التصنيف: بوابة الأنظمة السعودية

  • شرح القاعدة الفقهية: لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان

    شرح القاعدة الفقهية: لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان

    محامي عربي

    اتفقت كلمة الفقهاء على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الأزمان وأخلاق الناس هي  الأحكام الاجتهادية من قياسية ومصلحية، سواء كان تغير الزمان الموجب لتبديل الأحكام ناشئاً عن فساد الأخلاق وضعف الوازع، أم كان ناشئاً عن حدوث أوضاع تنظيمية وترتيبات إدارية وأساليب اقتصادية وغير ذلك.

    أما الأحكام التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الآمرة الناهية فلا تتبدل بتبدل الأزمان بل هي أصول جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال ولمقاومة خلافها، ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها قد تتبدل باختلاف الأزمنة.

    فإن كان عرف أهل الزمان وعادتهم يستدعيان حكماً ثم تغيّرا إلى عرف وعادة أخرى فإن الحكم يتغير إلى ما يوافق ما انتقل إليه عرفهم وعادتهم، والبعض اعتبر أن تغير الأحكام إحداثها وابتداء سنها بعد أن لم تكن كما قال عمر بن عبد العزيز الله (ستحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور) .

    لقد رأى الإمام أبو حنيفة عدم لزوم تزكية الشهود في دعوى المال ما لم يطعن الخصم فيهم، وسبب ذلك صلاح الناس في زمانه، أما الصاحبان وقد شهدا زمناً غير زمنه تفشت فيه الأخلاق الفاسدة فرأيا لزوم تزكية الشهود سراً وعلناً والمجلة أخذت بقولهما .

    من القواعد :

    أنه لا يجتمع أجر وضمان ، إلا أن المتأخرين من الفقهاء لما وجدوا أن الناس في عصرهم لا يبالون باغتصاب مال اليتيم وأموال الأوقاف والتعدي عليها كلما سنحت لهم الفرصة، فأوجبوا ضمان منافع المال المغصوب العائد للوقف واليتيم قطعاً للأطماع.

    ومن فروع هذه القاعدة :

    أنه لما ندرت العدالة وعزّت في الأزمان الأخيرة قالوا بقبول شهادة الأمثل فالأمثل، والأقل فجوراً فالأقل.

      ومنها:

    جوزوا تحليف الشهود عند إلحاح الخصم وإذا رأى الحاكم ذلك؛ لفساد الزمان.  .

    قال صاحب معين الحكام : إذا لم يوجد إلا غير العدول أقمنا في القضاء أصلحهم وأقلهم فجوراً لئلا تضيع المصالح وتتعطل الحقوق والأحكام، فقد حسنما كان قبيحاً واتسع ما كان ضيقاً واختلفت الأحكام باختلاف الأزمان، فإن خيار زماننا هم أراذل أهل العصر الأول.

    ومن مسائل هذه القاعدة :

    إن الزوجة إذا قبضت معجل مهرها يلزمها متابعة زوجها حيث شاء، لكن المتأخرين لَحَظوا انقلاب الأخلاق وغلبة الجور، وإن كثيراً من الرجال يسافرون بزوجاتهم إلى بلاد ليس فيها أهل ولا نصير، فيسيئون معاملتهم لهن، فأفتوا بأن المرأة ولو قبضت معجل مهرها لا تجبر على متابعة زوجها إلى أي مكان إلا إذا كان وطناً لها، وقد جرى فيه عقد الزواج بينهما وعلى هذا استقرت الفتوى والقضاء . إلا أن المادة (۷۱) من قرار حقوق العائلة توجب على المرأة متابعة زوجها حيث شاء رجوعاً إلى أصل المذهب لأن الزوج أدرى بموطن رزقه .

    ومنها:

    إنه في أصل المذهب أن القاضي يقضي بعلمه الشخصي في الحوادث، أي أن علمه بالوقائع المتنازع فيها يصلح مستنداً لقضائه ويغني المدعي عن إثبات مدعاه بالبينة فيكون علم القاضي بواقع الحال هو البينة، وذلك في أقضية مأثورة عن عمر بن الخطاب له وغيره. ولكن فيما بعد غلب على القضاة الفساد والسوء وأخذ الرّشاء، ولم يعد يختار للقضاء الأوفر ثقة وعفة وكفاية، بل الأكثر تزلفاً إلى الولاة وسعياً في استرضائهم وإلحافاً في طلب التوظيف، لذلك أفتى المتأخرون بأنه لا أن يقضي القاضي بعلمه  الشخصي بل لا بد أن يستند قضاؤه إلى البينات المثبتة في مجلس القضاء؛ إذ لو ساغ ذلك بعدما فسدت الذمم لزعموا العلم بالوقائع زوراً وميلاً . مع الأقوى، فهذا المنع وإن أضاع بعض الحقوق لفقدان الإثبات ألا أنه يدفع باطلاً كثيراً، وللقاضي أن يعتمد علمه في غير القضاء كاتخاذ التدابير الاحتياطية.

