التصنيف: القواعد الفقهية والقانونية

  • شرح القاعدة الفقهية: الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة 

    شرح القاعدة الفقهية: الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة 

    محامي عربي

    الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة 

    الولاية العامة تكون في الدين والنفس والمال وهي ولاية الإمام ونوابه، والولاية الخاصة تكون في النفس والمال فقط، وقولهم الولاية الخاصة أقوى . . لأن كل ما كان أقل اشتراكاً كان أقوى تأثيراً وتمكيناً ، ومعنى أن الولاية الخاصة أقوى أي بقوة نفاذ التصرف على الغير شاء أم أبى.

    من تطبيقات هذه القاعدة أن القاضي لا يزوج اليتيم واليتيمة إلا عند عدم وجود ولي لهما في النكاح ولو ذا رحم محرم أو أماً .

    ومنها: إذا أجر القاضي حانوت الوقف من زيد وأجره المتولي من بكر، فإن إجارة المتولي هي المعتبرة.

    ومنها : أن القاضي لا يملك التصرف في الوقف مع وجود متولّ ولو من قبله، حتى لو تصرف فيه ببيع أو شراء أو إجارة أو جباية لا ينفذ تصرفه؛ إذ لا تدخل ولاية السلطان على ولاية المتولي في الوقف .  .

    ومنها : أن القاضي لا يملك التصرف بمال الصغير مع وجود وصي الأب أو الجد أو وصي القاضي نفسه، ولا يملك تزويج الصغار مع وجود الولي إلا بعد عضله .

     ومنها : لو زوج القاضي المرأة لغيبة الولي وزوجها وليها الغائب من آخر في وقت واحد وثبت ذلك بالبينة اعتبر تزويج الولي لا غير.

    تنبيهات :

    • الأول : ظاهر كلام المشايخ أن الولاية مراتب :

    ١ – ولاية الأب والجد، وهي وصف ذاتي لهما، فلو عزلا أنفسهما لم ينعزلا .

    ۲ ـ ولاية الوكيل وهي غير لازمة للموكل عزله وللوكيل عزل نفسه بعلم موكله .

    3- ولاية الوصي وهي بينهما، ولم يجز أن يعزل نفسه .

    ٤ – ولاية ناظر الوقف، يجوز للواقف عزله بلا اشتراط، وهو المعتمد في الأوقاف والقضاء، أما إذا عزل نفسه فإن أخرجه القاضي خرج كما في القنية،

    وفي فتاوى رشيد الدين أن القاضي لا يملك عزل القيم على الوقف إلا عند ظهور الخيانة منه .

    الثاني: الأب والجد ولايتهما في المال والنكاح، والعصبات والأم وذوو الأرحام ولايتهم في النكاح فقط، والوصي ولايته في المال فقط. . .

     الثالث : الولاية الخاصة على خمسة أضرب :

    1 – ولاية قوية في النفس والمال، وهي ولاية الأب والجد لأب وإن علا بشرط الحرية والتكليف والاتحاد في الدين، وغير الإسلام من الأديان بمنزلة دين واحد .

    ٢ – ولاية ضعيفة في النفس والمال وهي ولاية من كان الصغير في حجره من الأجانب أو من الأقارب، وكان هناك أقرب منه فيملك تأديبه ويحفظ له ماله .

    3- ولاية قوية في النفس ضعيفة في المال وهي ولاية العصبات من غير الأب والجد أو ذوي الأرحام فيزوجون الصغيرة بالكفء وبمهر المثل والصغير بما فيه مصلحة له ولا يتصرفون في أموالهما .

    ٤ ـ ولاية قوية في المال ضعيفة في النفس، وهي ولاية وصي الأب أو الجد أو القاضي، فإنهم يتصرفون في أموال الصغار ولا يزوجوهم.

    ه ـ ولاية قوية في المال فقط، وهي ولاية متولي الوقف في مال الوقف وولاية الوصي في مال الكبير الغائب، فإن الواحد منهما يلي بيع غير العقار من التركة لدين أو وصية لا وفاء لهما إلا ببيعه.  .

    . الرابع: الولاية على النفس هي أولاً للعصبات الأصول، ثم للفروع، ثم للحواشي، ثم للأم، ثم للشقيقات، ثم للأخوات لأب، ثم للأخوات لأم، ثم لذوي الأرحام. .

