التصنيف: محاماة

قوانين مهنة المحاماة وأصولها

  • سياسة استخراج سجل منشأة قانونية في السعودية

    سياسة استخراج سجل منشأة قانونية في السعودية

    الهيئة السعودية للمحامين

     

    أولاً: شروط وأحكام استخراج سجل منشأة قانونية رئيسي:

    يجب على كل محامٍ مُرخَّص له بمزاولة مهنة المحاماة في المملكة؛ أن يتقدم بطلب قيد اسمه في سجل المنشأة القانونية خلال (تسعين) يومًا مِن تاريخ إصدار الترخيص وفقًا للشروط الآتية:

    • أن يكون ترخيصه ساري المفعول.
    • أن يكون لديه عنوان ومقر عمل مناسب داخل المملكة لممارسة مهنة المحاماة؛ سواء أكان مكتبًا فردياً أو شركة مهنية.
    • أن يكون عضوًا أساسيّاً في الهيئة السعودية للمحامين.

    ثانياً: ضوابط تقديم الطلب وإجراءاته:

    إجراءات التقدم بطلب إصدار سجل منشأة القانونية:

    • تقديم الطلب عبر بوابة الخدمات الإلكترونية بموقع الهيئة.
    • تعبئة نموذج الطلب، وإرفاق جميع المستندات المطلوبة.
    • توثيق الأختام والتواقيع الرسمية الخاصة بصاحب المنشأة.
    • توقيع الإقرار.
    • يتم إشعار المحامي برسالة نصية بحالة الطلب.

    ضوابط تسجيل المنشأة القانونية:

    • يجب على المحامي تزويد الهيئة بكافة المعلومات الصحيحة عن منشأته القانونية عند تقديم الطلب.
    • تضمن الهيئة سرية المعلومات الخاصة بسجل المنشأة القانونية.
    • يتم تعديل الاسم للشركات المهنية بما يتوافق مع شهادة تسجيل شركة مهنية الصادرة مِن وزارة التجارة.
    • لمكتب الفرد يتم تعديل الاسم وفقًا لما هو مُدَوَّن في رخصة مزاولة المهنة للمحامي.

    ثالثاً: متطلبات استخراج سجل منشأة القانونية:

    متطلبات استخراج سجل المنشأة القانونية للمكاتب الفردية:

    • صورة مِن صك الملكية أو صورة مِن عقد الإيجار ساري المفعول خاص بمقدم الطلب، ويُشترط ألا يقل عن ستين يومًا مِن تاريخ انتهاء الإيجار.
    • عضوية أساسية سارية.

    متطلبات استخراج سجل المنشأة القانونية للشركات المهنية:

    • إضافة بيانات جميع الشركاء؛ سواء المحامون أو غير محامين.
    • صورة من ترخيص الشركة.
    • صورة من عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي.
    • أصل قرار الشركاء بتسمية مدير الشركة أو المديرين، في حال عدم تضمين العقد لتلك البيانات.
    • عقد إيجار لمقر الشركة ساري المفعول، ويُشترط ألا يقل عن ستين يومًا مِن تاريخ انتهاء الإيجار، ويكون خاصًّا بمقدم الطلب أو شريكه، أو تقديم صك ملكية المقر باسم الشركة.

    رابعاً: شروط وأحكام استخراج سجل منشأة قانونية فرعي:

    • على صاحب المنشأة الحصول على موافقة الهيئة عند فتح أي فرع وفقًا للشروط.
    • يُشترط لفتح الفروع وجود مدير مؤهل لإدارة الفرع، ويتحمل صاحب المنشأة والمدير جميع المخالفات والتجاوزات الناتجة عن تلك الفروع.
    • لا يَحِق للمحامي اتخاذ أكثر مِن فرع في مدينة واحدة.

    خامساً: رسوم سجل المنشأة القانونية:

    • تبلغ رسوم إصدار سجل منشأة قانونية للمكاتب الفردية والشركة ذات شخص واحد:  ( 1650 ) ألفًا وستمائة وخمسين ريالً.
    • تبلغ رسوم إصدار سجل منشأة قانونية للشركة المهنية المكونة مِن شريكين: ( 1500 ) ألفاًوخمسمائة ريال لكل شريك.
    • تبلغ رسوم إصدار سجل منشأة قانونية للشركة المهنية المكونة من ثلاثة شركاء: ( 1300 ) ألفاً وثلاثمائة ريال لكل شريك.
    • تبلغ رسوم إصدار سجل منشأة قانونية للشركة المهنية المكونة من أربعة شركاء: ( 1000 ) ألف ريال لكل شريك.
    • تبلغ رسوم إصدار سجل منشأة قانونية للشركة المهنية المكونة من خمسة شركاء فأكثر: ( 5000 ) خمسة آلاف ريال للشركة المهنية.

    سادساً: ضوابط وآلية سداد رسوم سجل المنشأة القانونية:

    آلية سداد الرسوم:

    تُتيح الهيئة السعودية للمحامين سداد رسوم سجل المنشأة القانونية عبر عدة وسائل مُيَسَّرة على النحو الآتي:

    • بوابة المدفوعات الإلكترونية.
    • خدمة الدفع عبر أماكن نقاط البيع في مقار الهيئة.
    • التحويل إلى الحساب البنكي.
    • يلتزم المتقدم بالمحافظة على الإيصال والسندات المالية للسجل.
    • جميع التعاملات المالية الخاصة برسوم السجل تُسدد بالريال السعودي.

    استرداد الرسوم:

    • لا يمكن استرداد رسوم استخراج سجل المنشأة القانونية بعد السداد.

    ضوابط سداد الرسوم:

    • يلتزم المحامي بالسداد خلال ستين يومًا بعد استلامه لفاتورة السداد.
    • تُودَع رسوم السجل في حساب الهيئة المُعلَن عنه بالموقع، وأي طريقة دفع أخرى فإن الهيئة غير مسؤولة عنها.

    سابعاً: شطب سجل المنشأة القانونية:

    يجب على المحامي أو وارثه – حسب الأحوال – أن يتقدم إلى الهيئة بطلب شطب القيد في سجل المنشأة القانونية في الأحوال الآتية:

    • شطب الترخيص أو إيقافه للأفراد.
    • ترك المحامي منشأته بصفة نهائية.
    • وفاة المحامي، ولا يترتب على وفاة الشريك المهني حل المكتب أو الشركة، ولا يكتسب ورثته صفة الشريك.
    • تصفية الشركة المهنية.

    كما يجب أن يُقدم الطلب خال تسعين يوماً مِن تاريخ الواقعة التي تستوجب شطب القيد؛ فإذا لم يُقدِّم أصحاب الشأن طلب الشطب؛ فإن القيد يُشْطَب تلقائيًّا بعد ثلاثين يومًا مِن تاريخ الإخطار، وذلك بعد تحقق الهيئة من الواقعة، وبعد إخطار أصحاب الشأن بخطاب مسجل بالشطب، ما لم تتسلم الهيئة مِن صاحب الشأن خال هذه المدة ما ينفي هذه الواقعة.

    تصدر الهيئة شهادةً بشطب التسجيل من أصلٍ وصورةٍ، وفقًا للنموذج المُعد لذلك، على أن يُبيَّن بالشهادة تاريخ حصول الشطب وسببه، ويُسلَّم الأصل لصاحب الشأن، ويُحتفظ بالصورة في الهيئة.

    ثامناً: آلية تحويل الكيان القانوني من مكتب إلى شركة مهنية:

    إجراءات تحويل الكيان القانوني من مكتب فرد إلى شركة مهنية:

    • تقديم الطلب عبر بوابة الخدمات الإلكترونية بموقع الهيئة.
    • تعبئة نموذج الطلب وإرفاق جميع المستندات المطلوبة.
    • تزويد الهيئة بعقد تأسيس الشركة والشهادة المهنية الصادرة مِن وزارة التجارة.
    • توقيع الإقرار.
    • إشعار المحامي برسالة نصية بحالة الطلب.

    تاسعاً: أحكام عامة:

    • لا يجوز للمحامي أن يكون شريكًا في أكثر من شركة مهنية للمحاماة، أو أن يكون شريكًا في شركة مهنية للمحاماة ولديه منشأة قانونية فردية.
    • يجب على كل من يتم قيده في سجل المنشأة القانونية أن يذكر في جميع مراساته ومطبوعاته وأختامه ولوحاته بالإضافة إلى اسمه: رقم قيده في سجل المنشأة، واسم المدينة المقيد بها، على أن تكون جميع البيانات مكتوبة باللغة العربية.
    • يجب على صاحب السجل تحديث بياناته ومعلوماته بشكل مستمر، حسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة، ويجب عليه إخطار الهيئة بأي تغيير يطرأ على تلك البيانات خال شهر من إجراء التعديل.
    • تنتهي مدة سريان سجل المنشأة القانونية بانتهاء العضوية الأساسية.
    • يستلزم على المحامي تسجيل الهوية الاعتبارية الصادرة من مركز المعلومات الوطني والمبتدئة برقم: ( 7).

    نقلاً عن الهيئة السعودية للمحامين

  • كيفية تنظيم وكتابة وكالة المحامي خطوة بخطوة

    كيفية تنظيم وكتابة وكالة المحامي خطوة بخطوة

    كيفية تنظيم وكتابة وكالة المحامي

    سند توكيل عام بالخصومة سند توكيل عام(1)

    ……….(۲) الموقع أدناه ……………… بن  ………..(3) ……….(04)  قد وكلـ (٥) و (6) …… …………..بكـامل الأهلية القانونية المحامـ (7)…………………….. ليكونـ(8)………………………………وكيلا ينـوب عنـــ(9) ………………..بالخصومـة مع أي شخص كان وبأية صفة كانت وبأي خصوص كان لدى كافة المحـاكم علـى اختلاف درجاتها ومجلس التأديب ودوائر التنفيذ ودوائر التحقيق ودوائر الكتاب بالعدل وجميـع الدوائر والمؤسسات الرسمية والمراجع الوطنية والأجنبية في أراضـي الجمهوريـة العربيـة السورية وخارجها وذلك بأية صفة كانت وكالة تخوله القيام بالأعمال والإجـراءات اللازمـة لإقامة الدعوى ومتابعتها والدفاع فيها والإقرار وقبول اليميـن وتوجيهها وردهـا واتخـاذ الإجراءات التحفظية والتبليغ و التبلغ وإقامة البينة وتقديم اللوائح والاستدعاءات والاحتجاجات والاعذارات وطلب رد القضاة و الأشتكاء عليهم ومخاصمتهم والادعاء بالتزوير وتعيين الخبراء وطلب ردهم وطلب إلغاء الحجز وفكه وطلب الحبس والرجوع عنه وتوكيل شخص آخر عنـ(9)……………….. أو أكثر لكل ما ذكر أو بعضه وإقالتهم وبمراجعة طرق الطعن بالقرارات التنفيذية) ولكل منهم) حق الطعن بالاستئناف والنقض وسلوك جميع طرق الطعن الأخرى والقبض والصرف والصلح و التحكيم و الإسقاط والتنازل عن الدعوى وعن الحكم و عن الطعن ومهل الطعن و التبليغ والتبلغ والإخطارات التنفيذية ومهلها والإبراء و مراجعة دوائر التنفيذ ودفع و استرداد الرسوم والتأمينات القضائية……………………………………………………………… الخ نص الوكالة

    في //

                                                                                                     الموكل

                                                                                             الاسم والتوقيع

     

     

    (۱) هذا الأنموذج موضوع من نقابة المحامين السورية. ويتم تنظيمه بمعرفة المحامي الوكيـل ويوثـق مـن مندوب رئيس فرع النقابة بالمحافظة.

    (۲) تصلح الوكالة للتوكيل بالخصومة عن شخص واحد أو أكثر. فإن كان الموكل شخصا واحدا فيملأ الفراغ بكلمة ” أنا “. وإذا تعدد الموكلون فيملأ بكلمة ” نحن “.

    (3) يذكر اسم الموكل. وإذا تعدد الموكلون فيذكر اسم كل منهم مقروناً بصفته على النحو المبين بالــــهامش

    (4) فإذا فرغ منه ذكر اسم الموكل الآخر مقرونا بصفته أيضاً. وإذا تعدد الموكلون واشتركوا بصك واحـد فيكفي تعدادهم وذكر الصك بعدهم وتضاف عبارة ” على الاتحاد والانفراد

    – إذا لم تكن هناك نيابة فيشطب باقي الفراغ. أما إذا كانت هناك نيابة أو أكثر فتضاف العبارة المناسبة بحسب النيابة المقصودة.

    وإذا تعددت النيابات ذكرت كل منها مقرونة باسم المنوب عنه ووثيقة النيابة كما يلي:

    – بالأصالة عن نفسي وبالولاية الجبرية على ولدي أولادي القاصرين …… ( تستعمل للأب )

    – بالأصالة عن نفسي وبالولاية الجبرية على حفيدي / أحفادي القاصرين …… ( تستعمل للجد )

    – بالأصالة عن نفسي وبالولاية الشرعية على القامر … (تستعمل للأخ والعم والابن وغيرهم من الأولياء)

    – بالأصالة عن نفسي وبصفتي حاضنة للقاصر …… ( تستعمل للحاضنة )

    – بالأصالة عن نفسي وبالوصاية الشرعية على القاصرالقاصرين بموجب وثيقة الوصاية الشرعية الصادرة عن القاضي الشرعي في …… رقم …… تاريخ / / ( تستعمل للوصي )

    – بالأصالة عن نفسي و بالقوامة الشرعية على المحجور عليه ……… بموجب وثيقة القوامة الشرعية الصادرة عن القاضي الشرعي في …… رقم …… تاریخ || ( تستعمل للقيم )

    – بالأصالة عن نفسي وبالوكالة القضائية عن الغائب أو المفقود …… بموجب الوكالة الشرعية الصادرة عن القاضي الشرعي في …… رقم …… تاريخ / / ( تستعمل للوكيل القضائي )

    – بالأصالة عن نفسي وبالإضافة لتركة المرحوم …… التي لم تصف بعد. ( تستعمل للتركات )

    – بالأصالة عن نفسي وبالوكالة عن ……… بموجب سند التوكيل العام / الخاص رقم …… تاريخ // ( تستعمل للوكالة الاتفاقية )

    – بالأصالة عن نفسي وبالوكالة عن ……… بموجب سند التوكيل العام / الخاص رقم …… تاريخ //

    – أصالة عن نفسه وإضافة لتركة المرحوم ……. التي لم تصف بعد ووكالة عن …… بموجب سند التوكيل الخاص في العام رقم …… تاريخ / / ( تستعمل للوكالة عن وكيل )

    – باعتباري مديراً عاماً/رئيساً لمجلس إدارة مفوضا بالتوقيع عن شركة جمعية / مؤسسة … وبالإضافة لها . ( تستعمل لممثلي الشخصيات الاعتبارية )

    (5) يضاف حرف ( ت ) للموكل الفرد و حرفا “نا ” للموكلين المتعددین.

