ولا تصلح محلا لجريمة التزوير عدادات الكهرباء أو المياه أو الغاز، ولا الأختام المنسوبة لجهة عامة، ولا الرسومات أو لوحات الفن عموماً وإن كان يمكن أن يتوفر في تغيير الحقيقة لهذه الأشياء جرائم أخرى.

    كما يخرج من مفهوم المحرر في جريمة التزوير التقليدي الاسطوانات أو أشرطة التسجيل أو الشريط الممغنط الذي سجلت عليه عبارات أيا كانت أهميتها،

    وبالتالي فإن تغيير الحقيقة الذي يطرأ على المعطيات والمعلومات المخزنة والمسجلة على اسطوانات أو شرائط ممغنطة لا يعد تزويرة، لأن هذه المعلومات المعالجة آلية لا تعتبر محررة، لأنه لا يمكن مشاهدة هذه المعلومات المسجلة كهرومغناطيسية على هذه الشرائط عن طريق النظر .

    إلا أنه وبعد صدور قانون الجريمة المعلوماتية أصبح يدخل في مفهوم المحرر تزویر المعلومات والبيانات المخزنة أو المسجلة على الأشرطة الممغنطة ولو لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة.

    وبناء على ذلك فيقصد بتزوير بطاقة الدفع كل تغيير في أحد بيانات البطاقة كرقمها أو اسم حاملها أو توقيعه، وكذلك البيانات الالكترونية المسجلة على الشريط الممغنط أو المخزنة ضمن البطاقة.

    والواقع أن المشرع السوري لم يحدد طرق تزوير بطاقات الدفع، وبالتالي فيمكن أن يتم التزوير بأي وسيلة كانت، كالتلاعب بشريطها الممغنط أو ببياناتها مثل تاريخ الصلاحية واسم الحامل، أو تقليد البطاقة برمتها، أي صناعة بطاقة دفع على غرار بطاقة أخرى.

    كما يمكن أن يقع التزوير بوسيلة معنوية، كما لو انتحل الجاني شخصية صاحب الحساب في أحد المصارف، من أجل الحصول على بطاقة باسم صاحب الحساب الحقيقي .

    ولا يكفي لقيام جريمة تزوير بطاقات الدفع أن يقع تغيير في الحقيقة في هذه البطاقات، بل لا بد لهذا التغيير من أن يسبب ضررا للغير، وإن كان يكفي أن يكون هذا الضرر احتمالياً .

    والضرر هو إهدار أو انتقاص لحق أو لمصلحة يقررها ويحميها القانون، وهو شرط لازم القيام جريمة التزوير، فإذا انتفى انتفت الجريمة، ويتنوع الضرر إلى ضرر مادي و معنوي، وضرر حال ومحتمل، وضرر فردي واجتماعي.

    والضرر المادي هو الذي يصيب المجني عليه في ذمته المالية، والضرر المعنوي هو الذي ينال من شرف وكرامة واعتبار إنسان أو جماعة.

     أما الضرر الحال فهو الضرر الذي تحقق فعلا، و أما الضرر المحتمل فهو الضرر الذي لم يقع بعد ولكن يحتمل وقوعه، ولا يشترط القيام جريمة التزوير أن يكون الضرر قد وقع فعلا، بل يكفي أن يكون وقوعه محتم .

    أما الضرر الفردي أو الخاص فهو الضرر الذي يصيب فرد أو هيئة أو جماعة خاصة سواء كان مادياً أو أدبياً حالاً أو محتملاً.

    أما الضرر الاجتماعي أو العام فهو الذي يصيب المجتمع ككل أو الجسم الاجتماعي أي يمس الصالح العام، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المادي تزوير إيصال بسداد ضريبة، ومن أمثلة الضرر الاجتماعي المعنوي، دخول شخص إلى الامتحان باسم شخص آخر ليحصل على شهادة باسم الأخير .

    وبالنسبة لتزوير بطاقات الدفع، فإن الضرر الذي يترتب عليه هو ضرر مادي محتمل بالنسبة لحامل البطاقة، بالإضافة إلى ضرر اجتماعي مادي و معنوي نظراً لما يصيب المجتمع من اهتزاز بالثقة في المعاملات .

    ب: الركن المعنوي:

    جريمة التزوير جريمة مقصودة يتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجرمي، والقصد الجرمي الواجب توافره لقيام جريمة التزوير ليس فقط القصد العام وإنما يجب أن يضاف إليه القصد الخاص.

    والقصد العام اللازم لقيام جريمة التزوير هو العلم والإرادة، أي العلم بأركان الجريمة وعناصرها، والإرادة التي تتجه إلى السلوك الجرمي ونتيجته.

    أما القصد الخاص الذي يجب توافره لتحقق القصد الجرمي في جريمة التزوير هو نية إحداث ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي بالمعنى الذي سبق الإشارة إليه في شرح عنصر الضرر.

  • جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقات الدفع الالكتروني

    نصت الفقرة أمن المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من حصل دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.)

    وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة.

    أ- الركن المادي:

    يتمثل النشاط الجرمي في جريمة الاستيلاء أو الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع، بقيام الجاني بأي فعل من شأنه أن يؤدي للحصول دون وجه حق على هذه البيانات أو الأرقام السرية البطاقات الدفع.

    فلا تقوم هذه الجريمة إذا كان الحصول على هذه البيانات أو الأرقام بحق أو بصورة مشروعة أي بإرادة صاحب البطاقة.

    ويشترط المشرع أن يتم الاستيلاء على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، فلا تقوم هذه الجريمة إذا تم الحصول على هذه البيانات أو الأرقام عن طريق النشاط الذهني المحض وذلك لصعوبة الإثبات، كمشاهدة خادمة المنزل للورقة التي كتب عليها الرقم السري للبطاقة العائدة لرب عملها، أو مشاهدة الرقم السري للبطاقة من قبل الغير أثناء إدخاله عبر جهاز الصراف الآلي،

    ففي هذه الحالات لا تقوم هذه الجريمة لأن الحصول على الأرقام السرية لم يكن عن طريق بذل النشاط باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.

    مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من الممكن في حال استخدام هذه الأرقام أن يسأل الفاعل عن جريمة استعمال بطاقة الغير المنصوص عليها في الفقرة ب من المادة 22 المشار إليها.

    أما النتيجة الجرمية فتتمثل في حصول الفاعل دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع، ثم لا بد من قيام علاقة سببية بين سلوك الفاعل وهذه النتيجة.

    وهناك العديد من أساليب الاستيلاء على البيانات والأرقام السرية لبطاقات الدفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، ومن أبرز هذه الأساليب:

    1- أسلوب انتحال الصفة:

    و قد سبقت الإشارة إلى هذا الأسلوب الذي يتم عن طريق إنشاء مواقع مزيفة على شبكة الإنترنت، على غرار مواقع الشركات والمؤسسات التجارية الأصلية الموجودة على هذه الشبكة،

    بحيث يبدو هذا الموقع المزيف وكأنه الموقع الأصلي المقدم لتلك الخدمة.

    وبعد إنشاء الموقع المزيف، يستقبل عليه الجناة جميع المعاملات المالية والتجارية التي يقدمها عادة الموقع الأصلي العملائه عبر شبكة الإنترنت، فيتم استقبال الرسائل الإلكترونية الخاصة بالموقع الأصلي والاطلاع عليها، ومن ثم يتم الاستيلاء على البيانات الخاصة ببطاقات الائتمان أو بطاقات الدفع الإلكتروني .

