الوسم: استشارات مجانية قانونية

  • كيف يتم تقديم الإخبار أو الشكوى عن جرائم المعلوماتية ( الانترنت)

    لا تختلف أحكام الإخبار أو الشكوى في جرائم المعلوماتية كثيرة عن ما هو عليه الحال في الجرائم التقليدية.

    فمن الممكن أن يتم الإخبار عن جرائم المعلوماتية بالأسلوب المادي، كأن يتوجه مقدم الإخبار بنفسه إلى أقرب قسم للشرطة أو للنيابة العامة للإدلاء ببلاغه.

    كما يمكن أن يتم الإخبار بالأسلوب المعنوي عن طريق الهاتف أو البريد العادي.

    وإلى جانب هذين الأسلوبين، ظهر أسلوب ثالث في إطار جرائم المعلوماتية وخاصة جرائم الإنترنت، وهو الأسلوب الرقمي، حيث أصبح من الممكن تقديم الأخبار أو الشكوى عن طريق الإنترنت بإحدى الطريقتين التاليتين:

    الطريقة الأولى:

    وهي كتابة رسالة إلكترونية تتضمن الإبلاغ عن جريمة إنترنت، وإرسالها إلى عنوان البريد الإلكتروني العائد لأحد الأجهزة المختصة بمكافحة جرائم الإنترنت، كالقيام بكتابة رسالة إلكترونية تتضمن الإخبار عن وجود مواقع إلكترونية أعدت للاحتيال أو مواقع إباحية مثلاً، وإرسالها إلى عنوان البريد الإلكتروني للجهة المختصة، كموقع المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI، أو موقع إدارة العدل الأمريكية USDJ، أو موقع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، أو موقع هيئة حماية البرمجيات الأوربية APP، أو غيرها من المواقع الأخرى . 

    الطريقة الثانية:

    وهنا يتم التبليغ عن طريق ملء بيانات الاستمارة الرقمية، التي تكون متوفرة عادة على المواقع الإلكترونية المخصصة لتلقي الإخبارات والشكاوى، كما هو متبع في المواقع التالية :

     1- الموقع الإلكتروني لمركز تلقي شكاوى جرائم الإنترنت IC3(5).

     2- الموقع الإلكتروني لمركز جرائم الياقات البيضاء 36NW3C).

    3- موقع إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات، العائد للحكومة المصرية (.

    4- الموقع الإلكتروني العائد للمكتب المركزي لمكافحة الإجرام المرتبط بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فرنسا.

    فبعد أن يتم تلقي البلاغات عن طريق هذا الموقع الفرنسي، تتم عملية تحليل ودراسة تلك البلاغات، للتأكد من صحة ما ورد فيها من معلومات حول واقعة الجريمة، ثم يتم إبلاغ مصالح الدرك والشرطة حسب الاختصاص الإقليمي؛

    كما يتم إعطاء مقدم الإخبار رقم الاستمارة الرقمية الخاصة به حتى يتمكن من معرفة مستجدات التحقيقات .

    ولابد من الإشارة إلى الدور الهام الذي يلعبه مقدم الإخبار أو الشاكي في إطار جرائم الإنترنت، لأنه في كثير من الأحيان يكون هذا الإخبار هو الوسيلة الوحيدة لعلم السلطات المختصة بوقوع الجريمة.

    ومما تقدم، نجد أن تقديم الأخبار أو الشكوى عبر الإنترنت يسهل عملية إعلام السلطات المختصة بوقوع الجريمة، كما يؤمن الحماية لمقدم الإخبار الذي يظل مجهوة في أغلب الأحيان. لذلك نقترح على أجهزة العدالة السورية أن تنشأ مواقع إلكترونية متخصصة في تلقي الإخبارات والشكاوي المتعلقة بجرائم المعلوماتية.

  • الأجهزة المختصة بمكافحة جرائم المعلوماتية دولياً و أوروبياً

    تتصف جرائم الإنترنت كما ذكرنا بأنها عابرة للحدود، ويمكن أن يتعدى أثرها عدة دول؛ لذلك كان لا بد من وجود تعاون دولي من أجل مكافحة هذا النوع من الإجرام.

    ومن أساليب التعاون الدولي، التعاون الشرطي الذي يمكن أن يحقق أهدافا لا قبل للشرطة الإقليمية بتحقيقها. ومن أبرز هذه الأجهزة في مجال مكافحة هذه الجرائم

    1- المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ( الإنتربول):

    تعد هذه المنظمة من أهم الأجهزة على المستوى الدولي لمكافحة الإجرام بشكل عام، ومنها جرائم الإنترنت.

    وهي منظمة تتخذ مقراً لها في مدينة باريس. وتسعى هذه المنظمة لتحقيق التعاون المتبادل بين أجهزة الشرطة في مختلف الدول الأطراف، بهدف مكافحة الجرائم ذات الطابع العالمي، بما في ذلك الإجرام المرتبط بالإنترنت.

    وتستخدم هذه المنظمة وسيلتين لتحقيق أهدافها:

    الأولى: تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالجريمة والمجرم، عن طريق مكاتب هذه المنظمة الموجودة في أقاليم الدول الأعضاء.

    والثانية: التعاون في ملاحقة المجرمين الفارين، وإلقاء القبض عليهم، وتسليمهم إلى الدول التي تطلب تسليمهم.

    ولقد أنشأت هذه المنظمة وحدة متخصصة في مكافحة جرائم التكنولوجيا، كما تقوم بتزويد الشرطة في الدول الأطراف بكتيبات إرشادية حول جرائم الإنترنت، وكيفية التدريب على مكافحتها والتحقيق فيها.

    ومن بين إنجازات هذه المنظمة في مجال مكافحة جرائم الإنترنت، العملية التي قامت بها بالتعاون مع المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI، والمتعلقة بملاحقة الهاكر الذي قام بإرسال فيروس الحب

    Love BUG عبر الإنترنت في الفلبين .