    (6) تضاف ” أنا ” للموكل الفرد . و ” نحن ” للموكلين المتعددين.

    (۷) يذكر اسم المحامي أو المحامين الوكلاء

    (8) يضاف حرفا ( وا ) إذا تعدد المحامون الوكلاء مع عبارة ” مجتمعين ومنفردين ” أو “كل منهم “. (9) يضاف حرف ( في ) للموكل الفرد وحرفا “نا ” للموكلين المتعددين.

  • 5 خطوات لصیاغة قانونیة رفیعة

    5 خطوات لصیاغة قانونیة رفیعة

    المحامي السوري
    مقدمة
    ینقل عن الرئیس الأمریكي ابراھام لینكولن قوله : إذا أعطیتني ست ساعات لقطع شجرة فسأقضي الساعة الأولى في شحذ الفأس.

    فیما یتعلق بالكتابة القانونیة، فھل نحن معشر المحامین والقانونیین منشغلون بقطع الشجرة دون أن نعطي الوقت الكافي لشحذ الفأس؟

    لا شك أننا نعتقد أننا نملك ناصیة الكتابة القانونیة ونستحق التقدیر اللازم لھذه المھارة في الكتابة
    وأننا غیر ملزمین باتباع قواعد الكتابة التي یلتزم بھا غیرنا في المجالات الأخرى مثل الأدب
    والاعلام.

    ولكن في الواقع فان الكتابة القانونیة وكتابات القانونیین تواجه نقدا بأنھا تتسم بالإطالة
    والتعقید وصعوبة الفھم.

    ولكن ھؤلاء المنتقدین فات علیھم فھم الطبیعة الخاصة للكتابة القانونیة وأولویاتھا.

    فحیث أن امتاع القارئ عن طریق جمال اللغة وجزالة اللفظ تمثل الأولویة في الكتابة الأدبیة، فان الأولویة في الكتابة القانونیة تتمثل في اقناع صاحب القرار بتبني حجة الكاتب القانوني (وقد یكون صاحب القرار ھو القاضي أو المحكم أو المتعاقد الآخر في العلاقة التعاقدیة).
    ولكن في نفس الوقت فان اختلاف المقاصد والأولویات لا یعني أن القانوني لا یتقید بأي قواعد
    في الصیاغة.

    وعموماً یمكن تلخیص الإشكالات التي تشوب الكتابة القانونیة في النقاط التالي:

    (أ) عدم جود تحلیل قانوني محكم بحیث لا یوضح المستند المقدم ما ھي القاعدة القانونیة
    التي تحكم المسألة وما ھو مصدر ھذه القاعدة وكیف تنطبق القاعدة على المسألة.
    (ب) استخدام جمل مطولة فیھا عدد كبیر جدا من الكلمات في الجملة الواحدة مما یصیب
    القارئ بالملل ویصیب عینیھ بالتعب.
    (ت) استخدام جمل ركیكة في الصیاغة وعدم مراعاة قواعد النحو والاملاء الصحیحة.
    (ث) الكتابة غیر المرتبة التي تقفز من موضوع لآخر دون وجود ترتیب أو تسلسل منطقي
    للأفكار والموضوعات وذلك یصیب القارئ بالإرباك والحیرة.
    (ج) التكرار غیر المنطقي لنفس الفكرة عدة مرات بدون مبرر.
    (ح) عدم مراعات التناسق في تصمیم المستند وعدم اختیار الخط المناسب أو القیاس المناسب للخط.

    في ھذا المقال سأطرح خمس خطوات للوصول لكتابة قانونیة رفیعة ترضي توقعات القارئ
    وتحقق مراد الكاتب.

    ھذه الخطوات ھي ثمرة بحث في مئات المستندات القانونیة والمذكرات القانونیة التي اطلعت علیھا مع البحث في أمھات الكتب التي تناولت أسس الصیاغة القانونیة سواء
    في المراجع العربیة أو الإنجلیزیة.

    الخطوة الأولى: مرحلة البحث:

    یتخطى العدید من القانونیین ھذه الخطوة ویشرعون في الكتابة مباشرة وھذا خطأ فادح.

    ان مرحلة
    البحث تمثل الأساس في ھیكل بناء المستند القانوني. فمھما كان المامك بموضوع المسألة فیجب
    أن تبدأ بھذه المرحلة وذلك من خلال البحث القانوني.

    للقیام بذلك علیك أولا تجمیع الوقائع المؤثرة في المسألة بغرض فھم موضوع المسألة.

    لا تكتف فقط بالوقائع التي سردھا الموكل (في حالة المستشار الداخلي فان الموكل ھو الشركة وقد یكون المدیر أو عضو مجلس الإدارة بحسب الحال) بل حاول الوصول لمعرفة شاملة للموضوع من كل جوانبھ. من المھم أیضا أن تضع في الاعتبار أن ما سرده الموكل ھو جزء من الحقیقة ولیس كل الحقیقة.

    بناء على الوقائع التي جمعتھا علیك البحث عن القانون الذي یحكمھا.

    علیك بطرح ھذه الأسئلة:

    • ھل یوجد تشریع یغطي ھذه المسألة؟ ما ھو نوع ھذا التشریع: ھل ھو قانون أم لائحة؟
    • ھل ما زالت القاعدة القانونیة ساریة أم تم تعدیلھا أو الغائھا؟
    • ھل ھناك تشریع آخر یتقاطع مع القانون الذي توصلت الیھ؟ ما ھي طبیعة ھذا التقاطع؟
    ھل ھناك تعارض أو توافق؟ كیف سیخدم أي منھما موقف موكلك؟
    • كیف تعاملت المحاكم مع مثل ھذه المسألة في السابق؟ ھل عناك سوابق قضائیة في ھذا
    الموضوع؟

    ان طرح مثل ھذه الأسئلة كفیل بأن یجعلك على درایة أفضل بالقاعدة أو القواعد القانونیة التي
    تحكم المسألة كما تنبھك الى ما یسمى ب ” النقطة العمیاء“.

    ان النقطة العمیاء ھو تعبیر مقتبس من قیادة السیارات حیث لكل سائق ” نقطة عمیاء” لا یراھا وھو في مقعد القیادة وإذا كانت ھناك سیارة أخرى في مجال النقطة العمیاء فان ذلك السائق لا یراھا وقد یعمد الى الاتجاه بسیارته في الاتجاه الخاطئ وھو لا یدري.

    ان النقطة العمیاء في الكتابة القانونیة ھي النقطة أو النقاط التي لا تراھا بسبب قربك الشدید من المسألة القانونیة أو تحیزك لرأي قانوني أو أسلوب معین.

    قد تكون النقطة العمیاء مثلا تفسیر تبنیتھ ولكنھ لا یسري على المسألة المطروحة أو فیه استثناءات غفلت عنھا أو قد یكون فھما ناقصا للوقائع أو القانون.

    الخطوة الثانیة: مرحلة التخطیط:

    بعد أن تجمعت لدیك فكرة كافیة عن الوقائع وبعد أن حصرت القواعد القانونیة التي تحكمھا تكون
    الخطوة التالیة ھي التخطیط للمذكرة القانونیة.

    ان مرحلة التخطیط ھي مرحلة جوھریة في عملیة الصیاغة وھي تشبھ عملیة وضع الخرط التي یقوم بھا المھندس فلا یتصور أن یشرع المھندس في بناء المنزل مباشرة بدون أن تكون لدیه خرط ھندسیة توضح عدد الغرف ومساحاتھا.

    وبنفس الطریقة ففي مرحلة التخطیط تضع الخطوط العریضة للمذكرة في شكل عناوین وعناوین فرعیة وھي بمثابة عدد الغرف وما فیھا من نوافذ وأبواب تؤدي لغرف أخرى.

    في ھذه المرحلة تورد الدفوع التي تخدم موقفك وتلك التي تضعفھ وتضع خطتك للتعامل مع كلیھا. علیك أیضا أن تستوضح الغرض من الكتابة في ذھنك وتحدد الھدف الذي تروجھ من المستند.

    عموما علیك بطرح ھذه الأسئلة:
    • ما ھو الھدف من كتابة ھذا المستند أو المذكرة؟
    • من ھو القارئ المستھدف؟ من ھو القارئ الرئیسي والقارئ الفرعي للمستند؟
    • ما مدعى معرفة القارئ أو القراء المستھدفون بالموضوع؟ ما ھي درجة استیعابھم للمسألة التي سأطرحھا؟
    • ما ھي توقعات القراء؟ ھل یتوقعون لغة رسمیة رصینة أو لغة سھلة ومختصرة؟ ما ھي درجة الرسمیة المطلوبة؟
    • ھل لدي تجربة سابقة مع ھذا القارئ؟ ماذا تقول التجربة وكیف استفید منھا في ھذا المستند؟

    ان طرح ھذه الأسئلة سیعینك على تحدید درجة التفاصیل والشرح و”نغمة” المستند من حیث
    درجة الرسمیة واختیار الأسلوب الذي یتناسب مع الغرض ومع القراء المستھدفین.

    بعد أن تضع النقاط فإنني أنصح بنقلھا في ورقة بیضاء لعمل الربط بین النقاط والترتیب في السرد.

    الخطوة الثالثة: مرحلة الصیاغة:

    الآن أنت مسلح بما تحتاجه لبدء الكتابة بعد أن جمعت الوقائع وحصرت القواعد القانونیة ثم جھزت خطة الكتابة. الآن علیك بالتنفیذ.

    في أثناء الصیاغة قم باتباع الخطة التي رسمتھا ولكن لا تخش أن تحید عنھا إذا لزم الأمر.

    علیك بعمل تحلیل قانوني للوقائع بحیث تنزل علیھا القواعد القانونیة التي حصرتھا لكي تصل الى النتیجة التي ترغب فیھا.

    علیك بتقدیم الدفوع المستمدة من التحلیل القانوني والتي تدعمھا الوقائع الواردة مع بیان مصدر القاعدة القانونیة التي تستند علیھا والأدلة التي تستند الیھا.

    لكي تحصل على صیاغة فعالة الیك النصائح التالیة:
    (أ) شكل المستند لا یقل أھمیة عن مضمونھ. استخدم التنسیق المناسب ویشمل ذلك نوع
    الخط والحجم.

    بالنسبة للمذكرات المقدمة للمحاكم فإنني أنصح بقیاس 16 وخط من السبب في ذلك أن ھذا النوع من الخط یتسم بالرسمیة .Times New Roman نوع وسھل القراءة.

    من المھم التناسق في جمیع صفحات المستند بحیث تستخدم نفس النوع من الخط ونفس القیاس مع إمكانیة زیادة حجم الخط للعناوین الجانبیة.
    (ب) احرص على ترك مساحات بیضاء بین الفقرات لأنھا تعمل بمثابة استراحة قصیرة للعین.

    بدون جود مساحات بیضاء فان عین القارئ ستصاب بالتعب بسرعة ویؤدي ذلك للملل ومن ثم التوقف عن القراءة.
    (ت) الترقیم للفقرات فكرة جیدة ویستخدمھ المحامون في المذكرات والقضاة في صیاغة الأحكام في معظم النظم القانونیة التي تتبع نظام القانون العام.

    والسبب في ذلك ھو تسھیل الإشارة لرقم الفقرة بصورة أكثر دقة مع تفادي التكرار. ان ترقیم الفقرات في المذكرات القانونیة غیر منتشر في الدول العربیة ولكنھ أسلوب فعال في الكتابة.
    (ث) لكي تجعل الجملة سھلة الفھم التزم ما أمكن بالترتیب التالي: فعل – فاعل – مفعول به.
    مثلا: اشترى المدعي العقار رقم 50 .

    ان ھذا الترتیب لا یجعل مجالا للشك في تحدید ما الذي حدث ومن قام بالفعل وعلى من وقع الفعل كما أنك تستخدم أقل عدد ممكن من الكلمات ( 4 كلمات).

    ھذا الأمر تزداد أھمیته في صیاغة العقود حیث یكون المحك فیھا ھو تحدید من یقوم بالالتزام.

    لكن جرب المثال التالي: العقار الذي تم شراؤه من قبل المدعي كان یحمل الرقم 50 ( 10 كلمات). ھل رأیت الفرق؟  
    (ج) اكتب في جمل قصیرة.

    ان الجمل الطویلة كما ذكرت تتعب العین و”تتوه” القارئ. یمكن تحقیق ذلك من خلال حذف أي كلمات تفصل بین الفعل والفاعل وجعلھا في جمل منفصلة إذا لزم الأمر.
    (ح) علیك مراعاة قواعد الاملاء والنحو وخاصة تطابق الفعل مع الفاعل من حیث العدد والتأنیث والتذكیر وقواعد الھمزة وخلافھ. علیك أیضا مراعاة الاستخدام الصحیح لعلامات الاعراب والترقیم مثل النقطة والشولة والنقطتین.
    (خ) تجنب استخدام الأفعال المبنیة للمجھول ما أمكن لأنھا لا توضح الفاعل كما أنھا تزید من عدد الكلمات في الجملة.
    بعد طرح الدفوع التي تدعم موقفك قد یكون من المناسب التفكیر في الدفوع التي قد یتقدم بھا
    الطرف الآخر والتي تتعارض مع موقفك وتقوم بتفنیدھا أو الرد علیھا.

    في المستندات التي لا تحتوي على خصومة واضحة یمكن الإشارة للجانب المعاكس من المسألة التي تطرحھا وتفندھا أو ترد علیھا.
    بالنسبة لصیاغة العقود فیجب أن تكون الصیاغة تحدد أطراف العقد بدقة وتحدد الالتزامات التي
    سیقوم بھا كل طرف من أطراف العقد بصورة لا لبس فیھا مع تجنب الألفاظ التي تحمل التأویل
    لأكثر من معنى.

    من الشائع الإشارة لأطراف العقد بعبارة “الطرف الأول” و”الطرف الثاني”، ولكن مثل ھذه الصیاغة مرھقة للعین للتقارب الشدید بین العبارات وأقترح استبدالھا بعبارات ممیزة لأحد طرفي العقد مثل عبارة ” البائع” وعبارة ” المشتري” وذلك بسبب أن العقد غالباً سیحتوي على مشتري واحد وبائع واحد كما لا یوجد تشابه بین العبارتین أو استخدام عبارة “الموظف” و “الشركة” في عقد العمل بدلاً من الطرف الأول والطرف الثاني.

