الكاتب: rami

  • الوصية في الاسلام و القانون السوري

    الوصية في الاسلام و القانون السوري

    محامي, استشارة قانونية

    أولاً : تعريف الوصية:

     أ. في اللغة:

    الوصية والإيصاء في اللغة بمعنى واحد، تقول أوصيت لفلان بكذا، أو أوصيت إلى فلان بكذا بمعنی عهدت إليه،

    وتكون الوصية اسم مفعول بمعنى الموصى به، ومنه قوله تعالى: ( من بعد وصية توصون بها ) [ النساء: من الآية12] ( شهادة بينكم إذا حضر أحدكم المؤث جين الوصية) [ المائدة: من الآية106].

    ب- في الفقه:

    يفرق الفقهاء بين اللفظين فقالوا: إن معنى أوصيت إليه عهدت إليه بالإشراف على شؤون القاصرين مثلا، ومعنى أوصيت له تبرعت له وملكته مالا أو غيره.

    وللوصية تعريفات متعددة، أشهرها أنها: ( تمليك مضاف إلى ما بعد الموت عن طريق التبرع ).

    فالقول ( تمليك ) يشمل الوصية بالأعيان من منقول أو عقار وغيرهما، كما يشمل الوصية بالمنافع من سکنی دار أو زراعة أرض.

    والقول ( مضاف إلى ما بعد الموت ) أخرج نحو الهبة فإنها تمليك في الحال أما الوصية فلا تنفذ إلا بعد موت الموصي.

    والقول عن (طريق التبرع ) أخرج مثل الوصية بأن تباع داره لفلان، فإن هذا تمليك بعوض.

    ويلاحظ على هذا التعريف أن الفقهاء يعرفون الوصية التي حث الشارع عليها كعمل الخير يتدارك به الإنسان ما فاته من تقصير، لذلك لا يشمل كل أنواع الوصايا ؛ كالوصايا المتعلقة بأداء الواجبات كالحج والزكاة، والمتعلقة بإسقاط ديونه على الغرماء، والمتعلقة بحق مالي کالوصية بتأجيل الدين عن المدين بعد حلوله أجله، والمتعلقة بتقسيم تركته على ورثته.

    ج – أما في القانون:

     فقد عرفت الوصية بأنها: ( تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت ) المادة 207 وهذا التعريف يشمل كل أنواع الوصايا.

    ثانياً : مشروعية الوصية :

    الأصل أن تكون الوصية غير جائزة لأنها مضافة إلى زمن قد انقطع فيه حق الموصي في ماله ؛ إذ الموت مزيل للملك، ولكن الشارع أجازها لما فيها من مصلحة للموصي وأقربائه وللمجتمع، وقد ثبتت المشروعية في الكتاب والسنة والإجماع.

    أما في الكتاب:

     ففي قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك ځيرة الوصية الوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) (البقرة:180)

    وأما السنة:

     فما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن رسول الله ص أنه قال:

     { ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه }.

    وأما الإجماع:

     فقد أجمع الفقهاء منذ عصر الصحابة على جوازها ولم يؤثر عن واحد منهم منعها.

     ثالثاً: أقسام الوصية :

    تنقسم الوصية إلى واجبة ومندوبة ومباحة ومكروهة ومحرمة.

     فالواجبة: وهي الإيصاء بما وجب في ذمة الموصي كالزكاة والكفارات وغيرهما.

    ومن الوصية الواجبة بحكم القانون، الوصية لأولاد الابن الذين مات أبوهم قبل موت الجد، ولها مبحث خاص في فقرات آتية.

    والمندوبة: وهي الوصية في وجوه الخير كأهل العلم والصلاح وللأقرباء الذين لا يرثون عند الجمهور . وذهب الظاهرية إلى أن الوصية لهم واجبة.

    والمباحة: وهي الوصية لصديق أو لغني…

    والمكروهة: وهي الوصية بما كره الشارع فعله كبناء القباب على القبور، وكأن يكون ماله قليل وورثته فقراء لقول النبي

    : { إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس }

    . والمحرمة : كالوصية بما حرمه الله تعالی کالوصية بالخمر، أو للإضرار بالورثة.

    أ. ركن الوصية

    ذهب بعض الفقهاء إلى أن ركن الوصية الإيجاب والقبول كالهبة ؛ لأن الوصية إثبات ملك جديد، ولا يملك أحد إثبات الملك لغيره بدون اختياره.

    وذهب آخرون إلى أن ركنها الإيجاب فقط، وإنما القبول شرط للزومها، فلا يحتاج فيها إلى القبول کالميراث، وهذا ما ذهب إليه القانون، فقد نصت المادة 208 على أن الوصية تنعقد بالعبارة أو الكتابة، فإذا كان الموصي عاجزة عنهما انعقدت بإشارته المفهومة. وهذا واضح في انعقاد الوصية بعبارة الموصي أو كتابته أو إشارته.

    بماذا تنعقد الوصية ؟

    اتفق الفقهاء على انعقادها باللفظ ممن يقدر عليه، فإن عجز فبالكتابة فإن عجز فبالإشارة.

    واختلفوا في الكتابة حال القدرة على النطق، وفي انعقادها بالإشارة للأخرس في حال القدرة على الكتابة، فذهب الجمهور إلى أنها تنعقد بالكتابة ولو قدر على النطق، سواء كتبها بنفسه أو كتبت له وأمضاها، وذهب الأكثرون إلى أنها لا تنعقد بالإشارة إذا أحسن الكتابة.

    وقد جرى القانون على رأي الجمهور حسب المادة 208.

    ب . صحة الوصية

    يشترط لصحة الوصية أن لا تكون بما نهى عنه الشارع ؛ كأن يوصي ببناء خمارة، وهذا ما نصت عليه المادة 209.

    تعليق الوصية وتقييدها:

    الوصية لا تكون منجزة بل مضافة لما بعد الموت، ويجوز تعليقها بحدوث أمر يقع في المستقبل كأن يقول إذا شفيت من هذا المرض فقد جعلت ثلث مالي وصية.

    ويجوز أن تقيد بشرط صحيح وهو ما كان فيه مصلحة مشروعة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما ولم يكن منهيا عنه ولا مخالفة لمقاصد الشريعة ( المادة 210).

    مثال ما فيه مصلحة للموصي: كالوصية بثلث المال على أن يرعى أولاده أو على أن يسدد ما في ذمته.

    مثال ما فيه مصلحة للموصی له: كأن يوصي بأرض لفلان على أن تكون نفقات إصلاحها في تركة الموصي.

    ومثال ما فيه مصلحة لغيرهما: أن يوصي بداره لفلان على أن يسقي من مائها حديقة جاره.

    فإذا قيدت الوصية بشرط غير صحيح وكانت الوصية مستوفية للشروط الأخرى صحت الوصية ولغا الشرط فمن أوصى لفلان بمبلغ من المال على أن لا يتزوج صحت الوصية وله أن يتزوج.

    ج. الرد والقبول:

    قلنا: إن ركن الوصية هو الإيجاب، أما القبول فهو شرط لزوم، وقد بين القانون أحكام الرد والقبول، وموجزه في الآتي:

    . إذا كانت الوصية لغير معين . کالوصية للفقراء . فلا تحتاج إلى قبول ولا ترد برد أحد ( المادة 225 ) وإن كانت لشخص معين وردها ترد.

    .لا عبرة بالرد قبل موت الموصي. .لا تشترط الفورية بالرد أو القبول، بل على التراخي ( المادة 227 ).

    .لا يشترط القبول بلفظ قبلت ؛ بل يكفي عدم الرد.. . قد يتجزأ الرد، كأن يوصي بداره وأرضه لفلان، فقيل الدار ورد الأرض، فالوصية صحيحة بما قبل.

    – إذا حصل الرد أو القبول لم تجز العودة من الرد إلى القبول أو العكس إلا إذا أجاز الورثة.( المادة229)

    شروط الوصية

    أ. شرائط الموصي

     يشترط في الموصي أن يكون أهلا للتبرع ، وذلك بأن تتوفر فيه صفتان :

    . العقل : فقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط، فلا تصح من مجنون ولا معتوه ولا مغمى عليه لأن عبارتهم ملغاة.

    . البلوغ: اتفق الفقهاء على صحة الوصية من البالغ وعدم صحتها من الصبي غير المميز واختلفوا في وصية المميز اتفق الحنفية والشافعية – في أرجح القولين عندهم على اشتراط البلوغ فلا تصح وصية المميز وغير المميز، لكن تصح في وصيته بتجهيزه أو تكفينه ودفنه مع مراعاة المصلحة ولا تصح فيما عدا ذلك.

    وذهب المالكية والحنابلة إلى جواز وصية المميز؛ لأن تصرف تمحض نفعا له، فصح منه كالإسلام والصلاة، واستدلوا بما روي عن عمر رضي الله عنه أجاز وصية غلام يافع وهو الذي قارب البلوغ.

    وأجاب الحنفية ومن وافقهم في هذا الرأي أن عمر رضي الله عنه بأن الغلام أعطي حكم البالغ لقربه من البلوغ بدلیل عدم سؤال عمر بن الخطاب عن وصيته هل هي في وجوه الخير أم لا؟ وقد ذهب القانون إلى ما ذهب إليه الحنفية ومن وافقهم،

     كما نصت المادة (211) على أن يشترط في الموصي أن يكون أهلا للتبرع قانونا، فلا تصح وصية المجنون ولا المعتوه كما لا تصح وصية الصبي ولو كان مميزاً.

    ب . شروط الموصى له

    نص الفقهاء على أنه يشترط في الموصى له أن يكون موجودة ومعلومة وغير وارث وغير قاتل.

    1. أن يكون موجوداً:

    ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يشترط وجود الموصى له حين الوصية، وتصح الوصية للحمل إن ولد حياً لأقل من ستة أشهر من تاريخ إنشاء الوصية،

     أما المالكية فقد أجازوا الوصية للحمل الذي سيوجد وإن لم يكن موجودة عند الوصية.

     أما القانون فقد نصت الفقرة الأولى من المادة ( 236) مايلي:

    • إذا أقر الموصي بوجود الحمل حين الإيصاء يشترط أن يولد حية لسنة فأقل من ذلك الحين.

    . إذا كانت الحامل معتدة من وفاة أو فرقة بائنة، يشترط أن يولد حية لسنة أيضا من حين وجوب العدة.

    • إذا لم يكن الموصي مقراً ولا الحامل معتدة يشترط أن يولد حياً لتسعة أشهر فأقل من حين الوصية.

    . إذا كانت الوصية لحمل شخص معين يشترط مع ما تقدم أن يثبت نسب الولد من ذلك الشخص.

    • ونصت الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه توقف غلة الموصى به منذ وفاة الموصي إلى أن ينفصل الحمل حياً فتكون له.
    1. أن يكون معلوماً:

     أي أن لا يكون مجهولا جهالة لا يمكن استدراكها وإزالتها ؛ لأن الجهالة التي لا يمكن استدراكها تمنع من تسليم الموصى به إلى الموصى له فلا تفيد الوصية.

    وعلى هذا لو أوصى بثلث ماله لرجل من الناس لا تصح الوصية، ولو أوصى لفلان أو فلان أيهما أحب الوصي، جازت الوصية لأن استدراك الجهالة ممكن باختيار الوصي لأحدهما.

    ولو أوصى بثلث ماله للمسلمين لم تصح الوصية عند الحنفية خلافا للمالكية لأنهم لا يحصون، ولو أوصى بثلث ماله لفقراء المسلمين صحت بالاتفاق لأنها صدقة.

    ولو أوصى لأرامل بني فلان وعميانهم، فإن كانوا ممن يحصون صحت الوصية ولا فرق بين الغني والفقير، وإن كانوا مما لا يحصون يعطي الوصي الفقراء منهم لأنه حين تعذر التمليك هنا انصرفت الوصية إلى معنى القرية فتكون كما لو أوصى للفقراء.

    الوصية لأعمال الخير

    الوصية الله تعالى في أعمال البر فهي صحيحة وتصرف في وجوه الخير کالوصية لأماكن العبادة والمؤسسات العلمية وسائر المصالح العامة ( المادة 213 ).

    1. أن لا يكون وارثاً:

    ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنه لا تجوز الوصية لوارث لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا وصية لوارث )).

    وذهب الشيعة والإمامية وبعض أئمة الزيدية إلى جواز الوصية للوارث عملا بظاهر الآية

    ( كتب عليكم إذا حضر أحدكمم الموت إن ترك ځيرة الوصية الوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) [ البقرة:180].

    قالوا فإذا نسخ وجوب الوصية لهم بأيات المواريث فإن الذي تدل عليه الآية بعد ذلك هو جواز الوصية لهم،

    . اختلف الفقهاء في الحد الفاصل بين ممن يحصون ومن لا يحصون، فقال محمد إن كانوا أكثر من مائة فهم لا يحصون، وبه أخذت المحاكم الشرعية في مصر، وقال أبو يوسف: إن كانوا لا يحصون إلا بكتاب أو حساب فهم لا يحصون، وقال الشافعية: هم لا يمكن استيعابهم إلا بمشقة ..

    وقد أجابوا عن الحديث الذي استدل به الجمهور إجابات متعددة لا يسلم واحد منها عند التمحيص العلمي.

    أما القانون فقد ذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور ( المادة 238 ) على أن لا تنفذ الوصية للوارث إلا إذا أجازها الورثة.

    متى يشترط عدم الإرث ؟

    الذين قالوا بعدم جواز الوصية للوارث يعتبرون كونه وارثاً أو غير وارث حال موت المورث لا حال صدور الوصية عنه، وخالف الظاهرية في ذلك فقالوا في حال صدور الوصية لا في حال الموت.

