الوسم: استشارات محامي

  • شرح القاعدة الفقهية: قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل – مع أملة

    شرح القاعدة الفقهية: قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل – مع أملة

    محامي

    هذه المادة أفادت أنه لا تلازم بين الأصل والفرع في الوجود ، فكانت تتمة واستثناء من القاعدة (إذا سقط الأصل سقط الفرع).

    وهذه القاعدة جاءت على خلاف الأصل، فالأصل أن التابع تابع لأصله يثبت بثبوته، ويسقط بسقوطه، وينتفي بنفيه، إلا أنها جاءت بلفظ (قد) للتقليل .

    إن هذه القاعدة تعبر عن إثبات الحقوق أمام القضاء ولا تبحث عن نشوئها في الواقع، فوجود الفرع يستلزم في الواقع وجود الأصل الذي تفرع عنه، ولكن إثبات المسؤوليات الحقوقية على الأشخاص قد تفقد وسائلها المثبتة في حق الأصل وتتوافر في حق الفرع.

     من تطبيقات هذه القاعدة:

    • لو ادعى الزوج الخلع فأنكرت المرأة بانت ولم يثبت المال الذي هو الأصل في الخلع. .

    ومنها : أنه قد يؤاخذ الكفيل – وهو الفرع – في الدين دون الأصيل الذي هو الأصل فيه فيما لو أثبت بالبينة وفاءه الدين قبل كفالة الكفيل، كأن يقول رجل: إن لفلان على فلان ديناً وأنا كفيل به فلما أنكر الأصيل المدين الدين ادعى الدائن على الكفيل بالدين فيلزم الكفيل أداؤه .

     ومنها : لو أقامت المرأة البينة على النكاح والزوج غائب يقضى بالنفقة لا بالنكاح كما هو مذهب زفر المفتى به  وذلك استحساناً لحاجتها؛ ولأن المدعى عليه قد ينكر الزوجية ولا يستطيع أن ينكر وجوب النفقة الزوجية مع إقراره بهذه الزوجية.

    ومنها : لو أوقع على إحدى زوجتيه طلاقاً مبهماً ثم ماتت إحداهما قبل البيان  تتعينالأخرى للطلاق. فلو قال : كنت عنيت بالطلاق التي ماتت، لا يعتد قوله، ولكن يحرم بسببه الميراث .

     ومنها: لو ادعى مجهول النسب على آخر أنه ابنه وبرهن، فأقام الآخر البينة على أن المدعي هو ابن فلان الآخر، تقبل في دفع بينة المدعي لا في إثبات نسبه من فلان الآخر.

     ومنها: لو أقر أحد لشخص مجهول النسب على أنه أخوه، فهذا إقرار يمس حقوق الأب لأن فيه تحميلاً للنسب على الأب، فكونه أخاً للمقر هو فرع عن بنوته لأبيه فيحتاج إلى تصديق الأب، فإذا أنكر الأب بنوته ولم يمكن إثباتها بالبينة، لا تثبت بنوته للأب ولكن تثبت أخوته من المدعي، فيؤخذ المقر بإقراره أنه أخوه، فيقاسم ذلك الشخص حصته من ميراث الأب.

  • شرح القاعدة الفقهية: تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات – مع أمثلة

    محامي

    هذه القاعدة مشابهة في مضمونها للمادة: (دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه

    ومعنى هذه القاعدة: أن السبب يقام مقام المسبب في الملك، فإذا تبدل سبب الملك اعتبر الملك نفسه متبدلاً حكماً، وأنيط بتبدل السبب من الأحكام كل ما يناط بتبدل الملك نفسه منها.

    والأصل في هذه القاعدة حديث بريرة معتقة السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً على بريرة فقدمت إليه تمراً وكان القدر يغلي باللحم، فقال عليه الصلاة والسلام: «ألا تجعلين لي نصيباً من اللحم؟»، فقالت: يا رسول الله إنه لحم تُصدق به علي، فقال عليه الصلاة والسلام: «لك صدقة ولنا هدية» [رواه الخمسة من دون الترمذي]، فعلم أن تبدل الملك يعني تبدلاً في العين .

    من فروع هذه القاعدة : لو وهب لغيره العين الموهوبة له ثم عادت إليه بسبب جديد بأن باعها ثم اشتراها أو تُصُدِّق بها عليه، فأراد الواهب أن يرجع بهبته لا يملك ذلك، وهذه حيلة يتخذها الموهوب لهم عادة لمنع الواهبين من استرداد هباتهم . .

    ومنها: أن تبدل الصك أو السند بمنزلة تبدل السبب، فلو أقر رجل لآخر بألف على أنه قرض ثم أقر له نفسه بألف على أنه ثمن مبيع يلزمه ألفان .

     تنبيه : إن نظرية التطهير في الفقه القانوني وفي القانون الفرنسي على وجه الخصوص تشبه هذه القاعدة وتقاربها في الفكرة فيعتبر بمقتضى هذه النظرية أن تملك العين بسبب فيه علنية وحسن نية كشرائها بالمزاد العلني أو من محل تجاري معروضة فيه يحررها من كل حق عيني كان لأحد عليها فينبغي لصاحب الحق العيني ملاحقة المسؤول عن تمليكها بالتعويض.

  • نموذج لائحة استئناف على حكم إلزام بأجرة مطعم

    نموذج لائحة استئناف على حكم إلزام بأجرة مطعم

    محامي

    لائحة استئناف على حكم إلزام بأجرة مطعم

    فضيلة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف……………. حفظهم الله

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛

    استئناف

    مقدمة من/ شركة…………. (مدعي عليه – مستأنف)

    ضد/…………………….( مدعية )

    الموضوع

    بموجب هذه اللائحة يستأنف المدعى عليه الحكم الصادر بموجب الصك رقم (…….) وتاريخ .. ..الصادر من الدائرة القضائية ……. بالمحكمة.. . والذي قضى فيه فضيلة ناظر الدعوى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ وقدره ………. وفقًا لما هو موضح من أسباب الحكم وحيث أن الحكم لم يلق قبول المدعى عليه مما دفعه لتقديم هذه الاستئناف للأسباب الآتية:

    أسباب الاستئناف:

    بداية نوضح أن هناك خطأ في حساب الأجرة بالحكم ومخالف لتحرير دعوى المدعي ولا نعلم المبلغ (…….) المحكوم به کیف تم إحتسابه حيث أن المدعي يطالب بقيمة …….. وفقًا لتحرير دعواه لكونه يطالب بأجرة …….. المتبقي مـن عـام ١٤٣٩ ومبلغ (….) عن الأجرة الحالة حتى عام ١٤٤٠هـ وأن فضيلـة ناظر الدعوى قام بحساب الأجرة عن عام ١٤٣٨ هـ بدون مسوغ – أي سنه سابقة على عقد الإيجار – وهـذا للإشارة فقط ونؤكد على عدم. صحة الحكم جملةً وتفصيلاً لعدم استحقاق الأجرة ونوضح أسباب الاستئناف في التالي:

    انتهى حكم ناظر الدعوى تأسيسا على وجود عقد اتفاق وأن الأصل تسليم العقار وفقًا لمـا قـرر ناظر الدعوى ووجود عقد مبايعة مع….. و في ذلك نوضح أن فضيلته لم يجري المقرر شرعًا في الدعوى للأسباب الأتية:

    أولاً : وجوب إدخال من تدعي ……… سجل رقـم (…… ) ووكيلها المدعو………… خصوم في الدعوى وفقاً للنظام:

    أن فضيلة ناظر الدعوى لم يقم بما هو واجب نظامي في الدعوى لإظهار الحق فيها بإدخال بائع المطعم السابق خصما في الدعوى لإظهار الحقيقة فيما يتعلق ببقائه في العقار وتوقيع عقد شراكة على المحل موضوع طلب الأجرة مع من يدعى …… وهـو أمر لازم لبيان وجه الحق في الدعوي وتأسيسا على نص المادة ٨٠ مـن نظام المرافعات الشرعية التي نصت على أن للمحكمة – من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم – أن تأمر بإدخال من كان في إدخاله مصلحة للعدالة أو إظهار للحقيقة، وتعين المحكمة موعدًا لا يتجاوز خمسة عشر يوما لحضور من تأمر بإدخاله ومن يطلب من الخصوم إدخاله، وفقًا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.

    ثانيا : عدم أخذ الإيجاب الشرعي في الدعوى

    أن فضيلة ناظر الدعوى لم يجري الإيجاب الشرعي على دفع المدعى عليه بفوات المنفعة نظرا لعدم تسليم العقار وأيضًا على دفعه مبلغ (….) من الأجرة شرعًا:

    1- أن فضيلة ناظر الدعوى لم يجري الإيجاب الشرعي على دفع فوات المنفعة شرعًا بعدم تسليم العين محل الأجرة وفقا لقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر فلم يطلب ناظر الدعوى البينـة مـن المدعي عليها على إثبات الدفع أو يمين المدعية أصالة لكون ذلك لازم شرعًا، فضلاً أن ما قرره ناظر الدعوى أن الأصل تسليم العقار فلا يقضى به منفردًا شرعًا لأن الأصل يكون بعد الإيجاب بطلب البينة على الدفع وإذا لم يستطع الخصم الإثبات يقضي بالأصل مع اليمين واليمين تكون واجبة إلا لو لم يرغب فيهـا المدعى عليه وعليـه أن الدعوى لم يجري فيها الإيجاب الشرعي حتى الآن.

    ٢- أن فضيلة ناظر الدعوى لم يجري الإيجاب الشرعي على تسليم من يدعى …….. للمدعية مبلغ (……) مـن الأجرة المطالب بها وفقًا لقاعدة البينة على من ادعى واليمين على من أنكر لكون ذلك لازم ومهم أيضًا لعدة أسباب أولهما استلام المدعية من المذكور يُعد رضا على بقائه في العقار وتمديدا لعقده وأيضًا يدل على استمراره في العقار بعلمها وهو يتناقض مع العقد الحالي ويُثبت فسخه شرعًا وثانيهما يُثبـت عـدم تسليم العين المستأجرة.

    3- أن فضيلة ناظر الدعوى لم يطلب عقد الإيجار بين المدعيـة ومـع مـن تدعو ….) لكون مناقشـة العقـد واستمراره أمر لازم في الدعوى لكون الأصل شرعًا أن المشغول لا يُشغل وبقاء العقد المذكور من عدمه يلغي عقد المدعى عليها شرعًا وفقًا للقاعدة سالفة الذكر وهو أمر لازم شرعًا وتأسيسا على كون بقاء المستأجرة السابقة كان بسبب شرعي وهو عقد إيجار وهو ما يثبت أيضًا لزوم إدخالها خصما في الدعوى لمناقشة دعواها ومدى استمرارها بالعقار بالعقد من عدمه.

    ثالثًا : اللبس في الاستدلال:

    أن ما انتهى إليه ناظر الدعوى بوجود عقد مع ……. وبقاء العقد وعدم المطالبة بالفسخ كسبب للحكم نوضح في ذلك أن فضيلته قد شابه اللبس في الاستدلال والعوار للأسباب الآتية:

    1- أن وجود عقد شراء للمطعم غير منتج في الدعوى ولا يكون بأي حال من الأحوال. سبب لقضاء ناظر الدعوي؛ لأن عقد تقبيل المطعم عقد مستقل عن الإيجار وأن مالك العقار ليس طرفًا فيـه وهـو بذاته تمسك بذلك أمام ناظر الدعوى وقرر بأن ما بين المدعية ومن تدعو ……. شيء لا يخصه فإذا كان الأمر كذلـك فـلا يكون عقد التقبيل حجة على المدعى عليه في عقد الايجار ويبقى التزام مالك العقار بتسليم العين المستأجرة قائما على كل حال مستقلاً عن الالتزام الذي بين المدعى عليه و (……) وبقاء .(……) في العقار مسقط للأجرة في مواجهة المدعي عليه وفقًا لتمسك مالك العقار بنفسه أن عقد الأجرة مستقل وعليه أن قصارى الأمر طالما أن المدعيـة دفعـت بـأنـه ليـس لهـا شـأن بعقد تقبيل المطعـم وليسـت لـهـا علاقـة بـه فيبقي التزامهـا قـائمـاً بتسلم العين المستأجرة لكون ذلك التزام أصيل عليها شرعاً وأيضًا ليس للمدعى عليها شأن بعـدم خـروج (….) مـن المطعم لكون ذلك التزام على المدعي بموجب عقد الايجار.