    وقد یكون من المناسب طرح ھذا السؤال: لو عرض ھذا البند أمام المحكمة فكیف سیحكم القاضي بموجبه؟

    ما ھو التفسیر المعاكس الذي یحتملھ ھذا النص وكیف یمكنني أن أتجنبه؟
    ان طرح مثل ھذه الأسئلة سیساعدك على احكام الصیاغة وتجنب العبارات الفضفاضة أو الغامضة.

    الخطوة الرابعة: مرحلة المراجعة

    بعد أن قمت بصیاغة المسودة الأولى من المستند حان وقت المراجعة.

    قد یكون من المناسب طباعة النسخة وقراءتھا بصوت مسموع لكي ترى وقع الكلمات وتناسق الجمل.

    في ھذه المرحلة علیك بمراجعة المسودة ومقارنتھا بالخطة التي وضعتھا في المرحلة الثانیة للتأكد من تغطیة جمیع النقاط التي ترغب في تغطیتھا أو معرفة التعدیلات التي قمت بھا على الخطة.

    ثم بعد ذلك علیك بمراجع التسلسل بین الأفكار والترابط بین المواضیع بحیث تحتوي كل فقرة على فكرة واحدة وإذا وجت أن ھناك فقرة تحتوي على أكثر من فكرة فربما من الأفضل تقسیم الفقرة الى فقرتین.
    علیك بحذف كل الكلمات الزائدة والعبارات المكررة في ھذه المرحلة لأنھا “تأكل” من جودة المستند.

    قد تكتشف الحاجة لإعادة ترتیب الفقرات أو حذف بعضھا أو إضافة توضیحات أو ادراج بیانات. علیك الاھتمام بصحة الأرقام والتواریخ والأسماء في ھذه المرحلة.

    كما أن علیك التأكد من صحة الإشارة الى مصادر القواعد القانونیة التي تستند الیھا.

    إذا كنت تستند الى مادة في القانون فمن الأفضل كتابة المادة كاملة دون الاكتفاء بالرقم فقط وذلك في المرة الأولى التي تشیر فیھا للمادة.

    قد ترى أن فقرة تتعارض مع أخرى وتقرر إزالة ھذا التعارض بمزید من الایضاح أو حذف أحداھما.
    في ھذه المرحلة یكون التركیز على الاجادة والتحسین. القاعدة الأساسیة ھي:

    خیر الكلام ما قل ودل.

    الخطوة الأخیرة: مرحلة إعادة المراجعة

    ھذه ھي الخطة النھائیة ولكنھا قد تكون في عدة مراحل.

    من الأفضل أن تبدأ مرحلة إعادة المراجعة
    بعد أخذ استراحة من المسودة ویفضل في الیوم التالي وذلك بغرض اتاحة الفرصة للنظر للمستند
    بعین جدیدة.

    تزداد أھمیة ھذه المرحلة إذا كنت قد قمت بعمل تعدیلات في المرحلة السابقة لأن أي تعدیلات تحتاج مراجعة شاملة للمستند لمعرفة تأثیر ھذه التعدیلات على باقي المستند.

    قد یكون من المفید عرض المستند على شخص تثق به لیعطیك رأیاً موضوعیاً ویجب أن یكون ھذا الشخص من غیر أفراد الفریق الذي یعملون على القضیة لكي تكتمل الفائدة.

    والسبب في ذلك أن الأشخاص الذي یعملون معك في نفس المسألة في الغالب قد تأثروا بنفس الأفكار التي تحملھا ومن الصعب علیھم تقدیم رأي مستقل.
    یمكن تكرار ھذه الخطوة عدة مرات لأن كل مراجعة تزید من جودة المستند ومتانته.

    الخلاصة

    على الرغم من الخصوصیة التي تتمتع بھا الكتابة القانونیة الا أنھا كغیرھا من أنواع الكتابة مبنیة
    على أسس مستمدة من العرف وقواعد المھنة.

    ان اتباع استراتیجیات فعالة في الكتابة من الوسائلالجوھریة لإجادة أصول الصیاغة.
    وعلى الرغم من أن الخطوات الموضحة في ھذه الورقة لا تغطي جمیع الحلول ولكنھا تحمل أساسا صلباً یمكن أن تبني علیه بما یتناسب مع طبیعة الكتابة والغرض منھا وطبیعة عملك ومیولك الشخصیة.

    في نھایة الأمر فان الكتابة عمل یتسم بالخصوصیة ولكل منا بصمته التي یصعب تكرارھا.
    ختاما أرجو أن یساعدك ھذا المقال في شحذ فأسك أیا كان نوعھا!

    أیمن عبد الرحمن خیر

  • 30 نصيحة للمحامي لزيادة عدد الموكلين

    30 نصيحة للمحامي لزيادة عدد الموكلين

    محامي

    • على جميع من حولك أن يعرف انك محامي .
    • لا يكفي ان تكون محامي ماهر لتحصل على عملاء .
    • ركز على تخصص واحد في البداية .
    • اهتم بكل ما يدور حول تخصصك.
    • تواصل أسبوعيا مع 4 عملاء محتملين على الأقل.
    • ليس كل عميل مناسب لك
    • اختر العميل المناسب لتخصصك.
    • حاول تنظيم فعاليات في مكتبك
    • تواصل دائما مع صانعي القرار
    • تابع الاخبار الاقتصادية وراقب ما يحدث حولك .
    • لا تكن بعيدا عن زملاء المهنة (ترشيحهم لك محتمل)
    • كن دائما بجانب المحامين الماهرين
    • سمعتك اهم ما تمتلك
    • احضر الفاعليات المتعلقة بمجالك.
    • لا تنقد على العلن واحتفظ برايك.
    • شارك معلومات هامة مع الجميع.
    • لا تتعامل مع العميل على انه فرصة للمكسب وتستغله.
    • ابعد عن الطمع والجشع .
    • تطوع في اعمال خيرية قانونية.
    • لا تستعمل كلمة انا محامي دائما دعهم يقولك انك محامي بدلا منك.
    • لا احد كبير على التعليم .
    • اهتم بمكان مكتبك.
    • تعلم كيف تسأل .
    • استمع جيدا
    • اهتم بعميلك واجعله مطلع على الجديد في قضيته .
    • إياك وشخصنة القضايا.
    • اهتم بمظهرك الشخصي
    • الثقة هي اساس تعامل المحامي.
    • اهتم بالتفاصيل الصغيرة فالجبال تبنى من الحص
    • كن صبورا ولا تقبل اي قضية تعرض عليك.

     

  • هل عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد بيع خدمة؟

    اتجه جانب من الفقه إلى عد عقد تقديم الاستشارة القانونية بأعتبار محله تقديم خدمة متميزة وهي الاستشارة القانونية عقد بیع .

    ويعرف المشرع العراقي عقد البيع في المادة / 506 من القانون المدني ، على أنه

    (( مبادلة مال بمال )) ،

    بينما عرفه المشرع المصري في المادة / ۱۸ بأنه

    (( عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا مالية أخر في مقابل ثمن نقدي )) ، أما المشرع الفرنسي فقد عرفه في المادة / ۱۰۸۲ من التقنيين المدني بأنه

    (( أتفاق بين اثنين موضوعه تسلیم شئ في مقابل يدفعه الأخر )) .

    وفي ضوء النصوص المتقدمة نلاحظ أن عقد البيع من العقود الناقلة للملكية ينقل ملكية شيء مقابل دفع الثمن فهل يمكن أن نتصور عقد تقديم الاستشارة القانونية كمحل لعقد تقدیم الاستشارة القانونية وهي خدمة ذات طبيعة ذهنية وعقلية ، أن يرد عليها عقد البيع.

    إن عقد البيع يمكن أن يرد على كافة الأموال ، أي على كل حق له قيمة مادية في التعامل،

    ويتصف عقد البيع بعدة خصائص وهي أن عقد البيع من العقود الرضائية ، ومن العقود الملزمة للجانبين ، ومن عقود المعاوضات ، عقد البيع من العقود الناقلة للملكية ،

    وكذلك يعتبر من العقود المحددة في الأصل ،

    وبعد أن بينا تعريف عقد البيع وأهم خصائصه، فهل يمكن أن ينصب عقد البيع على الاستشارة القانونية باعتبارها خدمة متميزة يقدمها المستشار القانوني ؟

    ، للإجابة على هذا التساؤل سنقوم بعرض فكرة عقد البيع بالنسبة للخدمة المتمثلة بالاستشارة القانونية ثم سنحاول تقييم هذه الفكرة من خلال الفرعين الآتيين :

    الفرع الأول : عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية بيع خدمة

    الفرع الثاني : تقويم فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية بيع خدمة

    الفرع الأول

    عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية بيع خدمة

    إن البيع بصفة عامة يهدف إلى نقل ملكية شيء إلى طرف أخر في مقابل يدفعه ، فهل الخدمات تقبل الانتقال وتقبل أن يرد عليها البيع ؟

    إن الاستشارة القانونية وباعتبارها خدمة يمكن أن ترد كمحل لعقد البيع ، ذلك أن مفهوم عقد البيع لم يعد ضيقة بأن لا يرد إلا على الأشياء المادية ، وانما أصبحت الأشياء غير المادية تصح أن تكون محط له ، ولذلك لا يوجد ما يمنع أن تكون الخدمات محلا لعقد البيع.

    وأن أول من قال بهذه الرأي الفقيه الفرنسي ( Savater ) في بحثه عن بيع الخدمات حيث يذهب هذا الفقيه إلى أن الخدمات ماهي إلا قيمة اقتصادية يمكن أن تنسب إلى من يؤديها ، وتأخذ وصف السلعة وتصبح قابلة للتقويم ، ويقدر لها سعر فالعقد الذي نحن بصدده وهو عقد تقديم الاستشارة القانونية يختلف عن العقود التقليدية في كون محل الشيء فيه غير مادي ، ونقل الملكية هنا لا يعني نقل ملكية بالمعنى التقليدي ، بمعني نقل لشيء مادي وإنما هو بيع لخدمة تستهلك بمجرد أن توضع تحت يد المشتري ، ويشبه بيع الخدمة ببيع الطاقة في شكل تيار كهربائي .

    ومما تقدم من أراء يتبين لنا إن عقد تقديم الاستشارة القانونية هو عقد بيع خدمة وهذا العقد يختلف عن عقود البيع التقليدية ، إذ يتم فيه تبادل أشياء غير مادية ، مقابل مبلغ من النقود .

    ويؤكد رأي آخر، أن البيع الذي يرد على أشياء معنوية ، لا يعني نقل ملكية بالمعنى التقليدي لنقل ملكية الأشياء المادية ، وإنما هو بيع المعلومات أي لأشياء معنوية.

    وتجدر الإشارة إلى أنه ، وعلى الرغم من أن محل العقد خدمة ، وهي أموال معنوية تعد نتاج لمجهود مضن ، إلا أنها قيمة تقوم بالمال ، وهذا ما يمكن تقبله بصدد عقد تقديم الاستشارة القانونية شأنه في ذلك شأن الأشياء المعنوية الأخرى ، التي استقر الفقه بشأنها على أنها من قبيل الأموال .

    في ضوء كل ما تقدم ، يتضح لنا إن مقياس عد عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد بيع خدمة يستند على ما يلي:

     

    1 – إن الخدمة المتمثلة بالاستشارة القانونية التي يتوصل لها المستشار ، لها قيمة اقتصادية قابلة للاستحواذ وهي تعد منتجاً يرتكز في حقيقته على المعرفة العلمية والفنية التي يمتلكها المستشار القانوني ، إذ هناك علاقة قانونية بينها وبين من توصل اليها ، علاقة يمكن وصفها بعلاقة المالك بالشيء الذي يملكه ، هذا ولما كانت الأموال المعنوية لها قيمة مالية ، فإنها يمكن أن تصبح محلا للحق ،

    إذ لا يمكن القول بوجود ملكية مالم تكن هناك قيمة للمال محل هذه الملكية ، مما يترتب عليه جواز التنازل عن هذه القيمة مقابل ثمن ويعد عقد البيع اكثر أنواع العقود ملائمة لهذا التنازل .

    فالبيع هنا لا يعني نقل الملكية بالمعنى التقليدي لنقل الملكية المادية وانما نكون إزاء نقل ملكية معنوية.

    ۲ – هذا التكييف يتفق وقصد المتعاقدين ، طالما أن هذا العقد لا يتضمن أية مخالفة لأحكام عقد البيع التقليدي ، ذلك إن المراد ببيع الاستشارة القانونية هو تنازل المستشار القانوني عنها بشكل نهائي لتصبح من حق المستفيد ، أي المشتري الذي يجوز له التصرف بها بالتصرفات القانونية كافة ، فله أن يستغلها أو يستعملها أو يتصرف بها ، وله أن يحتج على الغير يملكيته لهذه المعلومات .

    ٣ – حق المستشار القانوني على الاستشارة القانونية المقدمة من قبله حق ملكية ، إذ أن هذه الملكية تتصل في شخصه وهي الأولى بالحماية ، وهو حق يعطيه صلاحية نقلها للغير.

    4 – تتصرف نية المتعاقدين في عقد تقديم الاستشارة القانونية ، إلى تنازل المستشار القانوني عن المعلومات التي يمتلكها إلى المستفيد ، وهذا التنازل يكون بمقابل هو الثمن ، فاستغلال النشاط الذهني للإنسان يهدف في الحصول على مقابل مالي أصبح الأن سمة من سمات العصر الحديث ، لذا فأن عد عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد بيع يكون أقرب إلى المنطق القانوني۔

    ه – استقرار الشركات الدولية للاستشارات على عد عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد بيع خدمات ورتبت عليه كافة الآثار التي تترتب على عقد البيع كضمان العيوب الخفية والالتزام بدفع الثمن وأسس تقديره والتزام المستشار بالتسليم وغيرها من أحكام عقد البيع.

    6 – من حيث خصائص العقدين فقد رأينا عند تقديمنا لعقد البيع انه من العقود الملزمة اللجانبين وأنه بعوض ، وأنه من العقود الناقلة للملكية ، وكذلك يعتبر من العقود المحددة في الأصل ، فعقد تقديم الاستشارة القانونية يقترب بهذه الخصائص من عقد البيع على وفق رأي من نادى به.

    – الفرع الثاني

    تقويم فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية بيع خدمة

    لا يمكن تطبيق أحكام عقد البيع على عقد تقديم الاستشارة القانونية في ظل اختلاف البناء القانوني لكل من العقدين ، إذ يرتكز عقد تقديم الاستشارة القانونية على عناصر لامثيل لها في عقد البيع ، كما أن وضع هذا التكييف موضع التطبيق غير ممكن للأسباب الأتية:

    1 – إن مصطلح الملكية يشوبه بعض الغموض بالنسبة للأداءات الذهنية ، إذ يصعب التسليم بأطلاق وصف الملكية على ما يقدمه المستشار القانوني للمستفيد ، فالفقه يشكك في أطلاق وصف حق الملكية على حق المستفيد في الاستشارة القانونية في عقد تقديم الاستشارة القانونية.

