التصنيف: القواعد الفقهية والقانونية

  • شرح القاعدة الفقهية: إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه – مع أمثلة

    محامي

    المراد بالشيء هنا: الماهيات الشرعية، وهي كثيراً ما تتضمن شروطاً وأحكاماً وقيوداً، فإذا ما حكم ببطلان الماهية الشرعية عقداً كانت أو غيره بطل ما تضمنته من شروط وأحكام وقيود حكماً ، ذلك أن ما في ضمن الماهية فرع عنها، وبموجب القاعدة ( إذا سقط الأصل سقط الفرع)، يسقط كل ما تضمنته الماهية فيسقط هنا لذلك.

    هذه القاعدة من قبيل القاعدة التي تقول : المبني على الفاسد فاسد.  والأولى أن يقال في نصها : إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه وما بني عليه، ومفهومها: أنه إذا صح الشيء صح . ما في ضمنه، إلا أن مفهومها كمنطوقها غير مطرد وله استثناءات كثيرة.

    من تطبيقات هذه القاعدة:

    -لو كانت النفقة المتراكمة على الزوج غير مستدانة بأمر القاضي، فأبان الزوجة لا بقصد إسقاط النفقة بل بسبب آخر أو مات عنها فإن النفقة المتراكمة عليه تسقط من ذمته كما نصوا عليه في النفقات؛ لأنه لما ارتفع النكاح ارتفع ما ترتب عليه من النفقة .

    ومنها: لو آجر الموقوف عليه أرض الوقف ولم يكن متولياً لم تصح الإجارة، فلو أذن هذا المؤجر المستأجر في العمارة فعمر لم يرجع على أحد وكان متطوعاً؛ لأنه لما بطلت الإجارة بطل ما في ضمنها من الإذن.

     ومنها: لو اشترى شخص من آخر اليمين الموجه عليه في المحاكمة، فلما كان هذا الشراء باطلاً فإسقاط اليمين الذي في ضمنه باطل أيضاً. بخلاف الصلح عنها ببدل، فإنه إسقاط لها لأنه بمجرد  أخذ بدل الصلح أسقط خصومته فتسقط اليمين .

    ومنها : لو أكره إنسان على الإقرار بالإسلام لا يحكم بإسلامه، لأن الإقرار لما بطل بالإكراه بطل ما في ضمنه وهو الإسلام.

    ومنها: إذا صالح أحد خصمه المدعي على بدل، ثم اعترف المدعي بعد الصلح بأنه لم يكن له تجاهه حق، بطل الصلح فيبطل ما تضمنه من تمليك البدل فيحق للمصالح استرداده.

    ولهذه القاعدة استثناءات كثيرة ،

    منها : لو صالح الزوج زوجته المخيرة على مال لتختاره ففعلت واختارات زوجها، لم يصح الصلح ولم يلزم المال وسقط خيارها .

    ومنها : لو طلق إحدى زوجتيه طلاقاً مبهماً ثم ماتت إحداهما قبل البيان تتعين الأخرى الحية للطلاق فلو قال عنيت المتوفاة بالطلاق لا يعتبر قوله بذلك، ولكن يحرم بسببه الميراث، فإن قوله (عنيت المتوفاة بالطلاق) لم يعمل عمله ولكن يبطل ما ترتب عليه من حرمان الإرث .  .

    ومنها : لو طلق زوجته غير المدخول بها ثنتين ثم قال : كنت طلقتها قبل ذلك واحدة، لا يبطل عنه الثنتان ويلزم بالتي أقر بها ولا تحل له إلا من بعد زوج آخر. فقد بطل المتضمن وهو الإقرار بالطلقة السابقة ولم يبطل ما في ضمنه من الحرمة المغلظة.

    ومنها: لو أقر الوكيل بالخصومة على موكله في غير مجلس الحاكم، فإن إقراره لا يعتبر ولكن ينعزل به عن الوكالة. فقد بطل الإقرار ههنا ولم يبطل ما تضمنهمن  أنه لا من يحق له مخاصمة المدعي فيما يدعي على موكله.  ومنها: لو دخل بالزوجة بعد نكاح فاسد وقد سمى لها فيه مهراً فإنه يجب لها مهر المثل على ألا يتجاوز به المسمَّى لرضا الزوجة بالمسمى، فقد فسد المتضمن وهو النكاح ولم يفسد المتضمَّن وهو الرضا بالمسمى.