    2- أسلوب التجسس:

    يقوم الجناة وفقاً لهذا الأسلوب باستخدام برامج الاختراق الأنظمة المعلوماتية للشركات والمؤسسات التجارية العاملة على شبكة الإنترنت، ومن ثم يستطيع هؤلاء الجناة الاطلاع على البيانات والمعلومات التجارية الخاصة بهذه الشركات، ومنها المعلومات المتعلقة ببطاقات الدفع الإلكترونية المستخدمة في التجارة الإلكترونية عبر الشبكة.

     و بذلك يتمكن الجاني من الاستيلاء على بيانات البطاقات الصحيحة، واستخدامها عبر شبكة الإنترنت على حساب الحامل الشرعي البطاقة.

    ومن أمثلة هذا الاختراق، ما حدث في عام 1996، حيث تم اختراق حاسوب محمول يحتوي على 314.000 رقم البطاقة ائتمان خاصة بأحد المكاتب التابعة لمؤسسة Visa Card INT في كاليفورنيا.

    وفي عام 1997، قام شخص يدعى “كارلوس سادالغو” Carlos Sadalgo، بالاستيلاء على أرقام 100.000 بطاقة ائتمان وبيانات أخرى، من خلال اختراقه لمجموعة من مزودي خدمات الإنترنت، وقام بوضع هذه الأرقام على أسطوانة مضغوطة، ثم قام بتشفيرها وعرضها للبيع بمبلغ مائتين وخمسين ألف دولار. ولقد اكتشف عملاء المباحث الفيدرالية هذه الجريمة، وحوكم سادالغو” وعوقب بالسجن ثلاثين شهراً .

    3- أسلوب الشفط Skimming:

    “Skimming” هو طباعة التفاصيل المخزنة على الشريط الممغنط لبطاقة الدفع، عن طريق تمرير البطاقة على قارئ إلكتروني، وبمجرد الحصول على تفاصيل البطاقة، مثل رقم التعريف بهوية الحامل (PAN)، وتاريخ انتهاء صلاحية البطاقة، يستطيع المحتال إنشاء بطاقة مطابقة للبطاقة الأصلية، لاستعمالها في الصفقات التي تعقد على الإنترنت.

    وأجهزة ال “Skimmer” توضع مثلاً على فتحة الصراف الآلي، حيث يتم مسح تفاصيل بطاقة الزبون ضوئية، وتخزينها في جهاز خاص قبل أو بعد دخول البطاقة إلى قارئ البطاقات في الصراف، وقد يرفق بالماسحة الضوئية كاميرا تسجل رقم PIN المدخل من قبل الضحية.

    وخطورة هذا النوع من الاستيلاء على بيانات البطاقات هو أن حامل البطاقة لا يعلم بأن بطاقته تم اختراقها، لذا لا يبلغ أحدة لإلغائها، وبذلك يستطيع المحتال استخدام البطاقة المزورة خلال فترة طويلة، وهذا بعكس الأسلوب التقليدي المتبع في الاستيلاء على بيانات البطاقة وهو سرقة البطاقة، لأنه في حال سرقة البطاقة يكون إمكانية استعمالها قصير الأمد، إذ إن الضحية ستلاحظ ذلك، وتقوم بتبليغ مصدر البطاقة الإلغائها.

    ففي عام 2005، تم الحكم في إنكلترا على أربعة من أعضاء عصابة لمسح البطاقات وسحب الأموال، بالسجن لمدة أربع سنوات لارتكابهم الاحتيال الذي قدرت خسارته ب 200,000 جنيه إسترليني.

    كما تم التحذير من أسلوب Skimming، حيث وضعت تحذيرات على أجهزة السحب الآلي في معظم الدول، تتضمن الطلب من الزبائن عدم استخدامها إذا بدت غير طبيعية، وإذا كان هناك شك بوجود آلة Skimmer على جهاز سحب النقود، فإن الشرطة تنصح بعدم الإبلاغ فورة لأن هذه الأجهزة غالية الثمن، وقد يتدخل المجرم تدخلاً عنيفاً في هذه الحالة.

     و لكن يمكن اعتقال هذا المجرم عندما يتم ترصده، لأنه سوف يعود لاسترجاع الجهاز.

    ومن أكثر الحالات التي يمكن أن يستخدم بها جهاز Skimmer هي عند دفع الفواتير في المطاعم، حيث يقوم الزبون بإعطاء البطاقة إلى محاسب المطعم الذي يقوم بتمريرها على جهاز Skimmer ثم يقوم بإعادتها إلى صاحبها، وبذلك تتم عملية نسخ لبيانات البطاقة.

    ومن الجدير بالذكر أن هناك أسلوباً ميكانيكياً للاستيلاء على بيانات بطاقات الائتمان، حيث يتم تحويل التفاصيل المنقوشة على البطاقة البلاستيكية ميكانيكاً من بطاقة إلى أخرى.

     وقد عرفت هذه التقنية بما يسمى Shave And Paste. وهذه الطريقة أسهل من أسلوب سرقة البطاقة برمتها أثناء نقلها ما بين البنك والزبون.

    4- تخليق أرقام البطاقات Card Math:

    و يقوم هذا الأسلوب على تخليق أرقام بطاقات ائتمانية اعتماداً على إجراء معادلات رياضية واحصائية، بهدف الحصول على أرقام بطاقات ائتمانية مملوكة للغير، وهي كل ما يلزم للشراء عبر شبكة الإنترنت.

    فهذا الأسلوب يعتمد على أسس رياضية في تبديل وتوفيق أرقام حسابية، تؤدي في النهاية إلى ناتج معين، وهو الرقم السري لبطاقة دفع متداولة، ثم يتم استخدامها استخدام غير مشروع عبر شبكة الإنترنت .

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع جريمة مقصودة تتطلب القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة،

    أي علم الفاعل واتجاه إرادته إلى أي فعل من الأفعال التي تؤدي إلى الاستيلاء أو الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع عائدة للغير، وذلك باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.

     فلا تقوم هذه الجريمة بحق من يطلع خطأ عبر الإنترنت على الرقم السري لبطاقة دفع عائدة للغير لعدم توفر القصد الجرمي لديه.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسمائة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.

     

  • جريمة الاحتيال عن طريق شبكة الانترنت

    نصت المادة 21 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أيعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من استولى، باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، على مال منقول أو عقار، أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية، أو سند يتضمن تعهدا أو إبراء أو أي امتیاز مالي آخر، وذلك عن طريق خداع المجني عليه أو خداع منظومة معلوماتية خاضعة السيطرة المجني عليه، بأي وسيلة كانت.

    ب وتكون العقوبة الاعتقال المؤقت، والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، في الحالات التالية:

     1) إذا وقعت الجريمة على ثلاثة أشخاص فأكثر.

     2) إذا تجاوز مبلغ الضرر مليون ليرة سورية.

     3) إذا وقع الاحتيال على مصرف أو مؤسسة مالية.

    ج-ولا تطبق الأسباب المخففة التقديرية إلا إذا أسقط المضرور حقه الشخصي.)