    هل تصح بإجازة الورثة ؟

    ذهب الأئمة الأربعة إلى أن الوصية للوارث تنفذ إذا أجازها الورثة، لما جاء في بعض الروايات (( لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة )).

    وقال الظاهرية لا تصح ولو أجازها الورثة لأن الله منع من ذلك فليس للورثة أن يجيزوا ما أبطل الله على لسان رسوله فإذا أجازوا ذلك كانت هبة مبتدأة منهم لا وصية من الموصي.

    متى تعتبر الإجازة ؟

    قال جمهور الحنفية والشافعية والحنابلة لا تعتبر إلا بعد موت الموصي وقال بعض الفقهاء الإجازة في حال حياة الموصي صحيحة ولازمة فلا يصح رجوعهم عنها.

    وقد أخذ القانون برأي الجمهور كما في المادة 238.

    1. أن لا يكون قاتلاً:

     ذهب الحنفية إلى أن قتل الموصى له للموصي يمنع من استحقاقه للوصية سواء قتله بعد الإيصاء أم قبله للحديث (( لا وصية لقاتل )) .

    وذهب المالكية والشافعية في أظهر القولين عندهم إلى أن القتل لا يمنع من استحقاق الوصية ؛ لأن الآيات والأحاديث التي جاءت في الوصية لم تفرق بين قاتل وغيره.

    وذهب بعض فقهاء الحنابلة إلى تفصيل حسن، وهو إن كانت الوصية قبل الجرح فهي باطلة وإن كانت بعده فهي صحيحة ؛ لأنها صدرت من أهلها عن رضا وفي محلها ولأن القتل لم يقع بنية الاستعجال كما في قتل الوارث لمورثه.

    وذهب القانون إلى ما ذهب إليه الحنفية ( المادة 223 ).

    اتحاد الدين:

    ليس اتحاد الدين بين الموصي والموصى له شرطة في صحة الوصية لقوله صلى الله عليه وسلم عن أهل الكتاب المواطنين (( لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين )).

    حكم وصايا غير المسلمين :

    إذا أوصی غیر مسلم بوصية فلا تخلو عن ثلاث حالات:

     . أن يكون ما أوصى به قربة عندنا وعنده ( في شريعته ) كالصدقة على فقراء المسلمين أو بناء مدرسة أو مشفى فهذه القربات جائزة بالاتفاق.

    . أن يكون قربة عندنا لا عنده كما إذا أوصى مسيحي ببناء مسجد، فهذه وصية باطلة باتفاق أبي حنيفة وصاحبيه.

    • أن تكون قربة عنده لا عندنا كما إذا أوصى مسيحي ببناء كنيسة، فقال أبو يوسف ومحمد باطلة لأنها ليست مما يتقرب به إلى الله في شريعتنا، وقال أبو حنيفة صحيحة لأنها قربة في عقيدته.

    وقد ذهب القانون إلى صحة الوصية مع اختلاف الدين والملة بينهم وبين الموصي ( 215 ).

     د. شرائط الموصى به:

    يشترط الفقهاء لصحة الوصية في الموصى به أن يكون :

    – مالاً: لأن الوصية تمليك ولا يملك غير المال. – منقوم: أي له قيمة في عرف الشرع فلا تصح الوصية بالخمر والخنزير.

    – قابل للتمليك أي يجب أن يكون الموصى به مما يصح تملكه بعقد من العقود.

    – أن لا يكون مستغرقاً بالدين: فالديون مقدمة في التعلق بمال الميت وإن قيل إن الآيات تقدم

    الوصية على الدين كقوله تعالى: ( من بعد وصية يوصي بها أو دين) [النساء: من الآية11 ]

     فالإجماع منعقد على تقديم الدين ؛ وإنما ذلك للتنبيه إلى أهمية الوصية ووجوب إخراجها.

    – أن لا تزيد على الثلث: لقوله { إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم } . وقوله (( الثلث والثلث كثير )).

     هل للورثة إجازة الزائد على الثلث ؟

      ذهب الجمهور إلى نفاذ الوصية فيما زاد على الثلث إذا أجازه الورثة، ومنع ذلك الظاهرية.

    أما شروط الموصى به في القانون هي ذات الشروط عند الفقهاء إلا شرط أن يكون ما لم يذكره القانون ؛ لأن الوصية لا تقتصر على المال عنده كما ورد في التعريف.

    متى تبطل  الوصية؟

     تبطل الوصية في الحالات التالية:

    – جنون الموصي جنونأ مطبقة متصلا بالموت ؛ لأن الوصية عقد غير لازم فيجوز له الرجوع عنها، وفي حال الجنون المتصل بالموت فقد طرأ احتمال رجوعه عنها فتبطل.

    – موت الموصى له قبل موت الموصي.

     – هلاك الموصى به قبل وفاة الموصي ؛ كأن يوصي بفرس فتموت.

     – رد الوصية بعد وفاة الموصي.

    – قتل الموصی له للموصي وفقا لما ذكرنا سابقا.

    – رجوع الموصي عن وصيته.

    وهناك أسباب أخرى لم يتعرض لها القانون لقلة وقوعها لكن ذكرها الفقهاء كالردة واللحوق بدار الحرب.

    ب. هل يجوز الرجوع في الوصية؟

    يمكن الرجوع عن الوصية بطريقين:

    1. التصريح كقوله رجعت عن الوصية أو عدلت أو أبطلت، فسخت…….

    2 . عن طريق الدلالة، كأن يبيع الموصى به أو يستهلكه أو يخلطه بحيث لا يمكن تمييزه كخلط الدقيق الموصی به بالسكر أو أن يزيد في الموصى به زيادة لا يمكن تسليمه إلا بها كما إذا زرع في الأرض أو بني فيها بناء…. إلخ.

    واتفق الفقهاء على أنه لا يعتبر من الرجوع في الوصية ؛ كالتصرف في الموصی به بحيث لا يخرج عن ملكه كأن يؤجره أو كقيامه بترميم الدار أو إعادة بناء سقفها .. إلخ.

    وقد ذهب القانون إلى ما ذهب إليه الفقهاء كما في المواد220 – 221 -222.

    حكم الوصية بعد البطلان يعود ما بطل إلى تركة الموصي كبقية أمواله.

    د. جحود الوصية:

    إذا أوصى ثم عرضت عليه فجحد، ذهب أبو يوسف إلى أن الجحود رجوع عن الوصية، وذهب محمد إلى أنه لا يعتبر رجوعة، لأن الرجوع عن الوصية إثبات لها في الماضي، ونفي في الحال،

    أما الجحود فهو نفي في الماضي والحال، فلا يكون رجوع حقيقة بدليل أن لو جحد النكاح لا يكون ذلك طلاقا منه، ولأن إنكار الوصية بعد ثبوتها يكون كذبا فيكون باطلا به الحكم كالإقرار الكاذب، ولاحتمال أن يكون إنكاره ناشئاً عن نسيانه فلا يدل على الرجوع. وبهذا أخذ القانون.

     

    الوصية بالمنافع:

    ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز أن يوصي الإنسان بمنفعة بما يملكه لشخص معين مع بقاء العين على ملك الورثة، وذهب بعض الفقهاء إلى منع الوصية بالمنافع، وقد أخذ القانون برأي الجمهور.

    وذهب الجمهور إلى جواز استغلال العين الموصى بمنفعتها كأن يؤجرها لغيره، وبه أخذ القانون. الوصية بالثمرة

    إذا أوصى بثمرة بستانه لإنسان فإن جاء النص فيها على التأبيد أو مدة حياة الموصى له كانت كذلك، وإن نص في الوصية على الثمرة الموجودة له حال وفاة الموصى كان له ما كان موجودة منها عندئذ، فإن لم يوجد شيء فلا شيء له وكذلك لو قام الدليل على أن الموصي أراد ما كان موجودة منها عند وفاته ولو لم ينص على ذلك، وإن جاعت الوصية مطلقة كان للموصى له ما كان موجودة عند الوفاة وما يوجد في المستقل طول حياته، إلا إذا قامت قرينة على خلاف ذلك.

    وإلى هذا ذهب الشافعية وبه أخذ القانون (المادة 249 )

    أما فقهاء الحنفية فقد قالوا بذلك فيما إذا كانت الوصية بالغلة، وأما إذا كانت الوصية بالثمرة فقالوا: إن له ما كان منها قائمة وقت الوفاة لا ما سيوجد في المستقبل، لأن الثمرة اسم للموجود عرفا فلا يتناول المعلوم إلا بدلالة زائد کالتنصيص على الأبد، وأما الغلة فتنتظم الموجود وما سيوجد مرة بعد أخرى عرفة.

    نفقات الموصى بها

    إذا كانت الوصية بالمنفعة لجهة، وبالرقبة لجهة أخرى، صحت الوصيتان وكانت الضرائب التي تفرض على العين وسائر نفقات الانتفاع على الموصى له بالمنفعة ( المادة 250 )

    بيع الموصى بمنفعته

    يجوز للورثة بيع العين الموصی منفعتها أو أن يبيعوا نصيبهم منها وهذا رأي الجمهور ومعه القانون ( 251 ) ف 2، وذهب الحنفية إلى أنه يشترط إجازة الموصى له.

     

    الوصية الواجبة

    الوصية للأقارب مستحبة عند الجمهور منهم أئمة المذاهب الأربعة، ولا تجب على الشخص إلا بحق الله أو للعباد.

     ويرى بعض الفقهاء كابن حزم الظاهري أن الوصية واجبة ديانة وقضاء للوالدين والأقربين الذين الايرثون، لحجبهم عن الميراث، أو لمانع يمنعهم من الإرث كاختلاف الدين، فإذا لم يوص الميت للأقارب بشيء وجب على ورثته أو على الوصي إخراج شيء غير محدد المقدار من مال الميت وإعطاؤه للوالدين غير الوارثين وقد أخذ القانون المصري (م 76 .79 ) والسوري (م 257 ) بالرأي الثاني، فأوجب الوصية لبعض المحرومين من الإرث وهم الأحفاد الذين يموت آباؤهم في حياة أبيهم أو أمهم، أو يموتون معهم ولو حكمة كالغرقی.

    من تجب له هذه الوصية

    أوجب القانون المصري هذه الوصية لأولاد الابن مهما نزلوا، وللطبقة الأولى فقط من أولاد البنات، أما القانون السوري فإنه قصر هذه الوصية على أولاد الابن فقط، ذكورا وإناثا، دون أولاد البنت؛ لأن هؤلاء لا يحرمون من الميراث في هذه الحالة لوجود أعمامهم أو عماتهم، وإنما هم من ذوي الأرحام الذين يرثون في رأي الحنفية عند عدم ذوي الفروض والعصبات. والأولى الأخذ بما ذهب إليه القانون المصري تسوية بين فئتين من جنس واحد سواء لطبقة واحدة أم لأكثر .

    ( تم تعديل القانون السوري في عام 2019 ليشمل أولاد البنت ايضاً)

    شروط الوصية الواجبة:

    اشترط القانون المصري والسوري لوجوب هذه الوصية شرطين:

    الأول . أن يكون فرع الولد غير وارث من المتوفي: فإن ورث منه، ولو میراثة قليلا لم يستحق هذه الوصية.

    الثاني . ألا يكون المتوفي قد أعطاه مايساوي الوصية الواجبة، بغير عوض عن طريق آخر كالهبة أو الوصية.

    مقدار الوصية الواجبة.

    يستحق الأحفاد حصة أبيهم أو أمهمم المتوفي لو أن أصله مات في حياته، على ألا يزيد النصيب عن الثلث، فإن زاد كان الزائد موقوفا على إجازة الورثة. هذا هو مقدار الوصية الواجبة في القانون.

     

     

    تزاحم الوصايا

    1. التزاحم في الوصايا بين العباد

    إذا أوصي بعدة وصايا وزادت في مجموعها عن الثلث ولم تجز الورثة إلا إنفاذ الثلث فقط أو أجاز الورثة انفاذها ولكن التركة لا تكفي فهناك صورتان:

    الأولى:

     أن تكون كل واحدة من الوصايا لا تزيد على الثلث، کسدس الواحد وثلث لأخر، فيضرب كل سهم في الثلث، أي يأخذ كل واحد من الوصية بنسبة وصيته من الثلث، ولا يقسم الثلث أو التركة في الحالة الثانية بينهم بالسوية اتفاق

    الثانية:

     أن تكون إحداهما تزيد على الثلث، كثلث لواحد وثلاثين لأخر فعند أبي يوسف ومحمد يقسم بحسب السهم أيضا كما في الصورة الأولى، فإذا أوصى لخالد بثلث ماله ولبكر بثلثي ماله قسم الثالث بينهما أثلاثة، فلخالد واحد ولبكر اثنان.

    وعند أبي حنيفة يقسم بينهما مناصفة، فلكل من خالد وبكر في المسألة السابقة نصف الثلث أو نصف التركة.

    1. التزاحم في حقوق الله تعالی

    إذا أوصى بوصايا تزيد عن الثلث وكلها من حقوق الله تعالى، فإما أن تكون متحدة الرتبة، أو متفاوتة الرتبة، أو مختلطة.

    فإذا كانت متحدة الرتبة بأن كانت كلها فرائض كالحج والزكاة أو كلها واجبات أو كلها مندوبات: يقدم فيها في رأي أبي حنيفة وصاحبيه ما بدأ به الميت أولا، فإذا أوصى بحج وزكاة، قدم الحج.

     وإذا أوصى بكفارة يمين وكفارة ظهار، قدمت الوصية الأولى، فإن فضل شيء من الثلث فللثانية.