    وإلى جانب الإنتربول، تقوم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بمعالجة إشكاليات مواجهة جرائم الإنترنت.

    كما قامت مجموعة الدول الثمانية الاقتصادية، وبالتعاون مع بعض المنظمات الدولية، وبعض الدول الأخرى مثل الصين ومصر، بتكوين قوة دولية أطلق عليها DOT FORCE، و تهدف إلى تحقيق الأمن على شبكة الإنترنت .

    2- مركز الشرطة الأوربية أو الأوروبول:

    وهو جهاز على مستوى الاتحاد الأوربي، مقره في مدينة “لاهاي بهولندا.

    وقد تم إنشاء الأوروبول من قبل المجلس الأوربي في لكسمبورغ عام 1991، ليكون بمثابة حلقة وصل بين الشرطة الوطنية في مختلف الدول الأعضاء، بهدف تسهيل عملية الملاحقة للجرائم العابرة للحدود.

    وللأوروبول دور فعال في مكافحة جرائم الإنترنت، حيث يقوم مثلاً بالتحقيقات المتعلقة بامتلاك المواقع الإباحية ونشرها عبر الإنترنت في الدول الأوربية .

    3- الأورجست:

    وهو جهاز يعمل على المستوى الأوربي إلى جانب الأوروبول في مجال مكافحة جميع أنواع الجرائم، وينعقد اختصاصه عندما تمت الجريمة دولتين على الأقل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي، أو دولة عضو مع دولة من دول العالم الثالث، أو دولة عضو مع الرابطة الأوربية. ويشمل هذا الاختصاص الأفراد والمؤسسات على حبي سواء.

    ويعد الأورجست بمثابة الدعامة الفعالة في مجال التحقيقات والمطاردات التي تقوم بها السلطات القضائية الوطنية، وخصوصا فيما يتعلق بجرائم الإنترنت .

    4- شنجن :

    إلى جانب الأوروبول والأورجست، تم إنشاء فضاء جماعي لا حدود له، أطلق عليه اسم شنجن (Schengen)، وهو اسم مأخوذ من الاتفاقية الموقعة في عام 1985.

    وقد استحدثت هذه الاتفاقية وسيلتين جديدتين لتعزيز التعاون الشرطي الأوربي في مواجهة التحديات الجديدة ومنها جرائم الإنترنت، وهاتان الوسيلتان هما:

    مراقبة المشتبه بهم عبر الحدود، وملاحقة المجرمين .

     

  • الأجهزة المختصة بمكافحة جرائم المعلوماتية في الدول الأجنبية

    كانت الدول المتقدمة سباقة بإحداث هذه الأجهزة؛ إذ إن مكافحة جرائم المعلوماتية يرتبط بمدى تقدم الدول من الناحية التقنية، وبمدى توفر الإمكانيات المادية اللازمة لإنشاء هذه الأجهزة.

    1- الولايات المتحدة الأمريكية:

    قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء عدة أجهزة لمكافحة جرائم المعلوماتية، ومنها:

    • شرطة الوب web police، وهي نقطة مراقبة على الإنترنت، إضافة إلى أنها تقوم بتلقي الشكاوى من مستخدمي الشبكة، وملاحقة الجناة والقراصنة، والبحث عن الأدلة ضدهم وتقديمهم إلى المحاكمة
    • مركز تلقي شكاوى جرائم الإنترنت :IC3، الذي تم إنشاؤه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في أيار عام 2000. وفي كانون الأول من عام 2003 تم دمج مركز شكاوى الاحتيال عبر الإنترنت المعروف ب IFCC مع هذا المركز. ويعمل مرکز:IC بصورة تشاركية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، والمركز الوطني لجرائم الياقات البيضاء NW3C.

    ويقوم هذا المركز بتلقي الشكاوى عبر موقعه على الإنترنت، حيث يقوم الشاكي بملء استمارة إلكترونية، ثم يقوم المختصون في هذا المركز بتحليل الشكاوى وربطها بالشكاوى الأخرى المستلمة من قبل، ثم يتم إحالة المعلومات الناتجة عن عملية التحليل إلى الجهات المسؤولة عن تطبيق القوانين الأمريكية .

    • قسم جرائم الحاسوب والعدوان على حقوق الملكية الفكرية الذي تم تأسيسه في عام 1991، ويختص هذا القسم بالتعريف بهذه الجرائم والكشف عنها وملاحقة مرتكبيها .
    • نيابة جرائم الحاسوب والاتصالات CTC، وتتألف من مجموعة من قضاة النيابة العامة الذين تلقوا تدريبات مكثفة على نظم المعالجة الآلية للبيانات، وتم منحهم صلاحيات واسعة في مجال الاستعانة بغيرهم من خبراء وزارة العدل، لا سيما قسم جرائم الحاسوب والعدوان على حقوق الملكية الفكرية، وهم مرتبطون بنظام تأهيلي وتدريبي مستمر .
    • المركز الوطني لحماية البنية التحتية التابع للمباحث الفيدرالية الأمريكية. وقد حدد هذا المركز البنى التحتية التي تعتبر هدفا للهجومات والاعتداءات عبر الإنترنت، وعلى رأسها شبكات الاتصالات والمصارف وغيرها.

    وإضافة إلى هذه الأجهزة، يوجد أيضا في الولايات المتحدة وحدة متخصصة بمكافحة الإجرام المعلوماتي تابعة لقسم العدالة الأمريكي، تتكون من خبراء في نظم الحوسبة والإنترنت، ومن مستشارين قانونيين .

    2- بريطانيا:

    قامت السلطات البريطانية بتخصيص وحدة تضم نخبة من رجال الشرطة المتخصصين في البحث والتنقيب عن جرائم الإنترنت، کالجرائم الجنسية الواقعة على الأحداث، والقرصنة ونشر الفيروسات

    وغيرها.