    ۲ – الطبيعة الخاصة لعقد تقديم الاستشارة القانونية وكونه عقد يبنى على الاعتبار الشخصي بالدرجة الأولى وكون محله اداءات ذات طبيعة ذهنية وعقلية أمر يجعل القول في كونه عقد بيع أمرأ ليس من السهل التسليم به.

    3 – إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يرتب التزامات غير تقليدية كالالتزام بالسرية والالتزام بالتعاون ، وهذه الالتزامات لا تنسجم مع ما تقرره أحكام عقد البيع ،

    فالمستشار القانوني تتعدى التزاماته مرحلة تنفيذ العقد وتستمر إلى ما بعد انتهاء الرابطة العقدية بينه وبين المستفيد ، وخصوصاً فيما يتعلق بالالتزام بالسرية ، وهذا الأمر لا يستقيم مع ما تقرره أحكام القانون بخصوص عقد البيع .

    4 – إن محل عقد تقديم الاستشارة القانونية ، المتمثل بالاستشارة القانونية شيء غير مادي لا يدخل في عالم الحس ولا يدرك إلا بالفكر المجرد ، فهو حتمأ يختلف عن محل عقد البيع في طبيعة الأخير الذي يدرك بالحس وله جسم يتمثل به ، فالاستشارة القانونية من خلق وابتكار الذهن ، تختلف عن محل عقد البيع المتمثل بالشيء المادي الذي يؤتي ثماره بالاستحواذ عليه والاستئثار به ، خلافاً للمشورة القانونية التي تؤتي ثمارها بالانتشار والانتقال من شخص الأخر، فعقد البيع يفترض انتقال شيء من شخص لأخر ، وهذا لا يمكن تحققه بالنسبة للخدمة المتمثلة بالاستشارة القانونية ، ذلك لأنها تنطوي على أفكار ، فإذا انتقلت الفكرة من شخص لأخر صارت الفكرة لدى كليهما.

    5- لا يستطيع المستفيد أن يلجأ إلى قواعد التنفيذ الجبري عند امتناع المستشار القانوني أداء الاستشارة القانونية، وذلك للارتباط الوثيق بين الاستشارة القانونية كمحل للعقد وبين المستشار القانوني صاحب المعرفة والتخصص ، ويقتصر حق المستفيد في المطالبة بإنهاء الرابطة التعاقدية والتعويض إن كان له مقتضي ، وهذا الأمر يختلف عما تقرره القواعد الخاصة بعقد البيع عند أخلال البائع بالتزاماته في عقد البيع.

    6- ليس من السهل التسليم بوجود تقسيم للبيوع إلى بيع أشياء أو حقوق وبيع خدمات ، فالخدمة بصورة عامة تخضع إلى صور متميزة من العقود تختلف عن عقد البيع كعقد العمل والمقاولة.

    ۷ – لا يمكن الركون إلى نية الطرفين في تحديد التكييف القانوني لعقدهما وخصوصاً في عقد تقديم الاستشارة القانونية الذي يتميز بأنه ينطوي على علاقة غير متوازنة بين طرفين احدهما قوي أو كفوء علمية بما يملكه من تخصص وخبرة ومعرفة علمية في مجال القانون ، والأخر ضعيف لا يملك التخصص والمعرفة العلمية في مجال القانون المتمثل بالمستفيد ، إذ لا عبرة للألفاظ التي يستعملها المتعاقدان أذا تبين أنهما أتفقا على عقد غير العقد الذي سمياه ، فقد يكونا مخطئين في التكييف وقد يتعمدان إخفاء العقد الحقيقي تحت اسم العقد الظاهر).

    ۷- وأخيرا أن ما قيل بصدد اتحاد العقدين بعدة خصائص وهي ، كونهما من العقود الملزمة اللجانبين وأنهما بعوض ، وأنها من العقود المحددة في الأصل ، هي علاوة ما تم تفنيده بخصوص ملكية الاستشارة القانونية ، فأنها لا تعدو أن تكون خصائص عامة تشترك فيها جميع العقود.

    هذه الصعوبات في جملتها كانت وراء محاولة بحثنا عن فكرة أخرى ، تحاول تكييف عقد تقديم الاستشارة القانونية على انه عقد مقاولة ، وكما هو موضح في المطلب القادم.

  • هل عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد وكالة؟

    تعرف الوكالة بأنها إقامة الغير مقام النفس في التصرف الجائز المعلوم ممن يملكه؟، أما القانون المدني العراقي فيعرف

    الوكالة في المادة / ۹۲۷ بأنها

    (( عقد يقيم به شخص غیر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم ))

    ، وعرفها القانون المدني المصري في المادة / ۹۹۹ بأنها

    (( الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل ))

    ، كما ويعرفه المشرع الفرنسي في التقنين المدني في المادة / 1984

    (( بأنه العقد الذي بمقتضاه يعطى شخص لأخر سلطة أبرام تصرفات قانونية باسمه ولحسابه )).

    فالوكالة تسمح للإنسان أن يكون حاضرة في أكثر من مكان ، لأنه بواسطة وكلائه يكون ممثلا في عدة جهات وفي آن واحد ، كما تسمح للشخص أن يبرم بواسطة غيره مالا يستطيع أن يبرمه بنفسه من التصرفات ، أما بسبب عجز مادي ، كالمعاق الذي لا يستطيع الحركة ، والمرأة التي لا تريد الخروج من بيتها ، والمسافر الذي لا يستطيع العودة لأبرام العقد أو الشخص المعنوي الذي ليس له يد يتصرف بها ، إلا بواسطة وسطائه ووكلائه بسبب عجز فكري ومعنوي.

    ومن التعاريف السابقة يمكن القول أن المشرعيين المصري والفرنسي كانا أكثر دقة في تحديد معنى الوكالة من المشرع العراقي ، حيث أن التزام الوكيل هو القيام بعمل قانوني ، ذلك أن الوكيل ينوب عن الموكل ، والنيابة تقتصر على الأعمال القانونية دون الأعمال المادية ، والوكالة كما هو معروف من العقود الواردة على العمل ، بيد أنها تتميز عن سائر العقود الواردة على العمل كعقد المقاولة وعقد العمل بسمتين أساسيتين لهما نتائجهما على عقد الوكالة في الاحتفاظ بذاتيته الخاصة به وهاتين السمتين:

    الأولى : وجود النيابة القانونية ، فالوكيل نائب وممثل عن الموكل يتعاقد مع الغير بأسم الموكل ولصالحه.

    الثانية : إن الوكالة ترد على التصرفات القانونية التي يبرمها الوكيل الصالح الموكل ، فالملتزم فيه وهو الوكيل ينوب عن الدائن وهو الموكل بالقيام بعمل قانوني باسمه ولحسابه.

    ويتميز عقد الوكالة بعدة خصائص فهو من عقود التراضي ، ومن عقود المعاوضة ، ومما تجدر الإشارة اليه إن الأصل في الوكالة أنها تبرعية ، ولكن قد تكون من عقود المعاوضة أذا اشترط الأجر فيها صراحة أو ضمنأ ، وهي من العقود الملزمة للجانبين .

    ولما كان بحثنا ينصرف إلى التعرف على التكييف القانوني لعقد تقديم الاستشارة القانونية فإنه وفي ضوء تلك الخصائص المميزة لعقد الوكالة ، هل يمكن القول إن عقد تقديم الاستشارة القانونية هو أحد تطبيقات عقد الوكالة ؟

    للإجابة عن ذلك فإننا نقسم هذا المطلب على فرعين هما:

    الفرع الأول : عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد وكالة

    الفرع الثاني : تقويم فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد وكالة

     

    الفرع الأول

    عرض فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد الوكالة

    لما كان المستشار القانوني يقوم بإعداد الاستشارة القانونية على النحو السابق إيضاحه ، بالإضافة إلى إنه في بعض الأحيان يقدم المساعدة الفنية اللازمة عند تنفيذ هذه الاستشارة ، إلا إنه في هذه الأعمال لا يقوم بعمل قانوني ، حتى يمكن القول بأن محل عقده هو عين محل عقد الوكالة . ولا يقدح في ذلك كونه يقوم بأداء هذا العمل للمستفيد ، حيث كما سبق الذكر ، الوكالة تقتضي القيام بالتصرفات القانونية ، بأسم ولحساب الموكل.

    وعلى الرغم من هذه الحقيقة ، إلا أن هناك بعض السمات التي تثير الشك في أن علاقة المستشار القانوني بالمستفيد هي علاقة وكيل بموكله ، ومن ثم يمكن القول أن الرابطة القانونية بينهما ترتدي ثوب عقد الوكالة ، وما يترتب على ذلك من نتائج ، أسوة بما هو متبع بصدد بعض عقود المهن الحرة ، كالعقد الطبي ، وعقد المحامي مع عميله ، وهذا هو ما كان معمولاً به أبان القانون الروماني في التمييز بين الأعمال المادية ، والأعمال الذهنية ، حيث كان يخضع هذه الأخيرة لأحكام عقد الوكالة.

    ويمكن مما تقدم أن نستند إلى الحجج الآتية في تكييف العلاقة بين المستشار القانوني والمستفيد على أنها عقد وكالة:

    1- من حيث الاعتبار الشخصي ، يعد عقد الوكالة من عقود الاعتبار الشخصي الذي يقوم على الثقة بين المتعاقدين ، فالموكل ادخل في اعتباره شخصية الوكيل ، بحيث أن الثقة والأمانة محل اعتبار في العقد وكذلك الحال في عقد تقديم الاستشارة القانونية ، بحيث يكون المستشار القانوني ملزم بإعطاء مشورة تجسد خبرته وتجربته في مجال القانون والتي يضعها الخدمة المستفيد غير المختص في القانون ،

    والعلة في اختيار المستشار القانوني دون غيره راجع إلى الثقة والاعتبار الشخصية المستشار القانوني وخبرته وذلك لما يتصف به من أمانة ومهارة في تخصصه ، هذه الثقة لم تكن وليدة آنية وإنما راجعة إلى اعتبار وشهرة المستشار القانوني في إرساء وتقديم الرأي السديد والفكرة الناضجة والحلول المدروسة().

    ۲ – الوكيل يعمل لحساب الموكل وباسمه ، ومع ذلك فأنه يتمتع باستقلال في أداء مهمته وكذلك المستشار القانوني فهو يمارس عمله كنائب عن المستفيد ، وفي نفس الوقت يؤدي عمله والمهام المكلف بها باستقلال عنه.

    3 – إن عمل المستشار القانوني تغلب عليه الصفة العقلية أو الذهنية ، فلا يمكن أن يكون محلا لعقد مربح ، لذا فإنه يخضع لعقد الوكالة حتى لا يوضع العمل العقلي في مستوى العمل اليدوي ، ولا ينحط العلم ليكون وسيلة للتجارة().

    4 – عقد تقديم الاستشارة القانونية ، كعقد الوكالة، يتميز بأنه عقد غير لازم ، إذ يجوز كقاعدة عامة أن يعزل المستشار القانوني ، وللمستشار القانوني أن يتنحى عن عقد تقدیم الاستشارة القانونية.

    5- يعد الالتزام بالتبصير و الأعلام من أهم عناصر الالتزام بالاستشارة الناشئة عن عقد تقديم الاستشارة القانونية، وهي ذات الالتزامات التي تقع على عاتق الوكيل ، الذي يلتزم بتبصير موكله واعطائه المعلومات اللازمة والحالة التي وصل اليها في تنفيذ الوكالة وعلى هذا نصت المادة / ۹۳۶ من القانون المدني العراقي على

    (( على الوكيل من وقت لأخر أن يطلع الموكل على الحالة التي وصل اليها في تنفيذ الوكالة ، وان يقدم له حسابا بعد انقضائها)) ،

    وتنشأ مسؤولية الوكيل في حالة تأخره في تبصير موكله.

    6 – لا يقتصر التزام المستشار القانوني على أداء مشورته ، بل يلزم كذلك باتباع كافة الوسائل التي تمهد القيام بهذا الالتزام مما يقرب عمله من عمل الوكيل .

    ۷ – إن الوكالة ليست دائما تبرعية ، بل إن الوكيل يستحق اجر المثل وأن لم يتم الاتفاق على الأجر في العقد حيث نصت المادة / 1/940 من القانون المدني العراقي على انه

    (( 1- أذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفى الوكيل العمل يستحقها وان لم تشترط ، فأن كان الوكيل ممن يعمل بأجر فله اجر المثل والا كان متبرعة )) ،

    فالوكالة وأن كانت بحسب نشأتها أنها عقد تبرعي ، إلا إن هذه الخصيصة قد تلاشت مع تطور هذه المهنة ، وبهذا تتفق مع عقد تقديم الاستشارة القانونية التي تكون دائمأ بمقابل  .

    ۸- أما من حيث الأجر ، فأن القضاء يطبق أحيانا أحكام عقد الوكالة على عقد تقدیم الاستشارة القانونية فيما يتعلق بجزئية تخفيض الأتعاب المغالي فيها (، فالقضاء له سلطة تخفيض أجر الوكيل إذ كان هذا الأجر مغالى فيه.

    واذا كانت هذه الأسباب هي التي أدت بأصحاب هذا الرأي للقول بأن عقد تقديم الاستشارة القانونية هو صورة من صور عقد وكالة إلا أنه لا يمكن التسليم بهذا التكييف على أطلاقها وهذا يتطلب منا تقويم هذه التكييف والذي سيكون مدار بحثنا في الفرع القادم.

    الفرع الثاني

    تقويم فكرة عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد الوكالة

    لم يسلم هذا التكييف لعقد تقديم الاستشارة القانونية من إعادة تقويمه مرة أخرى ، وذلك لأنه لا يمكن التسليم بهذه الفكرة نظرا إلى الانتقادات الشديدة التي أدت إلى زعزعت أركانه وذلك لكونه يتعارض مع الواقع القانوني لعقد تقديم الاستشارة القانونية ويتبين ذلك من خلال النقاط التالية:

    ١- يتميز عقد الوكالة بأنه يقوم على ركيزتين أساسيتين :

    الأولى تتمثل في إن الوكيل ينوب على الموكل فيتعامل مع الغير بأسم هذا الموكل ولحسابه ، أما الثانية فتتمثل في أن الوكالة لا ترد إلا على التصرفات القانونية .