    ولهذه القاعدة مستثنيات منها : يجوز للقاضي تأجير عقار الوقف من المتولي ممن لا تقبل شهادته للمتولي أو من أصوله وفروعه، ولو لم يكن في ذلك خيرية  .

    ومنها : أن المتولي لا يملك العزل والنصب لأرباب الجهات بدون أن يشترط الواقف له ذلك ويملكه القاضي بدون شرط الواقف .

    ومنها : أن القاضي يملك إقراض مال الصغير دون الأب أو الوصي؛ لأن القاضي قادر على تحصيل الدين لشوكته وليس للوصي ذلك .

    ومنها : أن القاضي يملك الاستقراض للوقف واستبداله بشروط وتأجيره مدة طويلة عند مسيس الحاجة إلى تعميره ولا يملك المتولي ذلك.

    ومنها: للقاضي أن يحاسب المتولين والأوصياء ويعزل الخائن منهم وإن شرط الواقف والموصي عدم مداخلته؛ لأن صيانة مال الأوقاف والأيتام هي من الحق العام فتجاوز الحدود المسموحة للأولياء والأوصياء والقوام يعود إلى تقدير الولاية العامة .  .

  • شرح القاعدة الفقهية: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    شرح القاعدة الفقهية: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    محامي عربي

    التصرف على الرعية منوط بالمصلحة

    هذه القاعدة مأخوذة من قاعدة (تصرف القاضي فيما له فعله في أموال الناس والأوقاف مقيد بالمصلحة)، والرعية هنا هي عموم الناس الذين هم تحت ولاية ولي الأمر ، ولما كان لولي أمر المسلمين ولاية نظارة على عموم الرعية في الأمور العامة، كانت تصرفاته منوطة بالمصلحة؛ لأن السلطان إنما أعطي السلطة من الله تعالى لأجل صيانة ووقاية أموال رعيته ودمائهم وأعراضهم ، فإن لم يوجد في ضمن تصرفه مصلحة أو منفعة دينية كانت أو دنيوية لا يلزمهم ولا ينفذ عليهم .

    ذلك لأن الولاة ومن دونهم من الموظفين في فروع السلطة الحكومية ليسوا عمالاً لأنفسهم وإنما هم وكلاء عن الأمة في القيام بأصلح التدابير لإقامة العدل ودفع الظلم وصياغة الحقوق والأخلاق وتطهير المجتمع من الفساد وتحقيق كل ما هو خير للأمة مما يعبر عنه بالمصلحة العامة، فليس لإمام أو أمير أو قاضي أن يمنع محاسبة من تحت أيديهم في أموال العامة أو القاصرين كالمتولين على الأوقاف والأوصياء، ولا أن يولي غير أمين أو غير كَفِي عملاً  من الأعمال العامة.

    والأصل في ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ” ما من عبد يسترعيه الله على رعية يموت وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة” (رواه الشيخان)، وقوله عليه الصلاة والسلام: “ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم كنصحه وجهده لنفسه إلا لم يدخل معهم  الجنة” (رواه مسلم في الأقضية، وقوله عليه الصلاة والسلام «من استعمل رجلاً في عصابة وفيهم من هو أرضى الله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» (رواه الحاكم)  .

    من فروع هذه القاعدة:

    لو زوّج القاضي الصغيرة من غير كفء أو قضى بخلاف شرط الواقف أو أبرأ عن حق من حقوق العامة لم يجز .

     ومنها : ليس لمتولي الوقف ولا للقاضي إحداث وظيفة في غير ما شرطه الواقف وإن كان في الغلة فضلة .

    ومنها : لو أجر المتولي عقار الوقف بغبن فاحش لا يصح .

     ومنها: لو صالح الولي أو الوصي عن الصغير صلحاً مضراً به لا يصح ، كما  لو صالح الخصم قبل أن ينوي رد دعواه بالبينة لا يصح .

    ومنها: لو أمر القاضي شخصاً بأن يستهلك مالاً من بيت المال أو مالاً لشخص آخر فإذنه غير صحيح، حتى إن القاضي نفسه لو استهلك ذلك المال يكون ضامناً ، وقد جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب له قوله : (إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة والي اليتيم إن احتجت أخذت، وإن أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت).