      ومنها: لو خلع زوجته على مال فإن وقوع البينونة ولزوم البدل متوقف على قبولها، فإذا أكرهها على القَبول صح القبول منها ووقع البائن ولا يلزمها المال، ولو خلعها على ما ليس بمال أو على مال غير متقوم فقبلت ولو طائعة صح القبول ووقع البائن، ولا يلزم المرأة شيء مما سمى، ولو خلع زوجته القاصرة على مال فقبلت وقع الطلاق البائن لوجود القبول الذي هو شرط، ولا يلزمها المال لكونها ليست بأهل للالتزام.

    ومنها : لو علق طلاق امرأته على قتله فلاناً فشهد رجل وامرأتان عليه أنه قتله يثبت عليه وقوع الطلاق ولا يثبت القصاص عليه حيث إن نصاب الشهود صح لإثبات وجود المعلق عليه ولم يصح لإثبات القتل .

    تنبيهات :

    الأول: إن البطلان المفهوم من القاعدة ينبغي أن يراد به الفساد بالنسبة إلى العقود ؛ لأن العقد إذا كان باطلاً وجوده وعدمه سواء ولا أثر له، فإن تضمن أمراً معتبراً في الشرع فاعتباره كأنه وجد مستقلاً لعدم مشروعية المتضمن أصلاً، أما العقد الفاسد فلا يمكن اعتباره كالعدم لأنه مشروع بأصله دون وصفه، فإذا تضمن أمراً سرى فساده إلى ما في ضمنه. أما غير العقود من التصرفات فليس فيه فاسد وباطل .

    الثاني : المتضمن للباطل إذا لم يفرد بالذكر واكتفي بثبوته في ضمنه فلا كلام في بطلانه، أما إذا أفرد ذكره ره معه وقرن به فإنما يبطل إذا انتظمه العقد بأن كان حكماً له، أما إذا لم ينتظمه العقد بأن لم يكن حكماً من أحكامه بل كان خارجاً عنه ـ وإن ذكر معه وقرن به ـ فإنه لا يبطل ببطلان العقد. فلو آجر متولي الوقف عقاراً من عقاراته إجارة فاسدة وأذن للمستأجر بتعميره وترميمه من ماله فعمر ورمم فإنه يرجع بما أنفقه في غلة الوقف ولا يبطل الإذن المذكور ببطلان الإجارة ؛ لأن الإذن بتعمير العقار المستأجر وترميمه ليس من حكم إجارة عقار الوقف .  ولأن الإذن من المتولي معتبر .

    الثالث: الشيء إذا ثبت ضمناً لشيء آخر فإنما يثبت بشروط المتضمن له لا بشروط المتضمن نفسه، كما لو قال لامرأة: زوجيني نفسك كان توكيلاً ـ على أحد القولين – لكنه يقتصر على المجلس ؛ لأن الأمر هو طلب النكاح فتشترط فيه شروط النكاح من اتحاد المجلس في ركنيه، لا شروط ما في ضمنه من الوكالة! ونظير ذلك إن ما ثبت تبعاً لا تراعى فيه شرائطه، فلو أقر رجلان من الورثة أو رجل وامرأتان بابن للميت ثبت النسب في حق غيرهم ولا تشترط له شرائط الشهادة ، حيث إن ثبوت النسب يكفي فيه شهادة امرأة على الولادة معروفة بالعدالة .

  • شرح القاعدة الفقهية: إذا سقط الأصل سقط الفرع – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: إذا سقط الأصل سقط الفرع – مع أمثلة

    محامي

    قد تذكر هذه القاعدة بصيغة أخرى وهي : التابع يسقط بسقوط المتبوع.

    من فروع هذه القاعدة : لو أبرأ الدائن مدينه عن دينه سقط الدين عنه وبرئ كفيله أيضاً وامتنعت مطالبته بالدين ضرورة سقوط الدين عن المدين؛ ذلك لأن لزوم الدين الكفيل هو فرع عن لزومه المدين الأصلي، فلما سقط الدين عن المدين الأصلي سقط عن الكفيل تبعاً ، أما إذا كانت الكفالة بنفس المديون فأبرأه الطالب عن الدين يسقط الدين وتبقى كفالة النفس فيطالب الكفيل بإحضاره، إلا إذا قال الطالب : لا حق لي قِبَلَه ـ أي المدين ـ ولا حق لموكل لي، ولا لصغير أنا وليه، ولا لوقف أنا متوليه، فحينئذ يبرأ كفيل النفس .