    ٢- أن ما انتهى إليه ناظر الدعوى بعدم المطالبة بالفسخ طول هذه المدة كسبب للحكم نوضح أن فضيلته في ذلك حاد عن جادة الصواب لعدة أسباب أهمها أن المعقود عليه المنافع وعدم استحقاق الأجرة يتحقق بعدم قبض المنفعة سواء طلب الفسخ من عدمه وهو دفع أصيل لا يمكن للمحكمة الاستدلال بعـد المطالبة بالفسخ كقرينة مطلقًا، فضلاً أن العقد لم يُنفذ من الأساس حتى تطلب المدعية فسخه لاستحالة استيفاء المنفعة نظرا لوجود مستأجرة أخرى في العقار والأصل شرعًا أن العقود تُعد باطله إذا وقعت على مشغول وفقًا لقاعدة المشغول لا يشغل شرعًا كما سبق أن قررنا.

    ۳- وجود عقد مشاركة على العقار مع آخر: أن فضيلة ناظر الدعوى لم يأخذ في الاعتبار بقـاء (……) في العقــار لإثبات عدم قبض المنفعة وتسليم العين حيث أن من يُدعى (……) باشر عقد شراكة مع من يُدعى…….. (مرفق صورة العقد) حيث قام المذكور بالاستمرار بالانتفاع بالعين وفقًا لعقده السابق وإبرام الشراكة، وعليه فهو يثبت عدم تسليم العين ويُثبت أيضًا ضرورة إدخال ……. خصم في الدعوى لأخذ الإيجاب الشرعي في مواجهته.

    بناء على ذلك:

    أطلب من فضيلتكم : نقض الحكم للأسباب الواردة بعاليه أو للأسباب التي ترونها وتوجيه الدائرة الموقرة بإعادة النظر في الحكم.

    حفظكم الله وسدد خطاكم في القول والعمل ؛؛؛

    مقدمه

  • شرح القاعدة الفقهية: لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه

    شرح القاعدة الفقهية: لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه

    محامي عربي

    لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه

    هذه المادة مأخوذة من الدر حيث جاء: لا يجوز لأحد التصرف في ملك الغير بلا إذنه ولا ولايته ، وعدم الجواز المعبر به في هذه القاعدة يفسر بمعنيين : ففي حالة التصرف الفعلي يفسر بمعنى المنع الموجب للضمان ، وفي حالة التصرف القولي يفسر بمعنى عدم النفاذ والتصرف الفعلي يكون إما غصباً بوضع اليد، أو استهلاكاً بإحداث فعل ذي أثر، أو إتلافاً، أما التصرف القولي فيكون بطريق التعاقد ، والإذن قد يكون صريحاً وقد يكون دلالةً ، ويرجح حذف الضمير في (بلا إذنه) ليشمل إذن الشرع. .

    فإن كان التصرف الفعلي بطريق الغصب أو الاستهلاك وقد تقدمه إذن سابق يصح، لأن الإذن السابق توكيل، أما في الإتلاف فهو مضمون في كل حال سواء أجازه المالك أو لا ؛ لأن الإجازة لا تلحق الإتلاف. أما التصرف القولي في ملك الغير كبيع الفضولي وهبته وإجارته وغير ذلك إذا لحقته إجازة المالك بشروطها – وهي بقاء المالك والعين المتصرف فيها والمتعاقدين وقيام الثمن لو كان غير نقد وبقاء المدة في الإجارة – فيلزم .

    وقد عرف الفقهاء الملك بأنه اختصاص حاجز شرعاً يباح معه التصرف إلا لمانع، وفي ذلك حرص من الشرع على حق الملكية.

    والوقف كملك الغير وإذن المتولي كإذن المالك.

    إذا تصرف زوج في مال زوجته حال حياتها ثم اختلف مع ورثتها بعد موتها فادعى أنه كان بإذنها وأنكر الورثة فالقول للزوج .

    لو قضى الوصي ديناً بغير أمر القاضي، فلما كبر اليتيم أنكر الدين على أبيه ضمن وصيه ما دفعه لو لم يجد بينة، لأنه أقر الضمان بسبب وهو الدفع لأجنبي، فيضمن كل ما دفعه لوقوعه بغير حجة . .

    وهذه القاعدة ليست على إطلاقها، ولكنها مقيدة بالإنسان العاقل البالغ الذي يملك التصرف في ماله، فإذا كان قاصراً أو محجوراً عليه لم يكن لإذنه أي اعتبار، بل الإذن هنا للشارع مباشرة الذي أذن للولي والوصي في هذه الأحوال بالتصرف عن فاقدي وقاصري الأهلية دون التوقف على إذنهم، وتصرفهما نافذ منذ صدوره شرط أن يكون منوطاً بمصلحتهم .

    ومما يستثنى من هذه القاعدة أنه يجوز للولد والوالد شراء ما يحتاج إليه الأب أو الابن المريض بلا إذنه لمداواته وإطعامه، ولا يجوز في المتاع؛ لأن الإذن بالمداواة والإطعام ثابت عادة فصار بمنزلة الإذن الصريح. .

    ومنها : أنه يجوز أن ينفق الورثة الكبار على الصغار الذين لا وصي لهم، ولا يضمن المنفقون ديانة ، وقضاء فهم متطوعون .

     ومنها : لو أنفق بعض أهل المحلة على مسجد لا متولّ له من غلته كحصير ونحوه فإنه يجوز.

    ويستثنى أيضاً في حالات الضرورة التي يباح معها التصرف بمال الغير دون إذنه كبيع القاضي مال المدين بدين مستغرق جبراً عنه لضرورة وفاء حق الدائنين، وكذا استملاك الأرض جبراً عن مالكها لحاجة توسيع طريق ضاق بالمارة . . . .

     ويترتب على عدم جواز التصرف بملك الغير بلا إذنه أمران :

    ۱ – الإثم الأخروي عند الله تعالى،

    ۲ – المحاسبة الدنيوية بترتيب الضمان على هذا التصرف .

  • شرح القاعدة الفقهية: الضرورات تقدر بقدرها – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: الضرورات تقدر بقدرها – مع أمثلة

    الضرورات تقدر بقدرها

    الضرورات تقدر بقدرها

     

    الضرورة هي الحالة الملجئة لتناول الممنوع شرعاً، ولا يجوز استباحة المحظور أكثر مما تزول به الضرورة ،حيدر]، فإذا اضطر انسان لمحظور فليس له أن يتوسع فيه بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة ، وقد سبق هذا المعنى عند الكلام عن القاعدة السابقة التي تعتبر مقيدة بهذه القاعدة.

     يتفرع على هذه القاعدة أن شهادة النساء وحدهن تقبل في الأمور التي لا يمكن اطلاع الرجال عليها وذلك بسبب الضرورة، ولكن لا تقبل شهادتهن فقط دون أن يكون معهن أحد من الرجال في المحال التي يمكن اطلاع الرجال عليها ؛ لأن ما جاز للضرورة يقدر بقدرها .

     ويتفرع أيضاً أن الكذب يباح لإحياء حق أو لدفع ظلم، كالصغيرة تبلغ في جوف الليل فإذا أصبحت تختار نفسها من الزوج وتقول: رأيت الدم الآن.

    وأيضاً إذا مرضت امرأة مرضاً يجيز لها كشف عورتها للطبيب لم يجز لها أن تكشف من عورتها له ما لا ضرورة في كشفه، كما لا يجوز لها كشف عورتها لطبيب مع وجود طبيبة تغني عنه .

    وقد فرّع الشافعية على هذه القاعدة أن المجنون لا يجوز تزويجه أكثر من واحدة لاندفاع الحاجة بها، ولم يُرَ لمشايخ الحنفية مثل ذلك.

  • أهم 50 سؤالاً في القضايا الجنائية في السعودية

    أهم 50 سؤالاً في القضايا الجنائية في السعودية

    محامي عربي

    1 – ما هي الأنظمة المرتبطة بالقضايا الجنائية ؟

    الأنظمة المرتبطة بالقضايا الجنائية :

    نظام الإجراءات الجزائية

    نظام المرافعات الشرعية

    نظام السجن والتوقيف

    الأنظمة المرتبطة بجرائم محددة مثل :

    نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ونظام مكافحة الرشوة ونظام مكافحة الإرهاب وتمويله وغيرها.

    2 – من الذي يتولى مباشرة القضايا الجنائية ؟

    تتولى مباشرة القضايا الجنائية جهات الضبط بناء على شكوى المتضرر ، وهذا بخلاف الأصل ، إذ أن الأصل هو مباشرة صاحب الحق المطالبة بحقه.

    3-لماذا لا يقوم المتضرر برفع الدعوى الجزائية أمام المحاكم بشكل مباشر ؟

    تتولى مراكز الشرط عملية الضبط في القضايا الجنائية وتتولى النيابة العامة التحقيق فيها لأن الدعوى الجزائية بطبيعتها تنطوي في مآلاتها على أحكام بالسجن والغرامات، وبالتالي فكان من الأولى نظراً لحساسيتها – ألا يباشر التحقيق فيها وتقدير أدلتها إلا مختص ، إضافة لوجود احتمال قائم بوجود حق عام يجب رفعه جنباً إلى جنب مع الدعوى الخاصة.

    4 ما هي أساليب ضبط الجريمة ؟

    أساليب ضبط الجريمة هي :

    التلبس : هو مشاهدة رجل الضبط الجنائي أحد الأشخاص أثناء ارتكاب جريمة ما أو بعد ارتكابها بوقت قصير مع ظهور دلائل على قيامه بها.

    البلاغ : هو ما يبلغه الشخص لجهات الضبط مما رآه من مخالفات لم يتضرر منها شخصياً.

    الشكوى : هي ما يقدمه الشخص لجهات الضبط مشتكيا من ضرر وقع عليه شخصياً.

    وحدة الرصد النيابي : هي وحدة في النيابة العامة تتولى مهمة تحريك الدعوى الجنائية عبر جهات الضبط من واقع ما ترصده من مخالفات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر ما يردها من معلومات.

    البلاغات الوزارية : هي ما يختص بضبطها أفراد التفتيش التابعين لوزارة ما بمساندة رجال الضبط الجنائي كجريمة التستر التجاري والغش التجاري وغيرها.

    5 -في الإساءات الالكترونية، ما الفرق في حال كان الحساب المعتدي بمعرف حقيقي أو وهمي؟

    دائماً ما تبدأ الشكوى الجنائية عن طريق مراكز الشرط أو الوسائل الالكترونية التي خصصتها وزارة الداخلية ، ومراكز الشرط ملزمة بقبول الشكاوى سواء ضد متهم معلوم أو مجهول ، لكن الفرق هو أن الشكوى ضد متهم مجهول تأخذ وقتاً أطول للتوصل للجاني عن طريق إدارة البحث الجنائي والأدلة الجنائية الالكترونية.

    6 ماهي حقوق الموقوف الواجب تبليغه بها وكيف يتم ذلك ؟

    حقوق الموقوف الواجب تبليغه بها :

    تبليغه بأسباب القبض عليه

    تبليغه بحقه بالاتصال بمن يشاء

    تبليغه بحقه في الاستعانة بمحامي

    ويجب أن يثبت ذلك في محضر يوقع عليه المتهم.

    7- ما الفرق بين المشتبه به والمتهم والمدعى عليه والمدان ؟

    المشتبه به : هو ما كان في قبضة رجال الضبط الجنائي.

    المتهم : هو ما تم توجيه الاتهام إليه من قبل النيابة العامة.

    المدعى عليه : هو ما تم تحويله للمحكمة المختصة.

    المدان : هو ما صدر بحقه حكم نهائي بثبوت الإدانة.

    8- ما هي الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف وبماذا تتميز؟

    الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف : هي الجرائم الواردة في قرار النائب العام رقم 1 وتاريخ 1442/1/1هـ والتي توجب على رجل الضبط الجنائي التحفظ على المقبوض عليه وعدم الإفراج عنه حتى تحويله للمحكمة المختصة.

    9- ما الفرق بين الاستيقاف والإيقاف والإيداع ؟

    الاستيقاف : هو إجراء يقوم به رجل الضبط الجنائي بإيقاف شخص وضع نفسه موضع اشتباه لغرض التثبت من وضعه.

    الإيقاف : هو إجراء من إجراءات التحقيق يقوم به المحقق وينفذه رجال الضبط الجنائي. الإيداع : هو عملية ضبط المشتبه به وإيداعه التوقيف من قبل رجال الضبط الجنائي ويتميز بأن أقصى مدة له هي 24 ساعة يتم خلالها إبلاغ النيابة العامة بالحالة.

    10- ما الفرق بين سماع الأقوال والتحقيق ؟

    سماع الأقوال : هو إجراء أولي يقوم به رجال الضبط الجنائي بغرض أخذ إفادة أطراف القضية عما هو منسوب إليهم أو ما يدعوه دون تمحيص الأقوال.