    لم يعرف المشرع السوري الاحتيال عبر الشبكة في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، ويمكن تعريفه بأنه:

    ( الاستيلاء على مال الغير بالخداع عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية).

     فالاحتيال يتمثل في قيام الجاني بخداع المجني عليه بوسيلة معلوماتية، فيقع هذا الأخير في الغلط ويسلم ماله إلى الجاني.

    وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي للاحتيال عبر الشبكة ثم سنسلط الضوء على عقوبته البسيطة والمشددة.

    أ- الركن المادي :

    يتكون الركن المادي في جريمة الاحتيال عبر الشبكة من ثلاثة عناصر: النشاط الجرمي، والنتيجة الجرمية، وعلاقة السببية.

    فالنشاط الجرمي للاحتيال عبر الشبكة يتمثل في فعل الخداع الذي يمارسه الجاني حيال المجني عليه أو حيال منظومته المعلوماتية عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية.

     أما النتيجة فتتمثل بتسليم المجني عليه ماله أو ما في حكمه إلى المحتال تحت وطأة الخداع. وعلاقة السببية التي تقتضي أن يكون تسليم المال بسبب الخداع.

    والواقع أن الاحتيال التقليدي لا يختلف عن الاحتيال عبر الشبكة إلا في أن هذا الأخير يشمل بموضوعه المعلومات والبرامج والامتيازات المالية، وأن النشاط الجرمي المتمثل بفعل الخداع يمكن أن يقع على المجني عليه أو على منظومته المعلوماتية، وأن الخداع ليس له وسائل محددة كالاحتيال التقليدي، بالإضافة إلى أنه يرتكب عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية.

    و يقصد بموضوع الاحتيال “ذلك الشيء الذي يرد عليه التسليم الصادر من المجني عليه إلى المحتال نتيجة الغلط الذي أوقعه فيه”.

    وقد حدد المشرع السوري موضوع الاحتيال بالمادة 21 من قانون الجريمة المعلوماتية بأنه:

    ( مال منقول أو عقار، أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية، أو سند يتضمن تعهدة أو إبراء أو أي امتیاز مالي آخر).

    ويقصد بالمال، كل شيء يصلح محلا لحق عيني، وعلى وجه التحديد حق الملكية .

     ويشترط في المال أن يكون ذا طبيعة مادية، أي قابلا للحيازة والتسليم و التملك.

    و الشيء المادي هو كل ماله كيان ذاتي مستقل في العالم الخارجي، أو هو كل ماله طول وعرض وسمك، بصرف النظر عن حجمه أو وزنه أو هيئته”.

    ومتي اكتسب الشيء صفة المال؛ فإنه يصلح موضوعا للاحتيال عبر الشبكة، كالنقود، أو المنقولات، أو العقارات، أو الإسناد التي تتضمن تعهدة أو إبراء، أو المعلومات أيا كان نوعها أو البرامج ذات القيمة المالية، أو أي امتياز مالي أخر.

     وهنا يظهر الفرق بين الاحتيال التقليدي والاحتيال عبر الشبكة، فالاحتيال التقليدي لا يشمل سوى المال المادي، أما الاحتيال عبر الشبكة فيشمل بالإضافة إلى المال المادي، المعلومات، و البرامج ذات القيمة المالية، و الامتيازات المالية.

    وبهذا يكون المشرع السوري قد أضفى على المعلومات أو البرامج صفة المال المادي، فالمعلومات والبرامج لها قيمة تصل إلى حد الثروات الطائلة، وهي نتاج الإبداع الفكري، و تباع وتشترى وتقوم بالمال، وكل شيء له قيمة يكتسب صفة المال، ويصلح لأن يكون محلا للملكية.

     أضف إلى ذلك أن المادة هي كل ما يشغل حيزاً مادياً في فراغ معين، بحيث يمكن قياس هذا الحيز والتحكم فيه،

    فالبرامج أو المعلومات تشغل حيزا مادية في ذاكرة الحاسوب، ويمكن قياسه بمقياس معين هو البايت (BYTE)،

    فحجم أو سعة ذاكرة الحاسوب تقاس بعدد الحروف التي يمكن تخزينها فيها، إضافة إلى أن البيانات تكون على شكل إشارات إلكترونية ممثلة بالرقمين (0 أو 1)، وهي في ذلك تشبه التيار الكهربائي الذي اعتبرته بعض التشريعات من الأشياء المنقولة (39).

    أما الامتياز المالي فيقصد به أي نوع من أنواع المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها المحتال، كما لو استطاع أن يحصل على تذكرة حضور مسرحية عن طريق الاحتيال عبر الإنترنت.

    وغني عن البيان أنه يشترط في موضوع الاحتيال أن يكون مملوكاً للغير، لأنه لا يتصور الاعتداء على حق الملكية إلا إذا كان المال موضوع الاعتداء غير مملوك للمحتال، فإذا كان مملوكاً له أو غير مملوك لأحد، كالمال المباح، فلا يمكن تصور الاعتداء على الملكية الذي تتطلبه جريمة الاحتيال.

    أما النشاط الجرمي للاحتيال فيتمثل بالخداع، و يقصد بفعل الخداع “تغيير الحقيقة في واقعة ما، تغييرا من شأنه إيقاع المجني عليه في غلط يدفعه إلى تسليم ماله إلى الجاني “.

    فجوهر الخداع هو الكذب الذي يتخذه الجاني حيال المجني عليه، ولم يشترط المشرع السوري في جريمة الاحتيال عبر الشبكة أن يقترن الكذب بوسيلة احتيالية محددة كما فعل في الاحتيال التقليدي بالمادة 641 من قانون العقوبات، وإنما اكتفى بأن يتم الخداع بأي وسيلة كانت، فأي وسيلة تعطي الكنب الذي يدعيه المحتال مظهر الحقيقة تكفي لتكوين الخداع، كاتخاذ المحتال عبر الإنترنت مظهر الرجل الثري من خلال وضع صور وهمية لمنزله أو سيارته الفاخرة أو وضعه لعناوين وهمية لشركاته التجارية التي يدعي ملكيتها، أو انتحاله شخصية فتاة جميلة أو صفة طبيب مرموق وغير ذلك.

    فشبكة الإنترنت تقدم للمحتالين القدرة على الاتصال الإلكتروني بملايين الضحايا حول العالم بكلفة أقل بكثير من وسائل الاتصال التقليدية كالهاتف. كما تقدم له القدرة على إخفاء هوياتهم الحقيقة، الأمر الذي يجعل من الصعب ملاحقتهم ومحاكمتهم .

    وفي مجال الاحتيال عبر الشبكة يثور التساؤل التالي:

    هل يمكن أن يقع الخداع على الحاسوب بوصفه آلة؟

     فمثلا إذا قام الجاني عن طريق الإنترنت بالدخول إلى منظومة معلوماتية عائدة لأحد المصارف، وقام بخداع هذا النظام عن طريق التلاعب ببياناته بغية تحويل أموال عائدة للغير إلى حسابه، فهل يتحقق هنا فعل الخداع؟

    إن الإجابة على هذا السؤال كانت محل خلاف في الفقه والتشريع المقارنة، وقد حسم المشرع السوري هذا الخلاف عندما نص صراحة في المادة 21 من قانون الجريمة المعلوماتية على أن الخداع يمكن أن يقع على المجني عليه أو على منظومة معلوماتية خاضعة السيطرته.