     ومنها : لا يجوز للقاضي أن يهب أموال الوقف وأموال الصغير لأن تصرفه فيهما يجب أن يكون لمصلحة لهما .  ومنها: أن القاضي إذا قرر فرّاشاً للمسجد بغير شرط الواقف لم يحل للقاضي ذلك، ولم يحلّ للفرّاش تناول المعلوم، وبه عُلم حرمة إحداث الوظائف بالأوقاف بالطريق الأولى.  .

    ومنها: لو قرر القاضي صرف فائض وقف لوقف آخر اتحد واقفهما أو اختلف لم يجز . كما في الدرر والغرر ، قال العلامة الحموي: المفهوم من الدر والغرر أنه إذا اتحد الواقف ونوع المصرف بأن بنى رجل مسجدين ووقف لهما أوقافاً مستغلة أو مدرستين يجوز صرف زائد أحدهما إلى الآخر.

    أما إذا اختلف الواقف بأن يقف رجل مسجداً ويقف رجل آخر مسجداً أو اختلف المصرف بأن بنى الآخر مسجداً ومدرسة فلا يجوز، وإذا اتحد الواقف والجهة بأن بنى رجل مسجدين وعيَّن لمصالح كل منهما وقفاً وقل مرسوم بعض الموقوف عليه جاز للحاكم أن يصرف من فاضل الوقف الآخر عليه لأنهما كشيء ء واحد .

    ويستثنى من هذه القاعدة أن الأب أو الجد إذا لم يكن بسكران ولم يكن معلوماً بسوء الاختيار، ، ينفذ تزويجه للصغير والصغيرة من غير كفء وبغبن فاحش .

  • شرح القاعدة الفقهية: ما حرم فعله حرم طلبه

    شرح القاعدة الفقهية: ما حرم فعله حرم طلبه

    محامي عربي

    ما حرم فعله حرم طلبه

    وكذا ما يكره فعله يكره ،طلبه، إذ السكوت على الحرام والمكروه والتمكين منهما حرام ومكروه، ولا شك أن طلبه فوق السكوت عليه والتمكين منه. من ذلك شهادة الزور واليمين الكاذب والظلم… فيحرم فيها الفعل والتوسط والطلب .

     ويستثنى من هذه القاعدة بعض الحالات منها :

    لو ادعى رجل على آخر دعوی صادقة ولا بينة له فأنكر المدعى عليه الحق واستعد لليمين، فيجوز للمدعي تحليف الخصم اليمين مع أنها كاذبة لا تحل ؛ لأن طلب اليمين يكون رجاءً لظهور الحق بنكوله عنها لا رجاء الإقدام عليها

  • شرح القاعدة الفقهية: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه

    شرح القاعدة الفقهية: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه

    محامي عربي

    ما حرم أخذه حرم إعطاؤه

    الحرمة في الأمور المحرمة صفة مطلقة تصيب كل الأطراف المتعلقة بها على السواء، كالربا مثلاً فإن أخذه حرام على الآخذ، وكذلك إعطاؤه على المعطي حرام أيضاً؛ لأنه لولا المعطي لما وُجد الآخذ، ولولا الآخذ لما وجد المعطي، فهما طرفا علاقة واحدة فكان حكمهما واحداً ؛ ولأن إعطاء المحرم للغير سواء أكان على سبيل المنحة ابتداءً أم على سبيل المقابلة، يكون عندئذ من قبيل الدعوة إلى المحرم أو الإعانة عليه .

     من ذلك : يحرم  أخذ الرشوة ولا تملك بالقبض ويجب ردها ولو كانت بغير طلب المرتشي ويحرم إعطاؤها، وكذلك أجرة المتوسط لعقد النكاح وأجرة المصلح بين المتخاصمين، ويستثنى من ذلك ما يدفعه الوصي من بعض مال اليتيم لتخليص الباقي والإثم على الآخذ دون المعطي.

    وكما أن الحرام أخذه وإعطاؤه سواء في الحرمة، فالمكروه أيضاً أخذه وإعطاؤه مكروه.