    في الحالات التي يقضي فيها القاضي بالتطليق الجبري أو بفسخ النكاح تعتبر المرأة داخلة في العدة فور قضاء القاضي بالفرقة ؛ لأن حكم القاضي في الماضي كان يصدر مبرماً  واجب التنفيذ فوراً كونه مؤسساً على درجة واحدة.

    واليوم أصبح النظام القضائي خاضعاً للطعن بطريق الاستئناف، فاذا قضى القاضي اليوم بالفرقة وجب ألا تدخل المرأة في العدة إلا بعد أن يصبح قضاؤه مبرماً غير خاضع لطرق الطعن القضائية إما بانقضاء المهل أو بإبرام الحكم المطعون فيه  ، لا من وقت صدور الحكم الابتدائي خشية أن تتحرر آثار الزوجية ومن ثم يُنقض الحكم لخلل تراه المحكمة العليا فيه، وتبقى الزوجية قائمة فيجب أن يعتبر الحكم الابتدائي الأول مشروع فرقة لا تسري نتائجه إلا بعد صيرورته مبرماً .

  • شرح القاعدة الفقهية : استعمال الناس حجة يجب العمل بها

    شرح القاعدة الفقهية : استعمال الناس حجة يجب العمل بها

    محامي عربي

    المراد باستعمال الناس هو نفس المراد بالعادة   والمراد بالوجوب هنا اللزوم عند عدم المنافي لا الوجوب الذي لا تجوز مخالفته، وعلى القاضي أن يحكم بالعادة عند عدم المنافي، وكذلك على المتعاقدين أن يلتزموا بها عند الإطلاق وإذا اشترطوا مخالفتها جاز ولا يأثمون.

    إن استعمال الناس يكون حجة إذا لم يكن مخالفاً للنص، فلو تعورف في بلدة ما وقف المنقول كوقف الكتب والأموال، حكم بجوازه ويكون الوقف صحيحاً مع أن وقف المنقول في الأصل غير صحيح.

    ومن فروعها:

    لو حلف لا ينكح فلانة من الناس حنث بالعقد، ولو حلف لا ينكح زوجته يحنث بالوطء؛ لأنه الشائع ومبنى الأيمان على العرف والعادة .   .

    ومنها : لو أوصى لأقاربه لا يدخل الوارث اعتباراً بخصوص الشرع ولو أوصى لأقارب فلان من الناس فلا يخرج ،وارثوه ولو أوقف على ذوي قرابة فلان لم يدخل والده وجده إذ لفظ الأقارب يحمل على غير الأصول والفروع.  .

    ومنها : للقاضي قبول الهدية ممن له عادة الإهداء له قبل توليته القضاء، وتثبت العادة بمرة واحدة ,وإن زادت الهدية عن العادة بعد القضاء رد الزائد.

  • شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    شرح القاعدة الفقهية : العادة محكمة مع تطبيقاتها

    محامي عربي

    العادة هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم والمعاودة إليه مرة بعد أخرى، وسواء كانت العادة عامة أم خاصة تُجعل حكماً لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه، ولا تُعتبر إلا إذا كانت سابقة على ورود النص التشريعي، أو كانت حادثة دون أن تتعارض معه .   .

    وأصل هذه القاعدة قول ابن مسعود ( ر ض) :

    (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح)

    وهو حديث حسن، قال فيه السخاوي في المقاصد الحسنة : رواه أحمد في كتاب السنة ووهم من عزاه للمسند، وجعله العلائي موقوفاً على ابن مسعود  ، وإنه وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع لأنه لا مدخل للرأي فيه، والظاهر إنه يصلح دليلاً على الإجماع لا على العرف.

    كل عمل اختياري لا بد له من باعث وهذا الباعث إما خارجي كظهور منفعة من شيء أو عمل، وإما داخلي كحب الانتقام الدافع إلى الكيد وكحياء البكر الباعث على الصمت.

    فإذا ارتاح الإنسان للفعل الذي مال إليه بذلك الباعث وكرره أصبح بالتكرار عادة له، فإذا حاكاه غيره فيه بدافع حب التقليد وتكررت هذه المحاكاة وانتشرت بين معظم الناس، يتكون عندئذ بها العرف الذي هو في الحقيقة عادة الجماعة  .