    أما عقد تقديم الاستشارة القانونية فلا وجود فيه لهاتين الركيزتين ، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال عد الاستشارة القانونية تصرفأ قانونأ هذا من جهة ،

    ومن جهة أخرى فأن المستشار القانوني يتعامل باسمه ، وتصدر الاستشارة القانونية باسمه ، في حين إن الوكيل يبرم التصرف بأسم الموكل لا باسمه الشخصي).

    ۲ – إن الوكيل لا يسأل إلا عن بذل العناية اللازمة في إنجاز العمل الموكل اليه وهذا ما أشارت اليه المادة / 934 من القانون المدني العراقي ، بينما يلتزم المستشار القانوني بتحقيق نتيجة تتمثل في إنجاز الاستشارة القانونية وتسليمها للمستفيد .

    3 – إن القول بأن العمل العقلي لا يصلح أن يكون محط لعقد مربح قول يناقض الواقع فالمعروف أن أصحاب المهن الحرة ، التي تعتمد أغلبها على الطابع الذهني ، يبرمون مع عملائهم عقودة يبغون من ورائها الربح ، ولا تعاب سمعتهم إن قاموا بها مقابل أجر).

    4 – إن لجوء المحكمة إلى أحكام عقد الوكالة للوصول إلى تعديل الأجر المتفق عليه بين المستشار القانوني والمستفيد ليس بحجة قاطعة لثبوت هذا التكييف لعقد تقديم الاستشارة القانونية ، لأن تدخل القاضي في هذه الحالة هو تدخل استثنائي الهدف منه التخفيف من المغالاة في الأجور وإعادة التوازن بين طرفي العقد.

    5 – أما التقاء العقدين في الالتزام بالتبصير والأعلام فأن الالتزامات الأخيرة هي التزامات تبعية للكثير من العقود كعقود نقل التكنولوجيا والعقود التي يكون محلها مواد خطرة ، ولا تكون مدعاة للتقريب بين عقد الوكالة وعقد تقديم الاستشارة القانونية.

    6 – وأخيرا فأن الأوجه التي قيلت بشأن تشابه العقدين هي أوجه وجوانب عامة لا ترقى إلى المستوى الذي يجعلها تربك التمييز بين العقدين . فوصف العقد بأنه رضائي ، قائم على الاعتبار الشخصي ، وانه بمقابل تمثل أوصافة عامة تلتقي فيها الكثير من العقود من دون أن تكون هذه الأوصاف مدعاة للتقريب بين هذه العقود لدرجة يتعذر معها التمييز بينهما.

    ومن خلال ما تقدم فأننا نستبعد كون عقد تقديم الاستشارة القانونية هو عقد وكالة وذلك للأسانيد التي ذكرت لتفنيد هذا الرأي من جهة ، وكون عقد تقديم الاستشارة عقد يتمتع بخصوصية لا تتفق وأحكام عقد الوكالة ، وفي ضوء هذا التقويم نحن مدعوون إلى محاولة البحث عن تكييف أخر لعقد تقديم الاستشارة القانونية بين المستشار القانوني والمستفيد ، وهذا ما دعانا إلى تصوره بأنه عقد بیع خدمة . وكما هو موضح في المطلب القادم .

  •  التكييف القانوني لعقد تقديم الاستشارة القانونية

     إن مسألة التكييف تثار عندما نكون إزاء عقد لم ينظم المشرع نصوصه القانونية في تشريع ، وهذا بدوره يقودنا إلى درج هذا العقد ضمن احد الأنظمة القانونية القائمة وذلك من خلال تكييف هذا العقد ، وبالتالي فأن على رجال القانون النظر في العقود المستحدثة ، وأن يحاولوا أدخال هذه العقود الجديدة في نطاق العقود التقليدية الأقرب اليها ، كي تسري أحكامها عليها ،

    ومن هنا تظهر أهمية تحديد الوصف القانوني للعقد ، أي تكييفه ، وذلك لكونها مسألة أساسية وضرورية لتحديد ما إذا كان العقد مسمى قد أسمى القانون شرائطه وظروفه القانونية وفق نصوص محددة ، أم كان عقد غير مسمى ، وتكمن أهمية هذا التكييف في تعين القواعد واجبة التطبيق على هذا العقد.

    ويعد التكييف القانوني لعقد تقديم الاستشارة القانونية من الموضوعات التي كانت ولا زالت محلاً للخلاف ، فقد احتدم خلاف الفقه حول تكييف علاقة المستشار القانوني بالمستفيد  ، فمنهم من يرى أن عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد غير مسمى ،

    إلا أن القول بهذا التكييف اليس تكييف بقدر ما هو هروب من التكييف فهي فكرة تؤدي إلى تجنب المشكلة اكثر من حلها ، فليس معنى ما يكتنف أية عملية تكييف لأي عقد من صعوبات أن يلجأ الفقيه إلى الأيسر والأسهل ، وهو إخراج العقد من زمرة العقود المسماة والقول بأنه عقد غير مسمى ، ومنهم من نسبه إلى أحد العقود التقليدية ،

    وأيما كانت تقسيمات الفقه ، فأن غالبية الفقه يذهب إلى إن عقد تقديم الاستشارة القانونية يمكن أن يدرج تحت احدى طوائف العقود الثلاث ، أما  عقد وكالة ، وأما عقد بيع خدمة ، وأما عقد مقاولة().

    ولهذا كان لزاماً علينا أن نبحث هذه التكييفات الثلاثة الرئيسية كل على حدى ، على أن نحدد التكييف المختار من ضمن هذه التكييفات وذلك في ثلاثة مطالب حسب الاتي :

    المطلب الأول : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد وكالة.

    المطلب الثاني : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد بيع خدمة .

    المطلب الثالث : عقد تقديم الاستشارة القانونية عقد مقاولة

  • محل عقد تقديم الاستشارة القانونية ( الاستشارة والأجر)

     يعرف محل العقد بأنه المعقود عليه أي ما وقع عليه التعاقد ، شريطة أن لا يكون مخالفة للنظام العامة والأداب  ، ويظهر محل العقد في أثر العقد وأحكامه وهو يختلف باختلاف العقود فقد يكون عينة أو منفعة أو عملاً.

    وعندما تطرق المشرع العراقي في القانون المدني لمحل العقد أشار إلى محل الالتزام ، وهذا ما نصت عليه المادة / 124 منه على انه

    (( لابد لكل التزام نشأ عن العقد من محل يضاف إليه يكون قابلا لحكمه ، ويصح أن يكون المحل مالاً ، عيناً كان أو ديناً أو منفعة ، أو أي حق مالي أخر ، كما يصح أن يكون عملا أو امتناع عن عمل ))، وكذلك المواد القانونية التالية لها الخاصة بمحل الالتزام وهو الأمر الذي يلتزم به المدين ، والمتمثل بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو امتناع عن عمل.

    ومما تجدر الإشارة اليه إن المشرع العراقي قد خلط بين محل العقد ومحل الالتزام ، والصحيح أن محل العقد يختلف عن محل الالتزام ، إذ ينصرف مفهوم محل العقد إلى ما ورد عليه العقد ، أما محل الالتزام هو تنفيذ ما اتفق عليه المتعاقدين ، كما هو الحال في عقد تقديم الاستشارة القانونية فأن محل عقد الاستشارة القانونية يتمثل في تقديم الاستشارة القانونية والمقابل المالي ، أما محل التزام المستشار القانوني هو تقديم الاستشارة القانونية ، ومحل التزام المستفيد هو دفع الثمن .

    أذن فمحل العقد هو شيء أو دين أو خدمة ذات قيمة مالية ، ويشترط في المحل العقد أن يكون موجودة أو ممکن الوجود في المستقبل ، وان يكون معينة أو قابلا للتعيين ، وان يكون مشروعا .

    وعليه فان محل عقد تقديم الاستشارة القانونية ، يتمثل بالاستشارة القانونية من زاوية المستشار القانوني ، والمقابل المالي عند النظر إلى المحل من زاوية المستفيد ، إذ إن العملية القانونية التي يتم التراضي عليها في هذا العقد هي ليست عملية واحدة فقط وإنما اثنتان ، وهذا ما سنتناوله في الفرعين الآتيين :

    الفرع الأول : الاستشارة القانونية

    الفرع الثاني : الأجر

    الفرع الأول

    الاستشارة القانونية

    تعد الاستشارة موضوع ومحل عقد تقديم الاستشارة القانونية وهدفه وهي الخدمة  التي تقدم من المستشار القانوني إلى المستفيد من خلال الاعتماد على معرفته العلمية العملية كقاعدة أساس.

    والاستشارة لغة أصلها شور أي طلب منه الاستشارة ، اشتور القوم شاور بعضهم بعضا الاستشارة ما ينصح به من رأي وغيره .

    والاستشارة وتقول منه شاؤه في الأمر واستشرته وفلان خير شير أي يصلح للمشاورة وشاوره مشاوة وشوارة واستشاره طلب منه الاستشارة .

    ولم يتفق الفقه القانوني على تحديد معنی جامع للمشورة القانونية كمحل للعقد فذهب البعض إلى اعتبارها معلومات ذات قيمة اقتصادية جديرة بالحماية يمكن نقلها بأي وسيلة وأن العقد الوارد على المعلومات يعد عقد تقدیم مشورة مادام هذا العقد ينشأ التزامأ أصلية بتقديم

    هذه المعلومات ، أي أن الاستشارة القانونية تنصرف إلى الرأي المقدم للمستفيد سواء كان هذا الرأي موجهة اليه أم لم يكن كذلك .

    في حين يرى جانب ثاني من الفقه إلى أن الاستشارة القانونية المقدمة لا تنصرف إلى معنى الرأي المجرد بل يجب أن يكون هذا الرأي هاديا ومرشدا للمستفيد ودافعة لأتخاذ قرار بالتصرف من عدمه.

    ونحن نؤيد الاتجاه الثاني حيث إن تخصص المستشار الدقيق واعتماده على نشاط الفكر والعقل الذي يتميز به ، والثقة التي يوليها المستفيد للمستشار القانوني والغاية التي يسعى أليها المستشار القانوني من تقديم الاستشارة القانونية وهي الأجر ، كل ذلك يحتم أن تكون الاستشارة القانونية موجهه لطالبها لأتخاذ قرار معين ، أي يجب أن تكون هادية ومتضمنة التوجيه الأتخاذ موقف معين .

    ومما سبق يمكن تعريف الاستشارة القانونية بأنها معلومة متخصصة في مجال القانون ، ناتجة عن تحليل ودراسة وضع المستفيد ، وتعكس خبرة المستشار القانوني والتي من شأنها توجيه المستفيد نحو أتخاذ قرار معين .

    وتختلط الاستشارة القانونية ببعض المفاهيم القانونية الواردة في بيان الرأي وإسداء النصح کالمعلومات والفتوى والتفسير .

    فالاستشارة القانونية قد تتشابه مع المعلومة في إن كلاهما معلومات مقدمة من المستشار القانوني أو الخبير أو غيرهم للمستفيد ، ويختلفان عن بعضهما في أن المعلومة ما هي إلا رأي مجرد وبيان في موضوع معين بدون أن يكون من شأنها توجيه المستفيد لأتخاذ قرار معين ، في حين أن عنصر الإرشاد والتوجيه هو الركن الأهم في الاستشارة القانونية ، فالمعلومة تكون مجردة من النصيحة حيث يقتصر التزام مقدمها على وضعها تحت يد المستفيد دون أن يتعدى ذلك حل مشكلة المستفيد في حين أن الاستشارة القانونية يجب أن تكون هادية ومرشدة للمستفيد لحل المشكلة محل الاستشارة.

    وقد تختلط الاستشارة بالفتوى ، فالفتوى لغة : افتاه في الأمر أي أبانه له وأفتي المفتي أذا أحدث حكماً ، وأصطلاحاً يقصد بها ما أجاب العالم أو المختص في المسائل الشرعية وهي على نوعين فتوى يقصد بها تبليغ الأحكام دون أي هدف وفتوى تشمل تقديم اقتراح الحل مشكله ما وهذه تقترب من الاستشارة ، إلا أن الاختلاف بين الاستشارة والفتوى لم يحول ، من الناحية العملية من استخدام لفظ الفتوى في مجالات أبداء الاستشارة خصوصا تلك المتعلقة بالجوانب القانونية كالفتاوى الصادرة من مجلس شورى الدولة بصدد طلب جهة رسمية توضيح جانب معين من قانون بغية الاطمئنان إلى تطبيقه بشكل سليم.

    هذا وقد يختلط مفهوم الاستشارة القانونية بالتفسير ، فالتفسير عملية توضح ما أبهم من الألفاظ وتكميل ما اقتضب من نصوص وتخريج ما نقص من أحكامه والتوفيق بين أجزاءه المتناقضة، فجوهر الخلط بين التفسير والاستشارة القانونية هو أن كليهما عملية فكرية ترتبط بالمعرفة والتخصص ، إلا أنه يمكن وضع الحدود الفاصلة بينهما من حيث أن التفسير لا يعدو أن يكون مجرد رأي لا يتضمن التوجيه والإرشاد في حين نجد أن الاستشارة القانونية يجب أن تكون هادية ومرشدة للمستفيد .

    ويثار في هذا الصدد تساؤل حول الطبيعة القانونية للمشورة القانونية فقد انقسم الفقه القانوني في هذا الصدد إلى اتجاهين:

    فذهب الاتجاه الأول إلى اعتبار الاستشارة القانونية معلومة ، لها طبيعة قانونية خاصة ، بعد التسليم بتميزها عن الأشياء المادية في كونها غير قابلة للحيازة والاستئثار وهذه الطبيعة الخاصة تجعل بالإمكان وضع حماية قانونية للمشورة حتى ولو كانت هذه المعلومة لا تنتمي إلى الفكرة الأدبية أو الذهنية أو الصناعية من خلال إقرار انتماء المعلومة إلى مجموعة القيم المحمية.

    أما الاتجاه الثاني فيري إن الاستشارة القانونية لها قيمة قابلة للاستحواذ ، حيث يرى هذا الاتجاه إن الاستشارة بوصفها معلومات مصاغة في قالب معين تتمتع بأهمية ثقافية وسياسية واقتصادية جديرة بأن ترفعها إلى مرتبة الأموال ، يتحدد سعرها وفقا لظروف العرض والطل، ويستدل هذا الاتجاه على ذلك بما درجت عليه الجهات المتخصصة في تقديم الاستشارات التي يلجأ أليها الأفراد ملتمسا النصح والاستشارة ، من بيع ما لديها من معلومات في ظل حماية القانون .