    وبالتالي فإن فعل الخداع يمكن أن يقع على النظم المعلوماتية، لأن الحاسوب ليس سوى وسيط يعبر عن إرادة المجني عليه، فهذا الأخير هو من يقوم ببرمجته وفقا لمتطلباته، وبالتالي فخداع الحاسوب هو خداع للمجني عليه.

    أما النتيجة الجرمية لجريمة الاحتيال عبر الشبكة فقد حددها المشرع بأنها (الاستيلاء على مال المجني عليه) وفق مفهوم المال الذي سبق بيانه.

    وعلى ذلك فإن النتيجة الجرمية هي التسليم الصادر عن المجني عليه للمحتال تحت تأثير الغلط الذي أوقعه به، ثم قيام المحتال بالاستيلاء على هذا المال.

    كما يجب أن تتوافر الصلة السببية بين الخداع والتسليم، بحيث يمكن القول أنه لولا الخداع لما تم التسليم.

    وفي مجال الاحتيال عن طريق التحويلات المصرفية، فقد استخدمت الإنترنت للولوج إلى أنظمة المصارف، والقيام بتحويلات مالية من حسابات العملاء إلى حسابات الهكرة.

     فقد استطاع الهكرة الروس ارتكاب خمسمائة عملية استيلاء على مصرف روسيا المركزي خلال الفترة مابين عام 1994 إلى 1996، وقاموا بتحويل مبالغ تصل إلى مائتين وخمسين مليون روبل إلى حساباتهم الخاصة.

     وكان المدعو “فلاديمير ليفين” وهو مبرمج حاسوب عمره 29 عاما، أحد أقوى الهكرة الروس الذي اخترق شبكة حاسوب مصرف “ستي بنك” “Citibank” بولاية نيوجرسي الأميركية، واستولى على عدة ملايين باستخدام حاسوبه المحمول أثناء وجوده في روسيا،

    وبلغت قدرة هذا الهاكر أنه استطاع مراقبة التحويلات والصفقات المالية التي تتم بالمصارف، ثم قام بتحويلات مالية من حسابات عملائها إلى حسابات خاصة به سبق وأن فتحها في مصارف هولندا وفنلندا وألمانيا والولايات المتحدة،

    حيث وصلت قيمة التحويلات المالية المختلسة من قبله إلى اثني عشر مليون دولار أميركي.

    وقد ألقي القبض عليه في إنكلترا وتم تسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث صدر بحقه حكم بالسجن مدة ثلاث سنوات في عام 1998.

    وفي مثال آخر، أنه في 27 كانون الأول عام 2000 حكم قاض فيدرالي في مقاطعة كاليفورنيا بالسجن لمدة سبعة وعشرين شهراً وبمبلغ مئة ألف دولار تعويضاً للضحايا، على مجموعة من الأفراد قاموا بالاحتيال التجاري عبر الإنترنت، حيث أرسلوا أكثر من 50 مليون رسالة إلكترونية دعائية إلى الطلاب وكبار السن، طلبوا فيها الحصول على المال مقابل العمل في المنازل، وتضمنت هذه الرسائل الوعود بالعمل بالمنازل مقابل دفعات مالية، وقد أرسل معظم الضحايا المال إلى المتهمين.

     كما وضع المتهمون في رسائلهم عنوان بريد مزور لتضليل المجني عليهم، يظهر بأن الرسائل أرسلت من مزود خدمة الإنترنت Big Bear.net ، وبعد ذلك أرسل المجني عليهم الغاضبون إلى موقع مزود الخدمة المذكور أكثر من / 100.000 / رسالة إلكترونية، لاعتقادهم الخاطئ بأنه هو المسؤول عن الاحتيال، الأمر الذي أدى إلى تعطل مزود الخدمة نتيجة هذا العدد الكبير من الرسائل.

     وقد استعانت شركة Big Bear بثلاثة موظفين مؤقتين للرد على هذه الرسائل لمدة 6 أشهر.

    كما شمل قرار المحكمة التعويض على الشركة المذكورة إضافة إلى الضحايا .

    ومن أمثلة الاحتيال التجاري عبر الإنترنت أنه في 10 أيار عام 2001، أدانت هيئة المحلفين الاتحادية في مقاطعة “كولورادو” المتهم “دانیال كتلسن “Daniel Ketelsen بالاحتيال عبر الإنترنت، حيث قام “كتلسن” باستعمال اسماً كاذباً واستلام المال كثمن لقطع حاسوب عرضها للبيع من خلال موقع

    e-bay، ولكنه لم يقم بتسليم البضائع.

    وبعد استلام الكثير من الشكاوى بحق “كتلسن”، قام هذا الأخير برفع شكوى ضد شركة التأمين، زاعماً أن البضاعة سرقت من مرتبه، ولكن التحقيق الذي قام به المحققون في مؤسسة البريد الأمريكية، كشف أن “كتلسن” لا يملك أية بضاعة، وأنه كان يحاول أيضا الحصول على المال بشكل غير شرعي من شركة التأمين .

    وفي قضية أخرى، تم استدعاء أربعة متهمين إلى المحكمة بتهمة الاحتيال عبر الإنترنت في جورجيا، وذلك لقيامهم بالاحتيال عبر موقع e-bay، حيث قاموا باستخدام الموقع لبيع إطارات السيارات، وقام الزبائن بالتفاوض على السعر والدفع عن طريق تحويل الأموال عبر الإنترنت، أو عبر موقع “ويسترن يونين” western union، ولكن البضائع لم ترسل للضحايا .

     ومنذ تموز عام 2003 حتى تشرين الأول عام 2006، دفع حوالي 215 شخص للمتهمين ما يعادل 539.000 دولار ثمنا لبضائع لم يتم إرسالها .

    ولتفادي عمليات الاحتيال عند الشراء عبر الإنترنت، فإن هذه الشبكة تقدم خدمة يطلق عليها Escrow House، وهي عبارة عن مؤسسات مالية ترسل إليها النقود التي يراد شراء المنتجات بها من أي موقع إلكتروني، حيث تقوم بتجميد الأموال لديها حتى يصلها إخطار من المشتري بأنه قد تسلم المنتجات التي طلبها، وأنها مطابقة للمواصفات المطلوبة.

     عند ذلك تقوم هذه المؤسسات بتحويل الأموال إلى المواقع التي تم الشراء منها.

     وفي حال عدم وصول المنتجات التي طلبها العميل، أو كانت غير مطابقة للمواصفات، فإنه يمكن استرداد هذه الأموال .

    ومن أشكال الاحتيال عبر البريد الإلكتروني، أسلوب العروس الروسية.

     ويعرف بهذا الاسم، لأن مرتكبي هذا الأسلوب هم رجال من روسيا في أغلب الأحيان.

     ومن أشهر المحتالين في هذا المجال، رجل روسي في الأربعين من عمره، اسمه “روبرت ماك كوي” Robert Mc Coy، الذي كان يتعرف على ضحاياه، عن طريق الإعلانات الشخصية التي ينشرها عن نفسه عن طريق بعض المواقع الإلكترونية، مثل America on line.

    وقد كان “روبرت” ينتحل في رسائله الإلكترونية صفة امرأة روسية تبحث عن الحب، ويقوم بإرسال صور لعارضة جميلة إلى ضحيته.