    والعادات التي تشيع في البلاد أو بين أصناف مخصوصة من الناس لا تنشأ عن دواع واحدة وبطريقة واحدة لكن معظم العادات إنما تنشأ عن الحاجة، ، إذ يعرض للناس ظرف خاص يدعوهم إلى عمل خاص فيتكرر العمل ويشيع حتى يصبح عرفاً دارجاً كما في نشأة وقف أنواع من الأموال المنقولة،

    وقد تنشأ العادات والأعراف بأمر صاحب السلطان الحاكم أو برغبته وتوجيهه، كعادة حساب الأيام بالتقويم الشمسي، وقد تكون العادات وراثية عن الأسلاف دون أن تدعو إليها حاجة حقيقية.

    وللعادات سلطان على النفوس وتحكم في العقول، فمتى رسخت العادة اعتبرت من ضروريات الحياة، لأن العمل بكثرة تكراره تألفه الأعصاب والأعضاء، لذا قالوا (إن العادة طبيعة ثانية) و

    قد قال ابن عابدين : (إن في نزع الناس عن عاداتهم حرجاً عظيماً).

    ويتضح من ذلك أن العادات منها الحسن ومنها القبيح؛ إذ ليس كل ما يعتاده الناس ويتعارفونه ناشئاً عن حاجة صادقة ومصلحة حكيمة يكون الأمر المعتاد وسيلة ميسرة لها، فقد يعتاد الناس عادات تقوم على جهالات موروثة يشقى بها المجتمع وليس فيها منفعة، كأخذ أولياء البنات مهورهن عند تزوجهن .

    والعادة لا تسمى عرفاً إلا في الأمور المنبعثة عن تفكير واختيار، وقد عرفه الفقهاء بقولهم : هو ما استقر في النفوس من جهة العقول، كالتعامل في الزواج على أن المرأة تشتري بمهرها جهازاً من ملبوس ومفروش تحضره معها إلى بيت الزوج، وأنها لا تُزف قبل أن يدفع الرجل معجل مهرها كله أو بعضه…

    أما ما يكون ناشئاً عن عوامل طبيعية لا عن تفكير واختيار، كإسراع بلوغ الأشخاص في الأقاليم الحارة وبطئه في الأقاليم الباردة، لا يسمى عرفاً بل عادة، فتكون النسبة بين العرف والعادة هي العموم والخصوص المطلق، لأن العادة أعم.

    ولاعتبار العرف أربعه شروط، وهي :

    ١ ـ أن يكون العرف مطرداً بحيث يكون العمل به بين متعارفيه مستمراً في جميع الحوادث لا يتخلف، كالعرف على تقسيم المهر في النكاح الى معجل

    ومؤجل، أو يكون غالباً بحيث يكون جريان أهله عليه في أكثر الحوادث .

    ٢ ـ أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها ولا عبرة بالعرف الطارىء، وكذلك نصوص الشريعة لا يؤثر فيها إلا ما قارنها من

    العادات .

    ٣ ـ أن لا يعارض العرف تصريح بخلافه سواء كان التصريح في النص أو في شروط أهل التصرفات القولية.

    ٤ ـ أن لا يكون في العرف تعطيل لنص ثابت، أو لأصل قطعي في الشريعة.

    لو نكح أو طلق هازلاً صحت تصرفاته، وإن كان عرفاً لا يعتد بالمعقود عليه هزلاً ؛ لأن الشرع حكم عليه بالصحة للحديث: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة)) على ما في رواية الترمذي وأبو داود.

    أما  عن حالات مخالفة العرف للأدلة الشرعية فعلى وجوه كما فندها العلّامة مصطفى الزرقا حفظه الله :

    أ ـ أن يصطدم العرف اصطداماً بنص تشريعي خاص من كتاب أو سنة ثابتة، آمراً بخلاف ما جرى عليه العرف بحيث يكون وارداً عن الشارع بشأن الأمر الذي هو موضوع العرف فيقدم النص بالاتفاق كالنهي عن نكاح الشغار الذي كان متعارفاً عليه في الجاهلية.

    ب ـ أن يتعارض العرف اللفظي مع نص تشريعي عام يكون فيه الحكم شاملاً للأمر الجاري فيه العرف وغيره، بحيث تكون دلالة اللفظ الذي استعمله الشارع في أصل اللغة أوسع من دلالته العرفية، فينزل النص التشريعي العام على حدود معناه العرفي؛ لأن العرف اللفظي يجعل المعنى المتعارف حقيقة عرفية وهي مقدمة في الفهم على الحقيقة اللغوية التي تصبح بالنسبة إلى الحقيقة العرفية مجازاً يحتاج إلى قرينة عند إرادته، كلفظ (عدة الطلاق) يراد به تربص المطلقة، أما عند وجود القرينة فيمكن حمله على معنى الاستعداد للطلاق.

    ج ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف العملي الخاص القائم عند ورود النص، فعند الحنفية ليس للعرف الخاص ما للعرف العام من قوة في معارضة النص العام، ولا يصلح هذا العرف لتخصيصه ؛ لأن التخصيص بيان لمراد الشارع من النص لا تعديل طارىء عليه، والعرف الخاص لا يصلح دليلاً على أن الشارع لم يرد من نصه العام عموم معناه وذهب محققو المالكية إلى أن العرف العملي سواء كان عاماً أو خاصاً يخصص النص العام كما يقيد النص المطلق .