  • شرح القاعدة الفقهية: إذا زال المانع عاد الممنوع

    شرح القاعدة الفقهية: إذا زال المانع عاد الممنوع

    محامي عربي

    إذا زال المانع عاد الممنوع

     المانع في الاصطلاح ما توقف وجود غيره على زواله، وإن كثيراً من الأحكام تحول بعض الموانع دون نفاذها، وتعتبر موقوفة ما دام المانع قائماً، فإذا زال المانع عاد الحكم الممنوع إلى النفاذ.

     من فروع هذه القاعدة:

    لو أوصى لوارث ثم امتنع إرثه بمانع صحت الوصية، كما لو أوصى لأخيه ، ثم ولد له ابن ثم مات الموصي .

    ومنها : لو شهد وهو صبي أو أعمى وقد تحملها بصيراً فردَّت، ثم بلغ الصبي أو أبصر الأعمى فشهد بها تقبل ، والأصل أن الشهادة إذا ردت لتهمة فزالت ثم شهد بها لا تقبل، وإن ردت لشبهة فزالت ثم شهد بها تقبل .

    ومنها : لو تزوجت صاحبة حق الحضانة بغير مَحْرَم من الصغير المحضون ثم طلقت، فإنه يعود إليها حق الحضانة لزوال المانع .

     ومنها: لو نشزت الزوجة ثم عادت إلى بيت زوجها، فإنها يعود إليها استحقاق النفقة لزوال المانع وهو النشوز .

    ومنها: إذا وهب إنسان عيناً من آخر وسلّمها له، ثم أراد استردادها، كان له ذلك ما دامت العين قائمة بحالها – شرط أن لا يكون الموهوب له زوجاً للواهب أو ذا رحم منه ـ فإذا أدخل عليها الموهوب له زيادات متصلة امتنع على الواهب استردادها، كأن تكون أرضاً فيبني أو يغرس فيها، فإذا أزال الموهوب له ما أحدثه من تغيير رجع للواهب حقه في الاسترداد.

    تنبيه :

    في هذه المسائل لم يعد الحق بعد سقوطه على سبيل الاستثناء من القاعدة (الساقط لا يعود)؛ لأن الحق فيها لا يسقط حيث توجد مصلحة باستمراره وضرر بسقوطه، إنما يرد عليه مانع يمنعه.

    كذلك التناقض مانع من سماع الدعوى، فإذا تناقض شخص في دعواه لا تسمع منه الدعوى الثانية، إلا أنه بتصديق الخصم أو بتكذيب إقراره بحكم الحاكم يزول التناقض وتصبح الدعوى الثانية مسموعة لزوال المانع، فلو ادعى أحد على آخر قائلاً : إن لمورثي المتوفى فلان مالاً في ذمتك، فادعى المدعى عليه بأنه قد أدى ذلك المبلغ لوصي المتوفى المنصوب لرعاية شؤون التركة، وأنكر المدعي والوصي وصول المبلغ، فأقام المدعى عليه البينة ودفع دعوى المدعي، فللمدعي أن يطالب الوصي بالمبلغ المذكور.

    ومن ذلك أيضاً : لو ادعى الوصية فأنكرها الوارث : فأقام الموصى له البينة، فادعى الوارث الرجوع عن الوصية، تقبل دعواه، إذ لعل الموصي قد أوصى ولم يعلم الوارث بالوصية، ثم رجع الموصي ولم يعلم الموصى له بالرجوع.

    ومنها: لو قال أنا لست وارث فلان ثم ادعى إرثه وبين الجهة تُسمع دعواه؛ لأن التناقض في النسب لا يمنع صحة دعواه . .

    ومنها: لو قال: هذا الولد ليس مني، ثم قال : هو مني وصدقه الابن، صح إقراره وبالعكس؛ لكون النسب لا ينتفي بنفيه بل بعدم وجود الفراش، أما إن لم يصدقه الابن فلا يثبت النسب لأنه إقرار على الغير، لكن إن لم يصدقه الابن ثم صدقه تثبت البنوة؛ لأن إقرار الأب لم يبطل بعدم التصديق .

     ومنها : إذا صدق الورثة الزوجة في الزوجية ودفعوا لها حصتها في الميراث، ثم ادعوا استرجاع الميراث بحكم الطلاق المانع منه، تسمع دعواهم لقيام العذر لهم في ذلك، حيث استصحبوا الحال في الزوجية وخفيت عليهم البينونة .  .

