هل يعاقب القانون على الشروع في جريمة الايذاء القصود؟

هل يعاقب على الشروع في جرائم الإيذاء المقصود؟

 إن القواعد العامة في التشريع السوري تقضي بالعقاب على الشروع في الجنايات إطلاقا. أما الجنح فلا عقاب على الشروع فيها إلا بنص.

 ولا عقاب على الشروع في المخالفات إطلاقا.

وباعتبار أن جرائم الإيذاء منها ما هو جنحي الوصف، وهي المستندة على معيار التعطيل عن العمل.

 ومنها ما هو جنائي الوصف وهي: الإيذاء المفضي إلى الموت، أو العامة الدائمة، أو إجهاض حامل مع العلم بحملها . ولم ينص المشرع صراحة على عقاب الشروع في جنح الإيذاء المقصود فلا مجال لبحث هذه المسألة بشأنها.

أما جنايات الإيذاء المقصود فيرى بعض الفقه، أنه لا عقاب على الشروع فيها لأنه لا يتصور فيها الشروع أصلا.

 وحجتهم أن جنايات الإيذاء هي جرائم ذات نتائج تجاوز قصد الفاعل، أي متعدية القصد، فلا يتصور وفق القواعد العامة الشروع فيها.

 فجرائم الإيذاء لا تتحدد طبيعتها إلا إذا وقعت النتيجة فعلا، فإذا لم تقع فلا يمكن عقلا

 

أن يسأل الفاعل عن شروع.

 فلو هم شخص بضرب خصمه بعصا ، فتدخل شخص أخر حال دون إصابة الخصم، فما هو الأساس الذي يمكن أن توصف بموجبه هذه الواقعة بالشروع؟

فهذه الضربة لو أصابت الخصم، كان يمكن أن تؤدي إلى تعطيل عن العمل مدة أقل أو أكثر من عشرة أيام، أو إلى الوفاة، أو إلى إحداث عاهة دائمة.

 فمن الواضح أنه ما دام لا يمكن تحديد طبيعة الجريمة فلا يمكن القول بوجود شروع. والنتيجة الجرمية هي التي تحدد طبيعة هذه الجريمة، واستنادا إليها يكون العقاب.

 وإذا عدنا إلى قاعدة العقاب على الشروع في الجنايات إطلاقا، فيجب التحقق ذلك أن تتوفر أركان الشروع.

 فالشروع يفترض أن تتجه إرادة الفاعل إلى تحقيق نتيجة معينة، ويبدأ بالتنفيذ لتحقيق هذه النتيجة، فيتدخل ظرف خارجي يحول دون ذلك.

وجرائم الإيذاء تفترض أن الفاعل أراد من فعله تحقيق نتيجة معينة، ولكن حدثت نتيجة أشد جسامة لم يكن يقصدها.

فمن الطبيعي أن يكون الشروع غير متصور بالنسبة للنتيجة الجسيمة، لأن القصد لم يتجه إليها بالأصل، و هذا يعني انتفاء أحد أركان الشروع.

وباعتبار أنه يوجد في القانون السوري ثلاث حالات للإيذاء الجنائي، وهي:

الإيذاء المفضي إلى الموت، وإلى إحداث عاهة دائمة، وإلى إجهاض حامل مع العلم بحملها. يمكننا أن نستخلص أن بعضها لا يتصور فيه الشروع وبعضها الآخر يتصور الشروع فيه.

فالإيذاء المفضي إلى الموت أو إلى الإجهاض مع العلم بالحمل لا يمكن تصور الشروع فيهما لأن النصوص فيها تعاقب من أجل حصول نتيجة جرمية معينة، الموت أو إسقاط الحمل، ويشترط أن لا يكون الفاعل قد قصد إحداث هذه النتيجة، وبالتالي لا شروع لاستحالة توافر شروطه القانونية.

أما جناية الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة فيتصور الشروع فيها عندما يتوافر لدى الفاعل قصد إحداث العاهة، ويبدأ بالتنفيذ، ولا تحصل النتيجة لأسباب خارجة عن إرادته.

وتطبيقا لذلك إذا هم أحد الأشخاص بفقء عين خصمه أو قطع ذراعه أو أذنه أو عضوه التناسلي، ثم تدخل شخص أخر وحال دون تحقيق النتيجة التي كان الفاعل يرغب في تحقيقها، يمكن ملاحقة هذا الشخص کشارع في جناية الإيذاء المفضي إلى إحداث عاهة دائمة ومعاقبته استنادا لذلك.

Scroll to Top