    ومن فروعهم:

    إذا كانت المرأة شريفة القدر لا يلزمها إرضاع ولدها إن كان يقبل ثدي غيرها للمصلحة العرفية في ذلك وهي مراعاة العرف الجاري في صون النساء الشريفات، ولأن من عادات أشراف العرب أن يسترضعوا لأولادهم مرضعات من البادية ابتغاء صحة الجسم وتقويم اللسان، وهو تخصيص لقوله تعالى : ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ ).

    د ـ أن يتعارض النص التشريعي مع العرف العملي العام القائم عند ورود النص فحينئذ يكون العرف العام مخصصاً للنص العام إذ يكون ذلك العرف قرينة دالة على أن الشارع لم يرد شمول ذلك الأمر كحديث النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخّص في السلم، وهو نص عام في منع كل أنواع البيع للمعدوم سوى السلم. وعقد الاستصناع يشمله المنع لعموم النص المانع الا أنه قد تعارفه الناس لاحتياجهم إليه فكان هذا العرف مخصصاً لعموم النص المانع فكأنما ورد النص باستثناء الاستصناع ضمناً كما استثنى السلم صراحة

    هـ ـ أن يتعارض النص التشريعي العام مع العرف الحادث بعد ورود النص وهو ما يعرف بالعرف الطارىء، فلا يعتبر هذا العرف في مواجهة النص وليس له سلطان على النص في تخصيصه إلا أن يكون النص معللاً بعلة يزيلها العرف كأن يكون النص مبنياً على عرف عملي قائم عند وروده، فإذا تبدل العرف تبدل حكم النص تبعاً، وهو رأي أبي يوسف وهو الراجح في المذهب والجمهور على خلافه، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري بشأن البكر البالغة «إذنها صماتها» فقد اتفقت آراء الفقهاء على أن هذا الحكم مبني على ما هو معروف في البكر من خجل في إظهار رغبتها في الزواج عند استئمار وليها لها بحسب التربية والتقاليد الاجتماعية، فإذا فرض أن هذه التربية قد تبدل اتجاهها وأصبحت الأبكار لا يتحرجن من إعلان هذه الرغبة أو عدمها ، فإن الإذن منهن حينئذ بالتزويج لا يكفي فيه السكوت بل يحتاج إلى بيان كما مع الثيبات، أو عند عدم الإذن يعتبر تزويجها عملاً فضولياً يحتاج إلى إجازة ليصبح نافذاً عليها .

    و ـ إذا تعارض العرف سواء كان قولياً أو عملياً وسواء كان قديماً أو طارئاً مع عبارة أهل التصرفات كعبارة الواقف أو المطلق. فتحمل هذه العبارات على المعاني العرفية دون المعاني اللغوية شرط أن تكون المعاني العرفية قائمة حين صدور هذه التصرفات من أصحابها، فلو أوقف على ذريته حسب فريضة الشرع، فيحمل لفظ الفريضة على معناه العرفي ويعني للذكر مثل حظ الأنثيين. وإذا تعارف الناس إيقاع الطلاق بألفاظ أو تعابير جديدة فشا استعمالها بينهم فإنه يقع بها الطلاق ولو كانت في أصل اللغة لا تقتضي وقوعه بها، كلفظ (عليّ الطلاق) الذي يستعمله الرجال في هذا الزمان عند إرادة التطليق مع أن الطلاق وصف يقع على المرأة التي هي محله شرعاً لا على الرجل.

    ولو قال لزوجته (أنا منك طالق) لا يقع به الطلاق وإن نواه لأن الرجل لا يكون طالقاً بل مطلقاً. وقد صح تطليق الزوجة باللفظ الأول لأنه أصبح في العرف والاستعمال نظير قوله لامرأته (أنت طالق).

    ز ـ إذا تعارض العرف مع الأحكام الاجتهادية التي يثبتها الفقهاء المجتهدون استنباطاً وتخريجاً بطريق القياس النظري على حكم أوجبه الشارع بالنص فيترك القياس ويعتبر العرف؛ لأن العرف أقوى من القياس لما ذكره العلامة ابن الهمام (العرف بمنزلة الإجماع شرعاً عند عدم (النص)، ومن المعلوم أن ترجيح العرف على القياس يعتبر عند الحنفية من قبيل الاستحسان الذي تترك فيه الدلائل القياسية لأدلة أخرى منها العرف.