    وإذا كانت متفاوتة الرتبة: كأن كان بعض الوصايا بالفرائض، وبعضها بالواجبات كصدقة الفطر عند الحنفية. وبعضها بالمندوبات كحج التطوع، قدم الفرض ثم الواجب ثم المندوب.

    1. التزاحم بين حق الله والعباد

    أما إذا تزاحمت بين حق الله والعباد، كما إذا أوصى للحج والزكاة ولزيد والكفارات، فإنه يقسم الثالث أو التركية على جميعها، وتجعل كل جهة من حقوق الله مفردة بسهم، ولا تجعل كلها سهما واحدة، فللحج ربع الثلث وللزكاة ربع الثلث، ولزيدربع الثالث وللكفارات ربع الثالث. هذه الأحكام التي فصلناها في تزاحم الوصايا قد أجملت أكثرها المادتان (258. 259 ).

  • أحكام الوصاية في الشريعة الاسلامية والقانون السوري

     محامي-استشارة-قانونية

    الوصاية

     أ. شروط الأوصياء وأنواعهم:

     تعريف الوصي:

    الشخص الذي يعطى حق التصرف . غالباً . فيما يحق له التصرف فيه؛ كقضاء الديون ورد الودائع وتفريق الوصية والولاية على الصغار أو المجانين أو الذين لم يؤنس منهم الرشد، والنظر في أموالهم والتصرف فيها .

    أنواع الوصي:  

    الوصي نوعان:

     1- الوصي المختار: الشخص الذي يختاره الأب أو الجد للإشراف على أموال الأولاد والأحفاد.

     2 – وصي القاضي: الشخص الذي يختاره القاضي للإشراف على التركة والأولاد. ويعد وصي الميت أقوى من وصي القاضي عند الفقهاء خلافا للقانون.

    شروط الوصي:

     الشروط المتفق عليها وهي أربعة: الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة .

     الشروط المختلف فيها وهي: الذكورة والبصر. .

     الذكورة: ذهب جمهور الفقهاء ومنهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى جواز الإيصاء إلى المرأة، ودليلهم بما ورد عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه أوصى إلى ابنته حفصة رضي الله عنها، واستدلوا أيضا  بأن المرأة تصح شهادتها وتصرفاتها المالية كالرجل فتجوز وصايتها أيضا.

    وذهب عطاء إلى عدم الجواز ؛ لأنها لا تكون قاضية فلا تكون وصية كالصبي. ويرد عليه بأن الصبي ناقص التمييز، و

    أما عدم جواز توليها القضاء عند من يقول ذلك، فلأمر اجتماعي لا علاقة له بقدرتها على النظر في شؤون اليتامى وتدبير أموالهم.

     البصر: ذهب الجمهور إلى صحة الوصاية إلى الأعمى واستدلوا بذلك بأن الوصية تحتاج إلى الخبرة وحسن التصرف والعمى لا ينفي ذلك، وبأن الأعمى من أهل الشهادة والولاية في النكاح والولاية على أولاده الصغار فصح أن يوصى إليه كالبصير.

    وقال بعض أصحاب الشافعي لا تصح ؛ لأنه لا يصح بيعه وشراؤه  عندهم . فكيف يوصى إليه بما لا يملكه لنفسه , وهذا باطل لأن الجمهور على صحة بيع الأعمى وشرائه، ولو فرضنا عدم صحة ذلك منه، يمكنه أن يوكل بالبيع والشراء، وأيضا الأعمى تصح منه الشهادة وله الولاية على النكاح وعلى أولاده كالبصير، فكيف لا يصح الإيصاء إليه .

    هل تبطل الوصايا بفقد أحد شروطها ؟

    إن الفقهاء اتفقوا على الشروط الأربعة الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة ؛ لكن اختلفوا في فقد شرط منها هل يبطل الوصايا، أم تقع صحيحة ثم يعزله القاضي؟؟

    هناك روايتان عند الحنفية:

    الأولى: وهي المعتمدة عندهم ورواية عن الإمام أحمد: أن من أوصى إلى خائن – مثلا – صحت الوصايا، ويعزله القاضي؛ لأن أصل النظر والتمكن من حيث التصرف ثابت له، فهو بالغ عاقل ؛ لكن تمام النظر والتمكن غير موجود، فيخرجه القاضي.

    الثانية: وهي قول ثان عن الإمام أحمد أن هذه الوصايا باطلة لفقدان شرط من الشروط.

     متى تلزم الوصايا ؟

     إذا أوصي إلى إنسان لا تخلو من الحالات التالية:

    1. أن يقبل الموصى إليه بالوصاية حال حياة الموصي، ويستمر القبول حتى وفاة الموصي، فتلزمه الوصاية.
    2. إذا رد الوصاية في حياة الموصي، ولكنه لم يبلغه الرد على ذلك حتى مات فالوصاية لازمة ولا يمكنه الرد.

    3 . إذا رد الوصاية في حياة الموصي، وعلم الموصي بذلك جاز ؛ لأنه ليس له إلزامه الإشراف على شؤون أولاده.

    1. إن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي، فهو بالخيار بين الرد والقبول.
    2. وإن سكت فلم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي ؛ ولكنه قال بعد ذلك لا أقبل ثم أعلن قبوله، كان له ذلك إن لم يخرجه القاضي من الوصاية بعد رفضه.
    3. ولو سكت عن القبول وتصرف بما يدل على القبول ؛ كأن يبيع شيئا أو يشتري للورثة كان قبو كما لو قبلها بقول صريح.

    هل يجوز للموصي عزل الوصي ؟

    لا خلاف في عزل الوصي من قبل الموصي، سواء قبل قبول الوصاية أم بعدها إذا كان الوصي حاضرة.

    أما إذا كان غائباً، فهل يشترط علمه بالعزل حتى ينعزل ؟

      قال أبو حنيفة لا يشترط، وقال أبو يوسف يشترط فما تصرف به قبل العلم بعزله يقع صحيحة.

     هل يجوز للقاضي عزل الوصي ؟

    يختلف الحال بين الوصي المختار ووصي القاضي، أما الوصي المختار فله حالات:

     . أن يكون عدلاً كافياً قادراً على القيام بشؤون الوصاية وحده فليس للقاضي عزله.

      .أو يكون عدلاً ولكنه عاجز عن القيام بها وحده. فيضم إليه غيره.

     .أو يكون عدلا عاجزة عن القيام بالوصاية مطلقا، فيستبدل به غيره .

    أو يكون غير عدل، فللقاضي عزله وتنصيب آخر مكانه. .

    أو يكون عدلاً، ولكن تقدم الورثة بالشكوى منه فلا يعزله القاضي حتى تثبت خيانته .

     أو يكون عدلاً عند الوصاية ثم فسق بعد ذلك، أو كان عاقلا فجن، فيعزله القاضي ويولي غيره مكانه.

    وأما وصي القاضي فله عزله متى رأى المصلحة في ذلك.

    هل يجوز للوصي عزل نفسه ؟

    إذا قبل الوصاية في حال حياة الموصي فلا يحق له رفضها بعد وفاته، ويستثنى من ذلك :

    . أن يكون قد اشترط على الموصي أن يعزل نفسه متى شاء، وقبل الموصي. .

     .أن يدعي على الميت عينة، فيتهمة القاضي ويخرجه.

      .كثرة أشغاله وعجزه عن القيام بشؤون الوصاية ويتأكد القاضي من ذلك فيعزله.

     موقف القانون:

    نصت المادة (176) على أن للأب والجد اختيار وصية للقاصر والحمل، وتعرض الوصاية على المحكمة لتثبيتها.

    ونصت المادة (177) على أن المحكمة العليا تعيين وصية في حال لم يكن للقاصر والحمل وصي.

    ونصت المادة (178) على شروط الأوصياء في الفقرة الأولى منها، وهي: أن يكون عدة قادرة على القيام بالوصاية ذا أهلية كاملة وأن يكون من ملة القاصر.

    وهذه الشروط هي التي نص عليها الفقهاء، ونصت الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه لا يجوز أن يكون وصياً :

    . المحكوم عليه في جريمة سرقة أو تزوير أو إساءة الائتمان أو جريمة من الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة.

    . المحكوم بإفلاسه إلى أن يعاد اعتباره. .

    من قرر الأب أو الجد عند علمه حرمانه من التعيين قبل وفاته إذا ثبت ذلك ببينة خطية.

    . من كان بينه هو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه وبين القاصر نزاع قضائي أو خلاف عائلي يخشی منه على مصلحة القاصر.

    الوصي المؤقت:

    قد تقتضي مصلحة القاصر تعيين وصي مؤقت غير الوصي المختار أو المعين من قبل القاضي، فقد نصت المادة (188) ف1 على أنه إذا رأت المحكمة كف يد الوصي عينت وصية مؤقتة إلى حين زوال سبب الكف أو تعيين وصي جديد.

     

    ب . صلاحيات الأوصياء:

    – الوصي المختار:

    1- يتصرف في أموال القاصرين بكل ما كان نفعا محضة، كقبول التبرعات وقبض الديون وتحصيل الغلات.

     2- ويتصرف بما يحتمل النفع والضرر، كالإيجار بأموالهم وبيع منقولاتهم وشراء عقار أو منقول، وتأجير عقارتهم ومنقولاتهم، كل ذلك بمثل الفيمة أو بغبن يسير، إذا بذل جهده في النصح وتحقيق الفائدة.

     3- وله أن يبيع مال نفسه للقاصرين، وأن يشتري مالهم لنفسه بشرط أن يكون فيه نفع ظاهر لهم.

    4- وليس له أن يتصرف في أموالهم بما هو ضرر محض، أو ما يكون ضرره أكبر من نفعه، كالتبرع بأموالهم، والتنازل عن حقوقهم، والإقرار بحق غیر ثابت عليهم، وتأجير العقار أو بيعه بثمن فاحش.

    تصرفات وصي القاضي:

     أما وصي القاضي فهو كالوصي المختار، يتصرف في كل ما كان نفعا محضة للقاصرين.

    ويقوم بالإشراف على شؤونهم، ويعمل على حفظ أموالهم وتنميتها ؛ إلا في حالات معينة يختلف فيها عن الوصي المختار، وهذه هي:

    1- ليس لوصي القاضي أن يشتري لنفسه شيئا من مال القاصر، ولا أن يبيع شيئا، بخلاف الوصي المختار فإنه يجوز له ذلك إذا كان فيه منفعة ظاهرة للقاصر كما تقدم.

     2- وصي الميت لا يقبل التخصيص على رأي أبي حنيفة، أما وصي القاضي فيقبل التخصيص.

     3- ليس لوصي القاضي أن مال القاصر لمن لا تقبل شهادته للوصي، ولا أن يشتري منه شيئا،

    بخلاف الوصي المختار فإن له ذلك.

     4- ليس للقاضي سؤال وصي الميت عن مقدار التركة، ولا أن يتكلم معه في أمرها، بخلاف وصي القاضي..

     5- إذا أوصى وصي القاضي لآخر على تركته، لم يكن وصياً على التركتين بخلاف الوصي المختار

     6- وصي القاضي إذا كان موكلاً بالخصومة في عقار القاصر، فليس له قبضه إلا بإذن القاضي، إلا أن يكون قد وكله بالخصومة والقبض معا، أما الوصي المختار فإنه يملك القبض من غير إذن.

     7- ليس لوصي القاضي إيجار القاصر، أما الوصي المختار فله ذلك كما تقدم.

    ج. واجبات الأوصياء:

    نص القانون على واجبات الأوصياء في المواد التالية وهي: المادة (183) وفيها:

    – إذا رأى الوصي قبل بلوغ القاصر الثامنة عشرة أنه مجنون أو معتوه أو أنه لا يؤمن على أمواله إذا بلغ هذه السن، فعليه أن يخبر المحكمة عن ذلك بعريضة رسمية لتنظر في استمرار الوصاية عليه.

     – تبت المحكمة في ذلك بموجب وثيقة بعد سماع أقوال القاصرين وإجراء التحقيق والفحص الطبي. المادة (184) وفيها:

    – على الوصي أن يودع باسم القاصر في خزانة الدولة أو في مصرف توافق عليه المحكمة كل ما يحصله من نقوده وما ترى المحكمة لزوما لإيداعه من الأسناد والحلي وغيرها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمه إياها، ولا يسحب منها شيء إلا بإذن القاضي.

    – يرفع من هذه الأموال قبل إيداعها مصاريف الإدارة والنفقة المقررة لشهر واحد. المادة (185) وفيها:

    – على الوصي أن يقدم حساب سنويا مؤيدا بالمستندات وفقا للأحكام المقررة في هذا القانون.

    – للقاضي أن يعفي الوصي من تقديم الحساب إذا كانت أموال القاصر لا تزيد على خمسمائة ليرة سورية.

    المادة ( 186) وفيها: للمحكمة أن تلزم الوصي بتقديم كفالة تقدرها، وتكون مصاريفها على القاصر.

    المادة (187) وفيها: تكون الوصايا على أموال القاصر بغير أجر إلا إذا رأت المحكمة بناء على طلب الوصي أن تحدد له أجرة .

    والأصل فيها قوله تعالى: ( ومن كان غينيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) [ النساء: من الآية 6]،

    هذا النص يفيد أن الوصي إذا كان غنية وجب أن يقوم بالوصاية من غير أجر، وإن كان فقيرة يأخذ أجره بالمعروف، لكن المتأخرين أفتوا بالأجر مطلق غنية كان أو فقيرة إذا أبى إلا أن يأخذ الأجر وذلك المصلحة القاصر.