     وتستمر هذه العلاقة لفترة من الزمن، ثم يقوم بإخبار الضحية بأن الفتاة الجميلة ترغب برؤية عشيقها، وتحتاج إلى مبلغ /1800/ دولار أميركي لتغطية مصاريف التأشيرة وتذكرة الطائرة.

    وبعد أن يتم إرسال هذا المبلغ، وفي اليوم الذي يتوقع فيه الضحية وصول الفتاة الجميلة، تصله رسالة منها تدعي فيها، أن هناك مشكلة تتعلق بالقوانين الروسية الحديثة التي لا تسمح لها بالمغادرة إلا إذا كان معها /1500/ دولار أميركي نقدة، وبعد أن يرسل الضحية هذا المبلغ.

    يتم تجاهل رسائله الإلكترونية، أو عاد إليه رسائله لأن حسابات المشتركة الروسية قد أغلقت.

     عندها يعلم أنه وقع ضحية عملية احتيال. وبعد إلقاء القبض على “ماك كوي”، اعترف بالاحتيال على أكثر من /250/ رجلا، كان معظمهم من الولايات المتحدة الأميركية، وحصل منهم على ما يزيد على مليون دولار أميركي، وقد حكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات .

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة الاحتيال عبر الشبكة لا تختلف عن جريمة الاحتيال التقليدي الجهة الركن المعنوي فهي جريمة مقصودة، ومن ثم فالركن المعنوي يتخذ فيها صورة القصد الجرمي.

    والقصد الجرمي المطلوب للاحتيال هو القصد العام فقط .

    ويذهب بعض الفقهاء إلى أن القصد الجرمي المطلوب توافره في جريمة الاحتيال، هو القصد الجرمي العام والقصد الجرمي الخاص، ووفقاً لهذا الرأي فإن مضمون القصد الخاص هو نية التملك “.

    وفي تقديرنا أن القصد الخاص لا يلزم توافره إلى جانب القصد العام لتحقق الركن المعنوي في جريمة الاحتيال، لأن نية التملك تدخل في عناصر القصد العام، الذي تتجه الإرادة فيه إلى النشاط الجرمي والنتيجة.

     فالنتيجة الجرمية في جريمة الاحتيال تتمثل في تسليم المال، ويقصد بهذا التسليم تمكين المحتال من السيطرة على المال محل التسليم سيطرة تسمح له بالاستيلاء عليه، أي أن يحوزه حيازة كاملة بعنصريها المادي والمعنوي، وهذه الحيازة هي التي تسمح للجاني أن يمارس على هذا المال مظاهر السيطرة التي ينطوي عليها حق الملكية.

    وبالتالي فلا حاجة لجعل نية التملك مستقلة ضمن القصد الخاص.

    والقصد العام يتكون من عنصرين هما: العلم والإرادة، أي العلم بجميع عناصر الركن المادي، وإرادة تتجه إلى السلوك والنتيجة الجرمية.

    فيجب أن يعلم الجاني بأنه يرتكب فعل الخداع، وأن هذا الفعل يؤدي إلى إيقاع المجني عليه في الغلط حيث يحمله على تسليم ماله.

    كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى النشاط الجرمي وهو الخداع.

    وأن تتجه إرادته أيضا إلى تحقيق النتيجة الجرمية وهي استلام المال من المجني عليه، ثم الاستيلاء عليه والظهور بمظهر المالك نية التملك”.

    ج- عقوبة الاحتيال البسيط والمشدد:

    حدد المشرع عقوبة الاحتيال البسيط عبر الشبكة بالفقرة (أ) من المادة 21 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.

    ثم شدد العقوبة في الفقرة (ب) إلى الاعتقال المؤقت، والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، في الحالات التالية:

    1- إذا وقعت الجريمة على ثلاثة أشخاص فأكثر.

    2- إذا تجاوز مبلغ الضرر مليون ليرة سورية.

     3- إذا وقع الاحتيال على مصرف أو مؤسسة مالية.

    و علة التشديد في هذه الظروف الثلاثة واضحة وهي خطورة الجاني عندما يتعدد المجني عليهم، أو عندما يكون حجم الضرر كبيرة، أو عندما يكون المجني عليه ذو صفة مصرفية.

    كما منع المشرع في الفقرة (ج) من هذه المادة المحكمة من الأخذ بالأسباب المخقفة التقديرية إلا إذا أسقط المضرور حقه الشخصي.

  • جريمة شغل اسم موقع إلكتروني

    نصت المادة 16 من قانون الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية، كل من شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه، أو حد من قدرة مالك نطاق على الإنترنت على التحكم في هذا النطاق.

    و سنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة فيما يلي:

     أ- الركن المادي:

     يتمثل النشاط الجرمي في جريمة شغل اسم موقع إلكتروني من دون علم صاحبه بانتحال شخصية موقع إلكتروني، وهو شكل من أشكال سرقة الهوية على الإنترنت.

     و يتم هذا الأسلوب عن طريق إنشاء مواقع مزيفة على شبكة الإنترنت، على غرار مواقع الشركات والمؤسسات التجارية الأصلية الموجودة على هذه الشبكة، بحيث يبدو هذا الموقع المزيف وكأنه الموقع الأصلي المقدم لتلك الخدمة.

    ويقوم الجناة عادة بالحصول على البيانات الخاصة بالموقع الأصلي وعنوانه ورقمه عن طريق الإنترنت، ثم يستخدمون هذه البيانات لإنشاء الموقع المزيف، بحيث يبدو للعيان شبيهة بالموقع الأصلي، وبعد ذلك يقومون بتعديل البيانات السابقة على الموقع الأصلي، بحيث لا يكون على الإنترنت إلا موقع واحد بنفس العنوان. وهنا تظهر النتيجة الجرمية المتمثلة بالحد من قدرة صاحب الموقع من التحكم بموقعه.

    والمشرع السوري لم يشترط لتحقيق جريمة شغل اسم موقع الكتروني أن يحصل الجاني على معلومات من المتعاملين مع هذا الموقع، بل تعتبر الجريمة قائمة متى استطاع الجاني شغل اسم هذا الموقع دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     فهذه الجريمة تعتبر إحدى صور إعاقة الوصول إلى الخدمة أو الاستفادة منها، لأنها لا تهدف للحصول على المعلومات بصورة غير شرعية.

    والحقيقة أن الحالات الواقعية والتطبيقات القضائية تشير إلى أن جريمة شغل اسم موقع إلكتروني غالبا ما ترتبط بجريمة الحصول على بيانات بطاقات الائتمان دون وجه حق.

    فبعد إنشاء الموقع المزيف، يستقبل الجناة عليه جميع المعاملات المالية والتجارية التي يقدمها عادة الموقع الأصلي لعملائه عبر شبكة الإنترنت، فيتم استقبال الرسائل الإلكترونية الخاصة بالموقع الأصلي والاطلاع عليها، ومن ثم يتم الاستيلاء على البيانات الخاصة بهم.

    ففي إحدى القضايا، تم القبض في مصر على عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص، القيامهم بتصميم مواقع تشبه مواقع بعض المصارف، ثم قيامهم بإرسال رسائل عشوائية عن طريق البريد الإلكتروني إلى عملاء حقيقين، فينخدعون ويقومون بكتابة بياناتهم ويتبعون الخطوات التي يحددها لهم المتهمون. وبعد التعرف على البيانات السرية للعملاء، خاصة كلمات المرور السرية، يتم الاستيلاء على أرصدة هؤلاء الضحايا .