    ومنها: ادعى على ذوي رحم الميت أن مورثهم أوصى له بثلث المال وصدقوه جميعاً، ثم ادعى كل المال بحكم الوراثة ببنوته لعم المتوفى، وعجز عن إثبات النسب والوراثة فقال : إني عجزت عن إثبات الوراثة فأعطوني ثلث المال بحكم الوصية التي صدقتموني فيها ؟! فيسمع منه هذا لأن هذا القدر أي الثلث ليس فيه تناقضاً

  • ماهو الاجتهاد وماهي شروط المجتهد وماهي مراتبهم؟

    ماهو الاجتهاد وماهي شروط المجتهد وماهي مراتبهم؟

    محامي عربي

    أولاً : تعريف الأجتهاد:

    الاجتهاد بتعريف صاحب التلويح أنه استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظنّ بحكم شرعي، وقد عرفه ابن الهمام في تحريره بأنه بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي عقلياً كان أو نقلياً .

    ثانياً: شروط المجتهد:

    وللاجتهاد شروط في حق المجتهد، وهي :

    أ ـ أن يعرف القرآن معانيه ووجوهه وناسخه ومنسوخه، وأسباب مع النزول .

    ب ـ أن يعرف السنة بمتنها وسندها من تواتر وشهرة وآحاد، ومن صحة وحسن وضعف .

    ج ـ أن يكون عالماً بمسائل الإجماع.

    د ـ أن يكون عالماً بلغة العرب من مفردات وأساليب بيانية .

    هـ ـ أن يكون خبيراً بوقائع الناس ومعاملاتهم، عالماً بأعرافهم ومصالحهم وموطن الحرج في أنماط حياتهم.

    و ـ أن يكون عالماً بمقاصد التشريع وأصول الاستنباط وقواعد تفسير نصوص الأحكام .

    ز ـ أن يكون عالماً بأمهات متون الفقه وما حوته شروحها المعتبرة في مجال الإفتاء .

    ثالثاً: مراتب المجتهدين :

    والمجتهدون على مراتب خمسة، وهي:

    ۱ – مجتهد مطلق مستقل:

    وهو الذي اجتهد بقواعده لنفسه، يبني عليها الفقه خارجاً عما عُرف من قواعد المجتهدين مثل الأئمة الأربعة، وهذا فُقِدَ من دهر، بل لو أراده إنسان اليوم لامتنع عليه كما قال الامام السيوطي.

     2ـ مجتهد مطلق غير مستقل :

    وهو الذي وجدت فيه شروط الاجتهاد المطلق إلا أنه لم يبتكر لنفسه قواعد بل سلك طريقة إمام المذهب الذي انتسب إليه دون أن يقلده، كأبي يوسف ومحمد من الحنفية، وابن القاسم وأشهب من المالكية، والبويطي والمزني من الشافعية.

    ٣ ـ مجتهد التخريج :

    هو أن يكون مقيداً في مذهب، مستقلاً بتقرير الدليل بحيث لا يتجاوز في أدلته أصول وقواعد إمامه، وهذه رتبة اجتهاد في المذهب للتمكن من معرفة الأحكام في الوقائع التي لم يرد فيها نص عن إمام المذهب بطريق التخريج على النصوص والقواعد المنقولة عن الإمام، من هؤلاء: الحسن بن زياد والكرخي من الحنفية، والأبهري وابن أبي زيد القيرواني من المالكية، وأبو إسحاق الشيرازي والمروزي من الشافعية.

    ٤ ـ مجتهد الترجيح :

    وهو من تمكن من الترجيح بين ما قاله الإمام وما قاله تلاميذه، وتفضيل بعض الروايات على بعض كالقدوري والمرغيناني من الحنفية والنووي والغزالي من الشافعية والخليل بن إسحاق الجندي وابن رشد القرطبي من المالكية.

    وبفضل هؤلاء المجتهدين أمكن ضبط الأحكام الفقهية الكثيرة المنقولة عن أئمة المذاهب الأربعة، ومعرفة الأقوال التي يصح الاعتماد عليها والتي لا يصح، وتخريج علل هذه الأحكام حتى يتسنى القياس عليها فيما يحتاج إليه الناس في العصور المختلفة.