    وتضم هذه الوحدة نحو /80/ عنصرا على درجة عالية من الكفاءة في المجال التقني.

    وقد بدأت هذه الوحدة نشاطها عام 2001 ومركزها لندن .

    3- فرنسا:

    قامت الحكومة الفرنسية بإنشاء عدة أجهزة لمكافحة جرائم المعلوماتية، نذكر منها:

    • القسم الوطني لقمع جرائم المساس بالأموال والأشخاص، ويتكون هذا القسم من المحققين المختصين في التحقيق بجرائم العالم الافتراضي، وقد بدأ هذا القسم مهامه عام 1997.
    • المكتب المركزي لمكافحة الإجرام المرتبط بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويعد هذا المكتب سلاح الدولة الفرنسية في مكافحة جرائم الإنترنت، وقد تم إنشاؤه في 2000/5/15

    . • تكوين مجموعة من الشرطة والدرك المتخصصين في التحقيق بجرائم الإنترنت .

    4- اسبانيا:

    قامت الحكومة الإسبانية بتأسيس وحدة التحريات المركزية المعنية بجرائم الإنترنت، وهي تعمل مع الإدارة المركزية في وزارة الداخلية على مراقبة مرتكبي هذه الجرائم وملاحقتهم .

    5- بعض الدول الآسيوية:

    * هونكونغ :

    قامت بتأسيس ما يعرف ب “قوة مكافحة قرصنة الإنترنت” وذلك في كانون الأول عام 1999. وتمكنت هذه القوة من إلقاء القبض على اثني عشر شخصا في خمسة قضايا خلال مدة ستة أشهر من إنشائها.

    * الصين :

    قامت بتأسيس ما يعرف ب “القوة المضادة للهكرة“، وهي تختص برقابة المعلومات التي يسمح لمواطنيها الدخول إليها عبر الإنترنت .

    * فيتنام:

    قامت بتشكيل وحدة خاصة من الشرطة للتحقيق في جرائم الإنترنت، والحد من توزيع المنشورات المحظورة من خلالها .

  • الاختصاص في جرائم الانترنت في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا

    أولاً : الولايات المتحدة: 

    لجأ القضاء الأمريكي لحل مشكلة الاختصاص إلى مبدأ الاختصاص الشخصي “PERSONAL JURISDICTION ” المقرر في الدستور الأمريكي، والذي يجعل المحاكم الأمريكية تختص بنظر جرائم الإنترنت في حالتين، هما:

    الأولى: وجود مرتكب الجريمة في الدولة.

    الثانية: أن يكون لمرتكب الجريمة وجودة كافية في الدولة، أي أن يكون للجاني حد أدنى من الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية .

    وقد طبق القضاء الأمريكي مبدأ الاختصاص الشخصي بطرق متعددة.

    ويمكن تلخيص هذه الطرق ضمن ثلاث نظريات، هي:

    أ- نظرية الإطلاق أو امتداد النتيجة:

    في عام 1997، أصدر النائب العام في ولاية مينيسوتا” الأمريكية إعلاناً، يتضمن تحذيراً إلى مستخدمي ومزودي خدمة الإنترنت، حيث اعتبر الإعلان أن كل جريمة من جرائم الإنترنت، يمكن أن يصل بثها إلى ولاية مينيسوتا” تكون قوانين الولاية مختصة بها، حتى ولو ارتكبت الجريمة خارج حدود الولاية، بحيث يبدو الأمر كما لو قام الجاني بإطلاق الرصاص من خارج حدود الولاية على شخص داخل الولاية، فتكون قوانين الولاية مختصة في هذه الحالة.

    وقد طبق قضاء ولاية مينيسوتا” هذا المبدأ بشأن جريمة بث موقع الألعاب القمار عبر الإنترنت من “لاس فيغاس” بولاية “تيفادا”، والذي وصل بثه بطبيعة الحال إلى ولاية مينيسوتا.

     

    ب- نظرية الحد الأدنى للاتصال:

    لخصت المحكمة الاتحادية العليا في أمريكا المبادئ الأساسية للاختصاص القضائي، بأن من حق المحكمة ممارسة اختصاص قضائي شخصي على المتهم غير المقيم في الولاية، إذا كان هذا المتهم له صلات دنيا بالمجتمع، أو إذا كانت إقامة الدعوى عليه لا تؤذي فكرة المحاكمة العادلة.

    ويعود التطبيق الأول للاختصاص القضائي على الإنترنت المتعلق بفكرة الحد الأدنى للاتصال إلى عام 1996، وذلك في قضية نظرت في شمال أمريكا، وتتلخص وقائع هذه القضية بما يلي:

    أن شركة INSET SYSTEM المحدودة، وهي شركة مقرها في ولاية “كونيکيتكوت” Connecticut قامت برفع قضية سرقة علامة تجارية ضد شركة INSTRUCTION SET التي مقرها في ولاية ماساشوسيتش” Massachusetts، لأن هذه الأخيرة قامت بتقليد الموقع الإلكتروني للشركة الأولى وهو ( Inset.com)، حيث كانت الشركة المنتهكة لهذه العلامة تقوم عبر هذا الموقع بعرض بضائعها وخدماتها عبر الإنترنت، الأمر الذي أثار حفيظة الشركة المالكة لهذه العلامة التجارية.

    وقد تم رفع القضية في ولاية “كونيكتيكوت”، حيث طرحت المحكمة على نفسها السؤال التالي: هل يتوفر في هذه القضية الحد الأدنى للاتصال وفق معيار المحكمة الاتحادية العليا؟

    وقد قبلت المحكمة هذه القضية، وبررت قرارها بأن الشركة المعتدية وجهت نشاطها الإعلاني بشكل مقصود إلى ولاية “كونكيتكوت”، لذلك من المنطقي أن يتم الادعاء عليها هناك .