    التحقيق : هو إجراء يقوم به عضو النيابة العامة بغرض تحليل إفادات أطراف القضية ومواجهتهم وتمحيص أقوالهم

    لمحاولة الوصول للحقيقة.

    11- ما هي صلاحيات النيابة في التوقيف وتمديد التوقيف ؟

    صلاحيات النيابة في التوقيف تكون كالآتي :

    صلاحية المحقق 5 أيام على ذمة التحقيق.

    صلاحية رئيس الدائرة أو الفرع 40 يوم على ذمة التحقيق.

    صلاحية النائب العام 180 يوم على ذمة التحقيق.

    في حال كان هناك حاجة لتمديد التوقيف فيجب استئذان المحكمة المختصة.

    12- هل يجوز إيقاف المتهم في غير الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف ؟

    لا يجوز توقيف المتهم في غير الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف إلا في الحالات الآنية : عدم حضور المتهم رغم تبليغه بالحضور ودون عذر مقبول.

    إذا خُشي هروب المتهم.

    إذا كانت الجريمة في حالة تلبس.

    إذا لم يكن للمتهم محل إقامة ثابت ومعروف.

    13- ما هي طرق رفع الشكوى للموقوف الذي سُلبت بعض حقوقه ؟

    طريقة رفع الشكوى للموقوف الذي سُلبت بعض حقوقه تكون عن طريق خدمة التبليغ عن التوقيف غير النظامي عبر منصة أبشر.

    14- ما مدى سلطة أعضاء النيابة على جهات الضبط ؟

    للنيابة العامة سلطة إشرافية على جهات الضبط، ولها الطلب من الجهة المختصة النظر في أي مخالفة تقع من رجل الضبط الجنائي، ولها أن تطلب رفع الدعوى التأديبية عليه.

    15- هل يحق للمحامي الترافع في قضية وهو يعلم أن موكله مذنب فيها ؟

    لا مانع من أن يقبل المحامي الترافع في قضية يعلم أن موكله مذنب فيها ( شريطة أن يكون قبوله بهدف ضمان حقوق موكله ومحاكمته محاكمة عادلة دون الدفاع عن جرمه ).

    16- ما هو التحقيق الجنائي ؟ وما الهدف منه ؟

    التحقيق الجنائي :

    هو مجموعة الإجراءات التي يستعين بها المحقق للوصول للحقيقة.

    الهدف من التحقيق الجنائي :

    تقدير قيمة الأدلة التي تم العثور عليها.

    تقدير مدى لزوم المحاكمة من عدمها.

    تقديم المتهمين للمحاكمة.

    17- ما هي أهم إجراءات التحقيق الجنائي ؟

    تتمثل أهم إجراءات التحقيق الجنائي في الآتي :

    جمع الأدلة ) بواسطة المعاينة والاستجواب والتفتيش )

    اتخاذ الإجراءات الاحتياطية ( من أهمها التوقيف على ذمة التحقيق والمنع من السفر )

    تحديد الوصف الجرمي وتوجيه الاتهام للجناة.

    18- هل التحقيق إلزامي ؟

    يكون التحقيق إلزامياً في الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف ، وفيما عدا ذلك يستطيع المحقق الاكتفاء بمحضر – سماع الأقوال.

    19- ما طبيعة مشاركة وكيل المتهم في التحقيق ؟

    لا يحق للمحقق فصل المتهم عن وكيله أثناء التحقيق.

    ولا يجوز لوكيل المتهم المشاركة في الإجابة على أسئلة المحقق إلا بإذن المحقق.

    20 – ما تفاصيل التوقيف الإنفرادي ؟

    يحق للمحقق أن يأمر بعزل المتهم عن بقية الموقوفين وألا يزوره احد لمدة لا تزيد عن 60 يوماً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، دون الإخلال بحقه في الاتصال بوكيله.

    21- ما الفرق بين تحريك الدعوى ومباشرة الدعوى ؟

    تحريك الدعوى : هو البدء بتسيير إجراءات الدعوى عن طريق توجيه الاتهام ورفعه إلى المحكمة المختصة.

    بينما ..

    مباشرة الدعوى : هي تمثيل عضو النيابة للحق العام أمام المحكمة المختصة.

    22- ما هي شروط التفتيش ؟

    نظراً لما ينطوي على تفتيش المساكن وغيرها من حساسية بالغة فقد وضع المنظم شروطاً لمباشرة تفتيش

    المساكن من أهمها :

    أن يتم التفتيش من قبل المحقق أو من يندبه ( ويجوز استثناءً لرجال الضبط في حال التلبس)

    أن يكون التفتيش بشأن جريمة وقعت

    أن تكون الجريمة على قدر من الجسامة يبرر الأمر بالتفتيش

    توفر أدلة جدية على توجيه الاتهام لشخص معين

    حضور المتهم أو من ينيبه

    أن يكون تفتيش الأنثى من قبل أنثى

    أن يكون التفتيش خلال ساعات النهار

    23- هل يجوز تفتيش الجوالات ؟

    لا يحق لرجال الضبط الجنائي تفتيش الجوالات الشخصية – حتى في حالات التلبس – وأقصى ما يمكن فعله هو تحريز الجوال وتسليمه للنيابة العامة ، أما عضو النيابة العامة فيحق له تفتيش الجوال إن كان متعلقاً بالجريمة، ويكون التفتيش مسبباً.

    24- ما هي ضوابط الإيقاف والتحقيق مع الفتيات والأحداث ؟

    بالنسبة لإيقاف الأحداث :

    فلا يكون إلا في أماكن مستقلة تابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

    وبالنسبة للتحقيق مع الفتيات والأحداث :

    فيكون التحقيق مع الفتيات بواسطة امرأة أو أحد محارمها – ما أمكن ذلك – وإلا بما يمنع الخلوة. ويكون التحقيق مع الحدث (ذكر أو أنثى) بحضور ولي الأمر أو من يقوم مقامه.

    25 -هل تجوز مراقبة المكالمات والمحادثات ؟

    تجوز مراقبة المكالمات والمحادثات بشروط معينة من أهمها :

    أن تكون الجريمة من الجرائم الواجب التحقيق فيها كالجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف.

    أن يصدر بذلك أمر مسبب من النائب العام.

    أن تكون المراقبة لمدة 10 أيام بحد أقصى قابلة للتمديد.

    26- ما الفرق بين حفظ الأوراق وحفظ الدعوى ؟

    حفظ الأوراق : قرار إداري تتخذه النيابة العامة قبل البدء بإجراءات التحقيق.

    حفظ الدعوى : قرار إداري تتخذه النيابة العامة بعد الانتهاء من إجراءات التحقيق.

    27- متى يكون حفظ أوراق القضية أو حفظ الدعوى ؟

    يكون حفظ أوراق القضية أو حفظ الدعوى لأسباب عدة من أهمها :

    أن يكون الفعل لا يشكل جريمة أصلاً.

    أن يكون الضرر الناتج عن الجريمة طفيفاً.

    أن يكون الفعل خاضعاً لأحد أسباب الإباحة.

    أن يكون الفعل خاضعا لمبدأ الملائمة أن يكون ضرر الملاحقة القضائية أعظم من عدم الاستمرار فيها).

    إذا كان من شأن المحاكمة استفحال الخطر وزيادة العداوات على نحو يهدد بارتكاب جرائم جديدة. إذا كان الفعل الجرمي ناتجا عن إهمال أحد الأبوين ولم يتأذى أحد غير أفراد الأسرة.

    التخالص في الجرائم المالية.

    28- ما الفرق بين الصحيفة واللائحة والمذكرة ؟

    صحيفة الدعوى : تبدأ بها الدعوى ويقدمها صاحب الحق الخاص.

    لائحة الاتهام : تبدأ بها الدعوى ويقدمها المدعي العام.

    المذكرات : هي ما يتم تبادلها بين الخصوم والدائرة قبل النطق بالحكم. لائحة اعتراضية أو استئنافية : هي ما يتم تقديمه بعد النطق بالحكم.

    29- هل يمكن هدم القضية قبل البدء فيها ؟

    يمكن هدم القضية قبل النظر في موضوعها عند ملاحظة الآتي :

    إذا أثير دفع من الدفوع الشكلية كانعدام الصفة أو عدم الاختصاص النوعي أو الولائي أو المكاني.

    إذا أكتشف خلل عند تفحص وضع وكيل الخصم إذا لم يكن محامياً هل تعدى استلام 3 قضايا لغير الأقرباء ؟ إذا كان محامي هل وكالته سارية ؟ هل مضى على إنشائها أكثر من 5 سنوات ؟ هل كان وكيل لموكلك سابقاً ؟)

    إذا أكثشف فوات أحد المواعيد المنصوص عليها نظاماً ( كفوات ميعاد صرف الشيك والسند لأمر )

    30 – ما هي أهم الأمور التي يجب ملاحظتها عند استلام قضية جنائية ؟

    عند استلام قضية جنائية للترافع فيها يجب التدقيق في الآتي :

    بيانات أطراف القضية

    تاريخ العلاقة بين المدعي والمدعى عليه

    توصيف الشكوى

    سبب الشكوى

    محضر سماع الأقوال

    قرار تمديد التوقيف أو الكفالات الحضورية

    التقارير المخبرية والمعملية

    أي معلومات أدلى بها المتهم لدى جهة الضبط أو التحقيق

    التحقق من وجود جريمة أصلاً

    التحقق من نسبة الجريمة للمتهم

    التحقق من أهلية المتهم لارتكاب ما نُسب إليه

    31- ما الفرق بين عدم الاختصاص المكاني وعدم الاختصاص النوعي وعدم الاختصاص الولائي ؟

    عدم الاختصاص المكاني : يكون عندما يرفع المدعي دعواه في غير مكان إقامة المدعى عليه.

    عدم الاختصاص النوعي : يكون عند رفع الدعوى في محكمة بينما هي من اختصاص محكمة أخرى تابعة لنفس الجهة ( كأن يرفع دعواه في المحكمة الجزائية وهي من اختصاص المحكمة العامة ).

    عدم الاختصاص الولائي : يكون عند رفع الدعوى في محكمة بينما هي من اختصاص محكمة أخرى ليست تابعة لنفس الجهة ( كأن يرفع دعواه في المحكمة الجزائية وهي من اختصاص ديوان المظالم ).

    32- ما هي أركان الجريمة وكيف نثبتها ؟

    تنقسم أركان الجريمة إلى ثلاثة أركان :

    الركن الشرعي: ويعني أن هذه الجريمة مصنفة نظاما أنها فعل محظور ارتكابه أو الامتناع عنه الركن المعنوي : ويُختصر في عنصرين :

    ركن العلم : ويعني أن المتهم قد علم بأن ما ارتكبه يعد فعلا فعلاً مجرما نظاماً.

    ركن الإرادة : ويعني أن المتهم قد ارتكب جريمته بكامل وعيه وإرادته ولم تشب إرادته شائبة.

    الركن المادي : وهو الفعل الظاهر في الجريمة سواء كان فعلا مادياً أو لفظاً أو تصرفاً.

    33- ما الفرق بين محاولة إثبات التهمة ومحاولة نفي التهمة ؟

    يحتاج إثبات التهمة لتوفر كافة عناصر الركن الشرعي والمعنوي والمادي، بينما يكفي لنفي التهمة هدم أحد أركان القضية سواء كان الركن الشرعي أو المعنوي أو المادي.

    34- ما الفرق بين جرائم الحدود والتعزير المرسل والتعزير المنظم ؟

    جرائم الحدود : هي الجرائم التي ورد فيها حد شرعي منصوص عليه في الكتاب أو السنة.

    جرائم التعزير المرسل : هي الجرائم التي لم يرد بها تنظيم لتقدير العقوبة وإنما تُرك المجال فيها لتقدير القاضي.

    جرائم التعزير المنظم : هي الجرائم التي ورد بها تنظيم لتقدير العقوبة مثل الجرائم الالكترونية وجرائم غسيل الأموال.

    35- ما الأفضل للمتضرر ؟ طلب التعزير أم طلب التعويض ؟ وهل يجوز الجمع بينهما ؟

    يخضع تقدير طريقة استيفاء المتضرر لحقه لتقديره هو ، ولكن في المجمل فإن طلب التعويض يكون مناسباً في حال كان التعويض مجزياً ، وفي حال كان التعويض غير مجز فإن التعزير أولى خصوصاً لو تمادى الجاني وكان بحاجة للتأديب حتى لا يعود لفعله ، علما أن القضاة لا يجمعون بين التعزير والتعويض.