    ونحن بدورنا نذهب مع الاتجاه الثاني لما يمثله من حماية للمشورة القانونية وضمان لحق المستشار القانوني فيها ، إذ أن هذه الحماية تجعل الجهد المبذول من المستشار في مأمن من الهدر والاستغلال من قبل الغير بدون مقابل.

    ويشترط في الاستشارة القانونية باعتبارها محلا لعقد تقديم الاستشارة القانونية أن تكون ممكنه ومعينة أو قابلة للتعيين ومشروعة فالاستشارة القانونية يجب أن تكون ممکنه لأنه لا التزام بمستحيل والا كان العقد باطلا بحسب نص المادة /۱/۱۲۷ إذ تنص على أنه

    ((1- اذا كان محل الالتزام مستحيلا استحالة مطلقة كان العقد باطلاً )) كمن يطلب مشورة قانونية من محامي حول إمكانية التحايل على القانون للإفلات من عقاب جريمة ارتكبها ، ويجب أن تكون الاستشارة القانونية معينه تعينأ نافياً للجهالة أو يمكن تعيينها إذ تنص المادة / ۱/۱۲۸ | على انه

    ( ۱ – يلزم أن يكون محل الالتزام معينة تعينا نافية للجهالة الفاحشة……) ، ويجب أن تكون الاستشارة القانونية مشروعاً فإذا كانت غير مشروعة و مخالفة للقانون والنظام والآداب العامة  والآداب العامة كان عقد تقديم الاستشارة القانونية باط” حيث نصت المادة / ۱/۱۳۰

     على انه

    (( يلزم أن يكون محل الالتزام غير ممنوع قانونا ولا مخالف للنظام العام وللأداب وألا كان العقد باطلا )).

    ومما تقدم يمكننا القول إن المحل الأساسي في عقد تقديم الاستشارة القانونية يتمثل في الاستشارة التي هي نتاجأ لأداءات ذهنية في مجال القانون ويظهر الباعث الدافع للتعاقد مع المستشار القانوني في الثقة والاعتبار الشخصي ، الذي يعتمد على أداء معين للمستشار القانوني والذي يضع المستفيد ثقته فيه ، لغرض الحصول على الاستشارة الهادية والمرشدة.

    الفرع الثاني

    الأجر

    إن عقد تقديم الاستشارة القانونية باعتباره عقد ملزم للجانبين يرتب التزامات متقابلة على كل طرف من أطرافه ، وهما المستفيد والمستشار القانوني ومن هذه الالتزامات ، الأجرة التي يدفعها المستفيد إلى المستشار القانوني.

    والأجر هو الوجه الثاني للمحل في عقد تقديم الاستشارة القانونية وهو المال الذي يلتزم المستفيد بدفعه للمستشار القانوني في مقابل قيام الأخير بتقديم الاستشارة القانونية ، وبما أن الأجر هو المحل الذي يلتزم به المستفيد لذا يجب أن يكون معينأ بنوعه ومقداره شأنه شأن أي محل للالتزام ، فيلتزم المستفيد أن يؤدي للمستشار القدر المذكور من الأجر في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر . وليس من اللازم أن يؤدي المدين النقود من النوع المنصوص عليه في العقد ، بل أن المستفيد يودي ما بذمته من الأجر وفق سعر قانوني يساوي القدر المتفق عليه في العقد)، وتشترط القواعد العامة في القانون المدني عدد من الشروط التي يجب أن تتوفر في المحل ، نتناولها تباعاً.

    أولاً : أن يكون الأجر موجوداً أو قابل للوجود:

    الأجر لا بد من وجوده والا كان عقد تقديم الاستشارة من عقود التبرعات ، والأصل أنه متى دلت الظروف على أن الاستشارة ما كانت لتنجز بدون اجر فأن المستفيد يكون ملزمة بدفع قيمتها للمستشار القانوني ، حتى لو جاء العقد خالية من الإشارة إليه ، ويتعين على المحكمة أن تعتبر أن هنالك أتفاق ضمنية بين المستفيد والمستشار القانوني على وجود الأجر إذ تنص المادة / ۲/۸۸۰ من القانون المدني العراقي على

    (( ويجب اعتبار أن هناك اتفاق ضمنية على وجوب الأجر اذا تبين من الظروف أن الشيء أو العمل الموصي به ما كان ليؤدي إلا القاء أجر يقابله)).

    فمتى أعتبر الأجر موجودة فأن مقداره أنما يحدد على أساس اجر المثل ، إذ تنص المادة | /59 من قانون المحاماة العراقي على انه

    (( إذا لم تحدد أتعاب المحاماة بأتفاق خاص يصار في تعينها إلى أجر المثل ))

    وكذلك نص المادة /۳۱ من قانون محاماة في إقليم كردستان العراق إذ تنص على أنه

    (( اذا لم يعين بدل أتعاب المحامي بأتفاق خاص يصار في تعينها إلى أجر المثل)))

    بأعتبار الاستشارة القانونية عمل من أعمال المحاماة حسب ما جاء في المادة / 1/۲۲ من قانون المحاماة العراقي. ويجب أن يكون الأجر جدية أي مقاربة للحقيقة وأن تتجه إرادة المستفيد إلى دفعه وأن تتجه إرادة المستشار القانوني إلى استيفاءه ، وليس من الضروري أن يكون الأجر مساوية تماما لقيمة العمل ، وإنما يجب أن يكون جدية وغير صورية .

    ثانياً : أن يكون الأجر معيناً أو قابلا للتعيين:

    ويكون الأجر معينأ عندما يتفق الطرفان على تحديده في العقد ويحدد الأجر من قبل المستشار القانوني والمستفيد بعدة صور ، فقد يتم تحديد الأجر أجمالا فيتفق المستشار القانوني مع المستفيد على مبلغ أجمالي مقدمة عند أبرام العقد ومن مزايا هذه الصورة إن المستفيد يعلم مقدما مقدار الأجر الذي سيدفعه للمستشار القانوني .

    وقد يتحدد الأجر على أساس ثمن القائمة حيث توجد قائمة تتضمن سعر لكل نوع من أنواع الاستشارة ، وقد لا يعرض المستشار القانوني أو المستفيد لتحديد مقدار الأجر أص ، فيتكفل القانون تحديد مقدار الأجر  إذ تنص المادة /59 من قانون المحاماة العراقي على انه

    (( أذا لم تحدد أتعاب المحاماة بأتفاق خاص يصار في تعيينها إلى أجر المثل )).

    ثالثاً : أن يكون الأجر مما يجوز التعامل فيه:

    يجب أن يكون الأجر غير مخالف لنص قانوني أو للنظام العام أو الآداب العامة ، ومن هنا فلا يجوز أن يتعهد المستفيد من أن يقدم المخدرات أو الأثار أو عملة مزورة كمقابل للمشورة التي قدمها المستشار وهذا ما دلت عليه المادة /1/۱۳۰ من القانون المدني العراقي على

    (( يلزم أن يكون محل الالتزام غير ممنوع قانونأ ولا مخالف للنظام العام أو الأداب العامة وألا كان العقد باطلاً )) .

  • اطراف عقد تقديم الاستشارة القانونية

    من خلال استعراضنا لعقد تقديم الاستشارة يتضح لنا أن الفقه القانوني قد استقر على أن لهذا العقد طرفين الأول هو المستشار والثاني هو المستفيد .

    ولذلك فأننا نبحث في هذا المطلب اطراف عقد تقديم الاستشارة في الفرعين الآتيين:

    الفرع الأول: المستشار القانوني

    الفرع الثاني: المستفيد

    الفرع الأول

    المستشار القانوني

    تطلق تسمية المستشار بشكل عام على الشخص الذي يؤخذ رأيه في أمر هام علمي أو فني أو سياسي أو قانوني أو نحوه ، وبشكل خاص في موضوع دراستنا المستشار القانوني كطرف من أطراف عقد الاستشارة القانونية وهو المهني المتخصص في مجال القانون الذي يقوم بتقديم أداء للمستفيد هذا الأداء هو الاستشارة القانونية التي يعدها بناء على دراسة وتحليل الوضع المستفيد ، وفي ضوء حاجات الأخير ، وكذلك الأصول الفنية المرعية يقدم المستشار القانوني دراسته التي تعد بمثابة رأي يهدي المستفيد إلى اتخاذ قرار معین . 

    كما يعرف المستشار القانوني بأنه كل مهني متخصص في مجال القانون سواء أكان شخصأ طبيعية ، معنوي يحترف مهنة معينة ، يقوم بتقديمها لعميل ليهديه إلى اتخاذ قرار معین .

    فالمستشار شخص يمتلك قدرة من المعرفة الفنية يفوق حتمأ ما يمتلكه المستفيد ، فالفرض في المستشار القانوني انه فني متخصص في فرع من فروع الأنشطة الإنسانية ، ويجب أن نلاحظ أن درجة التخصص لدى المستشار القانوني من الدقة بمكان بحيث تعد الفارق الذي يعيننا على التمييز بين المستشار القانوني والمستفيد ، فالمستشار يقدم خبراته ودرايته المتمثلة في شكل مشورة قانونية للمستفيد و هي اداءات ذات طبيعة ذهنية وعقلية ، فالمستشار القانوني لا يكون مجرد عامل على أله أو كونه يطبق نظريات فنية معينة وإنما هو نتاج عقل بشري وخبرة أنسان ، فهو مهني متخصص يتمتع بمهارات فنية خاصة ويمتلك معارف متميزة يقدمها للمستفيد على وجه الاستقلال .

    ويثار بهذا الصدد مسألة ألا وهي أذا ما ابدى الحرفي نصيحة أو استشارة لشخص ما، فهل يعد هذا الحرفي مبرمة لعقد تقديم الاستشارة ويلحق به وصف المستشار ؟

    والمتمعن في مفهوم الحرفة يرى أنها تتمثل في تكريس نشاط الفرد العمل معين واتخاذه مهنة له ، أي أنه كل عمل يمارسه الفرد بصورة يدوية أو ميكانيكية ، أما مهنة المستشار فأنها تعتمد بالدرجة الأساس على التفكير والتحليل وتستند إلى معلومات مسبقة أو مستنبطة ،

    فمتى ما استنبط الحرفي وحلل وابدي رأيه في أمر معروض عليه عد ذلك ممارسة المهنة تقديم الاستشارة.

    ويذهب اتجاه أخر إلى عدم إضفاء صفة الاستشاري على الحرفي ذلك لأن فكرة الاحتراف خاصة بالشخص الطبيعي ولا تمتد إلى الشخص المعنوي في حين أن مهنة تقديم الاستشارة قد يقوم به شخص طبيعي أو معنوي.

    ألا أن هذا الكلام ينطبق فيما اذا كنا بصدد عقد مشورة في غير مجال القانون ذلك لأن القانون حصر إعطاء الاستشارة القانونية في طائفة المحامين وكذلك المكاتب الاستشارية في كليات الحقوق والقانون .

    ولكل ما تقدم يمكن تعريف المستشار القانوني بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي مختص في مجال القانون يمتلك بحكم تفوقه ومعرفته ما يؤهله لتقديم مشورة قانونية للمستفيد تكون هادية ومرشده له في اتخاذ قرار من عدمه.

    من هذا التعريف يتبين لنا إن المستشار القانوني قد يكون شخصأ طبيعة وقد يكون شخصاً معنوياً وعلى ذلك فأننا نبحث في صور المستشار القانوني باعتباره شخصأ طبيعة وباعتباره شخصاً معنوياً وحسب الاتي:

    أولاً : المستشار القانوني باعتباره شخصأ طبيعية:

    سبق وأن عرفنا المستشار بصورة عامة ، بأنه شخص مهني متخصص يقدم أداء ذهنية وعقلية يتمثل في رأي قانوني يقود المستفيد لأتخاذ قرار معين إزاء مشكلة معينة ، وهو بهذا يتمييز عن مقدمي الخدمات الأخرى ، كالمساعد الفني ، والمدير ، والخبير، وهذا يقودنا إلى التمييز بين المستشار وبين مقدمي هذه الخدمات.

    ويتميز المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة القانونية عن المساعد الفني الذي يقوم بنقل المعارف للأفراد في مجال فني ، فيقدم خدمات يغلب عليها الطابع المادي وأن كانت البعض منها ذات طابع ذهني ،

    في حين إن ما يميز أداء المستشار القانوني انه يغلب عليه الطابع الذهني والعقلي وأنه يتدخل بشكل مباشر عن طريق الاستشارة القانونية التي من شأنها لو طبقت أن توجه المستفيد نحو قرار معين كما بينا ذلك سابقا.

    فالمستشار القانوني يلتزم بتقديم أداء ذهني ، ولا يصبح كمساعد فني يقوم بتنفيذ الاستشارة المعطاة ، ومع ذلك فأن المستشار القانوني عليه أن يقدم العون والمساعدة للمستفيد ، حتى يستطيع الأخير تنفيذ الاستشارة القانونية المقدمة من قبل المستشار القانوني ، وهذه المساعدة تكون في الفترة التي يبدأ فيها المستفيد تنفيذ الاستشارة ووضعها موضع التنفيذ ، وهذه المساعدة تعتبر تطبيق الواجب التعاون المفروض على المستشار القانوني في علاقته بالمستفيد  ، لذلك يلزم أن يكون المستشار القانوني مؤهلا متمرنأ ، ذا تخصص متميز يتيح له تقديم مشورة منتجة بناء على ما يملكه من معلومات وخبرات تؤهله لأعداد وتقديم مشورة قانونية تعكس تفوقه في هذا المجال .

    ونؤيد الرأي في أن المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة القانونية يتميز عن المدير الذي يتولى أدارة مشروع معين أو ينظم شيئا معيناً ، في كون الأخير يتولى إدارة مشروع معين أو تنظيم بعض نواحيه في حين أن المستشار لا يدير الأعمال ، وإنما يكون دوره توجيه المستفيد بأبداء مشورة تبين له ما يجب فعله إزاء مشكلة معينة دون أن يكون له حق إدارة هذه المشكلة فهو يمد المستفيد بأداء ذا طبيعة ذهنية وعقلية محضة وبالتالي لا يعد مسؤولاً عن المشروع ككل .

    ومع هذا القول هناك من يرى أن تمييز المستشار عن المدير ليس مطلقة ، وذلك أنه لا توجد خطوط فاصلة بين المستشار والمدير ، إذ أن كل من أداء المستشار والمدير هي اداءات ذات طبيعة ذهنية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فأن المستشار يتدخل في إدارة المشروع بشكل أو بأخر ففي مجال المشروعات يلجأ المستفيد طالبة الرأي والاستشارة لأجل تنظيم أو إعادة تنظيم مشروعه ، وهذه الاستشارة تؤثر بطريقة أو بأخرى في فاعلية المشروع،

    لأنها توجه المشروع نحو اتجاه معين ، وينتهي هذا الرأي إلى القول بأنه لا توجد حدود فاصلة بين المستشار والمدير وحتى لو فرض بوجود فواصل فهي موجودة من الناحية النظرية فقط .