    كما استخدم القضاء الأمريكي في مسألة الاختصاص القضائي عبر الإنترنت معيار المواقع الإيجابية والمواقع السلبية، أو ما يعرف باختبار السلبية. ويقصد بالمواقع الإلكترونية السلبية المواقع التي تقدم المعلومات فقط، أما المواقع الإلكترونية الإيجابية فهي التي تقوم بالتفاعل مع زبائنها، حيث يعتبر الاختصاص القضائي منعقدة إذا كان الموقع إيجابي .

     وتطبيقا لذلك، فقد قامت شركة “بنسوسان” للمطاعم Bensusan Restaurant Corporation والتي تملك نادي ليلي باسم Blue Note مقره في “نيويورك”، وتملك علامته التجارية، برفع دعوى انتهاك لهذه العلامة ضد شخص يدعى “ريتشارد كينغ” Richard King، لأن هذا الأخير كان يدير نادية ليلية في میسوري” ويحمل ذات الاسم Blue Note. وقد أنشأ المدير المذكور موقع إلكترونية بهذا الاسم، لتقديم معلومات عن النادي وعن مواعيد الحفلات.

    وقد أقيمت الدعوى أمام محكمة نيويورك الفيدرالية، حيث قررت المحكمة بأنها غير مختصة بنظر الدعوى في ولاية نيويورك، وعللت قرارها بأن الموقع الإلكتروني للنادي الذي يديره السيد “كينغ” هو موقع سلبي غير فعال، لأن من يريد شراء التذاكر، كان عليه السفر إلى “میسوري”، لأن مكتب النادي لا يقوم بإرسال التذاكر بالبريد .

    نظرية الاستهداف:

    اعتمدت معظم المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ الاستهداف في الاختصاص القضائي على الإنترنت، والذي يتطلب أن يستهدف الموقع الإلكتروني سكان ولاية ما.

    ففي عام 2001، رفعت شركة American Information Corp دعوى انتهاك علامة تجارية ضد شركة American Information المحدودة، وذلك أمام محكمة ولاية “ميرلاند”، التي قررت أنها غير مختصة قضائية بنظر هذه الدعوى، لأن نشاطات البيع لم تستهدف سكان الولاية عبر موقعها الإلكتروني.

    ومن الجدير بالذكر أن نقابة المحامين الأمريكية (ABA) ، قامت بإصدار دراسة عالمية حول الاختصاص القضائي للإنترنت، واقترحت بهذه الدراسة اعتماد مبدأ الاستهداف لحل مشكلة الاختصاص القضائي على الإنترنت .

    ثانياُ:  بريطانيا

    بموجب قانون إساءة استعمال الكمبيوتر لعام 1990، فإن القضاء البريطاني يختص بالجرائم التي ينص عليها هذا القانون إذا اقترفت ضمن الاختصاص الإقليمي، أي إذا كان حاسوب الجاني أو حاسوب الضحية داخل إقليم الدولة، كما تم إحداث اختصاصات قضائية حديثة بموجب قانون العدالة الجزائية البريطاني لعام 1993(19)، حيث تناولت هذه الاختصاصات معظم جرائم الاحتيال العابرة للحدود، وجرائم الابتزاز وغيرها .

    وفي إحدى القضايا المعروضة على القضاء البريطاني، تمت إدانة مواطن فرنسي مقيم في لندن، بجرم نشر المواد الفاحشة، حيث كان هذا الفرنسي يدير موقعة على الإنترنت مخصصاً للمثليين جنسياً.

    وقد دفعت جهة الدفاع بعدم اختصاص القضاء البريطاني، لأن هذا الموقع كان مستضافة على مخدم في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن المحكمة الملكية أعلنت اختصاصها وأدانت المتهم، لأن هذه المواد الفاحشة تم نشرها في إنكلترا، كونها ظهرت على شاشة الحاسوب العائد لأحد الضباط المختصين في مكافحة هذه الجرائم في إنكلترا، ومن ثم فإن وصول البث إلى إنكلترا، يعد بمثابة ارتكاب الجريمة فيها .

  • جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقات الدفع الالكتروني

    نصت الفقرة أمن المادة 22 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية على ما يلي:

    ( أ- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من حصل دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.)

    وسنتناول الركن المادي والركن المعنوي لهذه الجريمة.

    أ- الركن المادي:

    يتمثل النشاط الجرمي في جريمة الاستيلاء أو الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع، بقيام الجاني بأي فعل من شأنه أن يؤدي للحصول دون وجه حق على هذه البيانات أو الأرقام السرية البطاقات الدفع.

    فلا تقوم هذه الجريمة إذا كان الحصول على هذه البيانات أو الأرقام بحق أو بصورة مشروعة أي بإرادة صاحب البطاقة.

    ويشترط المشرع أن يتم الاستيلاء على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، فلا تقوم هذه الجريمة إذا تم الحصول على هذه البيانات أو الأرقام عن طريق النشاط الذهني المحض وذلك لصعوبة الإثبات، كمشاهدة خادمة المنزل للورقة التي كتب عليها الرقم السري للبطاقة العائدة لرب عملها، أو مشاهدة الرقم السري للبطاقة من قبل الغير أثناء إدخاله عبر جهاز الصراف الآلي،

    ففي هذه الحالات لا تقوم هذه الجريمة لأن الحصول على الأرقام السرية لم يكن عن طريق بذل النشاط باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.

    مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من الممكن في حال استخدام هذه الأرقام أن يسأل الفاعل عن جريمة استعمال بطاقة الغير المنصوص عليها في الفقرة ب من المادة 22 المشار إليها.

    أما النتيجة الجرمية فتتمثل في حصول الفاعل دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع، ثم لا بد من قيام علاقة سببية بين سلوك الفاعل وهذه النتيجة.