    36- ما هو أثر الاعتراف في مرحلة التحقيق أثناء جلسات المحاكمة ؟

    يكون الاعتراف أثناء التحقيق منتجا لآثاره في حال تصديق المتهم على أقواله ، ويُعمل بهذا الاعتراف قضاءً حتى لو تراجع المتهم عن اعترافه أثناء المحاكمة ، مع ضرورة التنبه على أن هذا ينطبق على التعازير دون الحدود.

    37- كثيراً ما يحصل خلط بين قضايا المطالبات المالية وقضايا النصب والاحتيال ، فما الفرق بينهما؟!

    قضايا المطالبات المالية :

    هي أي مطالبة مالية لا تشوبها شبهة استغفال أو احتيال وإنما كان سبب عدم الوفاء بها هو عدم القدرة أو رفض الوفاء أو الإنكار أو غيرها من الأسباب.

    تقديم الشكوى : يكون عن طريق المحكمة العامة.

    قضايا النصب والاحتيال :

    هي المطالبات المالية الناتجة عن استغفال أو إيهام أو أي من الأسباب التي تدل على عمليات نصب واحتيال.

    تقديم الشكوى : يكون عن طريق قسم الشرطة.

    38- إذا أقر المتهم بالتهمة فهل هناك أمل لدحض الإقرار ؟

    إذا أقر المتهم بالتهمة فيجب على وكيله التأكد من الآني :

    هل أجتزئ الإقرار ؟

    هل سمع إقراره كاملاً ؟

    هل كان مكرهاً ؟

    هل الإقرار مطابق للواقعة ؟

    39- هل يعوض السجين الذي حكمت المحكمة ببراءته ؟ وما طريقة ذلك ؟

    يعوض السجين الذي حكمت المحكمة ببراءته ، ويكون ذلك عبر رفعه دعوى تعويض ضد الجهة التي أصدرت قرار توقيفه أمام نفس المحكمة التي أصدرت حكمها بعدم إدانته ، وتحال الدعوى لنفس الدائرة التي نظرت الدعوى الأصلية ، ويكون تقدير التعويض من قبل قاضي الموضوع.

    40- ما الإجراء المتبع في حال أنكر المتهم التهمة أمام القضاء ؟

    في حال أنكر المتهم التهمة أمام القضاء يتم طلب البينة من المدعي العام أو المدعي بالحق الخاص وفي حال عجزه عن إحضارها أو أن البينة لم تكن موصلة فيحكم بعدم الإدانة.

    41- ما هو أثر إلغاء الحكم بـ ( توجه الشبهة ) ؟

    قديما كان القاضي يحكم بتوجه الشبهة في حال كانت الأدلة المرفقة بالقضية قوية إلى حد غلبة الظن ولكنها لم تصل لحد اليقين ، أما في النظام الجديد فقد ألغي الحكم بتوجه التهمة وأصبح على القاضي أن يحكم بثبوت الإدانة في حال كانت الأدلة تبعث يقينا كاملاً لدى قاضي الدائرة بمسؤولية الجاني عن الجرم وإلا حكم بعدم ثبوت الإدانة.

    42- ما الطريقة المثلى للاعتراض على الأحكام ؟

    للاعتراض على الأحكام أسس ومعايير يجب التنبه لها حتى تتحقق الفائدة القصوى من الاعتراض ، من أهمها : الالتزام بتقديم الاعتراض في مدته المنصوص عليها نظاماً.

    ذكر بيانات القضية ورقم قيدها في المحكمة وبيانات الأطراف ورقم الحكم المستأنف.

    التركيز على الرد على الأدلة التي حكم بموجبها القاضي.

    التركيز على الرد على التسبيبات التي بنى عليها القاضي حكمه

    الاستناد على الأقوال الفقهية المعتبرة وقواعد العرف والعدالة وقرارات محكمة الاستئناف والمحكمة العليا.

    كتابة الطلبات بشكل واضح ومحدد.

    43- هل من طرق لتخفيف الحكم القضائي ؟

    لكل جريمة ظروف مشددة وظروف مخففة ومن أشهر ظروف تخفيف الحكم القضائي المتعارف عليها :

    حداثة السن

    مظنة الجهل

    الظروف الاجتماعية

    الدراسة

    إعالة الوالدين خصوصا في حالة المرض

    حداثة العهد بالوظيفة

    44- هل من سبيل لخروج السجين قبل تنفيذ كامل المدة ؟

    تعتبر الأحكام القضائية النهائية أحكاماً واجبة التنفيذ لا سلطان لأحد على إلغائها ولكن قد يعفى بعض الموقوفين من كامل المدة أو جزء منها لأسباب منها :

    قبول الالتماس وإعادة النظر في الحكم.

    طلب إيقاف تنفيذ الحكم لأسباب معتبرة م2/214 إجراءات جزائية.

    عفو ولي الأمر في بعض الجرائم ( بشرط تنازل صاحب الحق الخاص ).

    حفظ القرآن.

    حسن السلوك.

    45- هل ينفذ الحكم الجنائي فور صدوره ؟

    هناك إجراءات عديدة تتم بعد صدور الحكم الجنائي حتى يصبح جاهزاً للتنفيذ ، من أهمها :

    انتظار اكتساب الحكم القطعية ( سواء بانتهاء مدة الاعتراض دون تقديم اعتراض ، أو بتأييد محكمة الاستئناف للحكم ).

    يُرسل الحكم المكتسب القطعية للحاكم الإداري ( المحافظ ) ويقوم بدوره بإرسال أحكام السجن والجلد لإدارة السجون لتنفيذ الحكم ، وتتولى إدارة تنفيذ الأحكام بالمحافظة تحصيل الغرامات المالية.

    في حال كان المتهم مطلق السراح ولم يتجاوب مع استدعاء الجهة المنفذة لتنفيذ الحكم ، فيتم إخطار شرطة المحافظة لإحضاره بالقوة الجبرية.

    46- ما المقصود بإيقاف تنفيذ العقوبة ؟

    تنص بعض الأحكام على عبارة ( إيقاف تنفيذ العقوبة ) ، ويُقصد بذلك أنه إن حكم على متهم بعقوبة سجن مدتها 5 سنوات مع إيقاف تنفيذ 3 سنوات منها ، فمعنى ذلك أنه يُسجن لمدة سنتين ثم يخرج ، وفي حال عودته لارتكاب نفس الجرم مرة أخرى فإنه ينفذ الحكم الجديد بالإضافة للمدة الموقف تنفيذها من الحكم السابق.

    47- هل عدم القدرة على الإثبات تعني كيدية الدعوى ؟

    لا يعتبر العجز عن إحضار البينة مبررا كافيا لرفع الدعوى الكيدية ، وإنما يجب توفر نية الإضرار بالمدعى عليه.

    48- في حال انتهت مدة عقوبة السجن في الحكم الابتدائي وكانت القضية ما زالت في مرحلة الاستئناف ، هل يخرج المتهم أم ينتظر لحين اكتساب الحكم القطعية ؟

    في حال صدور حكم ابتدائي في القضايا الجنائية فإن المحاكم الجزائية ترسل ما يسمى ) تبليغ الحكم ) إلى إدارة السجون ، ويقتضي هذا الخطاب تخويل إدارة السجون الإفراج عن المتهم في حال إتمام مدة الحكم الابتدائي وكانت القضية ما زالت في مرحلة الاستئناف.

    49- في حال الحكم على متهم في قضية نصب واحتيال في الحق العام دون الحق الخاص ( بسبب عدم حضور صاحب الحق الخاص ) ، فهل يستطيع صاحب الحق الخاص المطالبة بحقه المالي الذي اعتدى عليه الجاني ؟

    يستطيع صاحب الحق الخاص المطالبة بحقه أثناء نظر القضية في المحكمة الجزائية، لكن في حال تم الحكم في الحق العام فقط دون الخاص ( بسبب عدم حضور صاحب الحق الخاص ) ، فإنه يطالب بحقه المالي أمام المحكمة العامة باعتبارها مطالبة مالية ، حيث أن الشق الجنائي العام قد استوفي والذي بقي هو حق مالي صرف.

    50- ما هي طريقة مسح السوابق الجنائية ؟

    يستطيع المتهم رفع طلب رد اعتبار لمسح السوابق المسجلة عليه عن طريق الحاكم الإداري (الأمارة أو المحافظة) بعد مرور 5 سنوات من تاريخ إتمام تنفيذ الحكم القضائي الذي سجل كسابقة على المتهم ، ويقوم الحاكم الإداري بدوره برفعها للجنة رد الاعتبار بوزارة الداخلية وتدرس هذه اللجنة الطلب ثم تقرر رد الاعتبار أو رفض الطلب.


    نقلاً عن المدرب والباحث القانوني عبد العزيز القدير

  • ملخص أحكام الهبة

    ملخص أحكام الهبة

    محامي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ملخص أحكام الهبة

    أولاً ؛ تعريف الهبة:

    الهبة لغة : إيصال الشيء للغير بما ينفعه سواء كان مالا أو غير مال. اصطلاحاً : الهبة : تمليك الأعيان في الحياة بلا عوض.

    ثانياً: الفرق بين الهبة والصدقة :

    الهبة والصدقة يتفقان على أنهما تبرع بالمال بلا عوض ، ويفترقان في أمور :

    أ- أن الباعث على الصدقة طلب الأجر في الآخرة ، أما الهبة فيقصد منها نفع الموهوب والإحسان إليه .

     ب- أن الصدقة تطلق على صدقة زكاة المال وهي فريضة من الله وفي مال مخصوص لأناس مخصوصين ، وتطلق على صدقة الفطر وهي فريضة أيضا ، وتطلق على الصدقة المستحبة التي يتقرب بها العبد إلى الله ، وأما الهبة فهي مستحبة بالإجماع وتصح في كل الأموال وليس لها محل خاص. ، ،

    ج- أن الصدقة لا تحل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا آله ، وتصح لهم الهبة والهدية

    د- أن الصدقة لا يصح الرجوع فيها بالاتفاق لأن ما أخرجه الإنسان لله فهو لازم ، وأما الهبة فإن القصد منها التمليك بغرض نفع الموهوب لذا وقع الخلاف في حق رجوع الواهب.

    هـ – الأصل في المتصدق عليه المسكنة والحاجة بخلاف الهبة فقد تكون للفقراء والأغنياء و الصدقة لا يراد منها المكافأة الأعواض والأغراض ، أما الهبة فقد يقصد بها نفع الموهوب وقد يقصد منها الحصول على الثواب المتصدق عليه فهي خالية من من والمكافأة.

    ثالثاً: الفرق بين الهبة والوصية :

    الهبة والوصية يجتمعان بأنهما تبرع بالمال بلا عوض ، ويفترقان في أمور :

    أ- أن الهبة تبرع في الحياة ، والوصية لا تكون إلا بعد الموت ، ولهذا كانت الهبة أفضل من الوصية لأن الواهب يعطي وهو صحيح شحيح يخشى الفقر ويأمل الغنى.

    ب- أن الأصل في الهبة أنها مستحبة أما الوصية فقد تكون مستحبة وقد تكون واجبة.

    ج- أن الوصية تكون في الأعيان والمنافع والديون ، أما الهبة فلا تكون إلا في الأعيان.

    د- أن الهبة لا تلزم بالقبول حتى تقبض على الصحيح ، وأما الوصية فتلزم بالقبول بعد الموت ولو لم تقبض على الصحيح ،

    هـ ـ أن الهبة تكون للوارث ولغيره ولا حد لمقدارها ، أما الوصية فتكون في الثلث فأقل ولغير وارث. ، و أن الهبة لا تصح من المحجور عليه ، وتصح منه الوصية ،

    ز- أن الهبة لا تصح للحمل بخلاف الوصية لأن الهبة تمليك منجز في الحال والحمل ليس أهلا للتملك. ح أن الهبة عقد من عقود التمليك ، والوصية تكون بالتمليك وبالتفويض بالتصرف.

    رابعاً :حكم الهبة :

    دل الكتاب والسنة والإجماع على أن الأصل في الهبة الاستحباب ، قال صلى الله عليه وسلم ( تهادوا تحابوا ) ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.