    ومنها: إذا مات الموكل أو فقد أهليته بجنون مطبق سقطت وكالة الوكيل. وحد الجنون المطبق عند الإمام وأبي يوسف شهر، وما سواه جنون قليل لا يبطل وكالة الموكل به .

    ولهذه القاعدة استثناء، وهو ما جاء في المادة ۸۱ قولهم : (قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل)،

    مثال ذلك : لو أقر أحد لشخص مجهول النسب أنه أخوه، فهذا الإقرار يمس حقوق الأب لأن فيه تحميلاً للنسب على الأب، فكونه أخاً للمقر هو فرع عن بنوته لأبيه فيحتاج إلى تصديق الأب، فإذا أنكر الأب بنوته ولم يمكن إثباتها بالبينة لا تثبت بنوته للأب، ولكن يؤاخذ المقر بإقراره أنه أخوه فيقاسم ذلك الشخص حصته من ميراث الأب.

    ويستثنى أنه لو ادعى شخص على اثنين بأن أحدهما استدان منه مبلغاً من المال والثاني كفله في ذلك المبلغ، فأنكر المدين الدين والمدعي عاجز عن الإثبات لمدَّعاه ، إلا أن الكفيل أقر بالكفالة فيحكم على الكفيل الذي هو الفرع بمقتضى اعترافه بالدين دون الأصيل الذي هو أصل في الدين.

     ويستثنى أيضاً: لو ادعى الزوج الخلع فأنكرت المرأة، بانت ولم يثبت المال الذي هو الأصل في الخلع. .

  • شرح القاعدة الفقهية: من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته – مع أمثلة

    محامي

    من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته

    هذه القاعدة تأكيد وتطبيق لقاعدة : التابع تابع ، إلا أن حكم هذه القاعدة لا يقتصر على ملك العين بل يشمل ملك التصرف أيضاً ، فلو عرض الدلال المبيع على رب الدكان وتركه عنده فهرب رب الدكان وذهب به لم يضمن الدلال في الصحيح؛ لأن الدلال ملك ترك المبيع عند رب الدكان وهو من ضرورات البيع ولا بد منه فيه فكان مأموراً به. .

  • شرح القاعدة الفقهية: التابع لا يفرد بالحكم ما لم يصر مقصوداً  – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: التابع لا يفرد بالحكم ما لم يصر مقصوداً  – مع أمثلة

    محامي

    التابع لا يفرد بالحكم ما لم يصر مقصوداً

    أما إذا صار التابع مقصوداً، فإنه يفرد بالحكم كما إذا بقي التابع بعد هلاك الأصل بالانفكاك عنه .

    وهذه القاعدة ناطقة بمفهوم المخالفة للقاعدة السابقة، فتلك تبين أن للتابع حكم المتبوع، وهذه تبين أن التابع يجوز إفراده بحكم مستقل عن متبوعه.

    ولا فرق بين أن يكون التابع من ضرورات المتبوع أو من أجزائه أو من أوصافه، فلو جعل مهرها مؤجلاً إلى أجل فأسقطت له الأجل سقط وبقي المهر ديناً مع أن الأجل من أوصاف المهر، فانفردت الصفة بالسقوط دون موصوفها . من فروع هذه القاعدة: أنه لا لعان بنفي الحمل ولا كفارة في قتله ولا وصاية عليه .

    ويستثنى من هذه القاعدة : أن الكفيل لو أبرأه الطالب ـ أي المكفول له ـ صح الإبراء مع أن الكفيل تابع للدين والدين باق.

     وقيل: إن الكفيل تابع للأصيل المكفول وليس للدين، فلا يصح الإبراء للكفيل بمفرده وعليه الفتوى.

    تنبيه : ما يثبت تبعاً لا تراعى فيه شرائط الأصل، كما لو أقر رجلان من الورثة أو رجل وامرأتان بابن للميت فيثبت نسبه ويسري ثبوته على غير المقرين، ولا تشترط له شروط الشهادة (من إسلام وبصر ونطق والعلم بالمشهود به والعدالة وانعدام التهمة بالقرابة والخصومة والعداوة)، وكذلك يثبت نسب الولد بشهادة القابلة ويثبت استحقاق الإرث تبعاً له .