    وهناك العديد من أساليب الاستيلاء على البيانات والأرقام السرية لبطاقات الدفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، ومن أبرز هذه الأساليب:

    1- أسلوب انتحال الصفة:

    و قد سبقت الإشارة إلى هذا الأسلوب الذي يتم عن طريق إنشاء مواقع مزيفة على شبكة الإنترنت، على غرار مواقع الشركات والمؤسسات التجارية الأصلية الموجودة على هذه الشبكة،

    بحيث يبدو هذا الموقع المزيف وكأنه الموقع الأصلي المقدم لتلك الخدمة.

    وبعد إنشاء الموقع المزيف، يستقبل عليه الجناة جميع المعاملات المالية والتجارية التي يقدمها عادة الموقع الأصلي العملائه عبر شبكة الإنترنت، فيتم استقبال الرسائل الإلكترونية الخاصة بالموقع الأصلي والاطلاع عليها، ومن ثم يتم الاستيلاء على البيانات الخاصة ببطاقات الائتمان أو بطاقات الدفع الإلكتروني .

    2- أسلوب التجسس:

    يقوم الجناة وفقاً لهذا الأسلوب باستخدام برامج الاختراق الأنظمة المعلوماتية للشركات والمؤسسات التجارية العاملة على شبكة الإنترنت، ومن ثم يستطيع هؤلاء الجناة الاطلاع على البيانات والمعلومات التجارية الخاصة بهذه الشركات، ومنها المعلومات المتعلقة ببطاقات الدفع الإلكترونية المستخدمة في التجارة الإلكترونية عبر الشبكة.

     و بذلك يتمكن الجاني من الاستيلاء على بيانات البطاقات الصحيحة، واستخدامها عبر شبكة الإنترنت على حساب الحامل الشرعي البطاقة.

    ومن أمثلة هذا الاختراق، ما حدث في عام 1996، حيث تم اختراق حاسوب محمول يحتوي على 314.000 رقم البطاقة ائتمان خاصة بأحد المكاتب التابعة لمؤسسة Visa Card INT في كاليفورنيا.

    وفي عام 1997، قام شخص يدعى “كارلوس سادالغو” Carlos Sadalgo، بالاستيلاء على أرقام 100.000 بطاقة ائتمان وبيانات أخرى، من خلال اختراقه لمجموعة من مزودي خدمات الإنترنت، وقام بوضع هذه الأرقام على أسطوانة مضغوطة، ثم قام بتشفيرها وعرضها للبيع بمبلغ مائتين وخمسين ألف دولار. ولقد اكتشف عملاء المباحث الفيدرالية هذه الجريمة، وحوكم سادالغو” وعوقب بالسجن ثلاثين شهراً .

    3- أسلوب الشفط Skimming:

    “Skimming” هو طباعة التفاصيل المخزنة على الشريط الممغنط لبطاقة الدفع، عن طريق تمرير البطاقة على قارئ إلكتروني، وبمجرد الحصول على تفاصيل البطاقة، مثل رقم التعريف بهوية الحامل (PAN)، وتاريخ انتهاء صلاحية البطاقة، يستطيع المحتال إنشاء بطاقة مطابقة للبطاقة الأصلية، لاستعمالها في الصفقات التي تعقد على الإنترنت.

    وأجهزة ال “Skimmer” توضع مثلاً على فتحة الصراف الآلي، حيث يتم مسح تفاصيل بطاقة الزبون ضوئية، وتخزينها في جهاز خاص قبل أو بعد دخول البطاقة إلى قارئ البطاقات في الصراف، وقد يرفق بالماسحة الضوئية كاميرا تسجل رقم PIN المدخل من قبل الضحية.

    وخطورة هذا النوع من الاستيلاء على بيانات البطاقات هو أن حامل البطاقة لا يعلم بأن بطاقته تم اختراقها، لذا لا يبلغ أحدة لإلغائها، وبذلك يستطيع المحتال استخدام البطاقة المزورة خلال فترة طويلة، وهذا بعكس الأسلوب التقليدي المتبع في الاستيلاء على بيانات البطاقة وهو سرقة البطاقة، لأنه في حال سرقة البطاقة يكون إمكانية استعمالها قصير الأمد، إذ إن الضحية ستلاحظ ذلك، وتقوم بتبليغ مصدر البطاقة الإلغائها.

    ففي عام 2005، تم الحكم في إنكلترا على أربعة من أعضاء عصابة لمسح البطاقات وسحب الأموال، بالسجن لمدة أربع سنوات لارتكابهم الاحتيال الذي قدرت خسارته ب 200,000 جنيه إسترليني.

    كما تم التحذير من أسلوب Skimming، حيث وضعت تحذيرات على أجهزة السحب الآلي في معظم الدول، تتضمن الطلب من الزبائن عدم استخدامها إذا بدت غير طبيعية، وإذا كان هناك شك بوجود آلة Skimmer على جهاز سحب النقود، فإن الشرطة تنصح بعدم الإبلاغ فورة لأن هذه الأجهزة غالية الثمن، وقد يتدخل المجرم تدخلاً عنيفاً في هذه الحالة.

     و لكن يمكن اعتقال هذا المجرم عندما يتم ترصده، لأنه سوف يعود لاسترجاع الجهاز.

    ومن أكثر الحالات التي يمكن أن يستخدم بها جهاز Skimmer هي عند دفع الفواتير في المطاعم، حيث يقوم الزبون بإعطاء البطاقة إلى محاسب المطعم الذي يقوم بتمريرها على جهاز Skimmer ثم يقوم بإعادتها إلى صاحبها، وبذلك تتم عملية نسخ لبيانات البطاقة.

    ومن الجدير بالذكر أن هناك أسلوباً ميكانيكياً للاستيلاء على بيانات بطاقات الائتمان، حيث يتم تحويل التفاصيل المنقوشة على البطاقة البلاستيكية ميكانيكاً من بطاقة إلى أخرى.

     وقد عرفت هذه التقنية بما يسمى Shave And Paste. وهذه الطريقة أسهل من أسلوب سرقة البطاقة برمتها أثناء نقلها ما بين البنك والزبون.