    خامساً: أركان الهبة :

    اتفق العلماء على أن الإيجاب ركن من أركان الهبة ، واختلفوا في غيره على أربعة أقوال :

    أ- أن الهبة لها ركن واحد وهو الإيجاب فتنعقد به وحده ولكن لا يملكه الموهوب إلا بالقبول والقبض ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بحديث أبي بكر رضي الله عنه لما نحل ابنته عائشة رضي الله عنها ولم تقبضها فقال ( كنت قد نحلتك) فهو يدل على أن الهبة قد انعقدت ، وكذلك حلف أن لفلان فوهب ولم يقبل فقد بر في يمينه وهذا بخلاف البيع ، وكذلك أن الهبة نوعان إسقاط وتمليك وإن كان الإسقاط كالعتق لا يفتقر إلى قبول فكذلك التمليك ، وكذلك أن التبرع ليس عقداً يفتقر إلى إيجاب وقبول بل هو من التصرف كالإبراء فيتم بالإرادة المنفردة ، ب -أن أركان الهبة الإيجاب والقبول ، وهو قول زفر وبعض الحنفية ، واستدلوا : بأن الهبة عقد تمليك فافتقر إلى الإيجاب والقبول كسائر عقود التمليك ، وكذلك أن تمليك الغير إما أن يكون بسبب شرعي كالإرث فلا يفتقر إلى القبول ويدخل الملك جبراً وإما أن يكون بفعل آدمي فلا ينعقد إلا بالقبول حتى لا يدخل الشيء ملك الشخص جبرا،

    ج- أن أركان الهبة : الإيجاب والقبول والواهب والموهوب له والموهوب ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن الإيجاب ركن متفق عليه ، أما القبول فاستدلوا بأدلة أصحاب القول الثاني ، أما الواهب والموهوب له ومحل الهبة فاعتبروها من الأركان لأن الركن عندهم هو ما توقف وجود الشيء وتصوره عقلا سواء أكان جزء من حقيقة الشيء أم لم يكن ووجود الهبة يتوقف على الواهب والموهوب له والشيء الموهوب وإن لم يكن هؤلاء جزء من حقيقته . ،

    د- أ أركان الهبة : الإيجاب والقبض ، وهو قول لبعض الحنفية وبعض الحنابلة ، واستدلوا : بأن الهبة تصرف لا يظهر أثره إلا بالقبض لهذا كان القبض ركنا فيه.

    س -هل يشترط أن يكون القبول فوريا في التبرع المنجز أو يجوز أن يتراخى القبول ، وإذا جاز أن يتراخى فهل يجوز أن يتراخى عن مجلس العقد؟

    ج – إن كان الموهوب له غائبا ولم يبلغه الخبر صح القبول ولو متراخيا وإن طال الزمن ، أما إن كان حاضرا في المجلس فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :

    أ- لا تشترط الفورية في القبول وهو مذهب المالكية ، واستدلوا : بأنه لا يوجد دليل يدل على اشتراط الفورية في القبول والأصل عدمه ، وكذلك أن الموهوب له قد يحتاج إلى التروي في القبول فإذا ألزمناه بالقبول على الفور أو الرد قد يكون عليه ضرر . ،

    ب تشترط الفورية كالبيع ، وهو مذهب الشافعية ، واستدلوا : بالقياس على البيع فإنه يجب فيه اتصال القبول بالإيجاب ،

    ج – يصح تراخي القبول بشرطين : أن يكون ذلك في المجلس وألا يتشاغلا عنه بما يفيد الإعراض ، وهو مذهب الحنابلة واستدلوا : بقياس الهبة على البيع ، وكذلك أن القول باعتبار المجلس قول وسط.

    سادساً: أقسام ألفاظ الهبة :

    تنقسم ألفاظ الهبة إلى قسمين :

     أ- ألفاظ صريحة : واللفظ الصريح له معنيان عند الفقهاء :

    ١- اللفظ الذي يستعمل في الهبة خاصة دون غيره كوهبتك وأعطيتك ،

    ٢ – ما يفهم منه لفظ الهبة مما يستعمل فيه كثيرا وإن استعمل في غيره ، كجعلته لك أو خذه أو تسلمه.

    ب- ألفاظ الكناية : وهي الألفاظ التي لا تعتبر إيجابا للهبة إلا بالنية أو قرائن الحال كقوله : لك هذا أو كسوتك هذا.

    سابعاً :انعقاد الهبة بالمعاطاة :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال :

    أ- أن الهبة تنعقد بالمعاطاة إن دلت القرينة على إرادتها ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهدى إليه فيقبضه ويتصرف فيه ولم ينقل أنه أوجب له أو أنه قبل. ،

    ب- أن الهبة لا تصح بالمعاطاة ولابد من اللفظ وهو مذهب الشافعية ، واستدلوا : بالقياس على البيع. ،

    ج- أن هبة المحقرات تصح فيها المعاطاة دون غيرها ، وهو قول ابن سريج من الشافعية.،

    د- يشترط الإيجاب والقبول لفظا في الهبة ولا يشترطان في الهدية ، وهو قول عند الشافعية ، واستدلوا : أما الهبة فقياسها على البيع ، وأما الهدية فلأن الهدايا كانت تحمل للنبي صلى الله عليه وسلم فيقبلها ولا لفظ هناك.

    ثامناً   :حكم انعقاد الهبة بالإشارة المفهومة :

    هذه المسألة لها حالتان :

    أ- الحالة الأولى :

    أن تكون الإشارة من قادر على الكلام ، ففي هذه الحالة اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين : ١- أنه لا يعتد بالإشارة من القادر على الكلام ، وهو مذهب الجمهور ، ،

    ٢ – أنه يعتد بالإشارة من القادر على الكلام ، وهو مذهب المالكية ، والكلام في هذه المسألة كالكلام عن انعقاد البيع بالإشارة.

    ب- الحالة الثانية : أن تكوت الإشارة من أخرس : فإن كانت مفهومة أو معتادة فتنعقد ، وإلا فلا.

    تاسعاً:حكم تعليق الهبة وإضافتها إلى المستقبل :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :

    أ- أن الهبة لا تحتمل التعليق ولا الإضافة إلى المستقبل وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن الهبة عقد تمليك وعقود التمليك لا تقبل التعليق كالبيع ، وكذلك أن الهبة عقد يبطل بالجهالة فلم يصح تعليقه على شرط مستقبل كالبيع،

    ب – يصح تعليق الهبة بالشرط وإضافتها للمستقبل وهو قول المالكية ، واستدلوا : بعدم وجود دليل على المنع والأصل الإباحة ، وكذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدى هدية للنجاشي لكنه مات فقال لأم سلمة إن ردت إلي هديتي فهي لك ، فعادت فأعطاها ، ونوقش بضعفه،

    ج- تصح الهبة ويبطل الشرط بناء على أن الشروط الفاسدة لا تبطل العقد ، وهو قول عند الحنابلة.

    عاشراً: حكم الوعد بالهبة :

    الوعد بالهبة أو ما يسمى الوعد بالمعروف ، هل يكون لازما بمجرد الوعد به أو لا يلزم إلا بالقبض؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على خمسة أقوال :

    أ- أنه مستحب ، وهو قول الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ، واستدلوا : بحديث أبي بكر رضي الله عنه في هبته لابنته عائشة رضي الله عنه ، فقد وعدها بالهبة فلما لم تقبضها حال صحته لم تلزمه ، ولو كانت الوفاء بها واجبا للزمه ذلك.،

    ب- يجب الوفاء بالوعد إن خرج على سبب ودخل الموعود له بسببه في كلفة أما إذا لم يباشر الموعود السبب فلا شيء على الواعد ، وهو قول المالكية ، واستدلوا : بأن في ذلك تغريرا ، والغار يضمن ، ويتحمل التبعة.

    ج- أن الوعد لا يكون لازما إلا إذا كان معلقا ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن الوعد إذا كان معلقا فإنه يظهر منه معنى الالتزام.،

    د- أنه يجب الوفاء به مطلقا ، وهو قول لبعض المالكية ، واستدلوا : بعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالوعد.، هـ – أنه يجب الوفاء بالوعد ديانة لا قضاء ، وهو قول لبعض الشافعية ، واستدلوا : بالجمع بين أدلة أصحاب القول الرابع وأدلة أصحاب القول الأول.

    حادي عشر: شروط الهبة :

     شروط الواهب :

     الشرط الأول : أن يكون الواهب من أهل التبرع :

    فمن صح تبرعه صحت هبته. ، وفي هذا الشرط مسائل :

    المسألة الأولى : حكم هبة الصبي والمجنون : اتفق العلماء على أن هبة المجنون والصبي لا تصح.

    المسألة الثانية : هبة المحجور عليه : اختلف العلماء في ذلك على قولين :

    أ- أن هبته لا تصح وهو قول الجمهور ، واستدلوا : عليه لحظ غيره ، وهذا التصرف يضر بالغرماء.

    ب- أن هبته تصح بشرط موافقة رب الدين ، وهو مذهب المالكية بأنه . محجور ، واستدلوا بأن الحق له وقد رضي بذلك.

    المسألة الرابعة : حكم هبة السكران :

    السكران إما أن يكون غير متعده في سكره ، كأن يشربه للدواء أو خطأ أو لدفع غصة فهذا لا تصح هبته ، وأما إن كان متعد بشربه فهنا اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- تصح هبة السكران وسائر تصرفاته ، وهو مذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة ، واستدلوا : السكر بالإجماع لا ينافي الخطاب بقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) وإن كان خطابا في حال السكر فلا شبهة فيه ، وإن كان في حال الصحو فكذلك ، وإذا ثبت أنه مخاطب ثبت أن السكر لا يبطل شيئا من الأهلية ، فيلزمه أحكام الشرع كلها.،

    ب- لا يصح شيء من تصرفات السكران ومنه الهبة ، وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن السكران مفقود الإرادة أشبه المكره ، ولأن العقل شرط للتكليف ، ولا فرق بين زوال الشرط بمعصية أو غيرها.

    المسألة الخامسة : حكم هبة الأب أو الوصي من مال الصغير :

    إن كانت الهبة بلا عوض فلا تصح لقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وتصرفه ضرر محض، أما إذا وهب الأب مال ابنه مقابل عوض معلوم ففي المسألة قولان : أ- لا يجوز ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن الهبة بشرط العوض هي هبة ابتداء وبيع انتهاء بشرط اتصال القبض بالبدلين ، ولا تفيد الملك قبل القبض ولو كانت بيعا ابتداء لما توقف الملك فيها على القبض لأن البيع يفيد الملك بنفسه وإذا كانت هبته ابتداء لم تصح لأن هؤلاء لا يملكون التبرع ، وإذا فسد ابتداؤها فسد انتهاؤها.، ب- تصح الهبة بشرط العوض ، وهو قول لبعض الحنفية ، واستدلوا : بأن الهبة بشرط العوض إنما هي بيع وليست هبة والعبرة في العقود للمعاني.

    المسألة الخامسة : حكم هبة الشريك من مال شريكه :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- الجواز ، إذا كان هناك مصلحة للشركة ، كترغيب الناس في الشراء ، أو لم يكن هناك مصلحة ولكن الهبة بشيء يسير وهو قول الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن عمل الشريك قائم على المصلحة ، وكذلك أن تصرفه في اليسير مأذون له فيه عرفا.،

    ب- لا يصح التبرع مطلقا ولو كان يسيرا ، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية ، واستدلوا : بأن الشركة قائمة على التجارة ، والهبة ليست من التجارة.

    المسألة السادسة : هبة المريض مرض الموت ، وقبل الحديث عن حكمها لا بد من معرفة المراد بمرض الموت ، فقد اختلف في ذلك على قولين :

    أ- كل مرض يكون الغالب منه الموت ، وهو قول الجمهور ،

    ب- ما يكثر حصول الموت منه ، وإن لم يكن غالبا ، وهو قول الحنابلة.

    المسألة السابعة : حكم هبة المريض : تحرير محل النزاع :

    – اتفق العلماء على أنه إذا مرض الرجل رمضا مخوفا ثم وهب شيئاً من ماله ثم برئ ولم يمت فإن هبته صحيحة. – – اتفق العلماء على أنه إن وهب في مرض الموت المخوف وكانت الهبة لوارث ثم مات فإنها لا تصح إلا بإجازة الورثة –

    اختلفوا فيما إذا وهب في مرض الموت لغير وارث على ثلاثة أقوال :

    أ- ذهب الجمهور إلى أن الهبة مرض الموت ليست وصية لأن الأصل في الهبة أنها منجزة ولكنها تأخذ أحكام الوصية فلا ينفذ منها إلا ماكان في الثلث فإن زاد لم تنفذ إلا بإجازة الورثة ، واستدلوا : بأن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ، لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا ، وكذلك ما جاء في قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكان مريضا وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( الثلث والثلث كثير ) مما يدل على أن تصرفات المريض لا ينفذ منها إلا ما لم يزد عن الثلث.