    د. انتهاء الوصاية وعزل الأوصياء:

     انتهاء الوصاية:

     تنتهي الوصاية كما نصت المادة ( 189 ) بمايأتي:

    – موت القاصر.

     – بلوغه ثماني عشرة سنة إلا إذا قررت المحكمة قبل بلوغه هذه السن استمرار الوصاية عليه أو بلغ مجنونة أو معتوه .

    – عودة الولاية للأب أو الجد.

    – انتهاء العمل أو انقضاء المدة التي حدد بها تعيين الوصي المؤقت.

     – قبول الاستقالة.

     –  زوال الأهلية.

     – عزله.

     عزل الوصي:

    نصت المادة (190) على أن الوصي يعزل في الحالات الآتية:

    – إذا تحقق فيه سبب من أسباب الحرمان من الوصاية المبينة في المادة (178).

     – إذا حكم عليه بالسجن خلال وصايته حكمة مبرمة عن جريمة أخرى لمدة سنة فأكثر، ويجوز للقاضي في هذه الحالة الاكتفاء بتعيين وصي مؤقت.

     – أذا رأت المحكمة في أعمال الوصي أو إهماله ما يهدد مصلحة القاصر، أو ظهرت في حسابه خيانة.

     – يكون العزل بوثيقة بعد التحقيق وسماع أقوال الوصي وطالب العزل.

     الناظر وصلاحياته:

    المادة (196): يجوز تعيين ناظر مع الوصي المختار أو مع وصي القاضي. المادة ( 197 ):

    1. يتولى الناظر مراقبة الوصي في أدارة شؤون القاصر، وعليه ابلاغ القاضي عن كل أمر تقضي مصلحة القاصر رفعة إليه.
    2. على الوصي اجابة الناظر إلى كل ما يطلبه من إيضاح عن أدارة أموال القاصر، وتمكينه من فحص الأوراق والمستندات الخاصة بهذه الأموال.

    المادة (198):

    1. إذا شغرت الوصاية وجب على الناظر فورة أن يطلب إلى المحكمة إقامة وصي جديد.
    2. إلى أن يباشر الوصي الجديد عمله يقوم الناظر من تلقاء نفسه بالأعمال التي يكون في تأجيلها ضرر

    المادة ( 199 ):

    1. يسري على الناظر فيما يتعلق بتعيينه وعزله وقبول استقالته وأجره على أعماله ومسؤوليته عن تقصيره ما يسري على الوصي من أحكام.
    2. ينتهي النظر بانتهاء الوصاية مع ملاحظة ما توجبه المادة السابقة.

     

  • القوامة و الوكالة القضائية عن الغائب والمفقود

     محامي-استشارة-قانونية

     أولا- القوامة

    تعريف القوامة :

    القوامة مصطلح قانوني يعني إدارة أموال المجانين والمعتوهين والسفهاء والمغفلين .

     والمكلف بذلك هو القيم، وهو في إدارة أموال هؤلاء بمثابة الولي والوصي في إدارة أموال القاصرين من حيث الشروط والصلاحيات والأحكام إلا في بعض الأحكام.

    ذكر بعض الفقهاء أنه إذا طرأت بعض عوارض الأهلية التي هي بمثابة أسباب القوامة، وهي: الجنون، والعته، والسفه، والغفلة بعد البلوغ والرشد فإن الولاية على المال تكون للقاضي ولمن يعينه القاضي قيمة عليه، بينما ذهب بعض الفقهاء الآخرين إلى أن الولاية تعود للأب أو للجد إذا كان السبب جنونا أو عتها، أما إذا كان السبب سفها أو غفلة فإن الولاية على المال تكون للقاضي ولمن يعينه القاضي قيمة عليه من جهتهه.

    وإذا كان السبب فيه قائمة قبل بلوغه، ثم استمر معه إلى ما بعد البلوغ، فإن الولاية على المال تستمر الأبيه وجده لدى الجمهور مادام السبب جنوناً أو عتها، أما إذا كان السبب سفها أو غفلة فإن الولاية على المال تستمر لأبيه وجده عند الشافعية وبعض الحنفية، بينما ذهب جمهور الحنفية إلى أن الولاية على المال تكون للقاضي ولمن يعينه القاضي قيمة عليه من جهته.

    أما قانون الأحوال الشخصية السوري فذهب إلى أن عوارض الأهلية من الجنون والعته والغفلة والسفه إذا كانت قبل البلوغ واستمرت بعده فإن الوصاية والولاية على المال تستمر للأب والجد، وهو موافق لجمهور الفقهاء. فقد نص القانون على ذلك في الفقرة (4) من المادة ( 163):

    “تنتهي الولاية ببلوغ القاصر ثماني عشرة سنة ما لم يحكم قبل ذلك باستمرار الولاية عليه لسبب من أسباب الحجر أو يبلغها معتوهة أو مجنونة فتستمر الولاية عليه من غير حكم”.

    وأما إذا طرأت هذه العوارض بعد البلوغ فإن الأمر يعود للقاضي، ولمن يعينه قيمة عليهم. وهذا ما نص عليه قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة(  200):

    1- المجنون والمعتوه محجوران لذاتهما، ويقام على كل منهما قيم بوثيقة.

    2- السفيه والمغفل يحجران قضاء، وتصرفاتهما قبل القضاء نافذة، ويقام على كل منهما قيم بقرار الحجر نفسه أو بوثيقة على حدة.

    3- السفيه هو الذي يبذر أمواله ويضعها في غير مواضعها بإنفاقه ما يعد من مثله تبذيرة.

     4- المغفل هو الذي تغلب عليه الغفلة في أخذه وعطائه، ولا يعرف أن يحتاط في معاملته لبلاهته.

    يلاحظ أن القانون عد المعتوه كالمجنون في تصرفاته ولم يفرق بين ما إذا كان مميزة أم غير مميز، لذلك فإن جميع أحكام المجنون من حيث الحجر وصحة التصرفات وبطلانها تنطبق على المعتوه.

     بينما ذهب بعض الحنفية إلى أن المعتوه إذا غلب على أمره فذهب عقله فإنه يعد مجنونة ويأخذ حينئذ حكم المجانين، والا يأخذ حكم الصبي المميز.

    ان السفيه: الذي يبذر أموله ولا يحسن التصرف فيها على مقتضى الشرع والعقل،

     والمغفل: الذي لا يعرض مصلحته في أثناء تصرفاته، فيغبين في المعاوضات.

     فالسفيه والمغفل عقلهم سليم ولكن ينقصهم حسن التدبير والتصرف. والعته مرض يستر العقل فيمنعه من الإدراك الصحيح، وهو نوع من الجنون يصحبه هدوء، وقد يكون معه تمييز فيأخذ صاحبه حکم الصبي المميز، وقد لا يكون مميزة فيأخذ حكم المجنون

    ثانياً- الوكالة القضائية عن الغائب والمفقود

    الوكيل القضائي هو النائب الشرعي عن المفقود والغائب لعجزهما عن التصرف بسبب الفقد والغيبة، فيشرف على أموالهما ويحافظ عليها. والفقهاء يحدون من تصرفات الوكيل القضائي ضمن حدود التصرفات الضرورية، لذلك يجيزون له حفظ الأموال وإدارتها دون استثمارها، وهذا بخلاف الولي والوصي .

    إن أحكام الوكيل القضائي من حيث شروطه وصلاحياته وتعيينه وعزله…إلخ يسري عليه فيها ما يسري على الوصي والقيم – إلا ما استثني بنص – في قانون الأحوال الشخصية السوري الذي تناول أحكام الوكالة القضائية عبرالمواد الآتية:

    المادة  202): المفقود هو كل شخص لا تعرف حياته أو مماته، أو تكون حياته محققة ولكنه لا يعرف له مكان.

    المادة: 203): يعتبر كالمفقود الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى مقامه، أو إدارة شؤونه بنفسه أو بوكيل عنه، مدة أكثر من سنة، وتعطلت بذلك مصالحه أو مصالح غیره.

    المادة: 204): إذا ترك المفقود وكيلا عامة تحكم المحكمة بتثبيته متى توافرت فيه الشروط الواجب توافرها في الوصي، والا عينت له وكيلا قضائيا.

    المادة: 205). 1- ينتهي الفقدان بعودة المفقود، أو بموته، أو بالحكم باعتباره ميت عند بلوغه الثمانين من العمر.

    2- ويحكم بموت المفقود بسبب العمليات الحربية، أو الحالات المماثلة المنصوص عليه في القوانين العسكرية النافذة، والتي يغلب عليه فيها الهلاك، وذلك بعد أربع سنوات من تاريخ فقدانه.

    المادة: 206): يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي من أحكام إلا ما يستثنی بنص صريح.

  • الولاية في الفقة الاسلامي والقانون السوري

    الولاية في الفقة الاسلامي والقانون السوري

    محامي, استشارة قانونية

    مر معنا في أثناء الحديث عن أهلية الأداء أن بعض الأفراد لم يكن لهم القدرة على رعاية شؤونهم وتصرفاتهم بأنفسهم – بسبب عدم بلوغهم السن الذي يؤهلهم، أو لعوارض طرأت عليهم أعجزتهم عن التصرف فيما يحتاجون إليه- يحتاجون إلى من يتولى شؤونهم، لذلك تأتي أهمية موضوع النيابة الشرعية الذي يشمل دراسة الولاية، والوصاية والقوامة والوكالة القضائية. وسنبحث هذه الموضوعات في هذا الفصل.

    وقد جاء في المادة:( 163) من قانون الأحوال الشخصية السوري:

    1. النيابة الشرعية عن الغير تكون إما ولاية، أو وصاية، أو قوامة أو وكالة قضائية.
    2. الولاية للأقارب من أب أو غيره، والوصاية على الأيتام، والقوامة على المجانين والمعتوهين والمغفلين والسفهاء، والوكالة القضائية عن المفقودين.

    3 – الوصاية والقوامة والوكالة القضائية عامة وخاصة ودائمة ومؤقتة.

    الولاية

     أولا-  مفهوم الولاية

    الولاية في اللغة بفتح الواو وكسرها: النصرة،والسلطة، قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ  وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ  أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 257] أي ناصرهم.

    والولاية في اصطلاح الفقهاء، هي:” سلطة شرعية يسوغ لصاحبها التصرف بالشيء محل الولاية تصرفا نافذا”.

    و بمعنى آخر: الولاية سلطة شرعية تمكن صاحبها من إنشاء العقود والتصرفات، وتترتب عليها الآثار الشرعية .

     أو هي: إنشاء العقود نيابة عن الغير بحكم الشرع.

    ويبدو عبر ما ذكرناه سابق عن أهلية الأداء الكاملة وآنفاً عن الولاية أن هناك فرق بينهما:

    1- أهلية التصرف (أهلية الأداء الكاملة): هي الولاية القاصرة على ذات الشخص المتصرف»، وهي تثبت للراشد العاقل، وبها يتمكن من إنشاء العقود النافذة غير الموقوفة على إجازة أحد.

    أما الولاية: فإن أثرها يتعدى إلى الغير، وهي شرط لنفاذ العقد وترتب آثاره الشرعية عليه. ثم إن الولاية لا تثبت إلا لكامل الأهلية، أما ناقص الأهلية؛ كالمميز والسفيه فلا ولاية له على غيره.

     ثانياً – أقسام الولاية

    تنقسم الولاية من حيث مصدرها إلى قسمين: ولاية قاصرة أو ولاية ملك، وولاية متعدية.

    1- الولاية القاصرة أو ولاية الملك:

    وهي ولاية كامل الأهلية البالغ العاقل على نفسه وماله.

    وهذه الولاية فرع عن الملك، ومرافقة له ما لم تكن أهلية الملك ناقصة، فإذا كانت كذلك لعارض من العوارض التي ذكرناها، أو كان المالك صغيرة (لم يبلغ بعد الأهلية الكاملة) فإنها تنزع منه هذه الولاية عن ملکه ونفسه كلية أو جزئية بحسب النقص الذي طرأ على أهليته، أو لم تثبت له أصلا كليا أو جزئية إذا كان بعد صغيرة سواء أكان مميزة أم غير مميز.

     وإن مصدر ولاية الملك حقيقة هو( الله تعالى) المشرع؛ لأنه استودع الناس واستخلفهم على ما في أيديهم، قال تعالى:

    ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) [ الحديد، الآية7].

    لذلك أطلق الله  يد الإنسان على ما عنده من أموال واستخلفه فيها مادام بالغ عاقلا، وجعله والياً عليها مالم يصب بعارض من عوارض الأهلية، فإذا ما أصيب بذلك فإن الله تعالى يسترد سلطته على ماله ونفسه وحينئذ يفوض الله تعالى هذه السلطة إلى الغير.

    2- الولاية المتعدية :

     و تعطي صاحبها حق التصرف على غيره، حيث تتعدى المالك إلى غيره، وهي نوعان حسب مصدرها المباشر:

    فإذا كان مصدرها المباشر المالك فتسمى وكالة، ومحل دراستها فقه المعاملات.

    وإذا كان مصدرها المباشر المشرع  تسمی: نيابة شرعية، وهي محل دراستنا.

     وتنقسم النيابة الشرعية من حيث سببها إلى قسمين:

    1- ولاية قرابة:

    سبب هذه الولاية هو القرابة؛ كولاية الأب على أولاده القاصرين ، وولاية الأخ على إخوته القاصرين… إلخ، ويدخل في هذه الولاية ولاية من ولاه القريب؛ كولاية وصي الأب ووصي الجد… إلخ.

     ومستند هذه الولاية قوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . [البقرة: 282].