    4- تخليق أرقام البطاقات Card Math:

    و يقوم هذا الأسلوب على تخليق أرقام بطاقات ائتمانية اعتماداً على إجراء معادلات رياضية واحصائية، بهدف الحصول على أرقام بطاقات ائتمانية مملوكة للغير، وهي كل ما يلزم للشراء عبر شبكة الإنترنت.

    فهذا الأسلوب يعتمد على أسس رياضية في تبديل وتوفيق أرقام حسابية، تؤدي في النهاية إلى ناتج معين، وهو الرقم السري لبطاقة دفع متداولة، ثم يتم استخدامها استخدام غير مشروع عبر شبكة الإنترنت .

    ب- الركن المعنوي:

    جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع جريمة مقصودة تتطلب القصد الجرمي العام بعنصرية العلم والإرادة،

    أي علم الفاعل واتجاه إرادته إلى أي فعل من الأفعال التي تؤدي إلى الاستيلاء أو الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع عائدة للغير، وذلك باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة.

     فلا تقوم هذه الجريمة بحق من يطلع خطأ عبر الإنترنت على الرقم السري لبطاقة دفع عائدة للغير لعدم توفر القصد الجرمي لديه.

    ج- العقوبة:

    عاقب المشرع على جريمة الحصول دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة بعقوبة جنحوية الوصف وهي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسمائة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية.

     

  • كيف يتم التكييف القانوني لعقد الأمانة وهل يمكن استبداله؟

    1-تكييف عقد الأمانة:

     إن تكييف العقد يعتبر من عمل محكمة الموضوع التي عليها أن تبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، والمحكمة غير مقيدة بالوصف الذي يعطيه المتعاقدان الاتفاقهما، فالعبرة بالمقاصد و المعاني لا بالألفاظ والمباني.

    فعندما تكشف المحكمة عن إرادة المتعاقدين فعليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح دون أن تتقيد بما يخلعه أطرافه عليه من وصف غير صحيح.

    و المثال على ذلك أن عقد القرض ليس من العقود الائتمانية، فإذا أقرض شخص أخر مبلغا من المال، ولكي يضمن سداده اتفق مع المدين على تسمية العقد بالوديعة حتى يعاقب المدين إذا أخل بالتزامه، فإن هذا التكييف لا يقيد المحكمة التي لها أن تعتبر العقد قرضا، فلا تقوم تبعا لهذا جريمة إساءة الائتمان .

     إذن فالمقترض لا يعد مسيئا للائتمان إذا امتنع عن رد المبلغ في الميعاد المحدد، ولو كان ثابتا في الاتفاق بينه وبين المقرض أنه يحوز المبلغ على سبيل الوديعة.

     ولكن ألا يمكن اعتبار عقد القرض المخفي بعقد وديعة مشمولا بنص المادة 657؟

    إذا عدنا إلى نص هذه المادة نلاحظ أنها نصت على كل من تصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثليات سلمت إليه لعمل معين…”.

    والعمل المعين هنا يتضمن الوكالة و المقاولة والنقل والخدمات المجانية، وبالتالي يستبعد من نطاق شمولها العقود التي لا تتضمن القيام بعمل معين كالوديعة.

     لذلك نرى أن عقد القرض المخفي بعقد الوديعة يدخل ضمن نطاق المادة 656، باعتبارها تشمل الأشياء القيمية والمثلية في آن واحد، ومنها النقود.

    وكي تقوم جريمة إساءة الائتمان في هذه الحالة يجب أن تسلم النقود على وجه الوديعة وليس على وجه التصرف.

     فالتسليم في إساءة الائتمان يجب أن يكون للحيازة الناقصة وليس للحيازة التامة.

    ومثالها أن يطلب شخص من أخر أن يودع لديه مبلغاً من المال لمدة معينة.

     فعقد الوديعة لا يعطي للمؤتمن سلطة التصرف بالمال، فإذا تصرف به اعتبر مسيئاً اللائتمان. بينما في عقد الوديعة الذي يخفي عقد قرض، فهذا عقد القرض يعطي للمدين صلاحية التصرف بالمال وإعادة قيمته حين انتهاء أجل القرض، لأن التسليم فيه ينقل الحيازة التامة.

    نخلص بالنتيجة إلى أنه إذا ثبت للمحكمة أن العقد ليس من عقود الأمانة، فلا تصح إدانة المدعى عليه بإساءة الائتمان ولو بناء على اعترافه الصريح بأن العقد وديعة متى كان ذلك مخالفا للحقيقة.

     فعلى المحكمة في حالة القرض المستتر بوديعة أن تعطي الوصف الحقيقي للعقد في هذه الحالة باعتباره عقد قرض وليس عقد وديعة، واستبعاد شمول جرم إساءة الائتمان لهذه الفرضية. وبذلك استقر رأي الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية بأنه يجب على المحكمة الناظرة بدعوى متعلقة بجرم إساءة الأمانة أن تتأكد من أن المدعى عليه قد استلم المبلغ على سبيل الأمانة فإن لم يستلم المبلغ على سبيل الأمانة وإنما استلمه کدين شخصي فإن الركن الأساسي لجرم إساءة الائتمان، وهو كتم الأمانة ،ينتفي، والمحكمة إذا لم تتنبه و تتأكد من هذه النواحي تكون مرتكبة للخطأ المهني الجسيم .

    وتكييف العقد وإعطاءه الوصف الصحيح من قبل محكمة الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض التي يكون لها الرأي النهائي في ذلك.

    2- استبدال عقد الائتمان:

    للطرفين مطلق الحرية في استبدال عقد بأخر، فالعقود كما تنشأ بالتراضي تنتهي كذلك به.

     فقد يتفق الطرفان على استبدال عقد الأمانة القائم بينهما بعقد أخر، فلا صعوبة في الأمر إذا استبدلاه بعقد أمانة أخر، كأن يكون العقد الأول إيجار فيحل محله عقد وديعة، لأن التصرف في المال محل العقد الجديد تقوم به جريمة إساءة الائتمان.