    ب- ذهب المالكية للتفصيل فقالوا : إن كان ماله مأمونا كالأرض وما اتصل بها من بناء أو شجر فإن هبته تنفذ من الثلث سواء برئ أو مات ، وإن كان ماله غير مأمون فإنه يوقف ولو كان دون الثلث ثم يقوم ماله كله بعد موته فإن كان دون الثلث فإنه ينفذ ، واستدلوا : بأدلة أصحاب القول الأول ، وقالوا أما التفريق بين المأمون وغيره فذلك لتقدير الثلث من ماله .

     ج- ذهب الظاهرية إلى التفريق بين عتق المريض وبين هباته وصدقاته وما يعطيه ، فقالوا : عتق المريض ينفذ منه الثلث ، وأما هباته وصدقاته وما يهديه فنافذ ذلك كله ، واستدلوا : بعموم قوله ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) ، وكذلك أن المريض لو أنفق ماله في ملاذه وشهواته اعتبر ذلك من رأس ماله فأولى أن يكون من رأس ماله ما يتقرب به من عتقه وهباته ومحاباته.

    المسألة السابعة : حكم هبة المريض إذا لم يكن له وارث :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- أن الهبة صحيحة ونافذة ولو كانت أكثر من الثلث بل ولو استغرقت المال كله وهو قول الحنفية وأحد قولي المالكية والحنابلة ، واستدلوا : بقصة سعد بن أبي وقاص حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تجعلهم عالة يتكففون الناس ) فيفهم من الحديث أن حصر تصرفات المريض في الثلث إنما هو لصالح الورثة ولا ورثة هنا فجازت هبته ونفذت .

    ب– أن الهبة إن كانت أكثر من الثلث صحت في الثلث فقط ، وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن ماله ميراث للمسلمين ، ولا مجيز له منهم ، فبطلت.

    المسألة الثامنة: اشتراط القبض في هبة المريض :

    فإذا وهب الرجل من ماله وهو مريض ولم تقبض الهبة حتى مات فهل تبطل الهبة أم لا ؟ اختلف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :

    أ- يشترط القبض في هبة المريض كالهبة من الصحيح وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بالقياس على الهبة حال الصحة . ،

    ب- أن الهبة صحيحة وتأخذ أحكام الوصية وهو قول المالكية ، واستدلوا : بأن الهبة في مرض الموت لا تصح لوارث وتخرج من الثلث لذا فهي وصية.

    ج- أن الورثة بالخيار بين الإمضاء أو المنع وهو قول عند الشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بالقياس على تصرف الفضولي لأن المالك الحقيقي هو الوارث فكان الخيار له بين الإجازة والإمضاء أو المنع.

    المسألة التاسعة : حكم هبة الحامل :

    اختلف العلماء في هبة الحامل على أربعة أقوال :

    أ- أن هبة الحامل من رأس مالها ما لم يضربها المخاض فإذا ضربها المخاض فتكون هبتها في الثلث فقط وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ، واستدلوا : أن المرأة الحامل لا تخاف الموت من مجرد الحمل لكن إن أصابها الطلق صارت كالمريض مرضا مخوفا فلا تنفذ هبتها إلا في الثلث.،

    ب- أن الحامل إذا صار لها ستة أشهر فإن هبتها تكون من الثلث وهو مذهب المالكية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن الحامل أول حملها بشر وسرور وليس بمرض ولا خوف لكن إن صار لها ستة أشهر فإن هبتها تكون من الثلث لأنه وقت ولادة والولادة من أسباب التلف.،

    ج – أن هبة الحامل صحيحة وهو وقول عند الشافعية وقول الظاهرية ، واستدلوا : بعموم قوله ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) ، وكذلك أن الغالب على الحامل السلامة وليس الهلاك،

    د- أن الحمل من ابتداءه مرض مخوف ، لذا فكل الهبات لها حكم الوصية ، وهو قول سعيد بن المسيب ، واستدل بما روي عن عطاء أنه قال : ما صنعت الحامل في حملها فهو وصية ، قيل له : أرأي ؟ قال : بل سمعناه.

    المسألة العاشرة : حكم هبة المرتد :

    اختلف العلماء في هبة المرتد على أربعة أقوال :

    أ- أن تصرف المرتد في أمواله حال ردته موقوف فإن أسلم صحت عقوده وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت ، وهو قول عند الشافعية والحنابلة وقول أبي حنيفة في المرتد دون المرتدة ، واستدلوا : بأن الواجب في المرتد أن يستتاب فقد يتوب وقد يصر على ردته لهذا لم يكن القول بزوال الملك بمجرد الردة حتى يتبين لنا أنه مصر على ردته إلى حين إنفاذ حد الردة فيه فإن تاب ورجع رجع إليه ملكه وإن أصر تبين لنا زوال ملکه فبطلت هبته، ب- أن هبة المرتد باطلة ، وهو مذهب المالكية وقول في مذهب الشافعية وقول في مذهب الحنابلة ، واستدلوا : بأنه إذا كانت الردة سببا لزوال عصمة الدم ، حيث توجب الردة قتل المرتد فهي سبب لزوال عصمة المال لأن المال تابع لعصمة النفس.،

    ج- أن هبة المرتد صحيحة وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية ، واستدلوا : بالقياس على الحربي فإن هبة الحربي صحيحة ، وكذلك أن صحة العقود تعتمد على الأهلية والنفاذ يعتمد على الملك ، وقد تحققت الأهلية لكونه مخاطبا ، وملكيته صحيحة لقيام صفة الحرية وملكه باق على ماله كسائر تصرفاته ، ولا يشترط للملكية أن يكون مسلما.،

    د- إن تصرف بعد الحجر عليه لم يصح تصرفه لأنه كالسفيه ، وإن تصرف قبل الحجر عليه فعلى الخلاف السابق ، وهو قول عند الحنابلة.

     الشرط الثاني : أن يكون الواهب مالكاً أو مأذوناً له في التبرع :

    فيشترط أن يكون الواهب مالكا للموهوب فلا تصح هبة المباح لأنه لايصح تمليكها.، وفي هذا الشرط مسألة : 

    المسألة : حكم هبة الفضولي :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- أن هبة الفضولي موقوفة على إجازة المالك فإن أجازها نفذ وإلا بطل وهو قول الحنفية وقول عند المالكية وقول عند الشافعية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة .،

    ب- أن هبة الفضولي باطلة وهو قول المالكية وقول عند الشافعية والمشهور من مذهب الحنابلة ،

    واستدلوا : بأنه يستحيل على المرء أن يملك ما لا يملك ، وكذلك أن التمليك هنا مجانا وهذا ضرر.

    – الشرط الثالث : أن يكون الواهب راضياً :

    فيشترط في الواهب أن يكون راضيا مختارا لأن الهبة عقد من عقود التبرع وقد نص القرآن والسنة على اشتراط الرضا في عقود التبرعات ، قال تعالى ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ) وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) ، وفي هذا الشرط مسائل :

    المسألة الأولى : حكم هبة الهازل :

    اختلف العلماء في هذه المسألة قولين :

    أ- أن هبة الهازل صحيحة ، وهو مذهب الحنفية لأن المراد ظاهر العقد .، ب- لا تصح هبة الهازل ، وهو قول الحنابلة ؛ لأن الهبة غير مرادة.

    المسألة الثانية : حكم هبة التلجئة :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :

    أ- أن الهبة باطلة ، وهو قول الحنفية والمشهور من مذهب الحنابلة، واستدلوا : بأن الهبة غير مرادة .

    ب -أن الهبة صحيحة ، وهو قول عند الحنفية وهو قول الشافعية ووجه عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن المراد هو ظاهر العقود لا نية المتعاقدين.

    ج- أن البيع موقوف على الطرفين فإن أجازاه معا صح ، وإن رداه بطل ، وإن اختلفا لم ينعقد ، وهو قول عند الحنفية ، واستدلوا : أن الهبة جائزة ( غير لازمة ) وتلزم إن أجازاها معا ، لأن الحكم ببطلان هذه الهبة لمكان الضرورة ، فلو اعتبرنا وجود الشرط عند الهبة لا تندفع الضرورة ، ولو أجاز أحدهما دون الآخر لم يجز ، وإن أجازاه جاز ، لأن الشرط السابق وهو المواضعة ( التواطؤ ) منعت انعقاد العقد في حق الحكم ، فكان بمنزلة شرط خيار المتبايعين ، فلا يصح إلا بتراضيهما ، ولا يملكه الموهوب بالقبض . وفي هبة التلجئة لم يوجد الرضا بمباشرة السبب في الجانبين أصلا ، فلم ينعقد السبب في حق الحكم ، فتوقف على أحدهما ، فأشبه البيع بشرط خيار المتبايعين

      شروط الموهوب له :

     الشرط الأول : أن يكون الموهوب له أهلا للتملك :

    فلا تصح الهبة لمن لا يصح تملكه كالهبة للحيوان إذا قصد تمليكه ونحوه ، وفي هذا الشرط مسائل :

    المسألة الأولى : الهبة لغير الرشيد : تصح الهبة للصبي والمجنون والسفيه ، فإن كان له أهلية تملك وقبول باشر القبول بنفسه ، وإن كان له أهلية تملك وليس له أهلية قبول باشر عنه وليه.

    المسألة الثانية : إذا وهب لصبي مميز ، فهل للصبي المميز القبول والرد؟

    اختلف في هذه المسألة على قولين :

    أ- أن للصبي المميز حق القبول والرد ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : أما القبول والرد فإنه يباشره بنفسه لأنه في التصرف النافع يلحق بالبالغ العاقل.،

    ب- ذهب الجمهور إلى أن الصبي المميز يقوم وليه مقامه في القبول ؛ لأنه غير بالغ والعادة أنه لا يميز بين النافع والضار فليس كل هبة نافعة.

     الشرط الثاني : اشتراط وجود الموهوب له :

    اختلف العلماء في هذا الشرط على قولين :

    أ- أنه لا بد من وجود الموهوب له ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن الهبة تمليك وتمليك المعدوم ممتنع ، وكذلك قياس الهبة على الميراث فالميراث لا يثبت إلا لمن كان موجودا وقت موت المورث فكذلك الهبة.

    ب- تصح الهبة لمن سيوجد ، فإذا وجد الملتزم له ، وكان الملتزم حيا لم يفلس والملتزم بيده لم يفوته صحت الهبة وهو قول المالكية ، واستدلوا : بقياس الهبة على الوقف فإذا صح الوقف على من سيولد صحت الهبة للمعدوم وفي هذا الشرط مسألة :

    مسألة: حكم الهبة للحمل : اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- لا تصح الهبة للحمل وتصح الوصية له ، وهو مذهب الجمهور ، واستدلوا : بأن الهبة تمليك منجز يشترط له القبول والقبض ولا يتصور ذلك من الجنين بخلاف الوصية فإنها معلقة على خروجه حيا فجازت،

    ب- تصح الهبة للحمل فإن ولد حيا وعاش كان ذلك له ، وإن استهل صارخا ثم مات كانت لورثته وإن خرج ميتاً كانت الهبة على ملك صاحبها ، وهذا مذهب المالكية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : : بقياس الهبة على الوقف فإذا صح الوقف على من سيولد صحت الهبة للمعدوم ، وكذلك أن الحمل لا يثبت ميراثه إلا إن استهل صارخا.

     الشرط الثالث : اشتراط أن يكون الموهوب له معيناً :

    وقد اختلف العلماء في هذا الشرط كأن يقول : وهبت داري لفلان أو أخيه ، على قولين : أ- أن الهبة باطلة ؛ لأن الهبة تمليك العين في الحال والمبهم لا يمكن تمليكه لا بنفسه ولا بوليه.، ب- تصح الهبة ويطالب بالتعيين ؛ لأنه إذا صح التخيير في الموهوب صح التخيير في الموهوب له لأنه أحد أركان الهبة.

     شروط الموهوب :

    الشرط الأول : أن يكون الموهوب مالاً :

    وقد اختلف في هذا الشرط على قولين :

    أ- يشترط في الموهوب أن يكون مالا ، وهو مذهب الحنفية وقول عند الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بالقياس على البيع ، فلا يجوز بيع ما ليس بمال.،

    ب- لا يشترط في الموهوب أن يكون مالا ، ولكن يكون على سبيل النقل لا التمليك ، وهو قول المالكية وأحد قولي الشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بأن عقود التبرعات أخف من عقود المعاوضات ، وكذلك أن كل ما نهى الشارع عن بيعه إنما كان لثمنه كالكلب والفحل للضراب ، فإن كان هبة فإنه يجوز لعدم المعاوضة على ذلك.