    من فروع هذا المبدأ:

    أن الأصل القياسي يقضي بأن على الحاكم أن يستمع إلى كل دعوى ترفع إليه ثم يقضي للمدعي أو للمدعى عليه بحسب ما  يثبت لديه، لكن الفقهاء تركوا هذا القياس فيما إذ ادعت الزوجة المدخول بها أن زوجها لم يدفع إليها شيئاً من معجل مهرها فقالوا لا تسمع دعواها هذه بل يردها القاضي، وعللوا ذلك بأن عادة الناس التي لا تكاد تتخلف أن المرأة لا تزف إلى زوجها ما لم يدفع المهر المعجل فتكون دعواها مما يكذبه الظاهر من الحال  بعد الدخول، إلا أن العرف لم يبق كما هو فكثير من الناس يزففن دون قبض شيء من المهر تيسيراً على الزوج فيبقى سماع هذه الدعوى اليوم.

    ومنها:

    إن القواعد القياسية تقضي بأنه لا يجوز دفع الدين لغير صاحبه ولا ينفذ قبضه على الدائن من ولاية أو وكالة لكن الفقهاء تركوا القياس في البنت البكر البالغة إذا قبض أبوها أو جدها عند عدم الأب مهرها من زوجها حين زواجها، واعتبروا هذا القبض نافذاً عليه ومبرئاً لذمة الزوج للعرف والعادة ما لم يصدر منها نهي عن دفع المهر الى سواها .

    من فروع هذه القاعدة :

    إذا كان النص الشرعي . يقتضي الخصوص والعرف القولي يقتضي العموم فالمعتبر الخصوص، من ذلك فلو أوصى لأقاربه لا يدخل الوارث اعتباراً لخصوص الشرع لأنه من قبيل مصارعة العرف القولي للنص المخالف له، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ((لا وصية لوارث)) .   .

    ومنها:

    العرف الزائد على اللفظ لا عبرة به كما لو قال لأجنبية إن دخلت بك فأنت طالق فنكحها ودخل بها لا تطلق وإن كان يراد في العرف من هذا اللفظ دخوله بها عن ملك النكاح ؛ لأن هذه الزيادة على اللفظ بالعرف أي أن الدخول المعلق أعم من مدلول لفظ دخول، ومن هنا قال الامام محمد (بالعرف يخص ولا يزاد  . أما إذا قال لها : إن تزوجتك فأنت طالق، فيقع الطلاق بالجماع مرة؛ لأن معنى الجماع المعلق عليه أخص من معنى مدلول لفظ الزواج .

    تنبيه :

    اعتاد الباحثون في مباحث العرف أن يوردوا مسائل القرائن العرفية لما فيها من خطر وعظيم أثر في إثبات الأحكام ذلك أن الفقه الإسلامي اعتبر القرائن من الأدلة المثبتة التي يعتمد عليها في القضاء بدرجات مختلفة، فإذا كانت القرينة قطعية كانت وحدها بينة نهائية كافية للقضاء كما لو حصل الحمل بعد وجود العقد فالنسب ثابت بالفراش. أما إذا كانت القرينة غير قطعية ولكنها أغلبية فإن الفقهاء يعتمدونها دليلا أولياً يترجح بها زعم أحد المتخاصمين حتى يثبت خلافها ببينة أقوى، وهذه تسمى قرائن عرفية أو ظاهر الحال.

    من ذلك : إذا اختلف الزوجان في بعض أمتعة البيت إنها ملك الرجل أو المرأة ولا بينة لأحدهما، فيترجح قول الرجل فيما يستعمله الرجال، ويترجح قول المرأة فيما تستعمله النساء، وذلك بقرينة عادة الاستعمال، أما ما يصلح لكل منهما كالمفروشات فيترجح قول الزوج لأنه يعتبر صاحب اليد عليه واليد قرينة على الملك، ومنها طلاق الفرار، فقد اعتبره الاجتهاد الحنفي قرينة شرعية على أن الرجل أراد بهذا الطلاق حرمان زوجته من ميراثها عند يأسه من الحياة فأوجبوا ميراث زوجته منه بشرائط .

  • شرح القاعدة الفقهية: لاعبرة للتوهم

    شرح القاعدة الفقهية: لاعبرة للتوهم

    محامي عربي

    إن مراتب الإدراك العقلي للأشياء خمسة هي: اليقين، طمأنينة الظن، الظن، الشك، الوهم.

    أما المراتب الثلاثة الأولى فيجب الاحتجاج بها في الأحكام العملية نظراً لجانب الغلبة فيها، من ذلك الاحتجاج بالخبر المتواتر لأنه يفيد اليقين، وكذلك الخبر المشهور لأنه يفيد طمأنينة الظن، وخبر الآحاد الصحيح لأنه يفيد الظن.

    أما المرتبتان الأخيرتان فلا يجوز الاحتجاج بهما مطلقاً لعدم الغلبة فيهما ، فلا يجوز الاحتجاج بالخبر الضعيف والموضوع لأنهما يفيدان الشك أو الوهم.