     أما إذا استبدل عقد الأمانة بعقد غير ائتماني، کاستبدال عقد الإيجار بعقد البيع، فلا تقوم جريمة إساءة الائتمان عند التصرف بالمال، لأن عقد البيع ينقل الحيازة التامة وليس الناقصة.

    بيد أنه كي ينتج العقد الجديد أثره في عدم وقوع الجريمة لا بد من توافر شرطين:

    . أن يكون الاستبدال جدياً. .

     أن يتم الاستبدال قبل وقوع الجريمة.

  • ماهي صور النشاط الجرمي في جرم اساءة الاًمانة؟

    النشاط الجرمي في إساءة الائتمان

    يتجسد النشاط الجرمي في إساءة الائتمان بالاستيلاء على الحيازة التامة للشيء الذي سبق تسليمه على سبيل الحيازة الناقصة بناء على وجه من وجوه الأمانة.

    وهذا الاستيلاء يتحقق بأحد الأفعال التي نصت عليها المواد 656-657، تلك الأفعال التي تكشف عن تغيير نية الفاعل من حائز حيازة ناقصة إلى حائز حيازة تامة، بأن تتجه نيته إلى ضم الشيء إلى ملكه، أو الظهور عليه بمظهر المالك.

    يتضح من ذلك أن جوهر النشاط الجرمي في إساءة الائتمان هو إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى تامة، هذه الإرادة التي يكشفها أحد الأفعال المذكورة بالنصوص السابقة.

     وعند انتفاء الاستيلاء بالمعنى السابق تنتفي إساءة الائتمان.

     وتطبيقاً لذلك لا يعد مسيئاً للائتمان من يتأخر في رد الشيء المسلم له في الوقت المحدد، أو من يهلك لديه الشيء نتيجة إهمال أو سرقة أو حادث مفاجئ كالحريق.

    فما دام الأمين لا يجحد حق ملكية المالك للشيء، ولا يدعي ملكيته له، فلا يسأل عن إساءة ائتمان إذا أخل بأي التزام أخر من التزامات عقد الأمانة.

     بيد أنه إذا ثبت بالدليل القاطع أن نية الأمين قد اتجهت إلى إضاعة الشيء على مالكه قامت الجريمة في حقه.

    ويجدر التنويه هنا إلى أن طبيعة النشاط الجرمي لا تختلف سواء كان المال قيمياً أو مثلياً، فهو دائما نشاط مادي يعبر عن إرادة تغيير الحيازة الناقصة إلى حيازة تامة، بصرف النظر عن الصورة التي يبرز من خلالها هذا النشاط.

     بيد أنه في المال القيمي، أي الذي يجب رده بالذات، فإن استيلاء الأمين عليه بأحد الأفعال المحددة في المادة 656، تقوم إساءة الائتمان في حقه إذا توفر الركن المعنوي، بدون أي شرط أخر.

     أما إذا كان المال مثلياً، أي الذي يمكن رد مثله أو نوعه، فإن إساءة الائتمان لا تقوم بمجرد الاستيلاء على هذا المال و الظهور عليه بمظهر المالك، وإنما يشترط أن ينذر المجني عليه الفاعل أولا بضرورة رد مثل ما استلمه، ثم لا يبرئ ذمته بعد الإنذار.

     وهذا ما اشترطه صراحة نص المادة 657 بعبارة ” ولم يبرئ ذمته رغم الإنذار “.

    نستخلص من ذلك أنه بدون الإنذار لا تقوم جريمة إساءة الائتمان في الأموال المثلية .

    فالنص اعتبر الإنذار ركناً في صورة إساءة الائتمان بالأشياء المثلية يتوجب على المجني عليه القيام به حتى تثبت بعده بصورة قاطعة تغيير نية الأمين من مجرد حائز حيازة ناقصة إلى حائز حيازة تامة، ومالك للمال المالي الذي سلم إليه على وجه الأمانة.

    صور النشاط الجرمي لإساءة الائتمان

    أما صور النشاط الجرمي لإساءة الائتمان التي ذكرها المشرع فهي، كما أشرنا، كتم الشيء المسلم على سبيل الأمانة أو اختلاسه أو إتلافه أو تمزيقه (المادة 656)، أو التصرف به (المادة 657).

    ونحدد فيما يلي مدلول هذه الصور .

    أولاً- الكتم :

    الكتم يعني إنكار الأمين وجود الشيء في حيازته توصلا إلى التخلص من التزامه برده و احتفاظه به لنفسه.

    فهو إذن نشاط سلبي يتمثل في جحود الأمين حق المالك للمال الذي يحوزه حيازة ناقصة.

     وإذا كان الكتم لغويا يتم عادة بالإخفاء، إلا أن هذا ليس بشرط لازم، إذ قد لا يخفيه بل يدعي ملكيته، وبالتالي فإن المعنى القانوني للكتم أوسع من معناه اللغوي. وقد يلجأ الأمين إمعاناً منه في التضليل إلى ادعاء سرقة أو ضياع المال المؤتمن عليه.

     وبناء على ذلك يستوي في قيام الكتم إنكار الحيازة للشيء أصلاً عن طريق إنكار التسليم أو العقد، أو عدم إنكارها والادعاء پملكية هذا الشيء .

     كما يستوي في قيام الكتم الادعاء كذبا برد المال أو ضياعه أو سرقته.

    ثانياً- الاختلاس

    الاختلاس يتحقق بكل فعل لا يخرج به الأمين الشيء من حيازته متى كشف عن نية تغيير الحيازة من ناقصة إلى تامة.

    فعندما يقوم الأمين، تجاه الشيء المؤتمن عليه، بفعل يدخل ضمن سلطات المالك، يعتبر مختلسة له .