    2- ولاية السلطة العامة:

     وهي للحاكم الذي تثبت ولايته على كل قاصر أو ناقص الأهلية إذا لم يكن هنالك ولي قرابة مستحق للولاية عليه.

    وينوب عن الحاكم في هذه الولاية القاضي الذي هو ولي من لا ولي له، فولاية القاضي فرع عن ولاية الحاكم.

     وبينت المادة (24) من القانون السوري بمنطوقها :أن “القاضي ولي من لا ولي له”.

     ومستند هذه الولاية حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : { السلطان ولي من لا ولي له }.

    وتنقسم ولاية القرابة وولاية السلطة العامة من حيث موضوعها إلى قسمين :ولاية على النفس وولاية على المال.

    أ- الولاية على النفس:

    سلطة يملكها الولي، وتخوله الحق بتدبير شؤون القاصر المتعلقة بنفسه؛ كتربيته أخلاقية وعقلية ونفسية واجتماعية، ورعايته الصحية، وتعليمه، والإشراف على تزويجه…إلخ.

    ترتيب الأولياء على النفس :

    تثبت هذه الولاية للأب ثم للجد العصبي ثم لأقربائه من العصبات. فالمقدم هو الأب، ثم الجد العصبي، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ من الأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ من الأب، ثم العم الشقيق، ثم العم أخو الأب من أبيه، ثم أبناؤهما وهكذا.

     وقد أخذ القانون السوري برأي الجمهور فقصر الولاية على النفس على العصبات عبر المادة (21) فقال:” الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرمة”. وجاء ترتيب هؤلاء في (المادة 275) : العصوبة بالنفس جهات أربع مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:

    1- البنوة، وتشمل الأبناء، وأبناء الابن وإن نزل.

     2- الأبوة، وتشمل الأب والجد العصبي وإن علا.

     3- الأخوة، وتشمل الإخوة لأبوين والإخوة لأب وأبناءهما وإن نزلوا.

     4- العمومة، وتشمل أعمام الميت لأبوين أو لأب، وأعمام جده العصبي إن علاء وأبناء من ذكروا وإن نزلوا.

    وهذه بعض المواد التي جاءت في قانون الأحوال الشخصية السوري المتعلقة بالولاية على النفس: (المادة170):

    1. للأب، ثم للجد العصبي، ولاية على نفس القاصر وماله، وهما ملتزمان بالقيام بها.
    2. لغيرهما من الأقارب بحسب الترتيب المبين في المادة:( 21) ولاية على نفسه دون ماله.
    3. يدخل في الولاية النفسية سلطة التأديب والتطبيب والتعليم، والتوجيه إلى حرفة اكتسابية، والموافقة على التزويج، وسائر أمور العناية بشخص القاصر.

     4- يعتبر امتناع الولي عن إتمام تعليم الصغير حتى نهاية المرحلة الإلزامية سببة لإسقاط ولايته، وتعتبر معارضة الحاضنة أو تقصيرها في تنفيذ ذلك سببا مسقط لحضانتها .

     المادة171): إذا اشترط المتبرع بمال للقاصر عدم تصرف وليه به عن المحكمة وصية خاصة على هذا المال.

    ب- الولاية على المال:

     سلطة تمنح الولي التصرف في شؤون القاصر المالية، عبر الإشراف عليها وإدارتها، وحفظها وتنميتها، والإنفاق من أموال القاصرين عليهم بما تقتضيه مصلحتهم وحاجاتهم.

     و تصح تصرفات الولي نيابة عن المولى عليه، معاملة ومعاوضة؛ كالبيع أو شراء أو الإجارة أو الوكالة…إلخ مادامت تصرفات الولي في حدود المعتاد وفي مصلحة المولى عليه على تفصيل عند الفقهاء في بعض التصرفات

    وقد تجتمع ولاية النفس وولاية المال في بعض الأشخاص، وهم الأب والجد والحاكم.

    – ترتيب الأولياء على المال:

    يقدم في ولاية المال الأب، ثم الجد، ثم وصي الأب، ثم وصي الجد، ثم القاضي، ثم وصيه.

    – وقد يقدم بعض الفقهاء ؛ كالحنفية وصي الأب على الجد ووصي الجد على القاضي – وهذا المعمول به في قانون الأحوال الشخصية السوري الذي نص في الفقرة الأولى من المادة (170)

    على أن ” للأب ثم للجد العصبي ولاية على نفس القاصر وماله، وهما ملزمان بالقيام بها”.

    وقد أكد ذلك القانون في المادة (172) بأنه للأب والجد الولاية على وضع اليد على مال القاصر على ألا يكون الغيرهما هذا الحق.

     غير أن القانون السوري عاد فبين جواز وصاية الأب والجد في الفقرة الأولى من المادة (176) بقوله: يجوز للأب وللجد عند فقدان الأب أن يقيم وصية مختارة لولده القاصر أو الحمل وله أن يرجع عن إيصائه”.

     وهذه بعض المواد التي جاءت في قانون الأحوال الشخصية السوري المتعلقة بالولاية على المال:

     المادة:172):

    1. للأب وللجد العصبي . عند عدمه . دون غيرهما ولاية على مال القاصر حفظة وتصرفا واستثمارة.
    2. لا ينزع مال القاصر من يد الأب والجد العصبي ما لم تثبت خيانته أو سوء تصرفاته فيه، وليس لأحدهما التبرع بمال القاصر أو بمنافعه أصلا، ولا بيع عقاره أو رهنه إلا بإذن القاضي بعد تحقق المسوغ.

     المادة: 173):

    إذا أصبحت أموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو لأي سبب آخر، أو خيف عليها منه، فللمحكمة أن تنزع ولايته أو تحد منها.

    ويجوز للقاضي أن يعهد إلى حاضنة القاصر ببعض أعمال الولي الشرعي إذا تحقق له أن مصلحة القاصر تقضي بذلك، وبعد سماع أقوال الولي.

     المادة 174):

    تقف الولاية إذا اعتبر الولي مفقودة، أو حجر عليه، أو اعتقل، وتعرضت باعتقاله مصلحة القاصر للضياع، ويعين للقاصر وصي مؤقت إذا لم يكن له ولي أخر.

     المادة175):

    تعين المحكمة وصياً خاصاً عند تعارض مصلحة القاصر مع مصلحة وليه، أو عند تعارض مصالح القاصرين بعضها مع بعض.

    شروط الولي على المال:

     هناك شروط عدة ذكرها الفقهاء في الولي على المال يمكن بيانها في الجملة في ما يأتي :

    1- أن يكون كامل الأهلية، أي: أهلية الأداء الكاملة، ويكون ذلك بالبلوغ والعقل، وناقص الأهلية ليس له ولاية على نفسه، فلا تكون له ولاية على غيره.

     2- الرشد: وهو حسن التصرف بالمال، وأضاف الشافعية: الرشد الديني.

     3- العدالة الظاهرة :وهي صفة في النفس تحمل صاحبها على تقوى الله تعالى التي تقتضي اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر.

     فإن زالت عدالة الولي الظاهرة عبر ظهور فسق عزله القاضي، ونزع الولاية منها، وكذا ينعزل القاضي عن الولاية إذا زالت عدالته وإمامته وظهر فسقه.

    4- أن لا يكون محجورة عليه لسفه وتبذير؛ لأن المحجور عليه ليس له ولاية على أمور نفسه فلا يلي أمور غيره.

     5- أن يكون متحد الدين مع من هو تحت ولايته؛ كالقاصر والسفيه ونحوه، فلو كان الأب غير مسلم فلا يلي أمور ابنه المسلم، لأنه لا ولاية لغير المسلم على المسلم.

     6- الحرية: فلا ولاية لعبد.

    واجبات الولي و حقوقه:

     1- حفظ المال:

    جعل العلماء حفظ مال القاصر من واجبات الولي التي يعاقب على التقصير فيها، لذلك أذنوا له بكل الوسائل المشروعة التي من شأنها المحافظة على مال القاصر؛ كوضع ماله في مكان أمين، واستئجار حارس لحفظه عند الحاجة وتكون الأجرة حينئذ من مال القاصر وليس من مال الولي… إلخ.

     والولي أمين على هذا المال، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير، ولذا عليه أن يصونه، وقد حذر القرآن من أكل أموال اليتامى إذ قال: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا  [النساء: 10].

    ويقاس على اليتامى غيرهم ممن يحجر عليهم في التصرفات المالية ويكونون تحت رعاية غيرهم من ولي أو وصي.

     2- تنمية المال وتثميره:

     تثمير مال القاصر حق للولي وليس واجبة عليه؛ لأن الاستثمار يحتاج إلى خبرة، وقد لا تكون متيسرة في الولي، ثم إن التثمير في حقيقته تعريض المال للخطر لذلك لا يمكن جعله واجبة على الولي، فإذا وجد الولي في نفسه القدرة على الاستثمار، وكان في ذلك مصلحة لمن تحت ولايته فله أن يستثمر هذا المال بالطرق الشرعية؛ كالمشاركة والمضاربة، والإجارة…إلخ.

    ومستند جواز التثمير قول النبي : «ابتغوا في أموال اليتامى حتى لا تذهبها . أو : لا تستهلكها . الصدقة».

     أي تاجروا في أموالهم واطلبوا لهم الربح فيها، حتى تؤدوا الزكاة من الربح، ولا يذهب أصل المال بأدائها.

    وقد نص قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (172) على ضرورة حفظ الولي مال من هو تحت ولايته وتنميته فقال: “للأب وللجد العصبي . عند عدمه . دون غيرهما ولاية على مال القاصر حفظاً وتصرفاً واستثماراً”.

     3- أن ينفق على من تحت ولايته من ماله حسب الحاجة، من غير إسراف ولا تقتير، حتى لا يضيع هؤلاء.

     قال تعالى : و ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وازقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا [النساء: 5].

    التبرع بمال القاصرين و الانتفاع به:

    ليس لمن ولي قاصراً أن يتبرع بشيء من ماله ولو لوجوه الخير؛ لأنه تصرف مضر ضررة محضة بالقاصر، وهذا موضع اتفاق لدى جميع الفقهاء. وقد جاء نص القانون متفقا مع رأي الفقهاء في هذا الموضوع.

    وأما انتفاع الولي بمال من تحت ولايته لنفسه :

     فإن كان أبا أو جداً، وكان مستغنياً بماله، فليس له أن يأخذ شيئا من مال من تحت ولايته، لأن من واجبه أن يرعى مصالحه، عملا بقوله : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (19).

    فإن كان الأب أو الجد غير مستغن بماله ومحتاجة إلى النفقة جاز له أن يأخذ من مال من تحت ولايته قدر كفايته من غير إسراف ولا تقتير، ويكون ذلك من قبيل نفقة الفروع على الأصول ، الا من قبيل الأجرة على الولاية.

    دل على ذلك قوله تعالى: ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ) [النساء: 6].

  • الأهلية في الفقه الاسلامي و القانون السوري

    الأهلية في الفقه الاسلامي و القانون السوري

    محامي, استشارة قانونية

     

    مفهوم الأهلية وأقسامها

     أولا – مفهوم الأهلية:

    الأهلية في اللغة:

    تأتي بمعنى الاستحقاق، قال تعالى:

    ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الفتح: 26].

     وتأتي بمعنى الاستئناس، يقال: تأهل، إذا تزوج، لأنه يستأنس بزوجه، ومن هنا سميت الزوجة أهلاً .

     قال تعالى على لسان امرأة العزيز :

    (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [یوسف: 25].

     وتأتي بمعنى الاستيطان، فيقال: فلان من أهل هذا البلد، أي من المستوطنين فيه .

    والأهلية في الاصطلاح الشرعي :

     (صفة في الإنسان تجعله صالحاً لأن تثبت له حقوق أو عليه، أو أن يخاطب بالتكليف) .

     

    ثانيا – أقسام الأهلية:

     تنقسم الأهلية إلى قسمين: أهلية وجوب، وأهلية أداء:

    أ- أهلية الوجوب:

    وهي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه .

     ومناطها الحياة الإنسانية،، فإذا ما وجد الإنسان فإن هذه الأهلية تثبت له من غير نظر إلى سن أو عقل.

    وأهلية الوجوب قسمان: أهلية وجوب ناقصة، وأهلية وجوب كاملة.

    1- أهلية الوجوب الناقصة:

    وتعني صلاحية الإنسان وهو في طور الاجتتان (الجنين) لثبوت بعض الحقوق له ؛ كالإرث، والوصية، والنسب ، والوقف عليه، مع عدم ثبوت عليه شيء من الالتزامات.

    فالجنين منذ تأكد حياته في بطن أمه إلى حين ولادته حياً أهل لثبوت تلك الحقوق له، وليس أهلا لثبوت الحق عليه، فلا يصح أن يشتري له أبوه شيئاً.

    2- أهلية الوجوب الكاملة:

    وهي صلاحية الإنسان لثبوت الحقوق له وعليه، بحيث تطالب ذمته بالالتزامات المالية.

    وهي تثبت للإنسان بمجرد ولادته حياً لصيرورته نفس مستقلة من كل وجه، فيصير بذلك أهلا للوجوب له وعليه، إذ تثبت له بقية الحقوق؛ كحق التملك والنفقة… إلخ.

     وتترتب عليه الالتزامات المالية التي فيها معنى التعويض؛ كضمان قيمة المتلفات التي أتلفها لغيره، والالتزامات المالية نحو الغير مما ليس فيه معنى العقوبة ولا التعويض؛ كضمان أجرة العقار المستأجر له، أو ثمن المبيع المشترى له .