    ومما تجدر الإشارة اليه إن مفهوم المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة القانونية يتميز عن الخبير ذلك إن الأخير يقوم بأبداء الرأي العلمي أو الفني في واقعة أو وقائع مادية إذ تنص المادة / ۱۳۲ من قانون الأثبات العراقي على أن

    (( تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوة دون المسائل القانونية )) ، وهي بالتالي أي الخبرة لا تتوفر لدى الشخص الاعتيادي وانما تتوفر لدى من لديه الدراية العلمية والفنية ، والخبرة تعد من التصرفات التقريرية فهي تقرر أمرأ واقعية ، وتصفه من الزاوية الفنية ولا تضف اليه أو تنقص منه شيء أو تعدله.

    في حين إن المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة القانونية يقرر أنشاء امر لم يكن قائمة ، وذلك بتقديم رأي قانوني يوضح للمستفيد ما يجب أن يكون عليه هذا الأمر في ذاته ، أي أنه عمل إنشائي ، بينما الخبير يصف ما عليه الأمر الواقع من الناحية الفنية.

    ويبرز الاختلاف بينهما أيضأ في إن الرأي الاستشاري القانوني يقوم به أشخاص وجهات أوكل القانون أليها ذلك ، أما الخبرة فيقوم بها خبراء ذوي دراية علمية واسعة في المسائل المعروضة عليهم لوصفها وصفة فنية بحتأ ، ومن دون تقديم أراء شخصية فيها ، إلا أنه يرد على هذا الاختلاف أن القانون حدد الخبراء الذين يحق لهم تقديم الخبرة وذلك بتحديد شروط التسجيل في جدول الخبراء .

    وعلى الرغم من مما ذكر سابقاً بشأن التفرقة بينهما ، فأن الحدود الفاصلة بين المستشار القانوني والخبير ليست كبيرة ، فالمستشار القانوني حينما يقدم دراسته ويقوم بتحليل وضع المستقيد أنما يعتمد بدرجة كبيرة على الحالات السابقة التي مرت عليه والمطبقة على أوضاع المستفيد و التي تعكس أثار خبرته على الاستشارة القانونية ، فالمستشار القانوني حينما يقدم الحلول للمستفيد بعد تحليله للوقائع يعتمد على خبرته المكونة من الحالات المعروضة عليه سابقا فتنعكس بدورها على الاستشارة القانونية التي يقدمها للمستفيد .

    ثانياً: المستشار باعتباره شخصاً معنوياً:

    الصورة الثانية للمستشار القانوني هي صورته المعنوية المتمثلة بالمكاتب الاستشارية ، والتي تكون في الحالتين التاليتين:

    الحالة الأولى : وفيها يضم المكتب الاستشاري أكثر من مستشار في تخصص واحد ، فمثلا مكتباً للاستشارات القانونية يضم أكثر من مستشار قانوني مختص بشؤون الشركات مثلاً ، ويكون الهدف من تجمع واشتراك أكثر من مستشار للعمل من خلال مكتب واحد ، هو حسن تقديم الاستشارة ففرصة تحقيق النتيجة المرجوة من الاستشارة المقدمة من اكثر من مستشار والتي تتمثل بخلاصة آراء المستشارين مجتمعين أكبر من فرصة نجاح الاستشارة المقدمة من استشاري بمفرده.

    الحالة الثانية : وهي صورة المكتب الاستشاري الذي يضم أكثر من استشاري في أكثر من تخصص ، بمعنى أن يكون هنالك مكتب للاستشارات يضم مستشار قانوني مختص بالعقود ومستشار مختص بالشركات ، ومهندس استشاري ، واستشاري مالي وغيرهم .

    فاذا ما طلب المستفيد مشورة بشأن وضع مشروع ما فيقوم المكتب الاستشاري بدراسة وضع المشروع وشكله القانوني ومدى مطابقته للاشتراطات المقرر قانونأ ، وكذلك ملكية المشروع وكل ما يتصل بالنواحي القانونية ويأتي الاستشاري الهندسي فيقيم أصول المشروع ومدى سلامة أدوات الإنتاج به ، ويأتي الاستشاري المالي ليدرس السوق ومدا استيعابه لمنتج المشروع وقدرته التنافسية بين المشروعات القائمة. وفي النهاية تصدر الدراسة متضمنه خلاصة آراء الاستشاريين مجتمعين ومتضمنه الرأي الذي يراه المكتب .

    هذا وقد يكون تأسيس المكتب الاستشاري القانوني شخص من أشخاص القانون العام أو من أشخاص القانون الخاص وكالأتي :

    ١ – المكتب الاستشاري العام .

    يمكن أن يؤسس المكتب الاستشاري القانوني شخص من أشخاص القانون العام ، إذ نظم بقانون مكاتب الخدمات العلمية والاستشارية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم (7) لسنة ۱۹۹۷  إذ تنص المادة / ۱/ اولا /۱ منه على

    (( اولاُ: ۱- لكل من الجامعات والهيئات والكليات والمعاهد والمراكز التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بناء على دراسة الجدوى وقرار مجلسها وموافقة وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، تأسيس مكاتب خدمات علمية واستشارية متخصصة أو متعدد الاختصاصات عند توفر الإمكانات ))

    من خلال هذا النص يتبين لنا انه لكل جمعية أو كلية أو هيئة التعليم التقني والمعاهد والمراكز التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي تأسيس مكاتب خدمات استشارية متخصصة أو متعددة الاختصاصات عند توفر الإمكانات.

    ويتمتع المكتب الاستشاري العام بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري للقيام بالتصرفات القانونية لتحقيق أهدافه ويمثله مديره أو من ينيبه أمام القضاء والجهات الأخرى وهذا ما نصت عليه المادة / ۱ / ثانية من القانون أعلاه حيث نصت

    (( يتمتع المكتب بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري للقيام بالتصرفات القانونية لتحقيق أغراضه ويمثله مديره أو من ينيبه أمام القضاء والجهات الأخرى )).

    وتتمثل أهداف المكتب الاستشاري العام ، بتقديم الاستشارة والخدمات والخبرات العلمية والفنية والتدريبية إلى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وتقدم هذه الخدمات القاء أجور مناسبة ، حيث نصت المادة / ۲/ أولا من قانون المكاتب الاستشارية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي على

    (( اولاً: تقديم الاستشارات والخدمات والخبرات العلمية والفنية والتدريبية إلى دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والتعاوني وأي نشاط يقدر الوزير بأنه مفيد للقطاع الخاص لقاء أجور مناسبة )).

    ويتكون المكتب الاستشاري العام من أشخاص يتولون الأشراف عليه يتمتعون بالخبرة العلمية والفنية بحسب حقل الاختصاص ، حيث نصت المادة / ۳/ اولا على

    (( أولاً: يتولى الأشراف على المكتب مجلس يتألف من:

    1- العميد أو احد رؤساء الأقسام العلمية ممن لا تقل مرتبته العلمية عن أستاذ مساعد بالنسبة للجامعة أو الكلية أو المركز ، ومدرس بالنسبة اللمعهد ، يرشحه مجلس الجامعة أو مجلس هيئة المعاهد الفنية أو مجلس المركز ، على أن يقترن ذلك بمصادقة الوزير

    ۲- أربعة من التدريسين في الأقل يختارهم مجلس الجامعة أو هيئة المعاهد الفنية أو المركز يمثل كل منهم حقل اختصاصه ، وبأعلى المراتب العلمية المتوفرة على أن يقترن ذلك بمصادقة رئيس الجامعة ورئيس المعاهد أو رئيس المركز

    ثانياً: يختار المجلس مديرة من بين أعضائه على أن يقترن ذلك بمصادقة رئيس الجامعة أو رئيس هيئة المعاهد الفنية أو رئيس المركز ويكون نائبا للرئيس يحل محل الرئيس عند غيابه

    ثالثاً: مدة العضوية في المجلس سنتان من تاريخ أول اجتماع له قابلية التجديد لمرة واحدة ))

    ۲ – المكتب الاستشاري الخاص

    للشخص الطبيعي أن يؤسس مكتبة استشارية قانونية على أن يكون حاصلا على إجازة تأسيس المكتب الاستشاري من نقابة المحامين . وينضم المكاتب الاستشارية غير الحكومية في العراق القانون رقم (۱۹) لسنة ۲۰۰۰ حيث تنص المادة / ۲ من هذا القانون على

    (( اولا : لا يجوز فتح مكتب استشاري إلا وفق أحكام هذا القانون. ثانيا : تتولى النقابة المختصة منح إجازة تأسيس المكتب الاستشاري لأعضائها وتتولى هيئة التخطيط منح إجازة تأسيس المكتب الاستشاري في حالة عدم وجود نقابة مختصة أو عدم انتماء صاحب الطلب إلى نقابة مختصة )).

    كما أشترط القانون في الشخص الطبيعي الذي يبغي تأسيس مكتب استشاري قانوني ، أن يكون شخص طبيعي أو أكثر ، وأن يكون حاصلا على شهادة جامعية في مجال القانون ، وأن تكون له ممارسة فعليه في النشاط الذي يمارسه لمدة معينة تحددها القوانين المعنية تلي الشهادة الجامعية ، وكذلك أن يكون له محل مناسب ، وغيرها من الشروط التي تشترطها القوانين المنظمة لعمل هذه المكاتب .

    وقد تتخذ هذه المكاتب الاستشارية شكل الشركة المدنية المهنية ، ولا يوجد في العراق تنظيم للشركة المدنية المهنية ، وإنما تنظم عمل هذه الشركات القواعد العامة في قانون الشركات عموما .

    أما في مصر فان الحال لم يختلف كثيراً عن العراق ، فلم يوضع تنظيم خاص بالشركات المهنية من قبل المشرع المصري ، غير القواعد العامة في الشركة عموما التي ينظمها المشرع المصري في القانون المدني من المادة / 505 إلى المادة 537 ، وكذلك المادة 4 وه من قانون المحاماة المصري حيث نصت المادة /4 من القانون الأخير على أنه

    (( يمارس المحامي مهنة المحاماة منفرداً أو شريكاً مع غيره من المحامين أو في صورة شركة مدنية للمحاماة ))

    وتنص المادة / ه من نفس القانون على أن

    (( للمحامين المقبولين أمام محكمة النقض ومحاكم الاستئناف أن يؤسسوا فيما بينهم شركة مدنية للمحاماة يكون لها شخصية معنوية مستقلة ويزاولون المحاماة من خلالها ويجوز أن يشارك فيها المحامون أمام المحاكم الابتدائية )).

    فشركة المحاماة المدنية لا تعدو في كونها صورة للشركات المدنية بصفة عامة ، ونموذج للشركة المدنية المهنية وهي عبارة عن شخص معنوي ، ينشأ بأتفاق بين عدد من المحامين بغرض ممارسة المحاماة ممارسة جماعية بصورة مشتركة واقتسام ما يتحصل عن ذلك من أرباح ، ويجوز أن يكون اسم الشركة مستمدة من أسم أحد المحامين من الشركاء ولو بعد وفاته ، ويجوز أن ينص في النظام الأساسي للشركة على انه في حالة عجز أحد الشركاء أو وفاته استمرار الشركة بين الشركاء الأخرين .

    أما الوضع في فرنسا فأنه يختلف عما هو عليه الحال في العراق ومصر . فقد نظم المشرع الفرنسي عمل الشركة المدنية المهنية بالقانون رقم (۲۹) نوفمبر ۱۹۹۹ الخاص بالشركات المدنية والمهنية، والقانون رقم (۳۱) لسنة ۱۹۹۰ الخاص بالشركات الممارسة للمهن الحرة الذي اصبح ساري المفعول من الأول من يناير عام ۱۹۹۲.

    ويمكن حصر الشركات المدنية المهنية في فرنسا في ثلاث جهات : الأولى: المهن الطبية : وتضم الأطباء ، جراحي الأسنان ، البيطريين ، الممرضين ، أطباء العلاج الطبيعي ، أطباء العظام والأطباء النفسيين الثانية: المهن القانونية والقضائية : وتضم المحامين ، الاستشاريين القانونين ، الموثقين ، وكلاء الدعاوى أمام محكمة الاستئناف ، مأمور التفليسة ، المدير القضائي والخبراء المثمنين. الثالثة: المهن الفنية : وتضم المهندسين ، الخبير المحاسبي ، مراقب الحسابات ، وكيل التأمين ، استشاري براءات الاختراع والملكية الصناعية ، استشاري الاعلان ، استشاري التوظيف والتعيين.

    وهذه الطوائف الثلاثة للمهن الحرة المتصور ممارستها من خلال الشركة المدنية منظمة بالقانون ۲۹ نوفمبر ۱۹۹۹ بالإضافة إلى القانون ۳۱ ديسمبر ۱۹۹۰ الذي أحدث بعض التغيرات على الوضع القانوني للشركات المهنية في فرنسا.

    بعد استعراض مفهوم المستشار القانوني في القوانين المقارنة يمكننا أن نعرف المستشار القانوني بوصفه شخصأ معنوية بأنه كيان مهني متخصص في مجال القانون يتمتع بالشخصية المعنوية يؤسسه شخص طبيعي أو معنوي لتقديم الاستشارة القانونية والخبرة العلمية والفنية والتدريبة باختصاص القانون إلى المستفيد لقاء أجر معين.

    الفرع الثاني

    المستفيد

    لما كان الهدف من أبرام عقد تقديم الاستشارة القانونية يتجلى بالحصول على المعلومات  القانونية التي يرغب بالحصول عليها ، والتي من شأنها إرشاد طالبها إلى اتخاذ قرار معين ، وهذا ما يتطلع اليه الكثير من الأشخاص لتحقيقه ، فأن نهاية سلسلة المفاوضات التي تسبق مرحلة الاتفاق ، تتمثل بالعقد الذي يبرمه الشخص طالب الاستشارة القانونية والذي يسمى بالمستفيد مع المستشار القانوني.

    فالمستفيد ليس بالضرورة أن يكون على علم ودراية بكل القواعد القانونية الناظمة في الدولة ، ذلك أن الأنسان اذا كان يحوز قدرة من المعرفة الفنية في فرع من فروع النشاط الإنساني ، فأنه لا شك سوف يصبح غير عالم بباقي الفروع ، ففي نهاية القرن العشرين ، وبعد أن أصبحت العلوم تقوم على أسرار خفية لا تتوفر ملكة فهمها إلا لطائفة معينة ، فأن الشخص غير العالم بهذه الأسرار الخفية سيصبح غير متخصص في هذا الفرع من فروع المعرفة إلا أنه قد يصبح متخصصاً في فرع أخر.