    كما يمكن أن يتم انتحال الشخصية باستخدام بريد إلكتروني لخداع المتلقين، من أجل أن يتصلوا بمواقع إلكترونية مزيفة، وحملهم على إفشاء بياناتهم الشخصية والمالية، مثل أرقام بطاقات الائتمان وكلمات السر وأرقام الضمان الاجتماعي..

    والمثال على هذه العملية عندما يستلم أحد الأشخاص رسالة إلكترونية تتضمن طريقة اتصال بموقع إلكتروني (link)، فعندما ينقر المستلم على هذا الربط (link) فإنه يدخل إلى موقع مثل موقع e-bay، ولكن هذا الموقع يكون مزيفة، إلا أنه وبالتفحص الجيد يمكن أن يظهر أن عنوان الصفحة مختلف عن الموقع الحقيقي.

    ولكن الضحية لن يلاحظ هذا الفرق، وسوف يقوم بإعطاء معلومات عنه، مثل كلمة السر وعنوان البريد.

    ومن أمثلة هذا الأسلوب، أن شخص يدعى “ويليام جاكسون” استلم رسالة إلكترونية تظهر أنها من موقع paypal، وهذه الرسالة تحذره بأن حسابه سوف يغلق ما لم يجنده بمعلومات مالية محددة، وكان يوجد في هذه الرسالة ربط (link) بالموقع الذي يستطيع من خلاله تجديد هذه المعلومات.

    وقد قام “جاكسون” بإدخال أرقام بطاقة الإئتمان والحسابات المصرفية وأرقام الضمان الاجتماعي الخاصة به، ومعلومات شخصية أخرى، وانتهت هذه العملية الاحتيالية بخسارة “جاكسون” مئات الدولارات .

    كما تم تجريم الأخوين “ستيفينز” من “هيوستن” لقيامهما بتنصيب موقع إلكتروني مزيف الجيش الانقاذ Salvation Army، وقاما بجمع أكثر من 48000 دولار باسم جمعية إعصار كاترينا .

    وفي قضية أخرى، ورد بلاغ إلى إدارة جرائم الحاسوب بوزارة الداخلية المصرية عبر البريد الإلكتروني، من إحدى شركات مكافحة جرائم الاحتيال العالمية، التي تمثل قانوناً أحد البنوك البريطانية الكبرى، بوجود موقع مزيف على الإنترنت لهذا البنك البريطاني، يستخدم لخداع عملاء البنك وجمع المعلومات عنهم، والاستيلاء على أرصدتهم بطريقة احتيالية.

    ونتيجة البحث والمتابعة، تم إلقاء القبض على طالب بكلية الهندسة مقيم بالإسماعيلية، لإنشائه هذا الموقع المزيف الذي يحمل نفس مواصفات الموقع الرئيسي للبنك، وقد استطاع الطالب خداع عملاء البنك في الخارج، كما استطاع بمعاونة أشخاص مقيمين في أوربا الشرقية وروسيا تحويل بعض أرصدة العملاء، عن طريق شركات تحويل الأموال وتقسيمها فيما بينهم، وقد ارتكب هذا الطالب جريمته عن طريق مقهى إنترنت عائد لوالده في الإسماعيلية .

    ولابد من الإشارة هنا إلى أن الجريمة شغل اسم موقع إلكتروني قد تشكل حالة اجتماع جرائم مادي مع عن جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية.

    ب- الركن المعنوي :

    جريمة شغل اسم موقع إلكتروني جريمة مقصودة، تتطلب القصد الجرمي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني وأن تتجه إرادته إلى انتحال شخصية موقع إلكتروني دون علم صاحبه أو الحد من قدرة مالكه من التحكم به.

     ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة شغل اسم موقع إلكتروني بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية.

  • ماهي صور النشاط الجرمي في جرم اساءة الاًمانة؟

    النشاط الجرمي في إساءة الائتمان

    يتجسد النشاط الجرمي في إساءة الائتمان بالاستيلاء على الحيازة التامة للشيء الذي سبق تسليمه على سبيل الحيازة الناقصة بناء على وجه من وجوه الأمانة.

    وهذا الاستيلاء يتحقق بأحد الأفعال التي نصت عليها المواد 656-657، تلك الأفعال التي تكشف عن تغيير نية الفاعل من حائز حيازة ناقصة إلى حائز حيازة تامة، بأن تتجه نيته إلى ضم الشيء إلى ملكه، أو الظهور عليه بمظهر المالك.

    يتضح من ذلك أن جوهر النشاط الجرمي في إساءة الائتمان هو إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى تامة، هذه الإرادة التي يكشفها أحد الأفعال المذكورة بالنصوص السابقة.

     وعند انتفاء الاستيلاء بالمعنى السابق تنتفي إساءة الائتمان.

     وتطبيقاً لذلك لا يعد مسيئاً للائتمان من يتأخر في رد الشيء المسلم له في الوقت المحدد، أو من يهلك لديه الشيء نتيجة إهمال أو سرقة أو حادث مفاجئ كالحريق.

    فما دام الأمين لا يجحد حق ملكية المالك للشيء، ولا يدعي ملكيته له، فلا يسأل عن إساءة ائتمان إذا أخل بأي التزام أخر من التزامات عقد الأمانة.

     بيد أنه إذا ثبت بالدليل القاطع أن نية الأمين قد اتجهت إلى إضاعة الشيء على مالكه قامت الجريمة في حقه.

    ويجدر التنويه هنا إلى أن طبيعة النشاط الجرمي لا تختلف سواء كان المال قيمياً أو مثلياً، فهو دائما نشاط مادي يعبر عن إرادة تغيير الحيازة الناقصة إلى حيازة تامة، بصرف النظر عن الصورة التي يبرز من خلالها هذا النشاط.

     بيد أنه في المال القيمي، أي الذي يجب رده بالذات، فإن استيلاء الأمين عليه بأحد الأفعال المحددة في المادة 656، تقوم إساءة الائتمان في حقه إذا توفر الركن المعنوي، بدون أي شرط أخر.

     أما إذا كان المال مثلياً، أي الذي يمكن رد مثله أو نوعه، فإن إساءة الائتمان لا تقوم بمجرد الاستيلاء على هذا المال و الظهور عليه بمظهر المالك، وإنما يشترط أن ينذر المجني عليه الفاعل أولا بضرورة رد مثل ما استلمه، ثم لا يبرئ ذمته بعد الإنذار.

     وهذا ما اشترطه صراحة نص المادة 657 بعبارة ” ولم يبرئ ذمته رغم الإنذار “.

    نستخلص من ذلك أنه بدون الإنذار لا تقوم جريمة إساءة الائتمان في الأموال المثلية .

    فالنص اعتبر الإنذار ركناً في صورة إساءة الائتمان بالأشياء المثلية يتوجب على المجني عليه القيام به حتى تثبت بعده بصورة قاطعة تغيير نية الأمين من مجرد حائز حيازة ناقصة إلى حائز حيازة تامة، ومالك للمال المالي الذي سلم إليه على وجه الأمانة.