    ب – أهلية الأداء:

    عرفها الحنفية بأنها: «صلاحية الإنسان لصدور الفعل منه على وجه يعتد به شرعأ»

    وبمعنى آخر هي صفة يصبح بها الشخص أهلاً لأن يتصرف تصرفاً معتبراً شرعاً، تترتب عليه آثاره الشرعية، وتتعلق به الأحكام الشرعية؛ كالوجوب والندب والصحة والبطلان.

    – وهذه الأهلية تبني على قدرتين:

     الأولى: فهم خطاب المشرع: «وتكون بالعقل».

     الثانية: القدرة على العمل بمقتضى الخطاب.

    • وتنقسم أهلية الأداء إلى قسمين: أهلية الأداء الناقصة، و أهلية الأداء الكاملة.

    1- أهلية الأداء الناقصة:

    وهي تثبت لمن حصلت له إحدى هاتين القدرتين.

     وهي صلاحية القاصر عن فهم الخطاب أو العمل به لصدور بعض التصرفات منه على وجه يعتد به شرعأ، دون تعلق الخطاب التكليفي والمؤاخذة به.

     وهي تثبت للإنسان من سن التمييز إلى ما قبيل البلوغ.

     والغالب أن يكون التمييز في السابعة من العمر، دل على ذلك قوله : {مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع }.

     وهذا الأمر ليس للوجوب، وإنما هو للندب ليعتاد الصلاة، فإذا بلغ وصارت الصلاة وغيرها من العبادات واجبة عليه كان من السهل عليه الإتيان بها.

    وتثبت للصبي المميز عند الحنفية أهلية الأداء الناقصة، وقد قسموا تصرفاته المالية وعقوده إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: تصرفات نافعة نفعا محضة.

    وهذه التصرفات هي التي تؤدي إلى تملك الصغير للمال أو المنافع الأعيان دون مقابل أو عوض دنيوي .

    ومثاله: قبول الهبة والهدية والوقف وقبضها، فهذه التصرفات تصح من المميز بدون إذن وليه، وعليه نصت مجلة الأحكام العدلية.

    ولا يصح تصرف الصبي مطلقاً عند الشافعية .

    القسم الثاني: التصرفات الضارة بالصغير ضرراً محضاً «في الدنيا»..

     وهذه التصرفات هي التصرفات التي يترتب عليها خروج شيء من مال الصغير عن ملكه، أو ضياع الانتفاع به دون مقابل أو عوض دنيوي؛ كالتبرعات مثل الهبة، والصدقة، والقرض… إلخ.

    فهذه التصرفات لا تصح من الصغير ولو أذن له ولية، بل لا يجوز للولي أن يأذن بها ؛ لأن تصرفات الولي منوطة بالمصلحة، وهذه التصرفات لا تصح من الصغير؛ لأنه ليس أهلا للتبرع، وفيها ضرر مالي يعود عليه.

    القسم الثالث: التصرفات المترددة بين النفع والضرر:

    وهذه التصرفات تكون في المعاوضات المالية التي تحتمل الربح والخسارة؛ كالبيع، والإجارة…الخ.

    وحكم هذه التصرفات إن صدرت من المميز أنها تنعقد صحيحة، ولكنها موقوفة النفاذ على إجازة الولي، أو من يقوم مقامه؛ كالوصي، فإن أجازها وأذن بها نفذت والا بطلت.

    وسبب انعقاد التصرف صحيحة من المميز في هذا القسم هو وجود أهلية الأداء عنده، وسبب عدم نفاذه كون أهلية الأداء ناقصة .

    وينبغي التنبيه إلى أن المقصود بالضرر في القسمين الثاني والثالث هو الضرر المالي فقط دون النظر إلى مسألة الأجر والثواب، فالصدقة من مال الصغير المميز تعد ضررة محضة؛ لأنها تمليك بلا عوض مقابل، ولا ينظر إلى ما في هذه الصدقة من الأجر والثواب الذي يمكن أن يحصل عليه.

    – أحكام تصرفات الصغير في قانون الأحوال الشخصية السوري

    سمى قانون الأحوال الشخصية الصغير بالقاصر وفصل في أحكام تصرفاته عبر المواد الآتية:

    المادة 162:

    القاصر هو من لم يبلغ سن الرشد، وهو ثماني عشرة سنة كاملة.

     المادة 164:

    1- ليس للقاصر أن يتسلم أمواله قبل بلوغه سن الرشد.

    2- للقاضي أن يأذن له بعد بلوغه الخامسة عشرة وسماع أقوال الوصي بتسلم جانب من هذه الأموال لإدارتها.

    3- إذا رد القاضي طلب الإذن فلا يجوز له تجديده قبل مضي سنة من تاريخ قرار الرد.

    المادة 165:

     1- للقاصر المأذون مباشرة أعمال الإدارة وما يتفرع عنها، كبيع الحاصلات وشراء الأدوات.

     2- لا يجوز له بغير موافقة القاضي مزاولة التجارة، ولا عقد الإجارة لمدة تزيد عن سنة، ولا أن يستوفي حقاً أو يوفي ديناً لا يتعلق بأعمال الإدارة.

     3- لا يجوز له استهلاك شيء من صافي دخله إلا القدر اللازم لنفقته ونفقة من تلزمه نفقتهم قانوناً.

    المادة 166:

     يعتبر القاصر المأذون كامل الأهلية فيما أذن له به وفي التقاضي فيه.

     المادة 167:

    1- على المأذون له بالإدارة أن يقدم للقاضي حسابة سنوية.

    2- يأخذ القاضي عند النظر في الحساب رأي الولي أو الوصي، وله أن يأمر بإيداع المتوفر من الدخل خزانة الحكومة أو مصرف يختاره.

    3- ولا يجوز سحب شيء من الأموال المودعة بأمر القاضي إلا بإذن منه.

    المادة 168:

    اللقاضي عند اللزوم الحد من الإذن الممنوح للقاصر أو سلبه إياه، وذلك من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب مدير الأيتام أو أحد ذوي العلاقة.

    المادة 169:

     1- للقاصر متى بلغ الثالثة عشرة الحق في أن يتولى إدارة ماله الذي كسبه من عمله الخاص.

    2- لا يكون القاصر ضامناً لديونه الناشئة عن هذه الإدارة إلا بقدر ذلك المال.

     

    2- أهلية الأداء الكاملة:

    وهي: صلاحية البالغ العاقل لصدور التصرفات منه على وجه يعتد به شرعاً، مع المؤاخذة إن قصر في أداء التصرفات الواجبة التي كلف بها بمقتضى خطاب المشرع.

     فإذا بلغ الإنسان رشید صار أهلا لممارسة جميع التصرفات الشرعية، سواء المتعلقة بالالتزامات المالية – كالبيع والإجارة…إلخ التي تعد صحيحة نافذة منذ صدورها، ولا تتوقف على إجازة أحد إذا توافرت شروطها الشرعية والواجبات الدينية التي تجب عليه، ولا يجوز له تركها؛ كالصلاة…الخ.

    وهذه الأهلية تؤهل الإنسان لممارسة كل التصرفات المشروعة، وتترتب عليها آثارها المعتبرة شرعاً، ويتوجه إليه التكليف بكل وجوهه. و تثبت للإنسان ببلوغه عاقلا راشداً.

    والأصل في البلوغ أن يكون بعلامة طبيعية، وهي نزول المني لدى الذكر، والحيض لدى الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

    ( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) .

    وقوله : ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) .

    والمراد بالحائض الأنثى التي من شأنها أن تحيض. والخمار: ما يغطى به الرأس.

    وإذا لم تحدث هذه العلامة فإنه يحكم عليه بالبلوغ إذا بلغ سنة معينة، وهي عند الجمهور إذا أتم خمسة عشر عاماً، ذكرا كان أو أنثى، وعند أبي حنيفة: إذا أتمت الأنثى سبعة عشر عاماً، والذكر ثمانية عشر عاماً.

     وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية، فقد جاء في المادة(162):

     “القاصر هو من لم يبلغ سن الرشد، وهو ثماني عشرة سنة كاملة”.

    وأما الرشد: فقد اختلف العلماء في معناه:

    فذهب الجمهور: إلى أن المراد به صلاح الإنسان في أمور المال فقط، وهو قول جمهور المفسرين، ومنهم ابن عباس.

    . وذهب الشافعية: إلى أن الرشد يكون بصلاح المال والدين معاً، وهو قول بعض المفسرين وبعض الحنفية والمالكية.

    والمقصود بصلاحه في المال أن يحسن التصرف فيه والمحافظة عليه فلا يبذره، ولا ينفقه فيما لا يحل من المحرمات، ولا يضيعه في المعاملات والعقود التي يغبن فيها غبن فاحشاً دائماً، وأضاف المالكية شرطة بأن يكون قادرة على تنمية المال وتثميره.

    فإن يظهر منهم حسن التصرف بالمال والاستقامة في السلوك، تصح تصرفاتهم وتدفع إليه أموالهم،؛ لأن دفع المال إليهم بعد ثبوت رشدهم دليل على إذن المشرع لهم في التصرف عملاً بقوله تعالى:

    (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ  وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ  وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا) [النساء: 6].

    وقد بين قانون الأحوال الشخصية السوري زمن دفع المال للقاصر في المادة 164:

     1- ليس للقاصر أن يتسلم أمواله قبل بلوغه سن الرشد.

    2- للقاضي أن يأذن له بعد بلوغه الخامسة عشرة وسماع أقوال الوصي بتسلم جانب من هذه الأموال لإدارتها.

    3- إذا رد القاضي طلب الإذن فلا يجوز له تجديده قبل مضي سنة من تاريخ قرار الرد.

    مفهوم عوارض الأهلية وأنواعها

     العوارض جمع عارض، من عرض إذا ظهر، واعترض الشيء: صار عارضاً، كالخشبة المعترضة في النهر، يقال: اعترض الشيء دون الشيء، أي حال دونه.

    و عوارض الأهلية: أحوال تطرأ للإنسان، فتنافي أهليته في الجملة، فتنقصها، أو تزيلها أحيان ؛ كالموت الذي يزيل أهلية الوجوب والأداء، والإغماء الذي يزيل أهلية الأداء، أو تغير بعض الأحكام مع بقاء أهلية الوجوب والأداء السفر والجهل.

     أنواع العوارض :

    تتأثر أهلية الأداء بعوارض عدة قسمها أكثر العلماء إلى عوارض سماوية، وعوارض مكتسبة، فالعوارض السماوية هي التي تثبت من قبل الله تعالى ولا إرادة للإنسان في وقوعها أو اختيارها، وهي إحدى عشرة؛ الجنون، والعته، والإغماء، والنوم، والمرض، والرق، والصغر، والحيض، والنفاس، والنسيان، والموت.

     أما العوارض المكتسبة فهي التي تنشأ باختيار الإنسان وكسبه وعمل يده، وهي سبعة؛ السكر، والهزل، والجهل، والخطأ، والسفر، والإكراه، والسفه.

    ويمكن تقسيم عوارض الأهلية إلى ثلاثة أنواع :

    النوع الأول: عوارض تزيل الأهلية تماماً وهي:

    1- الموت

     2- الجنون

    3 – النوم

    4- الإغماء

    5- السكر

     النوع الثاني :

    عوارض تنقص الأهلية ولا تزيلها وهي:

     1- العته

    2- الصغر مع التمييز

     3-  السّفه

     النوع الثالث:عوارض لا تنقص الأهلية، ولكنها تغيير بعض الأحكام وهي:

     1- الدين مع التفليس

    2- مرض الموت

     3- النسيان

    4- الحيض والنفاس

     5- الجهل

    6- الهزل

    7-الخطأ

    8-الإكراه

    9- السفر

     

    العوارض التي تزيل الأهلية

    أولا- الموت

    يعد الموت أهم عوارض الأهلية، إذ إنه ينافي أهلية الوجوب والأداء ويهدمهما فلا يبقى في ذمة الميت شيء غير ما كان متعلق بأعيان قائمة؛ كالودائع والمغصوبات، أو متعلقا بمال ترکه؛ كالديون والوصايا، وحقه في التجهيز والتكفين .

    ثانيا- الجنون

    وهو اختلال يصيب العقل يمنع صاحبه من جريان أفعاله وأقواله على نهج طبيعي إلا نادراً، ويفقد معه الإدراك والتمييز بين الأمور الحسنة والقبيحة، وهو مسقط لأهلية الأداء، ولا تصح معه التصرفات والعقود لارتفاع خطاب التكليف عن المجنون وزوال أهليته، فلا يعتد بأقواله أو أفعاله، وتعد حينئذ تصرفاته باطلة؛ كتصرفات الصبي غير المميز .

    والجنون تسقط به العبادات ، والتكاليف الشرعية ما دام قائماً.

    ولا تسقط عن المجنون حقوق العباد؛ كالدية، وضمان المتلفات، لعدم زوال أهلية الوجوب القائمة على الذمة؛ إذ هي متعلقة بالحياة .

    والجنون نوعان:  ممتد (مطبق) وقاصر (متقطع)

     أما الممتد فهو الجنون المتصل، سواء أكان أصلياً بأن جن منذ عهد الصغر، أم كان عارضاً بأن جن بعد البلوغ، وهذا الجنون يسقط التكاليف حال الامتداد.

    وأما القاصر فهو الذي يغيب وقتاً ويحضر وقتاً، فعندما يعود إلى المجنون عقله تلزمه التكاليف الشرعية كالعاقل تماماً، وعندما يعود إليه جنونه فإنه يأخذ حكم المجنون الممتد جنونه .

    ثالثا- النوم

    وهو حالة طبيعية طارئة، يتوقف العقل والإدراك عن العمل أثناءها لمدة محدودة .