    هذا ونفي العبرة في القاعدة معناه نفي الاحتجاج والاستدلال .

    والمراد بالتوهم الاحتمال العقلي البعيد النادر الحصول، فهذا لا يبنى عليه حكم، ولا يمنع القضاء، ولا يؤخر الحقوق.

    يفهم من هذه القاعدة أنه كما لا يثبت حكم شرعي استناداً فلا على وهم، يجوز تأخير الشيء الثابت بصورة قطعية بوهم طارىء،

    مثالها : إذا توفي مفلس تباع أمواله وتقسم تركته بين الغرماء وإن تُوهّم أنه ربما ظهر غريم آخر جديد ـ والواجب المحافظة على حقوق ذلك الدائن المجهول – لأنه لا اعتبار لذلك التوهم.

    ومن أمثلتها : لو أثبت الورثة إرثهم بشهود وقالوا: لا نعلم له وارثاً غيرنا، يقضى لهم ولا عبرة باحتمال ظهور وارث آخر يزحمهم لأنه موهوم.

    ومنها : لو أثبت الفرقاء ديونهم بشهود، قالوا لا نعلم له غريماً غيرنا، فإنه يقضى لهم في الحال ولا عبرة لما عساه يظهر من الديون لأنه وهم مجرد.  .

    ومنها : إذا قامت البينة المعدلة على أحد بحق وجب الحكم بها فوراً لذي الحق ويفسق الحاكم بتأخيره، وإن كان المحتمل كذب الشهود والمعدلين؛ لأن هذا الاحتمال مجرد توهم لا دليل عليه.

    ومنها : يكتفى في تعريف المشهود عليه إن كان غائباً عن مجلس الحكم أن يذكر اسمه واسم أبيه وجده ، واحتمال مشاركة سواه في اسمه واسم أبيه وجده مجرد توهم لا عبرة له.  .

    وخرج عن هذه القاعدة ما لو استأجر مُبانته لإرضاع ولده منها ثم تزوجها، لا تبطل الإجارة وتسقط الأجرة؛ لأن حكم العقد وهو لزوم الأجر للمستأجر ثابت بتوهم الفائدة، كأن يطلقها بعد ذلك وتستحق الأجرة من جديد.  .

    تنبيه : الأمر الموهوم يكون نادر الوقوع ولذلك لا يُعمل به في تأخير حق صاحب الحق؛ لأن الثابت قطعاً أو ظاهراً لا يؤخر لأمر موهوم المتوقع فإنه كثير الوقوع فيعمل بتأخير الحكم، وجوزوا للحاكم تأخير الحكم للمدعي بعد استكمال أسبابه لرجاء الصلح بين الأقارب، وما ذاك إلا لأنه متوقع بخلاف غيرهم.

  • شرح القاعدة الفقهية: لا حجة مع الاحتمال الناشيء عن دليل

    شرح القاعدة الفقهية: لا حجة مع الاحتمال الناشيء عن دليل

    محامي عربي

    أصل هذه القاعدة ما في (تأسيس النظر )للدبوسي أن التهمة إذا تمكنت من فعل الفاعل حكم بفساد فعله، ومعنى تمكن التهمة أن لها مؤيداً من ظاهر الحال وليست مجرد توهم.

    وعلى هذا لا تقبل شهادة الزوجين وشهادة الأصول والفروع بعضهم لبعض، ولا شهادة الأجير الخاص لمستأجره، لتمكن التهمة  الناشئة عن علاقة قد تدفع إلى تحزب مريب يجب أن تتجرد الشهادة عنه. أما لو كان الاحتمال لا دليل عليه فلا عبرة له .

    من فروعها : لو أقر المريض لامرأته بأنه كان طلقها في صحته وانقضت عدتها وصدقته المرأة، ثم أوصى لها بوصية، أو أقر لها بدين ثم مات، فلها الأقل من الميراث ومبلغ الوصية أو الدين المقر به، وذلك عند الإمام، بدليل احتمال التهمة في إقراره .

    ومنها : لو أقر أحدٌ لأحد ورثته بدين، فإن كان في مرض موته لا يصح ما لم يصدقه باقي الورثة ؛ لأن احتمال كون المريض قصد بهذا الإقرار حرمان سائر الورثة مستنداً إلى دليل كونه في مرض.

    أما إن كان الإقرار في حال الصحة جاز؛ لأن احتمال إرادة حرمان سائر الورثة حينئذٍ مجرد احتمال ونوع من التوهم لا يمنع حجة الإقرار.

    أما إقرار المريض لغير الوارث فلا يوجد فيه ما يوجد للوارث من الاحتمال فهو صحيح ومعتبر ؛ لأن في إمكان المريض إيصال المنفعة للأجنبي بطريق الوصية.