    صور النشاط الجرمي لإساءة الائتمان

    أما صور النشاط الجرمي لإساءة الائتمان التي ذكرها المشرع فهي، كما أشرنا، كتم الشيء المسلم على سبيل الأمانة أو اختلاسه أو إتلافه أو تمزيقه (المادة 656)، أو التصرف به (المادة 657).

    ونحدد فيما يلي مدلول هذه الصور .

    أولاً- الكتم :

    الكتم يعني إنكار الأمين وجود الشيء في حيازته توصلا إلى التخلص من التزامه برده و احتفاظه به لنفسه.

    فهو إذن نشاط سلبي يتمثل في جحود الأمين حق المالك للمال الذي يحوزه حيازة ناقصة.

     وإذا كان الكتم لغويا يتم عادة بالإخفاء، إلا أن هذا ليس بشرط لازم، إذ قد لا يخفيه بل يدعي ملكيته، وبالتالي فإن المعنى القانوني للكتم أوسع من معناه اللغوي. وقد يلجأ الأمين إمعاناً منه في التضليل إلى ادعاء سرقة أو ضياع المال المؤتمن عليه.

     وبناء على ذلك يستوي في قيام الكتم إنكار الحيازة للشيء أصلاً عن طريق إنكار التسليم أو العقد، أو عدم إنكارها والادعاء پملكية هذا الشيء .

     كما يستوي في قيام الكتم الادعاء كذبا برد المال أو ضياعه أو سرقته.

    ثانياً- الاختلاس

    الاختلاس يتحقق بكل فعل لا يخرج به الأمين الشيء من حيازته متى كشف عن نية تغيير الحيازة من ناقصة إلى تامة.

    فعندما يقوم الأمين، تجاه الشيء المؤتمن عليه، بفعل يدخل ضمن سلطات المالك، يعتبر مختلسة له .

    ومثال ذلك أن يتسلم الخياط من الزبون قطعة قماش ليخيطها له بنطالا فيخيطها ثوب أو قميصاً لنفسه.

    أو أن يؤتمن شخص على شيء فيعرضه للبيع، أو أن يؤتمن شخص على سند فيطالب لنفسه بالحق المثبت فيه.

     ويتفق الاختلاس مع الكتم في أن الأمين، في الحالتين، لا يخرج المال المؤتمن عليه من حيازته. ويختلف عنه بأنه لا يكتفي فيه بمجرد إنكار وجود الشيء لديه، بل هو يستعمله أو ينتفع به في صورة تكشف عن اعتباره نفسه في ذات مرکز مالكه، أو سالكاً إزاءه مسلك المالك.

    ثالثاً: الإتلاف

    من قيمته أو هو صورة من صور التصرف المادي بالشيء يتمثل بتعييب الشيء أو تغيير هيئته المادية، مما ينقص على الأقل تقل منفعته وأوجه استخدام المالك له.

    يتضح من ذلك أن جوهر النشاط الجرمي في إساءة الائتمان هو إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى تامة، هذه الإرادة التي يكشفها أحد الأفعال المذكورة بالنصوص السابقة.

    وعند انتفاء الاستيلاء بالمعنى السابق تنتفي إساءة الائتمان.

    وتطبيقا لذلك لا يعد مسيئاً للائتمان من يتأخر في رد الشيء المسلم له في الوقت المحدد، أو من يهلك لديه الشيء نتيجة إهمال أو سرقة أو حادث مفاجئ كالحريق.

     فما دام الأمين لا يجحد حق ملكية المالك للشيء، ولا يدعي ملكيته له، فلا يسأل عن إساءة ائتمان إذا أخل بأي التزام أخر من التزامات عقد الأمانة.

    بيد أنه إذا ثبت بالدليل القاطع أن نية الأمين قد اتجهت إلى إضاعة الشيء على مالكه قامت الجريمة في حقه.

    ويجدر التنويه هنا إلى أن طبيعة النشاط الجرمي لا تختلف سواء كان المال قيمياً أو مثلياً، فهو دائما نشاط مادي يعبر عن إرادة تغيير الحيازة الناقصة إلى حيازة تامة، بصرف النظر عن الصورة التي يبرز من خلالها هذا النشاط.

     بيد أنه في المال القيمي، أي الذي يجب رده بالذات، فإن استيلاء الأمين عليه بأحد الأفعال المحددة في المادة 656، تقوم إساءة الائتمان في حقه إذا توفر الركن المعنوي، بدون أي شرط أخر.

     أما إذا كان المال مثلياً، أي الذي يمكن رد مثله أو نوعه، فإن إساءة الائتمان لا تقوم بمجرد الاستيلاء على هذا المال و الظهور عليه بمظهر المالك، وإنما يشترط أن ينذر المجني عليه الفاعل أولا بضرورة رد مثل ما استلمه، ثم لا يبرئ ذمته بعد الإنذار.

    والإتلاف هو إحدى سلطات مالك الشيء، فإذا صدر عن الحائز حيازة ناقصة، فهو يجحد ملكية مالك المال ويظهر إزاء الشيء بمظهر المالك.

    ومن أمثلة الإتلاف: نزع جزء من آلة ائتمن الشخص عليها، أو محوه من لوحة ائتمن عليها لتوقيع راسمها، أو نزعه لبعض صفحات كتاب أو مخطوط ائتمن عليه.

    رابعاً – التمزيق

    هو أيضا صورة من صور التصرف المادي بالشيء يتمثل بإعدام ذاتية الشيء وفقده كيانه على نحو يفقده صلاحية تأدية المنفعة التي أعد لها، فتنعدم تبعا لذلك قيمته المالية.

     والتمزيق كالإتلاف سلوك لا يدخل إلا ضمن سلطات المالك، فإذا صدر عن حائز حيازة ناقصة فهو ينكر ملكية مالك المال، معتبراً نفسه كالمالك.

     و الواضح من خلال ترجمة عبارة التمزيق عن الأصل الفرنسي عدم دقتها.

    فالتمزيق عبارة توحي أن المحل الواقع عليه هو شيء ورقي، كسند أو مخطوط أو كتاب، فهذه الأشياء هي التي تمزق وتتمزق.

     إلا أن الترجمة الأدق للأصل الفرنسي لهذه الكلمة يعني ” تدمير أو إعدام ” للشيء سواء كان ورقيا أم لا.

    وتطبيقاً لهذا المعنى يدخل ضمن مفهوم التمزيق: أن يؤتمن شخص على سند فيمزقه، أي يجزئ مادته قطعاً صغيرة، أو يؤتمن على كتب أو مخطوطات هامة فيحرقها، أو يؤتمن على آلة فيعدمها، أو على طعام فيلتهمه، أو على حيوان فيقتله.

     

    خامساً – التصرف بالمثليات

    أشارت المادة 656 إلى هذا الفعل بقولها ” كل تصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثليات “.

    ويقصد بالتصرف بالمثليات التصرف القانوني والتصرف المادي بها .

     و التصرف القانوني يتمثل بتخويل الغير حقا عينيا على الشيء وإخراجه في الوقت ذاته من حيازة المدعى عليه.

     وتطبيقاً لذلك إذا كان الشيء من غير النقود فالتصرف القانوني به يكون ببيعه أو المقايضة عليه أو هبته.

     أما إذا كان الشيء نقوداً فالتصرف به يكون بإنفاقه أو بإقراضه.