    هـ ـ مجتهد الفتيا :

    وهو من يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه وعنده ضعف في تقریر أدلته وتحرير أقيسته .

    تنبيه: يطلق على المراتب الثلاثة الأخيرة كلمة الاجتهاد تسامحاً؛ لأن لا الواحد منهم ينتهي باستنباطه إلى حكم شرعي، وإنما ينتهي إلى رأي إمامه.

  • شرح القاعدة الفقهية: الاجتهاد لا ينقض بمثله – مع تفصيل وأمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: الاجتهاد لا ينقض بمثله – مع تفصيل وأمثلة

    محامي عربي

    الاجتهاد لا ينقض بمثله 

     

    هذه القاعدة عللها في الأشباه بأن ليس الاجتهاد الثاني بأقوى من الأول، وعللها في الهداية بأن الاجتهاد الثاني كالاجتهاد الأول، وقد يترجح الأول باتصال القضاء به  لأنه لو نقض الأول بالثاني لجاز أن ينقض الثاني بالثالث وهكذا .

    وذلك يؤدي إلى عدم استقرار الأحكام، فلو قضى قاض في حادثه باجتهاده ثم تبدل اجتهاده فرفع إليه نظيرها فقضى فيها باجتهاده الثاني فلا ينقض الأول ، ولقول عمر له حين قضى في حادثة بخلاف ما قضى في نظيرها قبلاً “ تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي” 

    وكان أمير المؤمنين أبو بكر الصديق الله يصدر بعض الأحكام بناء على ما اجتهده، وكان عمر ه يحضر جلسات الحكم، ومع أن رأيه غير رأي أبي بكر في بعضها فلم ينقض شيئاً منها بعدما عُهد إليه بمنصب الخلافة.

     وكذلك لو كان أحد مقلداً لمجتهد في عمل فاستفتى فيه، فأفتي فيه بمذهب مجتهد آخر يخالف اجتهاد المجتهد الأول لا ينقض عمله السابق .

    تنبيهات :

    الأول : ما ذكر هو في القاضي المجتهد، أما المقلد الذي تقلد القضاء مقيداً بمذهب معين، فإنه يتقيد به، فلو حكم بخلافه ينقض وإن وافق أصلاً مجتهداً فيه، ولو أخطأ في تطبيق الحادثة على حكم شرعي ثم ظهر أن النقل الشرعي بخلافه فإن حكمه ينقض أيضاً.

    الثاني : القاضي إذا قضى بالجور ثم ظهر الحق، كأن قضى بطلاق ثم ظهر أن الشهود محدودون في قذف مثلاً، بطل القضاء وعادت المرأة إلى زوجها، وإن قضى بالجور عمداً وأقر به فالضمان في ماله في الوجوه كلها ويعزل عن القضاء، كذا في الدر  .

    الثالث : الاجتهاد دائماً عرضة للتبديل بتبدل وجهات النظر في الدليل، وهذا مبدأ قانوني مقرر أيضاً، فإن محاكم النقض العليا التي يعود إليها النقض والإبرام إذا تبدل اجتهادها القضائي في حادثة أو في فهم مادة قانونية لا . يسري ذلك على ما مضى، فيعمل باجتهادها الجديد في القضايا الجديدة .

    الرابع : إذا صدر أمر السلطان بالعمل برأي مجتهد لما يعلم من أحوال رعيته  وبما يوافق مصلحتهم، فحكم القاضي برأي مجتهد آخر لا ينفذ، أما إذا لم يرجح  السلطان قول أحد المجتهدين في المسائل المختلف فيها، فعلى القاضي أو المفتي أن يعملان على الوجه الآتي :

     ١ ـ يأخذان بقول أبي حنيفة مطلقاً، سواء كان معه أحد أصحابه أو انفرد عنهم، ثم بقول أبي يوسف إذا لم يجد رواية عن الإمام، ثم بقول محمد إذا لم يجد رواية عن أبي يوسف، ثم بقول زفر، ثم بقول الحسن بن زياد، ولا يخير بين هذه الأقوال إلا إذا كان مجتهداً يمكن أن يطلع على قوة الدليل كالمشايخ الذين هم من أصحاب الترجيح، فلم يأخذوا بقول الإمام مطلقاً، فتارة رجحوا قول أبي يوسف، وتارة قول محمد، ورجّحوا من أقوال زفر سبعة عشر مسألة .