  • شرح القاعدة الفهية: لا عبرة بالظن البيّن خطؤه

    شرح القاعدة الفهية: لا عبرة بالظن البيّن خطؤه

     

    محامي عربي

    إن الاحتجاج شرعاً يكون : باليقين وبطمأنينة الظن وبالظن، ولا يكون فيما دون ذلك، وهذه القاعدة تعتبر قيداً أو استثناءً من ذلك المبدأ لأنها تنفي الحجية عن الظن إذا ثبت خطؤه بدليل مقبول ؛ لأن هذا الدليل يذهب بمكان الغلبة فيه ويهبط به إلى درجة أدنى من الظن، فتنتفي عنه الحجية لذلك. 

    من فروع هذه القاعدة:

    لو دفع شيئاً على ظن وجوبه، أو صالح عن حق مدعی به عليه ولم يكن قد أقر به، ثم تبين عدم الحق فله استرداد ما دفع .أما اذا لم يكن الدفع على ظن الوجوب بل بقصد التبرع، فإنه يجري عليه حكم الهبة ويكون عندئذ من فروع قاعدة (الأمور بمقاصدها) لو دفع نفقة فرضها القاضي، ثم تبين عدم وجوبها، رجع بها لأن الفرض باطل .

    ومنها : لو أقر بطلاق زوجته ظاناً الوقوع بإفتاء مفتي، فتبين عدم الوقوع لم يقع، وعدم الوقوع ديانة، أما قضاء فيقع لإقراره به. فإن قيل: كيف يمكن أن يتبين خلافه؟

    الجواب بأنه يحتمل أن يكون المفتي أفتى بغير ما هو في المذهب، ثم أفتى من هو أعلم منه بعدم الوقوع، ويحتمل أن المفتي أفتى أولاً بالوقوع من غير تثبت، ثم أفتى بعد التثبت بعدمه.

     ومنها: لو تكلمت فقال لها زوجها : هذا كفر وحرمت عليَّ به، فتبين أن ذلك اللفظ ليس بكفر لا تحرم.

    ومنها : لو خاطب امرأته بالطلاق ظانّاً أنها امرأة أجنبية، ثم بان أنها زوجته طلقت .

  • شرح القاعدة الفقهية: لا ينسب إلى ساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة بيان

    شرح القاعدة الفقهية: لا ينسب إلى ساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة بيان

    محامي عربي

    هذه القاعدة هي مجموع قاعدتين : الأولى (لا ينسب إلى ساكت قول)، والثانية: (السكوت في معرض الحاجة بيان ) وهي استثناء وقيد من الأولى.

    ثم إن التصرفات الشرعية القولية مبناها على صحة الإرادة وسلامتها، إلا أن الإرادة أمر خفي واستعيض عنها بالكلام الدال عليها كما استعيض عنها عندما تعذر الكلام بالكتابة والإشارة،

    أما السكوت فليس عوضاً عن الإرادة ولا دليلاً عليها فلا يعطى حكم الكلام إلا عند الحاجة إلى اعتباره.

    والمراد بمعرض الحاجة الذي يكون فيه السكوت في حكم البيان والتعبير هو كل موطن يلزم فيه التكلم لدفع ضرر أو غرر، أو يكون فيه السكوت طريقة عرفية للتعبير

    أما الساكت غير الكائن في معرض الحاجة إلى بيان ولا مستعين بالإشارة لتفسير لفظ مبهم فلا ينسب إليه قول  . وجميع المعاملات المرتبطة بالألفاظ الصريحة لا يعد السكوت فيها قولاً .

    والفقرة الأولى من المادة مأخوذة من الأشباه والثانية من كلام الأصوليين، فقد جاء في المرآة : من بيان الضرورة السكوت لدى الحاجة إلى البيان بما يدل على كون السكوت بيان حال المتكلم الذي شأنه التكلم في الحادثة.

    ومن فروع الشق الأول من القاعدة:

    لو رأى القاضي الصبي أو المعتوه يبيع ويشتري فسكت، لا يكون سكوته إذناً بالتجارة ولو لم يكن ولي لهما .   ومنها: لو تزوجت غير كفء فسكت وليها عن طلب التفريق لا يكون سكوته رضاً على ظاهر المذهب ما لم تلد، فإذا ولدت فليس للولي التفريق حفظاً للولد عن التشتيت، لكن الحسن روى عن أبي حنيفة أن العقد لا يجوز وعلى روايته الفتوى  ، أما لو تزوجت بغير كفء وسكت الولي حتى ولدت فيكون سكوته رضاً كما نص عليه الزيلعي في التبيين .

     .ومنها: لو سكتت زوجة العنين لا يكون سكوتها رضاً، ولو أقامت معه سنين .