     والنوم عارض يمنع فهم الخطاب، ولا يسقط أهلية الوجوب، ولكنه يقتضي تأخير مطالبة النائم بالأحكام حتى يستيقظ .

    ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها } .

    والنائم يفقد أهلية الأداء مؤقتاً حال نومه، فلا يعتد بتصرفاته وعقود؛ كالبيع والشراء وغيرها مطلقة لو صدرت حال نومه، ولا يترتب عليها أي أثر .

    ويكون للنائم وقت النوم من الأهلية والأحكام مثل ما للمجنون والصبي غير المميز.

    رابعا- الإغماء

    وهو حالة طارئة غير طبيعية تفقد الشخص عقله وإدراكه لمدة معينة.

    والإغماء كالنوم من حيث الأثر الجسمي والحكم الشرعي، ولكن الخلاف بينهما أن النوم عارض غريزي فطري عادي متكرر، بخلاف الإغماء فهو عارض مرضي غير عادي.

    وبناء على ذلك فإن أهلية الأداء تنعدم نهائية حال الإغماء، فلا تصح جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته وعقود؛ فيما لو صدرت حال الإغماء، وتبقى أهلية الوجوب الكاملة فيتحمل أثر التصرفات المادية؛ كالضمان .

    خامسا- السكر

     السكر تعطل العقل وزواله بسبب تناول مادة مسكرة؛ كالخمر ونحوه.

    والأصل زوال أهلية الأداء (التصرف) بزوال العقل، غير أن الفقهاء تفصيلاً في هذه المسألة، فقد فرقوا بين نوعين من أنواع السكر.

    الأول: السكر بمباح:

    أو بمعفو عنه؛ كمن شرب دواء مباح فسكر، أو سكر مكرها ومضطرا بأن غص في الطعام ولم يجد ماء، أو خطأ بأن شرب مسكرة ظنه ماء أو شرابة، فهذا السكر يعده الفقهاء مزيلاً لأهلية الأداء (التعاقد) فلا تصح التصرفات والعقود الصادرة عن السكران في هذه الحالة.

    ويمكن أن يلحق به أيضاً السكر الناشئ عن تناول البنج في العمليات الجراحية وغيرها عند الحاجة.

    الثاني: السكر بمحرم عمداً :

     فإذا شرب مسكرة وهو يعلم أنه مسكر محرم، وكان شربه حال الاختيار عمداً، فهل تزول أهلية التصرف عنه؟

    – ذهب المالكية والحنابلة وبعض الحنفية إلى زوال أهلية التصرف، وعدم صحة تصرفات السكران لزوال العقل، واستثنى المالكية والحنابلة الطلاق فقالوا بوقوعه من السكران المتعدي بسكره «أي من سكر بحرام». .

    – وذهب الشافعية إلى زوال أهلية التصرف، ولكنهم قالوا بصحة تصرفاته وعقوده زجرا له.

    – وذهب الحنفية إلى أن أهلية التصرف (الأداء) لا تزول عن السكران المتعدي بسكره «أي من سكر بحرام» فتصح جميع تصرفاته وعقوده.

      ويمكن أن يقاس على مسألة السكر تناول ما يذهب العقل ؛ كالمخدرات والحشيشة التي اتفق العلماء على تحريمها.

    فإن تعاطاها على وجه محرم فإنه ينبغي أن يجري فيه نفس الخلاف.فلا تصح تصرفاته عند المالكية والحنابلة، ويستثنى من ذلك الطلاق.وتصح تصرفاته وعقودير جميعا عند الحنفية والشافعية.

    أما إذا تعاطاها على وجه مباح؛ كالبنج في العمليات الجراحية فينبغي القول بزوال أهلية التصرف، وعدم صحة جميع التصرفات والعقود الصادرة منه.

    العوارض التي تنقص الأهلية

    أولاً- الصغر مع التمييز:

    وقد سبق الكلام عنه أثناء الحديث عن الأهلية.

     ثانياً – العته:

    عرفه الجرجاني بأنه “افة ناشئة عن الذات توجب خللاً في العقل، فيصير صاحبه مختلط العقل، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء وبعضه كلام المجانين، وكذا سائر أموره” (39).

    وقيل : المعتوه من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير، إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون .

    أما حكم المعتوه من حيث أهلية التصرف ( الأداء) فهو كأهلية الصبي العاقل المميز، إذا كان المعتوه مميزاً، فيثبت له أهلية أداء ناقصة، تبيح له التصرف فيما هو نافع له نفعاً محضاً، وتصځ تصرفاته فيما هو متردد بين النفع والضرر إذا أذن له الولي، ولا تصح منه التصرفات الضارة ضررة محض؛ كالتبرعات، وقد سبق تفصيل ذلك عند بيان حكم التصرفات والعقود الصادرة عن الصبي المميز.

     أما إذا كان المعتوه غیر مميز، وغلب على أمره، فذهب عقله، فإنه يعد مجنونة، وتأخذ تصرفاته حينئذ حكم تصرفات المجانين، فتكون باطلة.

     وهذا التفريق بين المعتوه المميز وغير المميز ذكره بعض الحنفية، وهو تفريق حسن.

    أما القانون فقد عد المعتوه كالمجنون في تصرفاته ولم يفرق بين ما إذا كان مميزا أم غير مميز، لذلك فإن جميع أحكام المجنون من حيث الحجر وصحة التصرفات وبطلانها تنطبق على المعتوه.

    ثالثاً- السفة:

     السفة في اللغة: يطلق بمعنى الخفة والحركة ، يقال سفهت الرياح الثوب إذا استخفته وحركته.

    والسفه اصطلاحا: عرفه الجرجاني: بأنه” خقه تعرض للإنسان من الفرح والغضب، فيحمله على العمل بخلاف طور العقل وموجب الشرع”.

    والسفه هو التصرف بالمال على غير وفق العقل والشرع، وذلك كالتبذير والإسراف في المباحات، أو التبذير والإسراف في الطاعات المالية.

     والسفيه من يسيء في استعمال حقوقه، وينفق المال في غير موضعه على خلاف هدي العقل والشرع.

    – حكم السفيه وهل يحجر عليه، والحجر بمعنى المنع من التصرفات القولية؟

     الفقهاء في هذه المسألة قولان :

     القول الأول: للإمام أبي حنيفة وهو: أن السفة لا يؤثر في الأهلية، فلا يحجر على السفيه إلا في حالة ما إذا بلغ سفيهة (السفة المرافق للبلوغ) فإنه يبقى الحجر مضروباً عليه، ولا يدفع إليه ماله حتى يبلغ سن الخامسة والعشرين، فيدفع إليه عندئذ ماله سواء أونس منه الرشد أم لم يؤنس. وقد آثر أبو حنيفة إهدار مالية الإنسان على إنسانيته.

    القول الثاني: قول جمهور العلماء ومنهم الصاحبان من الحنفية، وهو الراجح في المذهب، قالوا: إن السفيه يحجر عليه، ويمنع من العقود والتصرفات سواء أكان السفه متصلاً بالصغر بأن بلغ سفيها أم كان طارئا بعد البلوغ والرشد.

    . فإذا بلغ سفيها ولم يؤنس منه رشدة لا يدفع إليه ماله، وكذا إذا أصابه السفة بعد البلوغ والرشد فإنه يضرب عليه الحجر، فيمنع من العقود والتصرفات.

    عوارض لا تنقص الأهلية، ولكن تؤثر في بعض الأحكام

    أولاً – الدين المستغرق «مع التفليس»

    إذا ثبت في ذمة الإنسان دين، وصار الدين أكثر مما يملك، فهذا يدل على خسارته وتفليسه، فهل يجوز الحجز عليه إذا طلب غرماؤه ذلك؟

    اختلف العلماء في ذلك على قولين:

    فذهب أبو حنيفة إلى عدم جواز الحجر عليه، لأن الحجر لا يكون عنده إلا بستة أسباب : الصغير، والمجنون، والرقيق، والمفتي الماجن ، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس (17)، ومنع الثلاثة المذكورين أخيرة من مزاولة أعمالهم من باب رفع الضرر عن الناس أو دفعه.

     ( المجون في الأصل غلظ الوجه وقلة الحياء, والمقصود من يفتي بجهل, والمكاري المفلس من يكري إبلاً ونحوها وليس له إبل ولا مال ) .

    قال أبو حنيفة: وللقاضي حبس المدين حتى يعلم ماله، فإن تبين أنه مفلس لا مال له خلى سبيله، لأن الحبس لا يشرع إلا للمماطلة، فإن وجد القاضي له مالاً أمره ببيعه، بيع تلجئة «أي اضطرار وإكراه» أو باعه عليه حتى يوفي دينه، ولا يبيع عقار، وإنما يبيغ ما سوى ذلك من الأعيان المالية مما زاد عن حاجته وحاجة أهله؛ كثيابه، ونحوها من الأعيان التي لا يحتاجها في الحال.

    وذهب جمهور الفقهاء، ومنهم الصاحبان من الحنفية، (وقولهم هو المعتمد في المذهب) إلى أن القاضي يحجر على المدين المفلس، ويمنعه من التصرف، ولهم في ذلك تفصيلات:

    . فقال الصاحبان: للقاضي أن يحجر عليه ويمنعه من التصرفات التي تضر بالغرماء؛ كالتبرعات «کالهبة والصدقة»، وكالبيع مع الغبن، فإن باع بغبين خير المشتري بين إزالة الغبن وبين الفسخ «كبيع المريض مرض الموت».

    وقال المالكية: بأن تصرفاته قبل الحجر لا يصح منها ما كان بدون عوض؛ كالهبة ونحوها ، أما بعد الحجر فلا ينفذ شيء من أفعاله وتصرفاته بعوض وبغير عوض.

    وقال الشافعية: إذا تصرف ببيع ونحوه فإنه يوقف، فإن كان فيما هو فاضل عن الدين ، والا فلا، وأجازوا له البيع والشراء في الذمة «السلم الذي هو بيع آجل بعاجل».

    وقال الحنابلة: لا يصح بيعه ولا تبرعاته، ولا البيع في الذمة سلماً؛ لأن حق الغرماء يتعلق بماله لا بذمته .

    ثانياً . مرض الموت

    مرض الموت هو المرض الذي يغلب فيه الهلاك ويعجز الإنسان فيه عن القيام بواجباته و أعماله المعتادة، ويتصل بالموت، ويمتد سنة على وتيرة واحدة.

    ومرض الموت لا تنقص به الأهلية لك، ولكن تتغير بعض الأحكام الناتجة عن أهلية الأداء،

    وهذه بعض منها :

    1- يصح تبرعه بأمواله بحدود الثلث استحساناً عند الحنفية؛ كالوصية، والهبة، والصدقة، والوقف، وما زاد على الثلث يوقف على إجازة الورثة.

    2- يوقف بيع المحاباة، وهو المشتمل على غبن، وهذا مذهب الجمهور.

    3- ترث من المريض مرض الموت زوجته المطلقة طلاق بائناً في مرض الموت إذا مات وهي في العدة.

    ثالثا- النسيان:

    النسيان لا يسقط أهلية الوجوب ولا الأداء، ولكنه يغير بعض الأحكام، فهو عذر في إسقاط الإثم عند الله تعالى ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”

    فالمرفوع هنا إثم المذكورات (الخطأ والنسيان والإكراه)، وهو عذر في العبادات بشرطين:

     الأول : أن لا يكون هنالك مذكر للناسي ينبهه إلى ما هو فيه من العبادة.

    والثاني: أن يكون هنالك داع للفعل الذي فعله ناسية؛ مثل أكل الصائم في رمضان فإنه عذر، أما أكل المصلي في الصلاة فليس بعذر.

     ولا يعد النسيان عذر في المعاملات المالية

    رابعا – الحيض والنفاس

    الحيض هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة في أيام من كل شهر غالب حسب عادتها .

    والنفاس هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة عقب الولادة والحيض والنفاس لا يسقطان أهلية الوجوب ولا الأداء، إلا أنهما يغيران بعض الأحكام، فالحيض والنفاس يسقطان الصلاة عن المرأة حال وجودهما ،ولا تطالب بقضائها بعد انتهائهما، ويؤخران الصوم عنها إلى ما بعد انتهائهما.

     وهناك أحكام أخرى يمكن أن تتغير حال وجود الحيض والنفاس؛ كحرمة المعاشرة الزوجية، والصلاة، والصوم، والطواف بالكعبة، والمكث في المسجد، وقراءة القرآن .

    خامسا – الجهل

    المراد بالجهل هنا هو الجهل بالأحكام الشرعية، أو الوقائع التي يبني عليها التصرف، والجهل بالأحكام لا أثر له في الأهلية، ولكنه عارض يغير بعض الأحكام، فمن الجهل مالا يعد عذراً أصلاً للقاعدة الكلية (لاعبرة بالجهل في دار الإسلام).

    وهناك حالات يعذر فيها الجاهل عذراً متفاوتاً، فالجهل الناشئ عن اجتهاد سائغ، هو عذر مقبول ويجوز القضاء بحسبه، والجهل الناشئ عن شبهة وخطأ؛ كمن وطئ أجنبية يظنها زوجته، فهذا عذر يسقط الحد، والجهل الناشئ عن عدم العلم بأحكام الشريعة الإسلامية في غير دار الإسلام، كمن كان جديد العهد بالإسلام – أو نشأ في موضع بعيد لا يوجد فيه علماء ينشرون الأحكام الشرعية – وفعل ما هو محرم من غير أن يعلم بحرمته، فهذا عذر مقبول لا يؤاخذ صاحبه بنتائجه

    سادساً – الهزل :

    وهو أن ينطق المكلف باللفظ، ولا يقصد به إيقاع معناه الحقيقي ولا المجازي.