    تنبیه آخر: يثبت للجنين أهلية وجوب ناقصة يستحق بمقتضاها حقوقاً أربعة : إرثه من مورثيه، نسبه من أبويه، أن يكون موصى له أو موقوفاً عليه. ويصح وحقوقه المالية تتوقف على ولادته حياً لانعدام الذمة المالية للجنين.

  • شرح القاعدة الفقهية: التابع تابع – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: التابع تابع – مع أمثلة

    محامي

    التابع : هو الذي يكون جزءاً مما يضره التبعيض كالفص للخاتم، أو كان وصفاً له كالشجر والبناء في الأرض، أو من ضروراته كالمفتاح للقفل أو كالطريق الدار .

    وهذا حيث لا عُرف فيه، فلو كان هناك عُرف في ذلك فيجب أن يُتبع .

     قال العلامة حيدر : التابع للشيء في الوجود تابع له في الحكم.

    وكما أن التابع يدخل في عقود التمليك يدخل أيضاً في الشهادة والقضاء ودخوله فيهما تبعاً يعتبر ما دام مسكوتاً عنه وغير متنازع فيه، أما إذا لم يكن مسكوتاً بل ادعى المدعى عليه عدم دخوله فإن الدعوى لا تسمع به والشهادة تقبل عليه.

     نحو: لو ادعى شخص على آخر وأقام شـاهـديـن شـهـدا له بالأرض وسكتا عن البناء، ودخل البناء تبعاً من غير أن يكون مشهوداً به وتسمع دعوى المدعى عليه أن البناء له، وإذا صار محكوماً عليه بالبناء تبعاً تصح دعواه مقصودة.

     من فروع هذه القاعدة : لو أمهر زوجته حائطاً فنمت أشجاره وأثمرت ثم أراد أن يخالعها عليه، فالزيادة الحاصلة في الشجر والثمر تابعة للبستان وتأخذ حكمه .

  • شرح القاعدة الفقهية: تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات – مع أمثلة

    محامي

    هذه القاعدة مشابهة في مضمونها للمادة: (دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه

    ومعنى هذه القاعدة: أن السبب يقام مقام المسبب في الملك، فإذا تبدل سبب الملك اعتبر الملك نفسه متبدلاً حكماً، وأنيط بتبدل السبب من الأحكام كل ما يناط بتبدل الملك نفسه منها.

    والأصل في هذه القاعدة حديث بريرة معتقة السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً على بريرة فقدمت إليه تمراً وكان القدر يغلي باللحم، فقال عليه الصلاة والسلام: «ألا تجعلين لي نصيباً من اللحم؟»، فقالت: يا رسول الله إنه لحم تُصدق به علي، فقال عليه الصلاة والسلام: «لك صدقة ولنا هدية» [رواه الخمسة من دون الترمذي]، فعلم أن تبدل الملك يعني تبدلاً في العين .

    من فروع هذه القاعدة : لو وهب لغيره العين الموهوبة له ثم عادت إليه بسبب جديد بأن باعها ثم اشتراها أو تُصُدِّق بها عليه، فأراد الواهب أن يرجع بهبته لا يملك ذلك، وهذه حيلة يتخذها الموهوب لهم عادة لمنع الواهبين من استرداد هباتهم . .

    ومنها: أن تبدل الصك أو السند بمنزلة تبدل السبب، فلو أقر رجل لآخر بألف على أنه قرض ثم أقر له نفسه بألف على أنه ثمن مبيع يلزمه ألفان .

     تنبيه : إن نظرية التطهير في الفقه القانوني وفي القانون الفرنسي على وجه الخصوص تشبه هذه القاعدة وتقاربها في الفكرة فيعتبر بمقتضى هذه النظرية أن تملك العين بسبب فيه علنية وحسن نية كشرائها بالمزاد العلني أو من محل تجاري معروضة فيه يحررها من كل حق عيني كان لأحد عليها فينبغي لصاحب الحق العيني ملاحقة المسؤول عن تمليكها بالتعويض.

  • شرح القاعدة الفقهية: لا حجة مع التناقض ولكن لا يختل معه حكم حاكم – مع أمثلة

    شرح القاعدة الفقهية: لا حجة مع التناقض ولكن لا يختل معه حكم حاكم – مع أمثلة

    محامي

     الحجة : هي بينة عادلة أو إقرار أو نكول عن يمين والتناقض: هو التنافي بين كلامين بحيث يلزم من صدق أحدهما كذب الآخر.