    ومنها : إذا أخذت الزوجة شيئاً من مال زوجها واستعملته وهو يعلم ويرى، ثم ادعت إنه وهبها إياه مستدلة بسكوته، لم تصدق في دعواها، لأن السكوت لا يجعل الأخذ هبة .

    أما الجزء الثاني من القاعدة، فقد عدَّ الحنفية من تطبيقاته نيفاً وأربعين مسألة

    منها : لو سأل البكر وليها عن موافقتها على الزواج من فلان فسكتت، عد ذلك منها موافقة على الزواج المعروض عليها، لضرورة ما بها من الاستحياء، وذلك على خلاف الثيب فإن سكوتها لا يعتبر رضاً منها بالزواج. واستحياؤها عن إظهار الرغبة في الرجال لا عن إظهار عدمها . أما لو استأمر البكر الجد وجود الأب فلا يكون سكوتها رضاً.

    ومنها : لو بلغ البكر النكاح بعدما زوجها وليها من غير استئمار على سبيل الفضول وسكتت ينبرم العقد بعد وجوده موقوفاً .

    ومنها: لو سكتت عند بلوغها بكراً عالمة بتزويج وليها لها سقط خيارها  ، أما لو كان المزوّج لها غير الأب والجد، أو كانت عند بلوغها ثيباً فلا يسقط خيارها إلا بصريح القول.  .

    ومنها: لو سئل شخص عن مجهول النسب هل هو ابنه أو لا، فأشار بالإقرار به، ثبت نسبه لأن إشارته هذه مع حرصه على صيانة النسب وتمكنه من النفي يقوم مقام القول .

     ومنها : إذا دفعت الأم في جهاز بنتها أشياء من أمتعة الأب والأب يعلم ذلك وهو ساكت فليس له الاسترداد من بنته ، وكذا إنفاق الأم في جهاز بنتها من مال الأب ما هو معتاد والأب ساكت فهو إذن منه .   .

    ومنها: سكوت البكر عند قبض المزوِّج لها ـ أباً كان أو غيره ـ مهرها إذن منها بقبضه ما لم تنهه .

     ومنها: لو حلفت أن لا تتزوج فزوجها أبوها وسكتت، حنثت، ولو حلفت لا تأذن في الزواج فزوجها وكيلها وسكتت لم تحنث، والفرق بين المسألتين بأن حلفها الأول على الزواج وقد وجد شرعاً وعرفاً، وحلفها الثاني على الإذن ولم يوجد عرفاً، والأيمان مبنية على العرف .

     ومنها: سكوت المزكي عند سؤاله عن الشاهد إذا كان عالماً بحاله تعديل، وسكوته يقوم مقام نطقه .

    ومنها : رجل زوج رجلاً بغير أمره فهنّاه القوم وقبل التهنئة، فهو رضى لأن قبول التهنئة دليل الإجازة.  .

    ومنها: سكوت المقرّ له يعد قبولاً ، كأن يقرّ شخص بمال لآخر ويسكت المقر له فسكوته يعد تصديقاً وقبولاً بالإقرار.

     ومنها : إذا وجبت اليمين على أحد فكلفه الحاكم بها فسكت بدون عذر كان سكوته نكولاً .

    ومنها: إذا عجز عن الإثبات وطلب التحليف فعُرضت اليمين على المدعى عليه فسكت دون أن يحلف أو ينكل يعتبر ناكلاً عن اليمين ويقضي الحاكم عليه؛ لأن توقف سير المحاكمة على كلامه يضر بالمدعي بتأخيره عن حقه.

    ويستثنى من هذه القاعدة ما ذكر في الدر وحاشيته من أن الزوجين لو شرطا في عقد النكاح تأجيل كل المهر ولم يشترطا الدخول قبل حلول الأجل، فللزوجة أن تمنع نفسها عن الزوج إلى أن تقبض المهر استحساناً، وبه يُفتى. وعللوه بأن الزوج لما طلب تأجيل كل المهر فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع بدون قبول منه .

    تنبيه : مما يتفرع على الشق الثاني من المادة مسائل غير ظاهرة التفريع، قولهم :

    – سكوتُ الوكيل قبول للوكالة .

    -سكوت المفوَّض إليه الطلاق قبول للتفويض .

    – سكوت الموقوف عليه قبول للوقف .

    – سكوت المقر له قبول للإقرار .

    – سكوت الزوج عند الولادة اعتراف بالنسب.

    وذلك لأن الوكالة والوقف والإقرار لا تحتاج إلى قبول، وإن كانت ترتد بالرد، ولأن تفويض الطلاق كذلك لا يحتاج إلى قبول حيث إنه تعليق من الزوج ولا يملك الرجوع عنه، أما ثبوت نسب ولد الزوجة فليس بالسكوت بل بحكم الفراش القائم بالنكاح. فهذه مسائل ينطبق عليها الشق الثاني من القاعدة  لكنها ليست من فروعها .