     ۲ ـ في المسائل المتعلقة بأمور القضاء والشهادة يُعمل برأي الإمام أبي يوسف لأنه اشتغل بالقضاء وحصل على زيادة تجربة .

    3ـ إذا كان الاختلاف بين الإمام وصاحبيه ناشئ عن اختلاف الزمان، فيعمل بقولهما كالحكم بظاهر العدالة.

    ٤ ـ في المسائل التي أجمع فيها متأخّرو الحنفية على رأي الصاحبين كمسائل المزارعة والمساقاة فيُعمل برأيهما .

    ه ـ إذا رجح المتأخرون أحد الأقوال فيجب العمل به، وإذا صرّح أحد رجح المشايخ بأن قول غير الإمام هو القول المفتى به، فعلى القاضي أو المفتي أن يأخذ بذلك القول، وإذا كان كل من قول الإمام وقول صاحبيه مصححاً ولم یکن تصحيح أحدهما أكد من الآخر، فيقدم قول الإمام.

     ٦ ـ ما في المتون مقدم على ما في الشروح، وما في الشروح مقدم على ما في كتب الفتاوى، وهذا عند التصريح بتصحيح كل من القولين، أما إذا كان التصريح بالتصحيح لما في الشروح دون الذي في المتون، فيقدم المصرح بتصحيحه؛ لأن التصحيح الصريح مقدم على التصحيح الالتزامي الموجود في المتون .

    ۷ ـ لو كان في المسألة قولان أحدهما معلَّل دون الآخر، كان التعليل ترجيح للمعلل .

    8ـ لو كان في المسألة قولان أحدهما عملاً بالقياس والثاني عملاً بالاستحسان، قدم المستحسن لأنه أرفق بالناس، باستثناء اثنين وعشرين مسألة ذكرهما ابن نجيم في شرحه للمنار.

    ۹ ـ إذا اختلفت الروايات والتصحيحات وجب العمل بظاهر الرواية، وهي المسائل المروية عن الإمام وأصحابه المجموعة في كتب محمد الستة، وهي : الجامع الكبير، الجامع الصغير، السير الكبير، السير الصغير، الزيادات، المبسوط، وهذه مروية عن محمد بن الحسن بروايات الثقات، وهي روايات إما متواترة أو مشهورة.

    ١٠ ـ إذا لم يوجد للمسألة قول في ظاهر الرواية فيؤخذ بمسائل النوادر، وهي المروية عن الإمام وأصحابه في كتب أُخر لمحمد بن الحسن كالكيسانيات والهارونيات والجرجانيات والرقيَّات، وقيل عنها غير ظاهر الرواية لأنها لم ترد عن محمد بروايات ثابتة صحيحة، ومثلها ما جاء في كتاب المحرر لمحمد بن الحسن بن زياد، وكتاب الأمالي المروي عن أبي يوسف.

     ١١ ـ إذا لم يوجد للمسألة قول من كتب غير ظاهر الرواية، فيؤخذ بمسائل الواقعات وهي مسائل استنبطها المتأخرون ولم يوجد فيها رواية لا عن الإمام ولا عن أصحابه، وهؤلاء المجتهدون من أصحاب أصحاب الإمام، وسُميت واقعات لأنها أجوبة على أسئلة وقعت لهم .

    ١٢ ـ في مسائل الوقف يحكم القاضي بالقول الأنفع للوقف، فيأخذ بقول الصاحبين بلزوم الوقف ويترك قول الإمام بعدم لزومه.

    من تطبيقات هذه القاعدة إذا قضى القاضي برد شهادة الشهود في دعوى لفسقهم لم يجز له ولا لغيره أن يحكم بعدالتهم في الدعوى المعروضة نفسها، أما إذا شهدوا في دعوى ثانية جاز الحكم بعدالتهم؛ لأن الاجتهاد الثاني المخالف جاء في قضية غير الأولى، والاجتهاد الأول كان صحيحاً غير مخالف لنص صريح، وهو الذي فعله سيدنا عمر .

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1