    عليه يمكن تعريف المستفيد بأنه الشخص الطبيعي أو المعنوي ( العام أو الخاص) المتعاقد مع المستشار القانوني بغية الحصول على المعلومات والخدمات القانونية من الاخير اليهديه إلى اتخاذ قرار معين) ، فالمستفيد قد يكون شخصأ طبيعية عادية يهدف من حصوله على الاستشارة القانونية تلبية حاجاته الخاصة ، وقد يكون المستفيد ، شخص معنوي عام أو خاص کالمؤسسات العامة الحكومية وغير الحكومية والجمعيات والأندية .

    فالمستفيد هو الشخص غير المتخصص الذي لجأ إلى المستشار القانوني طالبة الرأي والاستشارة القانونية، والذي يعرف بأنه الشخص الذي لا يكون على علم ودراية بأصول القانون .

    إلا أن هناك من عارض فكرة عدم اختصاص المستفيد ، أذ أن من يطلب تقديم الاستشارة القانونية قد يكون متخصصة في القانون الا انه حتى وأن كان متخصصة في القانون إلا أن التخصص لا يمنع من أن يجهل المستفيد الحل المناسب لمسالة ما فيلجأ إلى متخصص أخر يستطيع الوصول إلى هذا الحل .

    وبدورنا نتفق مع هذا الرأي حيث أن تخصص المستفيد لا يمنع من أن يجهل الحل المناسب لمسألة ما فيلجأ إلى متخصص أخر يستطيع الوصول إلى هذا الحل.

    هذا ويذهب جانب من الفقه إلى استعمال ألفاظ يراها مرادفة للفظ المستفيد ومن هذه الألفاظ المستخدم النهائي – العميل – المستفيد ، فالمستخدم النهائي ينصرف مفهومه إلى الباحث عن المعلومة ، أما العميل فقد يكون مجرد معاون لهذا الباحث يتوسط بينه وبين مصدر المعلومة.

    أما المستفيد فأنه ينصرف إلى المعنيين معا ، فالمستفيد قد يكون هو الباحث عن المعلومة القانونية ، وقد يكون وسيطا يستفيد من الاستشارة القانونية ويقوم بدوره بنقلها إلى من يحتاجها بمقابل .

    وتذهب مع من يرى ، بأن لفظة المستفيد هي اعم وأشمل من الألفاظ الأخرى ولذلك سنلتزمها في كل البحث ، وذلك لأن صفة المتعاقد مع المستفيد لا تنتفي حتى لو ادعی المستفيد أن الاستشارة القانونية لم تعد عليه بالنفع ، لان الاستفادة هنا تتمثل بالحصول على المعلومة القانونية سواء استخدمت هذه الاستشارة أو لم تستخدم من قبل المتعاقد مع المستشار”.

     

  • تمييز عقد تقديم الاستشارة القانونية عما يشتبه به من عقود

    قد يشتبه عقد تقديم الاستشارة بعقود أخرى تكون واردة على المعلومات ، ومعتمدة على أداء معين لأحد أطرافها الذي يمتلك أسرار وخبرات وهذه الخبرات والأسرار لا يملكها الطرف الأخر ومن هذه العقود عقد البحث العلمي وعقد نقل التكنولوجيا نتناوله في الفرعين الآتيين.

    الفرع الأول : تمييز عقد تقديم الاستشارة القانونية عن عقد البحث العلمي.

    الفرع الثاني : تمييز عقد تقديم الاستشارة القانونية عن عقد نقل التكنولوجيا.

    الفرع الأول

    تمييز عقد تقديم الاستشارة القانونية عن عقد البحث العلمي

    تتضمن لفظة البحث معنيين ، المعنى المادي وهو طلب الشيء والتفتيش عنه ، والمعنى المعنوي وهو السؤال عن الشيء.

    ويعرف البحث العلمي بأنه

    (( عمل عقلي هدفه تحقيق نتيجة فنية بها يمكن إشباع حاجات إنسانية مفتقدة ، بمعنى تقديم شيء جديد للمجتمع أو إيجاد شيء لم يكن موجود من قبل قوامه أو مميزه أن يكون ثمرة فكرة ابتكارية أو نشاط أبتكارياً تتجاوز الفن الموجود))).

    ويعرفه أخر بأنه (( أي تقصي نظامي لأي جانب من جوانب المعرفة ، تتم مباشرته طبقة للقواعد المقبولة بصفة عامة والتي يكون الغرض الأساس منها هو اكتساب المعرفة).

    واستنادا لما ورد من مفاهيم عقد تقديم الاستشارة القانونية يمكن القول أن عقد تقديم الاستشارة القانونية يلتقي بعقد البحث العلمي بجوانب عده ، نوجزها في النقاط الأتية :

    ۱ – يقوم عقد البحث العلمي على ركيزة أساسية ومفادها الاعتبار الشخصي في شخص الباحث ، إذ أن المستفيد أختار أبرام العقد مع الطرف الأخر في العقد – الباحث -، واضعا ثقته المطلقة فيه ، ويستند هذا الاعتقاد على السمعة والكفاءة العلمية والأمانة وما قام به الباحث سابقة من أعمال تكسبه تجربة علمية كافية ، وهي نفس الركيزة التي يستند عليها عقد تقديم الاستشارة القانونية.

    ۲ – يعتبر عقد البحث العلمي من العقود بمقابل ، إذ يهدف الباحث من وراء هذا العقد إلى الحصول على مقابل نقدي  ، وهو من خصائص عقد تقديم الاستشارة القانونية الذي يختلف عن واجب الاستشارة كما بينا سايق .

    3 – إن عقد البحث العلمي يرتب التزامات ذات طبيعة خاصة كالالتزام بالسرية ، فالباحث في هذا العقد ملزم باحترام المعلومات التي تتصل بالمستفيد عن طريق الحفاظ على هذه المعلومات وعدم إفشاءها للغير والالتزام بالتعاون الذي يفرض على المستفيد من البحث .

    وهو بهذه الالتزامات يلتقي بعقد تقديم الاستشارة القانونية حيث إن العقد الأخير يرتب عين الالتزامات المذكورة على المستشار القانوني).

    4 – ويتفق العقدان في أن محلهما الأساسي هو اداءات ذات طبيعة ذهنية تعتمد على عقل الباحث أو المستشار القانوني .

    رغم التشابه الكبير بين العقدين في النقاط أعلاه إلا أن هذا التشابه الواسع لا يعني عدم تباين العقدين وتمييزهما عن بعضهما البعض نبين ذلك من خلال النقاط الأتية:

    ۱- فمن ناحية نجد أن عقد البحث العلمي يتضمن نقل الملكية الحق في البحث إذ تنص الصيغ النموذجة لهذا العقد على تنازل الباحث عن حقه في نشر البحث لمدة محدودة من الزمن ، بمعنى أن تؤول ملكية الحق في نشر البحث والاستغلال المالي إلى المستفيد  ،

    وهذا ما لا نجده في عقد تقديم الاستشارة القانونية إذ لا يتضمن نقط الملكية الاستشارة القانونية محل العقد ، إذ لا يمنع هذا العقد المستشار القانوني من أن يعطي نفس الاستشارة القانونية الشخص أخر بعد انتهاء عقده مع المستفيد الأول ، ومن جهة أخرى حصر القانون إعطاء الاستشارة القانونية بالمحامين .

    ۲ – وكذلك أن البحث العلمي يشترط أن تتوفر فيه الأصالة والأبداع ومطابقة علاقة السبب والأثر ، بيد أن المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة لا يلزم سوى ببذل عنايته وجهوده في سبيل توصل المستفيد إلى الهدف الذي يرمي اليه من الاستشارة القانونية.

    3 – إن عقد البحث العلمي ينطلق من معرفة موجودة من أجل الوصول إلى نتائج أو معرفة غير موجودة أو مطلوب الكشف عنها ، في حين أن عقد تقديم الاستشارة القانونية ، يعني تقديم رأي قانوني من شأنه أن يؤثر بطريقة ما في توجيه قرارات المستفيد ، أو تقديم دراسات قانونية ما قبل الاستثمار تمهيد لأتخاذ قرارات بشأن المضي بمشاريع معينة ، إذ يتطلب تحديد المستشار القانوني للمشروع البدائل المقترحة وتحديد السمات الرئيسية بجدوى المشروع والخطوات الفعالة الواجبة الأتباع لتنفيذ وتشغيل المشروع .

     

    الفرع الثاني

    تمييز عقد تقديم الاستشارة القانونية عن عقد نقل التكنولوجيا

    تعرف التكنولوجيا La Technologie

    (( بأنها مجموعة من المعارف المستخدمة في أنتاج السلع والخدمات )).

    أما عقد نقل التكنلوجيا فيعرف بأنه

    (( عقد يمكن من الانتفاع من صيغ وطرق يحتفظ المرخص بسرها ، إلا من الانتفاع بها ))،

    ويعرفه أخر بأنه

    (( اتفاق يتعهد بموجبه شخص طبيعي أو معنوي بأن يجعل المتعاقد معه ينتفع بما في حوزة المرخص من صيغ وطرق سرية خلال مدة معينه يتعهد المرخص له ببذله )).

    ومن هذه التعاريف يتبين لنا إن حائز التكنولوجيا يقوم بنقلها بمقابل معين أي أن نقل التكنولوجيا عملية تستخدم فيها قيمة الاستعمال أو المنفعة .

    فالتكنولوجيا تعتبر ما” منقولا له قيمة اقتصادية مشمولة بحماية قانونية خاصة ، حيث أصطلح على تسميتها حق المعرفة .

    لذلك وأهم ما يميز هذا المال أنه قابل للنفاذ ، كما أنه مال يمكن استعماله بوسطه اطراف

    عديده في ذات الوقت وهذا ما يجعله حق استئثارية يرتب لمالكه أحتكار استعماله.

    هذه العناصر الجوهرية لمصطلح التكنولوجيا ، تختلف وسائل نقلها بحسب طبيعة تلك الوسائل ، ولعل من أبرز هذه الوسائل ما يطلق عليه بعقد نقل التكنولوجيا ، وهذا العقد قد يقترب كثيرة من عقد تقديم الاستشارة القانونية في الكثير من الجوانب ، خصوصا أنهما يلتقيان في كونهما من العقود الواردة على المعلومات التي يمتلكها أحد أطرافه دون الأخر .

    وهذا ما دفع البعض إلى القول بأن عقد تقديم الاستشارة القانونية ما هو إلا صيغة من صيغ عقد نقل التكنولوجيا ، مستندين في تبرير وجهة النظر هذه إلى وجود مجموعة من العناصر الجوهرية المتشابة بينهما .

    وهذه العناصر تتمثل بالأتي:

    1- من حيث موضوع العقدين . فموضوع عقد نقل التكنولوجيا يقوم على خلق التزام في ذمة أحد المتعاقدين بنقل ما لديه من معرفة إلى المتعاقد الأخر نظير مقابل مادي ، وهذا هو جوهر الالتزام بعقد تقديم الاستشارة القانونية إذ يقوم المستشار القانوني بتقديم معلومات واداءات قانونية ذات طبيعة ذهنية ، كما بينا ذلك في تعريف هذا العقد.

    ۲ – من حيث الأجر . فالأجر في عقد نقل التكنولوجيا يعتبر عنصرأ جوهريا ، وقد رأينا  عند تعريف عقد الاستشارة القانونية أنه عقد لا يتم إلا بمقابل ().

    ٣- من حيث الالتزامات الملقاة على اطراف العقدين فعقد نقل التكنولوجيا ، يرتب على أطرافه التزاما مهمة بالحفاظ على سرية المعلومات فحائز المعلومات يلتزم بسريتها وعدم إفشائها إلى الغير ، وهذا الالتزام يبدأ لحظة أبرام العقد ، ولا يخفى ما في عقد تقديم عقد الاستشارة القانونية من التزام بالحفاظ على السرية.

    4 – من حيث طبيعة العقدين فأن بعض الفقه يذهب إلى أن عقد نقل التكنولوجيا يعد صورة من صور عقد المقاولة)، وبهذه الطبيعة يلتقي عقد نقل التكنولوجيا مع عقد تقديم الاستشارة القانونية  ، الذي سنتكلم عنه بالتفصيل في مواضيع قادمة .

    ومن خلال ما تقدم فأن هذه المبررات لا تحاول التقريب بين هذين العقدين فحسب بل تجعل منهما صورتين لعقد واحد إلا أن النظر المعمق في هذه الحجج كفيل لدحض هذا التقارب ، ويمكن إيضاح تباين هذين العقدين من عدة وجوه :

    1 – استقر الفقه القانوني على عد عقد نقل التكنولوجيا من العقود التجارية)، أما عقد تقدیم الاستشارة القانونية فأنه يعد من العقود المدنية ، والقانون المدني وأحكامه هي الواجبة التطبيق ما دام هدف العقد تقديم هذه الخدمة المتميزة إذ تنص المادة /3/74 بأنه

    (( يصح أن يرد العقد: ……….. 3- وعلى عمل معين أو خدمة معينة )).

    ۲ – إن التكنولوجيا تتمثل في مجموعة من المعارف وتستند هذه المعارف على الحقائق العلمية وتتميز بمحتواها التطبيقي ،وفي ضوء ذلك عرف البعض التكنولوجيا بأنها التطبيق العملي للمرات العلم وابتكار افضل الطرق لاستعمالها) ،

    أما دور المستشار القانوني في عقد تقديم الاستشارة القانونية فأنه يقتصر على مجرد القيام بتوجيه المستفيد نحو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل

    3 – من آثار عقد نقل التكنولوجيا أنه يؤدي إلى انتقال الحق في استغلال المعرفة التكنولوجية من المجهز إلى المتلقي بحيث يفقد المجهز عنصر التصرف فيها لتنتقل إلى متلقي ثاني بعد أبرام العقد ،

    أما في عقد تقديم الاستشارة القانونية فأنه لا مانع يمنع قيام المستشار القانوني من بأيداء ذات الاستشارة القانونية إلى مستفيد أخر ما دامت الوقائع متشابه وتدعو إلى الأخذ بنفس الحلول 

    4 – تختلف الاستشارة باعتبارها المحل الأساس في عقد تقديم الاستشارة القانونية عن المعرفة الفنية محل عقد نقل التكنولوجيا في إن الاستشارة القانونية تعد معلومة تتضمن الإرشاد والتوجيه للمستفيد في اتخاذ قراره ، في حين نجد إن التكنولوجيا تتمثل في مجموعة من المعارف المستخدمة في انتاج سلعة جديدة.

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1