    ويوجد تصرف في ترجمة هذه المادة حيث إن الترجمة الحقيقية لأصلها التركي هي: لا حجة مع التناقض لكن لا يطرأ خلل على الحكم المتناقض عليه، فيفهم أنه إذا حصل تناقض في الحجة تبطل، لكن لو حكم القاضي قبل أن يتبين بطلانها لا يختل الحكم. .

    والتناقض إما أن يكون في الدعوى فقط، أو في الشهادة فقط، أو بين الدعوى والشهادة :

    أ ـ فإن كان في الدعوى تُرد ابتداءً فلا تسمع حتى يمكن التوصل لإقامة الحجة عليها، نحو: لو اختلعت من زوجها على بدل دفعته له ثم ادعت أنه كان طلقها قبل الخلع ثلاثاً فبرهنت على ذلك تقبل بينتها وتسترد البدل.

    وهذا بخلاف ما لو ادعى نكاحها فأنكرت فصالحها على بدل على أن تقر بالنكاح، ثم وجد بينة على النكاح الأول المدعى به فلا يرجع بالبدل لأنه كزيادة في المهر.

    وإذا وفق المدعي بين تناقضه كما لو أقر أحد بأنه استأجر داراً ثم ادعى أنها ملكه فلا تسمع دعواه، أما إذا قال كنت مستأجراً ثم اشتريت، تسمع.

    ب ـ وإن كان في الشهادة بأن رجع الشهود، فإنه يشترط أن يكون رجوعهم في مجلس الحاكم، فلو كان رجوعهم خارج المجلس لا يلتفت إليه مطلقاً سواء كان قبل الحكم أو بعده، وقد علل في الهداية اشتراط مجلس القضاء في الرجوع عن الشهادة بأن الرجوع فسخ للشهادة فيختص بما يختص أداؤها به، وبأن الرجوع توبة وهي على حسب الجناية، فالسر بالسر والعلانية بالعلانية .

    فإن كان رجوعهم قبل الحكم ترد شهادتهم ويعزّرون ولا ضمان عليهم، أما إن رجعوا بعد الحكم فلا ينقض الحكم برجوعهم ويضمنون للمشهود عليه ما خسر بشهادتهم والقضاء يصان عن الإلغاء ما أمكن.

      ج – أما إذا كان التناقض في دعوى المدعي والشهادة كما لو ادعى ملك شيء بالإرث من والده وشهد الشهود أنه ملكه بالإرث عن أمه فإن البينة لا تعتبر  .

    لما كان الحكم بالكلام المتناقض غير جائز فلا يجوز أيضاً نقض الحكم به، وبما أن الكلامين المتناقضين متساويان في الدلالة على الحقيقة وقد رجح الأول على الثاني باتصاله بالقضاء والمرجوح لا يعارض الراجح فلم يختل الحكم به ولم ينقض، وبما أن الشهود متسببون في الحكم فقط والحاكم هو المباشر به، فمن الواجب ألا يترتب الضمان على الحاكم؛ لأن القاضي بعد أن يؤدي الشهود الشهادة وبعد التثبت من عدالتهم مجبر على الحكم فوراً، فلو تأخر ولم يحكم يكون مسؤولاً شرعاً ومستحقاً للتعزير والعزل، وبما أن تضمين الحكام يستلزم امتناع الناس عن قبول منصب القضاء خوفاً من الضمان، فلما تقدم وجب الحكم بضمان الشهود المتسببين دون الحاكم المباشر.  .

    تنبيهات :

    ـ التناقض لا يمنع صحة الإقرار، فلو أنكر شخص شيئاً ثم بعد ذلك أقر به فيعتبر الإقرار رغماً عما حدث من التناقض، لأن المقر لا يكون متهماً بإقراره هذا .

    – التناقض يعفى عنه في محلات الخفاء كالنسب والطلاق . وكذلك يرتفع بتصديق الخصم أو تكذيب الحاكم أو عند الاضطرار، فيقبل برهان المتناقض في دعواه إذا كان مضطراً فيما أقر به أولاً .  ـ الشاهد لو أنكر شهادته بعد الحكم بها لا يضمن لأن إنكار الشهادة ليس برجوع حيث الرجوع أن يقول : كنت مبطلاً في الشهادة.

     

يرجى ارسال السؤال دفعة واحدة
1