    ومثال ذلك أن يتسلم الخياط من الزبون قطعة قماش ليخيطها له بنطالا فيخيطها ثوب أو قميصاً لنفسه.

    أو أن يؤتمن شخص على شيء فيعرضه للبيع، أو أن يؤتمن شخص على سند فيطالب لنفسه بالحق المثبت فيه.

     ويتفق الاختلاس مع الكتم في أن الأمين، في الحالتين، لا يخرج المال المؤتمن عليه من حيازته. ويختلف عنه بأنه لا يكتفي فيه بمجرد إنكار وجود الشيء لديه، بل هو يستعمله أو ينتفع به في صورة تكشف عن اعتباره نفسه في ذات مرکز مالكه، أو سالكاً إزاءه مسلك المالك.

    ثالثاً: الإتلاف

    من قيمته أو هو صورة من صور التصرف المادي بالشيء يتمثل بتعييب الشيء أو تغيير هيئته المادية، مما ينقص على الأقل تقل منفعته وأوجه استخدام المالك له.

    يتضح من ذلك أن جوهر النشاط الجرمي في إساءة الائتمان هو إرادة تغيير نوع الحيازة من ناقصة إلى تامة، هذه الإرادة التي يكشفها أحد الأفعال المذكورة بالنصوص السابقة.

    وعند انتفاء الاستيلاء بالمعنى السابق تنتفي إساءة الائتمان.

    وتطبيقا لذلك لا يعد مسيئاً للائتمان من يتأخر في رد الشيء المسلم له في الوقت المحدد، أو من يهلك لديه الشيء نتيجة إهمال أو سرقة أو حادث مفاجئ كالحريق.

     فما دام الأمين لا يجحد حق ملكية المالك للشيء، ولا يدعي ملكيته له، فلا يسأل عن إساءة ائتمان إذا أخل بأي التزام أخر من التزامات عقد الأمانة.

    بيد أنه إذا ثبت بالدليل القاطع أن نية الأمين قد اتجهت إلى إضاعة الشيء على مالكه قامت الجريمة في حقه.

    ويجدر التنويه هنا إلى أن طبيعة النشاط الجرمي لا تختلف سواء كان المال قيمياً أو مثلياً، فهو دائما نشاط مادي يعبر عن إرادة تغيير الحيازة الناقصة إلى حيازة تامة، بصرف النظر عن الصورة التي يبرز من خلالها هذا النشاط.

     بيد أنه في المال القيمي، أي الذي يجب رده بالذات، فإن استيلاء الأمين عليه بأحد الأفعال المحددة في المادة 656، تقوم إساءة الائتمان في حقه إذا توفر الركن المعنوي، بدون أي شرط أخر.

     أما إذا كان المال مثلياً، أي الذي يمكن رد مثله أو نوعه، فإن إساءة الائتمان لا تقوم بمجرد الاستيلاء على هذا المال و الظهور عليه بمظهر المالك، وإنما يشترط أن ينذر المجني عليه الفاعل أولا بضرورة رد مثل ما استلمه، ثم لا يبرئ ذمته بعد الإنذار.

    والإتلاف هو إحدى سلطات مالك الشيء، فإذا صدر عن الحائز حيازة ناقصة، فهو يجحد ملكية مالك المال ويظهر إزاء الشيء بمظهر المالك.

    ومن أمثلة الإتلاف: نزع جزء من آلة ائتمن الشخص عليها، أو محوه من لوحة ائتمن عليها لتوقيع راسمها، أو نزعه لبعض صفحات كتاب أو مخطوط ائتمن عليه.

    رابعاً – التمزيق

    هو أيضا صورة من صور التصرف المادي بالشيء يتمثل بإعدام ذاتية الشيء وفقده كيانه على نحو يفقده صلاحية تأدية المنفعة التي أعد لها، فتنعدم تبعا لذلك قيمته المالية.

     والتمزيق كالإتلاف سلوك لا يدخل إلا ضمن سلطات المالك، فإذا صدر عن حائز حيازة ناقصة فهو ينكر ملكية مالك المال، معتبراً نفسه كالمالك.

     و الواضح من خلال ترجمة عبارة التمزيق عن الأصل الفرنسي عدم دقتها.

    فالتمزيق عبارة توحي أن المحل الواقع عليه هو شيء ورقي، كسند أو مخطوط أو كتاب، فهذه الأشياء هي التي تمزق وتتمزق.

     إلا أن الترجمة الأدق للأصل الفرنسي لهذه الكلمة يعني ” تدمير أو إعدام ” للشيء سواء كان ورقيا أم لا.

    وتطبيقاً لهذا المعنى يدخل ضمن مفهوم التمزيق: أن يؤتمن شخص على سند فيمزقه، أي يجزئ مادته قطعاً صغيرة، أو يؤتمن على كتب أو مخطوطات هامة فيحرقها، أو يؤتمن على آلة فيعدمها، أو على طعام فيلتهمه، أو على حيوان فيقتله.

     

    خامساً – التصرف بالمثليات

    أشارت المادة 656 إلى هذا الفعل بقولها ” كل تصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثليات “.

    ويقصد بالتصرف بالمثليات التصرف القانوني والتصرف المادي بها .

     و التصرف القانوني يتمثل بتخويل الغير حقا عينيا على الشيء وإخراجه في الوقت ذاته من حيازة المدعى عليه.

     وتطبيقاً لذلك إذا كان الشيء من غير النقود فالتصرف القانوني به يكون ببيعه أو المقايضة عليه أو هبته.

     أما إذا كان الشيء نقوداً فالتصرف به يكون بإنفاقه أو بإقراضه.

     أما التصرف المادي فيتمثل بإفناء مادة الشيء إما باستهلاكه، كأن يكون طعاماً فيأكله، وإما بتعريضه للهلاك، كأن يكون الشيء غلالا فيصنع منها لعائلته خبزاً ويأكلوه، أو يتركها للطيور وتلتقطها.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1