    – الشرط الثاني : أن يكون الموهوب موجودا :

    وقد اختلف العلماء في اشتراط كون الموهوب موجودا وقت الهبة على قولين :

    أ- أنه يشترط لذلك ، وهو مذهب الجمهور ، واستدلوا : بأن الهبة تمليك ناجز ولا تمليك للمعدوم ، وكذلك أن كل ما لا يصح بيعه لا تصح هبته وبيع المعدوم باطل فكذلك هبته ، وكذلك أن هبة المعدوم تنطوي على غرر والغرر ممنوع.،

    ب- تصح هبة المعدوم إذا كان متوقع الوجود ، وهو مذهب المالكية ، واستدلوا : بأن عقود التبرعات أخف من عقود المعاوضات.

     الشرط الثالث : أن يكون الموهوب معلوما قدرا وصفة :

    اختلف العلماء في هذا الشرط على قولين :

    أ- لا تصح هبة المجهول ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن كل ما لا يصح بيعه لا تصح هبته ، ولأن الهبة من عقود التمليك والجهالة في عقود التمليك مؤثرة ، وكذلك لوجود الغرر ،

    ب- تصح هبة المجهول ، وهو قول المالكية ، واستدلوا : بالقياس على الوصية ، وكذلك أنه يتوسع في عقود التبرعات لعدم المعاوضة فيها.

     حكم هبة المرهون :

    تصرف الراهن ينقسم إلى قسمين :

    القسم الأول : أن يكون تصرفه قبل أن يقبض المرتهن الرهن : فهنا اختلف العلماء :

    أ- أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض وعليه فلو تصرف الراهن في الرهن قبل قبض المرتهن فإن تصرفه صحيح ونافذ وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بقول تعالى ( فرهان مقبوضة ( فقوله ( مقبوضة ) وصف لازم.

    ب- أن الرهن يلزم بالعقد ويتم بالقبض ويجبر الراهن على دفع الرهن إن امتنع من ذلك وهو مذهب المالكية ، واستدلوا : بأن الرهن كسائر العقود يلزم بالقول.

     القسم الثاني : أن يكون تصرف الراهن بعد قبض المرتهن الرهن :

    وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال :

    أ- لا يجوز تصرف الراهن بدون إذن المرتهن فإن تصرف فيكون تصرفه موقوفا على إجازة المرتهن ، وهو مذهب الحنفية ، واستدلوا : بأن الراهن مالك للرهن إلا أن المرهون قد تعلق به حق للمرتهن فكان القياس أن يراعى حق المالك وحق المرتهن فيبقى موقوفا على إجازة المرتهن قياس على تصرف الفضولي.

    ب- ليس للراهن التصرف في الرهن بغير إذن المرتهن فإن تصرف كان تصرفه باطلا ، وهو قول الحنابلة ، واستدلوا : بأن هذا التصرف يسقط حق المرتهن في الاستيفاء عند عجز الراهن عن السداد ، وكذلك أن المشغول لا يشغل.،

    ج- التفصيل : فإن رضي المرتهن صحت الهبة مطلقا ، وإن لم يرض المرتهن فإن كان الراهن معسرا كانت باطلة مطلقا ، وإن كان موسرا فإن وقعت الهبة قبل قبض الرهن فهي صحيحة ، وإن وقعت بعد القبض فإن كان الدين مما يعجل قضي على الراهن بفك الرهن وتعجيل الدين ودفع الرهن للموهوب له وإن كان مما لا يعجل بقي الرهن للأجل فإذا قضي الدين بعده دفع الرهن للموهوب له وإلا أخذه المرتمن وبطلت الهبة وهو قول المالكية ، واستدلوا : بأن المرتهن رضي بالهبة وهي حق له وقد أسقط حقه ، وكونها صحت قبل القبض ولو لم يرض المرتهن لأن عدم القبض مظنة تفريطه في قبضه ، وكون الهبة صحت بعد القبض إذا كان الراهن موسرا وكان الدين مما يقبل التعجيل لأنه في هذه الحالة لن يذهب حق المرتهن ، وأما إذا كان الدين لا يقبل التعجيل أو كان الراهن معسرا فإنه ينتظر للأجل لأن المرتهن أحق بالرهن.

    – الشرط الرابع : أن يكون الموهوب مقسوماً غير مشاع :

    اختلف العلماء في هذا الشرط على أقوال :

    أ- لا تصح هبة المشاع إذا كان يقبل القسمة وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تجوز الهبة إلا مقبوضة ) ونوقش بأنه حديث منكر ، وكذلك أن القبض إذا أطلق فإنما يراد به القبض الكامل والقبض في المشاع ليس كاملا بل هو موجود وجه دون وجه وتمام القبض لا يحصل إلا بالقسمة لأن الأنصباء تتميز.،

    ب- تصح هبة المشاع مطلقا مذهب الجمهور والظاهرية : وهو واستدلوا : بقوله تعالى ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) فالعفو عن نصف المفروض في الطلاق من غير فرق بين مشاع ومقسوم فدل على جواز هبة المشاع ، وكذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب وعن يمينه غلام ولم يرض الغلام بأن يقدم عليه الأشياخ قالوا : فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله أن يهب نصيبه للأشياخ وسماه الغلام نصيبي وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على أنه نصيبه وكان نصيبه مشاعاً غير مقسوم.

    ثاني عشر: أحكام الهبة :

    المسألة الأولى : هبة الثواب :

    هبة الثواب هي : عطية قصد بها عوض مالي.

     حكم هبة الثواب إذا كان العوض معلوماً :

    كأن يقول : وهبت هذا البيت لك بمائة ألف ريال ، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- تصح هبة الثواب وتعطى حكم البيع ، وهو قول الحنفية والمالكية وقول عند الشافعية وقول الحنابلة ، واستدلوا : بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) فالواهب إذا شرط عوضا فقد نوى البيع والعبرة بما نوى ، وكذلك أن العبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني ، وكذلك أن النية لها أثر في صحة العقد وفساده وحله وحرمته.،

    ب-  أن الهبة باطلة ولا تصح ، وهو قول عند الشافعية ، واستدلوا : بأن اعتبار المعنى يؤدي إلى إهمال الألفاظ وهذا لا يصح لأن ألفاظ اللغة لا يعدل بها عما وضعت له  في اللغة ، وكذلك أن العقود تفسد باقتران شرط مفسد ففسادها بتغير مقتضاها أولى ، وكذلك أن الأصل حمل الكلام على ظاهره ولو حملنا الكلام على غير ظاهره بطلت اللغة وفائدة التخاطب.

     حكم هبة الثواب إذا كان العوض غير معلوم :

    كما لو قال : وهبتك البيت على أن تعوضني أو تكافئني ، اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :

    أ- إذا اشترط العوض وكان مجهولا صح العقد ، وهو قول الحنفية والمالكية وقول عند الشافعية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن رجلا من أهل البادية أتى للنبي صلى الله عليه وسلم فأهداه ناقة طلبا للثواب فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرض ثم أعطاه ثلاثا فلم يرض حتى رضي بتسع ، فالحديث دل على صحة هبة الثواب ولو لم يبين فيها العوض ، وكذلك أن الشارع قد جوز النكاح بدون تسمية المهر ويكون لها مهر مثلها فكذلك هنا ويكون له ثمن المثل.،

    ب- لا تصح الهبة إذا كان العوض غير معلوم ، وهو قول عند المالكية وقول عند الشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ( فاشترطت الآية الرضا والرضا لا يتعلق إلا بمعلوم ، وكذلك أن الهبة بشرط العوض تلحق بالمعاوضات وعقود المعاوضات يؤثر فيها الغرر .

    حكم الهبة المطلقة ، هل تقتضي عوضاً أم لا ؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :

    أ- أن الهبة لا تقتضي عوضاً ، لكن العوض يسقط حق الرجوع فيها فإن عوض الواهب عنها أصبحت لازمة وسقط حق الواهب في الرجوع وإن لم يعوض عنها فغن لصاحبها حق الرجوع فيها ولو بعد القبض ولا بد من التصريح بأن ما يدفعه الواهب عوض عن الهبة ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن التمليك مطلق يحتمل الابتداء ويحتمل المجازاة فلا يبطل حق الرجوع بالشك،

    ب- إذا قال الواهب أردت الثواب فإنه يصدق في ذلك ما لم يشهد العرف ضده كأن يهب لذي رحم فقير والموهب غني ، وهو قول عند الشافعية وقول المالكية ، واستدلوا : بقصة الأعرابي الذي وهب للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة ، فإن الهبة كانت مطلقة ولم علم أنه أراد الثواب عوض عن ذلك ولم تبطل الهبة ، وكذلك أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً والهبة من الأدنى للأعلى معروف أنه لا يريد بذلك وجه الله

    ج- أن الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا ، وهو قول عند الشافعية وقول الحنابلة ، واستدلوا: بأن الأصل في الهبة أنها على وجه التبرع لا المعاوضة ، وكذلك القياس على الوصية فالوصية لا تقتضي العوض فكذلك الهبة بجامع التبرع.

    لزوم الهبة :

    اتفق العلماء على أن الملك يثبت بالإيجاب والقبول والقبض ، واختلفوا هل تلزم الهبة بإيجاب وقبول خال من القبض ، على أربعة أقوال :

    أ- أن الهبة عقد جائز لا تلزم إلا بالقبض ، وهو قول الحنفية ، وستأتي أدلتهم حين الكلام عن الرجوع في الهبة. ، ب- أن الهبة عقد لازم ، واختلف أصحاب هذا القول على أقوال :

    ١- أن الهبة عقد لازم بمجرد العقد ولا يحق للواهب الرجوع في الهبة ولو لم تقبض وهو قول المالكية ، واستدلوا : بعموم قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ) ، وكذلك قياس الهبة على سائر العقود فإنها لا تتوقف على القبض.،

    ٢- أن الهبة عقد لازم ولا تلزم إلا بالقبض وللواهب الرجوع قبل القبض ، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بهبة أبي بكر رضي الله عنه لابنته عائشة ، وكذلك أنه ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعا .

    ٣- أن الهبة عقد لازم فإن كانت في المكيل والموزون فلا بد فيها من قبض وإلا فإنها تلزم ولو بدون قبض ، وهو قول عند الحنابلة ، واستدلوا : بقصة هبة أبي بكر رضي الله عنه لابنته عائشة رضي الله عنها فقد كان الموهوب مما يكال ويوزن وبين أنه لم يلزمها لأنها لم تقبض ، وكذلك قياس الهبة على البيع .

    حكم اشتراط إذن الواهب في القبض :

    إذا حصل القبض من الموهوب له فهل يشترط أن يكون ذلك بإذن الواهب ورضاه أم لا ؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :

    أ- إذا أذن الواهب في القبض صريحاً صح القبض في المجلس وبعده ، وإذا نهاه عن القبض لم يصح القبض لا في المجلس ولا بعده ، وإن لم يأذن ولم ينهه عن القبض فإن قبض في المجلس صح استحسانا ، وإن قبض بعد الافتراق لم يصح إلا أن يأذن له الواهب ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بالقياس على عقد البيع إن كان في المجلس ، أما إن افترقا قبل القبض ثم قبض الهبة فإنه لا بد من إذن صريح من الواهب لأنه بمنزلة عقد مستأنف. ، ب- يشترط لصحة القبض إذن الواهب ولو بعد التفرق من مجلس العقد ، وهو قول الشافعية والحنابلة ، سواء كان إذنا صريحاً أو ضمناً ، واستدلوا : بأن الواهب بالخيار قبل إقباضه للهبة إن شاء رجع عن هبته وإن شاء أمضاها بالقبض وذلك لأن القبض غير مستحق عليه بمجرد العقد ، فإذا كان الخيار له كان القبض بإذنه لأن القبض مزيل لملكه في الهبة .،

    ج- لا يجوز القبض بعد الافتراق من المجلس ولو كان بإذن الواهب ، وهو قول بعض الحنفية ، واستدلوا : أن القبض ركن بمنزلة القبول فلا يصح بعد الافتراق عن المجلس قياسا على البيع.

    د- أن الإذن ليس شرطا في القبض ، وهو قول المالكية والظاهرية ، واستدلوا : بأن الهبة تملك بالعقد وليس للواهب منع الموهوب من القبض وإذا امتنع عن التسليم فإنه يقضى عليه بذلك.

    إذا كان الموهوب في يد المتهب :

    إذا كان الموهوب بيد الموهوب له قبل الهبة كالودية مثلا ، فهل يكون قبضها السابق يغني عن الإذن بالقبض ، اختلف في ذلك على أقوال :

    أ- أن الهبة في هذه الحالة تثبت بمجرد العقد ولا حاجة لتجديد القبض ، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة ، واستدلوا : بأن المراد بالقبض إثبات اليد والتمكن من التصرف في المقبوض فإذا تحقق هذا الأمر فقد وجد القبض . ب- أن لا بد من إذن الواهب بالقبض ، وهو قول الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأدلة من يقول بأنه لابد من إذن الواهب بالقبض.