     و الهزل لا يعدم الأهلية ولا ينقصها، ولكنه يغير بعض أحكامها.

     فإذا نطق الشخص بعبارة لا يريد بها إنشاء تصرف أو عقد، وإنما قصد الهزل والاستهزاء والعبث مستخدماً صورة العقد القولي وألفاظه، فهل يعتد بعبارته وينعقد العقد، أم أن الهزل يمنع انعقاد العقد.

    اختلف العلماء في المسألة على قولين :

    الأول: مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة في المشهور عندهم وأكثر المالكية حيث قالوا: إن الهزل يمنع انعقاد العقد في عقود المعاوضات المالية كالبيع، وكذا في العقود التي محلها المال كالهبة، والوديعة، والعارية.

     ولا يترتب على عبارة الهازل فيها أي أثر لعدم تحقق الرضا أو القصد الذي تقوم عليه الإرادة العقدية. ويشترط عند الحنفية أن يذكر الهزل صريحة باللسان، أو أن يتواضعا ويتفقا على ذلك قبل العقد.

    ويستثنى من ذلك عند الحنفية خمسة تصرفات هي: الزواج والطلاق، والرجعة، والإعتاق، واليمين، فلا يمنع صحتها أو انعقادها، فتصح هذه التصرفات الخمسة من الهازل، وتصح عبارته فيها وتترتب عليها آثارها الشرعية.

    وسبب استثناء هذه الخمسة هو حديث : (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة) وفي رواية «العتاق» وفي رواية «اليمين» .

    الثاني: مذهب الشافعية في الراجح عندهم حيث قالوا: إن عقود وتصرفات الهازل كلها تنعقد وتترتب عليها آثارها على الرغم من وجود الهزل، سواء أكانت العقود والتصرفات من المعاوضات المالية كالبيع والإجارة، وغير المالية؛ كالزواج والطلاق.

     وذلك عملا بالإرادة الظاهرة لا بالقصير الداخلي، وحفاظا على مبدأ استقرار العقود والمعاملات، فلا يلتفت إلى دعوى الهزل.

    سابعا – الإكراه :

    هو حمل الغير على أمر يكرهه ولا يريد مباشرته بوسيلة مرهبة أو بتهديده بها.

    والإكراه نوعان:

    1- الإكراه الملجئ «التام»:

     وهو الإكراه الذي يعدم الرضا ويفسد الاختيار ، ويكون بالتهديد بقتل أو قطع عضوه أو بإلحاق أذى شديد؛ كالضرب المبرح أو الحبس المديد، أو بإفشاء سر خطير، أو عمل مهين لذي جاه وغيرها من الوسائل الشديدة القوية على نفس المكره.

    2- الإكراه غير الملجئ «الناقص»:

    وهو الذي يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار، ويكون بوسيلة خفيفة؛ كالتهديد بقيد أو حبس غير مديد «يوم واحد فقط» وكذا التهديد بضرب خفيف كلطمة.

    شروط الإكراه: ذكر العلماء خمسة شروط لتحقق الإكراه هي:

    1- أن يكون إكراهاً بغير حق مشروع، فلو كان الإكراه على حق مشروع؛ كإكراه القاضي المدين على بيع ماله لقضاء دينه، فالإكراه هنا لا يؤثر في صحة البيع.

    2- أن يكون المكره قادرة على إيقاع ما هدد به، فإن لم يكن قادراً لم يكن إكراها مفسداً للتصرفات، والقادر على الإكراه إما أن يكون سلطان ونحوه أو أن يكون بالتسلط كاللص ونحوه.

    3- أن يكون الإكراه بالتهديد بما يتضرر به المتكره تضرراً شديدة؛ كالقتل وإتلاف عضو والضرب الشديد.

    1. أن يغلب على ظن المكره وقوع أو نزول الوعيد به.
    2. أن يفعل المستكره التصرف المطلوب منه في حضرة المكره، فإن فعله في غيبته كان تصرفاً صحيحاً لزوال الإكراه «يعني لا أثر للإكراه هنا».

    أثر الإكراه في العقود و التصرفات :

    الإكراه لا يفقد الأهلية، ولكنه يغير بعض أحكامها، ويمكن بيان ذلك عبر المذاهب الفقهية، ففي هذه المسألة مذهبان:

    المذهب الأول: مذهب الحنفية:

     ذكر الحنفية أن الإكراه بنوعيه الملجئ وغير الملجئ لا ينافي الأهلية «بنوعيها: أهلية الوجوب وأهلية الأداء»، ولا ينقصها، ولكن أثر الإكراه يختلف عندهم باختلاف نوع التصرف أو العقد؛ ولذلك قسموا التصرفات إلى قسمين:

    القسم الأول: تصرفات لا تقبل الفسخ بطبيعتها، ولا يشترط الرضا لصحة إنشائها، وهي ما عبروا عنها بقولهم: ما يستوي فيها الجد والهزل، وهي خمسة: النكاح، والعتاق، والطلاق، والنذر، واليمين.

    فهذه التصرفات الخمسة لا يؤثر في صحتها الإكراه، فهي تصح مع الإكراه قياسا للإكراه فيها على الهزل بجامع عدم وجود القصد من المكره في كل منهما.

    وقد ورد في الحديث عدم تأثير الهزل فيها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد « النكاح والطلاق والرجعة» وفي رواية : «النكاح والطلاق والعتاق».

     القسم الثاني : التصرفات والعقود التي تقبل الفسخ ويشترط الرضا لإنشائها؛ كالبيع، والإجارة والرهن… إلخ، فقد ذهب أبو حنفية إلى أن الإكراه بنوعيه الملجئ وغير الملجئ يفسد هذه العقود والتصرفات؛ لأنه يعدم الرضا ويفسد الاختيار .

    المذهب الثاني: مذهب الجمهور :

    قالوا: الإكراه يفسد العقود والتصرفات كلها ويبطلها، سواء أكانت من العقود القابلة للفسخ؛ كالبيع والإجارة والهبة أم كانت من العقود والتصرفات غير القابلة للفسخ؛ كالزواج والطلاق. فكل عقد أو تصرف وقع بسبب الإكراه لا اعتبار ولا أثر له.

     واستدلوا لذلك في الطلاق بحديث: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق»” وفسروا الإغلاق بالإكراه، فكأن المستكره أغلق عليه الباب ومنع من الخروج.

    واستدلوا أيضا بحديث: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

    فقد أخبر منطوق الحديث أن كل ما استكرهوا عليه عفو لا يؤاخذون به، لذلك فإن التصرفات الشرعية تكون مع الإكراه باطلة لا أثر لها .

    ثامناً – الخطأ:

    وهو أن يحصل التصرف من المكلف من غير أن يقصده أصلاَ.

    والخطأ لا يتنافى مع الأهلية، ولكنه يعد عذراً في حقوق الله تعالی ؛کالعبادات، فيرفع الإثم ؛ كصائم تمضمض في الوضوء فدخل الماء إلى جوفه، فهو معذور عند الشافعية ولا يفسد صومه، أما عند الحنفية معذور في علم الإثم بينه وبين الله تعالى، وغير معذور في فساد صومه، فينبغي له القضاء.

    أما في حقوق العباد فلا أثر للخطأ فيها مطلقا؛ كمن أتلف مالا لإنسان يظنه ماله، فإنه يضمنه.

    تاسعاً – السفر:

    السفر لايفقد الأهلية ولا ينقصها، ولكنه يغير بعض الأحكام، فيكون سبباً في تخفيف بعض الواجبات الدينية، حيث تقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، ويباح الإفطار الصائم المسافر في رمضان، ويمتد أجل المسح على الخفين من يوم وليلة للمقيم إلى ثلاثة أيام ولياليها للمسافر…الخ.

     

  • 10 نتائج عن جرائم النصب والاحتيال

     

    محامي في الرياض

    هذه النتائج وردت في ورقة بحث للشيخ / عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشبرمي عن جرائم النصب والاحتيال 

    ولتحميل ورقة البحث كاملة بصيغة pdf – برجى الضغط هنا

    __________________

    الخاتمة وفيها أبرز النتائج : وبعد الانتهاء من هذا الجهد المتواضع، ظهر لي بعض النتائج أجملها فيما يلي :

    أولا :

    يطلق المعاصرون النصب على الكذب والخداع في حين أنه لا يوجد هذا اللفظ عند علماء اللغة، لكنهم يطلقون النصب على قريب من ذلك، فيطلقونه علی نصب الفخ في الصيد، وعلى الكلام الملحون، وعلى الألم، والعداوة، وكلها لها ارتباط بالنصب، وآثاره.

    ثانيا:

     يطلق الاحتيال في اللغة على الدهاء، والحذق، والمراوغة، وقلب الحقائق والأمور، والقدرة على التصرف، وكل ذلك من أساليب أهل النصب والاحتيال.

    ثالثا :

     أن النصب والاحتيال عند أهل القانون، هو الاستيلاء على شيء مملوك، بطريقة احتيالية، بقصد تملك ذلك الشيء، أو الاستيلاء على مال الغير بطريق الحيلة.

    رابعا:

     جريمة النصب، والاحتيال جريمة مركبة من خطوات عدة، تبدأ بتحديد الفريسة، ثم كسب ثقته ، ثم اللعب بأمانيه ، ثم أخذ ماله، وتركه .

    خامسا:

     النصاب والمحتال يتصف بصفات و مميزات تؤهله لممارسة جريمته، منها: النفاق ، والدهاء، والحذق، والمكر، وحب المظاهر، واللحن في القول.

     

    سادسا:

     لجريمة النصب رکن مادي، وركن معنوي، ويتركب الركن المادي من ثلاثة عناصر هي : الفعل (النشاط)، والهدف الاستيلاء)، وعلاقة السببية، في حين ينطوي الركن المعنوي على القصد الجنائي. ولكل منها تفصيل وتبيان.

    سابعا:

    لجريمة النصب، والاحتيال خصائص تميزها عن بقية الجرائم، منها: التركيب من عدة أفعال، والمخادعة، وتوجهها على أموال الآخرين مع وجودهم، وتفاعلهم !!

     

    ثامنا :

     بين النصب والاحتيال علاقة وطيدة، فالاحتيال طريق للنصب، ووسيلة إليه، فلا يوجد نصب إلا ويسبقه أحتيال .

    تاسعا:

     للشريعة الإسلامية موقف واضح من النصب، والاحتيال، فهي تحرم النصب، والمخادعة، أما الاحتيال فبحسب نتيجته، فإن كان لا يضيع حقا، ولا يقر باطلا جاز، وإلا فالتحريم مصيره، وحكمه .

    عاشرة:

     تختص المحاكم الجنائية المتمثلة بالمحاكم الجزئية بنظر قضايا النصب والاحتيال بصفتها جريمة منصوص عليها بالتحريم والتجريم، ولما تنطوي عليه من جرائم منصوص عليها أيضا ، كالكذب، والتزوير، والسرقة، والرشوة، ونحوها، وهناك قضايا مشابهة تنظر لدى المحاكم المدنية وهي قضايا التدليس المدني.

    حادي عشر:

    لجرائم النصب والاحتيال آثار سلبية على الجوانب التنظيمية ، والاجتماعية، والاقتصادية ، تتمثل بفشو الخلق السافل، والبطالة، وتبديد الهمم السوية ، وفساد الأنظمة، وفشلها، واليأس من الإصلاح، ونحو ذلك.

    وغير ذلك من النتائج التي توصلت إليها في هذا الجهد المتواضع سائلا المولى الكريم التوفيق، والقبول، ومتبرئة من الحول، والقوة إلا به، ومعتذرة عما بدر من خلل، وتقصير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  • ما الاجراءات التي لا تصح من الوكيل إلا وفق تفويض خاص بها في الوكالة؟

    ما الاجراءات التي لا تصح من الوكيل إلا وفق تفويض خاص بها في الوكالة؟

    توكيل المحامي - محامي في الرياض

     الجواب:

    هناك تقریرات لا يصح للوكيل تقريرها نيابة عن موكله إلا إذا كان مفوضاً بذلك في الوكالة تفويضا خاصاً [المادة 51]، وهي ما يأتي:

     1- الإقرار بالحق المدعى به.

    2- التنازل عن الحق المدعى به.

     ۳۔ الصلح في الحق المدعى به، ويشمل الصلح على إقرار أو على إنكار.

    4-  قبول حلف موكله اليمين عند عرضها عليه.

    5-  توجيه اليمين على خصمه.

    6- رد اليمين الواجبة على الموكل على خصمه.

     ۷۔ تقریر ترك الخصومة.

     ۸- تقرير التنازل عن الحكم – كليا أو جزئي

    9- تقرير التنازل عن طريق من طرق الطعن في الحكم.

    10 – تقرير رفع الحجز.

     ۱۱ – تقرير ترك الرهن مع بقاء الدين

     ۱۲ – تقرير الادعاء بالتزوير

    13- تقرير طلب رد القاضي.

    14 – تقرير اختيار الخبير.

     ۱5- تقرير رد الخبير.

    والسبب في لزوم الحصول على تفويض خاص من الموكل في هذه التقریرات أنه ليس في كل واحدة من هذه التقريرات حظ للموگل،

     فإما أنها تتضمن إسقاطاً لحقه أو إنقاصاً له أو تقوية الجانب خصمه وإضعافاً به،

     فلزم في هذه الأحوال التحقق من أن الموكل قد فوّض الوكيل فيها تفويضاً خاصاً، ولم يجر الاكتفاء بالوكالة المطلقة في الخصومة.