     أما التصرف المادي فيتمثل بإفناء مادة الشيء إما باستهلاكه، كأن يكون طعاماً فيأكله، وإما بتعريضه للهلاك، كأن يكون الشيء غلالا فيصنع منها لعائلته خبزاً ويأكلوه، أو يتركها للطيور وتلتقطها.

  • النتيجة الجرمية في إساءة الائتمان

    إن النتيجة الجرمية، كعنصر من عناصر الركن المادي لإساءة الائتمان، تتمثل بالضرر الذي يترتب على النشاط الجرمي فيها. فلا بد من توافر الضرر لاكتمال عناصر الركن المادي .

    وقد أشارت المواد 656-657 إلى ضرورة حصول الضرر فيها عندما حددت إحدى عقوبتي الجريمة بأنها الغرامية التي تتراوح بين ربع قيمة الردود والعطل والضرر وبين نصفها…” (المادة 656).

     والغرامة “حتى ربع قيمة الردود والعطل والضرر… (المادة 657).

     

    والضرر في إساءة الائتمان هو الضرر بمفهومه العام، فهو في جوهره اعتداء على حق أو مصلحة يحميها القانون، سواء تمثل هذا الاعتداء في تفويت کسب أو تحقيق خسارة.

     استناداً لذلك فإن الضرر في إساءة الائتمان يجب أن يفهم بأوسع معانيه: فيستوي فيه أن يكون مادياً أو معنوياً، حقيقياً أو احتمالياً، جسيماً أو يسيراً، يصيب مالك الشيء أو غيره ممن لهم على الشيء حقوق.

     كما يستوي فيه أن يكون المتضرر شخصا طبيعية أو اعتباري، معينة أو غير معين.

     كما يستوي فيه أن يكون المدعى عليه قد حصل على كسب من فعله أم لم يحصل  والضرر المادي الذي يصيب الذمة المالية للمجني عليه يساويه الضرر المعنوي الذي يصيب السمعة والمكانة. وتطبيقاً لذلك يعتبر مسئولاً عن إساءة الائتمان العامل بشركة لتوزيع الحليب الذي يضيف ماء إليه ويسلمه للزبائن، ويحتفظ لنفسه بثمن الكمية الزائدة، لأن الشركة وإن لم يصبها ضرر مادي، باعتبار أنه يرد إليها ثمن كمية الحليب الذي تم تسليمه، فقد يصيبها ضرر معنوي يتمثل في فقدانها لثقة زبائنها إذا اكتشفوا هذا الغش .

     ولا يشترط أن يصيب المجني عليه ضرر بالفعل أو حال، بل يكفي أن يكون هذا الضرر محتملا .

     ومن أمثلة الضرر المحتمل أن يتسلم وكيل مبلغا من المال ليدفعه سدادا لرسم أو أجر لعمل فينجز ما أسند إليه بغير مقابل أو بمقابل أقل، ولكن بطريقة غير مشروعة، ثم يحتفظ بما تبقى لنفسه.

    فالضرر هنا وإن لم يكن حالا إلا أنه محتمل، فقد يتعرض الموكل مستقبلا للمطالبة بالمبلغ كله أو بالفرق، وقد يطالب فضلا عن ذلك بالتعويض.

    ويستوي في تحقق الضرر کون قيمة الشيء محل إساءة الائتمان كبيراً أو ضئيللاً.

    إضافة إلى ذلك فإنه لا عبرة بشخصية المتضرر من الجريمة، فقد يكون المالك نفسه، وهو الأصل، ولكن قد يطال الضرر أيضا الحائز حيازة ناقصة.

    فالعبرة في هذه الحالة بصفة الأمين لا بصفة المالك. فكما تصيب إساءة الائتمان بالضرر مالك المال باعتبارها تشكل اعتداء على حق الملكية، إلا أنها قد تصيب بالضرر من كانوا يحوزون المال حيازة قانونية ثم استأمنوا الفاعل عليه فأساء الأمانة.

    ومثال ذلك المودع لديه والمرتهن والوكيل إذا أجروا ما في يدهم إلى غير هم، فاختلس المستأجر المال أو تصرف به.

    فالضرر هنا يصيب هؤلاء الأشخاص فضلا عن المالك.

    وتقوم جريمة إساءة الائتمان سواء كان المتضرر شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً كشركة أو مؤسسة أو مستشفى، معيناً أو غير معين.

    وتطبيقاً لذلك فإن من يجمع تبرعات لصالح منكوبي كارثة ثم يستولي عليها لنفسه يرتكب إساءة  الائتمان بالرغم من أن الأشخاص، طبيعيين أو معنويين، الذين سوف توزع عليهم هذه المعونات لم يحددوا أو يعينوا  بعد، ذلك أنه يكفي وجود أشخاص أياً كانوا سيصيبهم الضرر من جراء فعل المدعى عليه .

    وعندما يتوفر الضرر بالصور السابقة الذكر يتوفر عنصر النتيجة الجرمية في إساءة الائتمان بصرف النظر عما إذا  حقق المدعى عليه كسب من وراء فعله أم لا.

    وما يؤكد ذلك أن المشرع قد حدد بعض صور النشاط الجرمي التي قد لا ينال الفاعل فيها أي مكسب، كصورتي الإتلاف والتمزيق .

     وتجدر الإشارة أخيرة إلى أن الضرر بمفهومه العام المشار إليه لا يتحقق في إساءة الائتمان بالنقود والأشياء المثلية بمجرد التصرف بها ما لم يترافق مع هذا التصرف إرادة الاستمرار في تغيير الحيازة من ناقصة إلى تامة، والإصرار على هذا الاستمرار.

     لذلك اشترطت المادة 657 توجيه الإنذار لرد مثل المال أو نوعه.

     بالتالي ما دام ممكناً لمستلم المال المثلي أو النقود أن يرد مثله أو نوعه في أي وقت، فإن الضرر، أي الاعتداء على الملكية، لا يظهر إلا بعد توجيه الإنذار وعدم رد مثل المال أو نوعه.

     فعبارة “عدم إبراء ذمته رغم الإنذار ” تشير إلى هذا المعني بوضوح.

    والإنذار هو إخطار يوجهه مالك المال إلى المؤتمن عليه، عن طريق الكاتب بالعدل، يطالبه به بإبراء ذمته خلال فترة معينة.

     إذن لا تتحقق النتيجة الجرمية، في إساءة الائتمان في الأشياء المثلية إلا في حالة عدم إبراء المدعى عليه ذمته بعد توجيه الإنذار إليه..

     وإبراء الذمة في الأشياء المثلية يكون بإعادة مثل المال أو نوعه، وهذا ما دعا محكمة النقض السورية إلى اعتبار ” الإنذار ركن من أركان جريمة إساءة الائتمان وليس وسيلة من وسائل إثباتها.

    فالمشرع اشترط أن يسبق الإدعاء بهذه الجريمة إنذار ليتدبر المؤتمن أمره ويبرئ ذمته بتسليم المال أو الشيء الذي أؤتمن عليه أو مثيلا له  يستخلص من ذلك أن النتيجة الجرمية في صورة إساءة الائتمان بالأشياء المثلية لا تظهر بمجرد الامتناع عن التسليم أو التصرف بالمال الذي أؤتمن عليه والذي يبقى بإمكانه إعادة منله، وإنما تتحقق بالامتناع عن إبراء الذمة بعد الإنذار .

1