    حكم اشتراط كون الموهوب غير مشغول بحق غيره :

    اختلف العلماء هذه المسألة على أقوال :

    أ – يشترط لصحة القبض أن يكون الموهوب غير مشغول بما ليس بموهوب كمتاع الواهب ونحوه ، وهو قول الشافعية والحنفية ، واستدلوا : بأن العرف موقوف على ذلك .،

    ب- – لا يشترط لصحة القبض أن يكون المقبوض غير مشغول بحق غيره ، وهذا مذهب المالكية والحنابلة واستدلوا : بأن القبض هو التمكن من التصرف وكونه مشغولا بمتاع الواهب لا يمنع من التصرف في الهبة.

    حكم تصرف الموهوب له بالهبة قبل القبض :

    إذا تصرف الموهوب له في الهبة بنحو بيع أو صدقة قبل قبض الهبة ، فقد اختلف العلماء في حكم هذا التصرف على أقوال :

    أ- لا يصح تصرفه إلا إذا قبضها ، وهو قول الحنفية والشافعية وقول عند الحنابلة واستدلوا : بأن الموهوب لا يملك الهبة إلا إذا قبضها ، ولأن الواهب قبل القبض بالخيار إن شاء أمضاها وإن شاء رجع عنها.،

    ب- أن تصرفه صحيح بشرط أن يشهد على ذلك ، وهو قول المالكية ، وهو مبني على قولهم بلزوم الهبة .،

    ج- إذا كانت الهبة تحتاج إلى كيل أو وزن لم يصح للموهوب أن يتصرف فيها قبل قبضها ، وإن كانت متميزة صح تصرف الموهوب له قبل قبضها ، وهو رواية عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن ما يكال ويوزن لا تصح هبته إلا بالقبض ، وأما إن كانت متميزة فلأن مثل هذه العقود تلزم بالعقد ولا تفتقر إلى قبض.

    حكم هبة الدين :

    وفيه مسائل :

    المسألة الأولى : هبة الدين لمن هو عليه : إذا وهب الدائن الدين لمن هو عليه فذلك جائز كبيعه عليه لأنه بمثابة تمليك للمدين أو إسقاط للدين عنه ، ولا حاجة لقبض جديد ولم يختلف العلماء في جواز ذلك ، وإنما اختلفوا في اشتراط قبول المدين ، على أقوال : أ- يشترط قبوله ، وهو قول عند المالكية والحنابلة ، واستدلوا : بأنه إبراء فوجب عليه قبوله. ب- لا يشترط قبول المدين ، وهو قول عند المالكية وهو قول الشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بأنه إسقاط فلم يشترط له قبول .، ج – التفصيل : فإن كان بلفظ الهبة اشترط قبول المدين ، وإن كان بلفظ الإبراء لم يشترط له القبول وتبطل بالرد ، وهو قول لبعض الحنفية ، واستدلوا : بأن الهبة تمليك والتمليك يفتقر إلى القبول ، والإبراء إسقاط والإسقاط لا يفتقر إلى قبول.

    المسألة الثانية : حكم هبة الدين لغير من هو عليه :

    اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :

    أ- أنها تصح ، وهو قول المالكية وقول عند الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأنه إذا صحت الحوالة بالدين صحت هبة الدين من باب أولى والحوالة بالدين هو نقل للدين إلى المحال والهبة نقل للدين إلى الموهوب من غير فرق.،

    ب- لا تصح هبة الدين لغير من هو عليه ، وهو قول عند الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأنه غير مقدور على تسليمه لأن ما يقبض من المدين عين فهي غير ما وهب ،لا دين

    استحقاق الهبة :

    إذا وهب الواهب الهبة للموهوب له فبان بأنها مستحقة لطرف ثالث ، ثم تلفت الهبة بيد الموهوب له ، فعلى مني رجع الطرف الثالث المستحق لها ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :

    أ- يرجع على الموهوب له ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن الواهب لم يوجب للموهوب له سلامة العين الموهوبة ، ولأنه حصل له ملكها بغير عوض فإذا استحقت لم يرجع على من ملكه،

    ب- أن المستحق للهبة مخير بين مطالبة الواهب أو الموهوب له ، وهو مذهب الحنابلة والشافعية ، واستدلوا : بأنه يرجع على الواهب لكونه السبب في إتلافه ، ويرجع على الموهوب له لكونه المباشر للإتلاف،

    ج- التفصيل : فإن كان الواهب مليا رجع عليه ، وإن كان معدما أو لا يقدر عليه رجع على الموهوب له ، ولا يرجع الموهوب له على الواهب في حال الرجوع عليه ، وهو قول المالكية ، واستدلوا : بالجمع بين الأدلة ، وأما أن الموهوب له لا يرجع على الواهب لأن الهبة لا عهدة لها.

    ثالث عشر: أحكام الرجوع عن الهبة :

     المسألة الأولى : حكم رجوع الواهب الأجنبي في هبته :

    اختلف العلماء في حكم رجوع الواهب الأجنبي – غير الوالد – في هبته بعد القبض على أقوال :

    أ- أن عقد الهبة عقد جائز فلذا يجوز الرجوع فيه ولو بعد القبض ، إما بالتراضي أو بحكم القاضي ، وهو قول الحنفية ، واستدلوا : بأن الرجوع فسخ للعقد بعد تمامه فلا يصح إلا بالتراضي أو بحكم القاضي.،

    ب- لا يجوز الرجوع في الهبة بعد القبض ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بقوله صلى اله عليه وسلم (  العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ) .

    المسألة الثانية : حكم رجوع الأب في هبته لولده :

    اختلف في هذه المسألة على أقوال :

    أ- لا يجوز للأب الرجوع فيما وهبه لولده، وهو قول الحنفية ، وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بقول عمر رضي الله عنه : من وهب هبة لذي رحم فهي جائزة ومن وهب لغير ذي رحم فهو أحق بها ما لم يثب منه.،

    ب- يجوز للأب الرجوع فيما وهبه لولده ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بحديث النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إني نحلت ابني هذا غلاما ، فقال : أكل ولدك نحلت مثله . قال : لا ، قال : فارجعه .

     شروط رجوع الأب :

    اتفق القائلون بأن للأب الرجوع في هبته لولده بأن ذلك ليس على إطلاقه وأن لذلك شروطا ، واختلفوا في الشروط :

    أ– ذهب المالكية : إلى أن رجوع الأب يشترط له أن تكون الهبة قائمة لم يحدث فيها عيب ولم يتعلق بها حق لغريم ، وألا يكون الولد قد عقد النكاح أو تداين لأجل الهبة ، وكذلك يمتنع الرجوع بمرض الولد المهوب له مرضا مخوفا لأن ذل كمن حق ورثته.،

    ب- ذهب الشافعية : بأنه يشترط للرجوع بقاء الموهوب في سلطة المتهب فإن تلف أو زال ملكه عنه ببيع أو وقف ونحوه فلا رجوع له. ،

    ج- ذهب الحنابلة : إلى اشتراط ثلاثة شروط للرجوع ، وهي :

    ۱- أن تكون العين باقية في ملك الابن أو بعضها ، فلو خرجت الهبة من ملكه بأي تصرف أو عادت إليه بسبب آخر لم يملك الأب حق الرجوع.

    ٢- أن تكون العين باقية في تصرف الولد فإن تلفت فلا رجوع في قيمتها أو رهنت أو أفلس أو حجر عليه.

    ٣- ألا تزيد الهبة زيادة متصلة تزيد في قيمته.

    حكم رجوع الأم في هبتها لولدها :

    اختلف العلماء في ذلك : أـ أن الأم لها أن ترجع في هبتها بشرطين:

    1 – ألا تريد بالهبة الأجر لأنها تكون حينئذ صدقة والصدقة لا يجوز الرجوع فيها . ٢- أن تكون الهبة على ولد كبير مطلقا أو على صغير ليس باليتيم بحيث يكون والده حيا ، لأن الهبة حينئذ لا تكون بمعنى الصدقة لأنه كان له أب حين الهبة ، أما إن كان الولد الصغير حين الهبة يتيما فليس لها أن ترجع لأنها تكون بمعنى الصدقة.

    ب- أن للأم الرجوع فيما وهبته ، وهو قول الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا: بالقياس على الأب،

    ج- أن الأم لا تملك الرجوع في هبتها ، وهو قول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن الأم لا تقاس على الأب لأن الأب يأخذ من مال ولده والأم لا تأخذ ولأن للأب ولاية دونها.

    حكم رجوع الجد والجدة في الهبة :

    اختلف العلماء في ذلك :

    أ- أن الجد والجدة ليس لهما الرجوع في الهبة مطلقا وهو قول المالكية والحنابلة ، واستدلوا : بأن الحديث يتناول الأب فقط وليس الجد في معناه لأنه يدلي بواسطه ويسقط بالأب.،

    ب- أن الجد والجدة لهما الرجوع في الهبة ، وهو قول الشافعية ، واستدلوا : بالقياس على الأب بجامع الولادة.  –

    حكم التسوية بين الأولاد في الهبة :

    اتفق العلماء على مشروعية العدل بين الأولاد في الهبة ، واختلفوا : في حكم التفضيل بالشيء الكثير على قولين :

    أ- أن التسوية مستحبة ويكره التفضيل ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بقصة هبة أبي بكر رضي الله عنه لابنته عائشة رضي الله عنها ، فقد وهبها أكثر من إخوتها ، وكذلك أن العلماء قد أجمعوا على جواز عطية الرجل ماله لأجنبي وإخراج جميع أولاده من ماله فإذا جاز إخراج جميع ولده عن ماله جاز أن يخرج بعض أولاده ،

    ب – أن التفضيل بين الأولاد محرم ولا يجوز ، وهو قول الحنابلة ، واستدلوا : بقوله صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، وكذلك قوله في حديث النعمان بن بشير ( لا أشهد على جور ).

     حكم العمرى والرقبى :

    وفيه مسائل :

     المسالة الأولى : المراد بالعمرى : أن يقول الرجل : أعمرتك داري هذه أو هي لك عمرى أو ما عشت أو مدة حياتك أو ما حيبت أو نحو هذا ، وسميت بالعمرى : لتقييدها بالعمر.

    المسألة الثانية : حكم العمرى : اختلف العلماء في هذه المسألة :

    أ- أن العمرى جائزة ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا : بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالعمرى لمن وهبت له ، وكذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العمرى جائزة) ،

    ب- أن العمرى باطلة ، وهو قول عند الشافعية ، واستدلوا : بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإن من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه) قالوا: فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإمساك الأموال ونهى عن إفسادها بالعمرى ، وكذلك أن ابن عباس قال : لا تحل الرقبى والعمرى فمن أعمر شيئاً فهو له ومن أرقب شيئا فهو له. ، وكذلك أن العمرى إن اعتبرناها هبة فهي مخالفة لمقتضى العقد فإن الهبة تنقل الملك في الرقبة والمنفعة وإذا كان لا يصح توقيت البيع فكذلك لا يصح توقيت الهبة.

    المسألة الثالثة : المراد بالرقبى : هي أن يقول الرجل لآخر إن مت أنت فدارك لي ، وإن مت أنا فداري لك ، فكأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه.

     حكم الرقبي : اختلف العلماء في ذلك على قولين :

    أ- أن الرقبى باطلة ، وهو قول الحنفية والمالكية وقول عند الشافعية وقول عند الحنابلة ، واستدلوا : بأن التمليكات لا تقبل التعليق ، ولأن كل واحد منهما قصد إلى عوض لا يدري هل يحصل له أم لا.،

    ب- أن الرقبي كالعمرى صحيحة لمن أرقبها ولا ترجع إلى المرقب ويلغو الشرط ، وهو قول عند الحنفية ، ، والمشهور من مذهب الشافعية والحنابلة ، واستدلوا : بقوله صلى الله عليه وسلم ( العمرى جائزة لمن عمرها والرقبى جائزة لمن أرقبها ) ، وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تحل الرقبى ولا العمرى فمن أعمر شيئا فهو له ومن أرقب شيئا فهو له ، وكذلك أن قول الرجل ( داري لك تمليك ، وقوله ( رقبى ) شرط مناقض للتمليك لأن التمليك لا يؤقت ، فيكون شرطا فاسدا فيلغو الشرط ويصح التمليك كما أن التمليك في البيع لا يؤقت فكذلك التمليك في الهبة.

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1