شفوية المحاكمة والاستثناءات الواردة عليها في القانون السوري

 

شفوية المحاكمة والاستثناءات الواردة عليها في القانون السوري

 نصت المادة 176 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه:

 “لا يجوز للقاضي أن يعتمد إلا البينات التي قدمت أثناء المحاكمة وتناقش فيها الخصوم بصورة علنية”.

يتبين من هذه المادة أن الدليل يجب أن يقدم مباشرة للقاضي لا بالوساطة.

 أي إن شفوية المحاكمة هي قاعدة جوهرية تتعلق بالنظام العامه ويترتب على مخالفتها بطلان الإجراءات.

 لذلك يجب أن تتم إجراءات المحاكمة بصورة شفوية في حضور الخصوم في الدعوى، تحت سمع وبصر المحكمة، سواء من حيث سماع الشهود، أو من حيث تقديم الطلبات والدفوع والأدلة والمرافعات،

 فلا يجوز أن تبني المحكمة أحكامها على ما لديها من أوراق أو محاضر أو ضبوط (ما عدا الاستثناءات الخاصة بالضبوط الملزمة للمحكمة ) أو لما قام به موظفو الضابطة العدلية من استقصاءات، وإنما يجب على القاضي أن يتولى بنفسه التحقيق من جديد فيستمع إلى أقوال الشهود، ويطرح للمناقشة كل دليل مقدم في الدعوى حتى يكون كل فريق بها عالما بما يقدم ضده من الأدلة ويتمكن من دحضها والرد عليها بجميع الطرق القانونية.

 وزيادة في الحرص على تأمين هذا الحق للخصوم، فقد صرح المشرع أنه:

“لا تترتب أية دعوی ذم أو قدح على الخطب والكتابات التي تلفظ أو تبرز أمام المحاكم عن نية حسنة وفي حدود حق الدفاع القانوني “.

فلا يجوز للقاضي الذي لم يحضر جلسات المحاكمة أن يشترك في إصدار الحكم، ولا أن يعتمد على تحقيق جرى في غيابه، وإنما عليه أن يباشر جميع إجراءات الدعوى بنفسه.

– استثناءات قاعدة الشفوية:

القاعدة الشفوية استثناءات وهي:

1- في مخالفات قانون السير والأنظمة الصحية والبلدية التي يفصل فيها وفق الأحوال الموجزة، تكتفي المحكمة بمضمون المحاضر التي ينظمها رجال الضابطة، وتصدر حكمها تبعا لما جاء فيها.

2 – إن محكمة الاستئناف غير ملزمة بإعادة التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى، ولها أن تعتمد على أقوال الشهود المدونة في ضبط المحاكمة أمام محكمة الدرجة الأولى متى وجدت أن فيها ما يكفي لتكوين قناعتها.

 3- يمكن الاكتفاء بتلاوة إفادات الشهود المدلى بها أمام قاضي التحقيق في حال عدم الاستدلال عليهم أو تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب.

حضور الخصوم الإجراءات المحاكمة الخصوم في الدعوى الجزائية هم النيابة العامة والمدعى عليه والمدعي الشخصي والمسؤول بالمال.

فالنيابة العامة جزء متمم لهيئة كل محكمة جزائية، وحضورها ضروري لصحة تشكيل المحكمة وإجراءاتها، ولهذا لا يمكن انعقاد أية محاكمة دون حضور ممثل النيابة، باستثناء الحالات الخاصة التي أجازها القانون صراحة.

فقد نصت المادة 183 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

“تنعقد جلسات المحكمة البدائية بحضور النائب العام والكاتب”.

كما جاء في المادة 270 من القانون نفسه:

 “يحضر النائب العام جلسات محكمة الجنايات وتفهيم الحكم.

أما فيما يتعلق بالمحاكم الصلحية، فقد جرى التعامل على عدم حضور ممثل النيابة العامة، ونصت المادة 224 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن:

 “يرسل قاضي الصلح إلى النيابة العامة أوراق الدعوى فور انقضاء ميعاد الاستئناف أو التمييز بحق المدعى عليه والمدعي الشخصي”.

أما بالنسبة إلى باقي الخصوم ووكلائهم، فلابد من تمكينهم من الحضور ليس فقط في جلسات المرافعة وإنما أيضا عند كل إجراء تتخذه المحكمة من إجراءات التحقيق. يستوي في ذلك أن تكون الجلسة علنية أو أن تكون المحكمة قد قررت سماع الدعوى في جلسة سرية في سبيل المحافظة على النظام العام أو الأخلاق العامة.

ويستوجب ذلك إعلام الخصوم بتاريخ الجلسة وبالمواعيد المحددة لإجراءات التحقيق التي ترى المحكمة اتخاذها بعيدة عن قاعة الجلسة. وكل إجراء تتخذه المحكمة بغير علم الخصوم أو دون أن تمكنهم من مناقشة الدليل المستفاد منه يكون باطلاً، ولا يجوز بالتالي أن تبني حكمها عليه.

لكن قاعدة الحضورية لا تعني عدم جواز إجراء المحاكمة في غيبة الخصوم.

فالمحكمة تقوم بتوجيه الدعوة إليهم للحضور حسب الأصول المعينة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.

فمن يمثل منهم أمامها، تجري المحاكمة بالنسبة إليه بالصورة الحضورية، ومن يتغيب تتم محاكمته بالصورة الغيابية، ومن يحضر جزءا من المحاكمة ويتغيب عن الجزء الأخر أو يتغيب عنها بأسرها بعد تبلغه مذكرة الدعوة للحضور شخصية فلم يحضر ولم يبد عذراً مشروعا تعد المحاكمة بحقه بمثابة الوجاهية.

وحضور الخصوم يعني حضورهم كل الإجراءات التي تتم في الدعوى العامة والدعوي المدنية، كما ينصرف معنى الحضور إلى الإجراءات التي تتم داخل قاعة المحكمة وتلك التي تتخذ خارجها، كأن تنتقل المحكمة لإجراء معاينة المكان وقوع الجريمة مثلا، أو للاستماع إلى أقوال شاهد.

 فالهدف من تقرير مبدأ حضور الخصوم الإجراءات المحاكمة هو تمكين الخصوم من إبداء آرائهم وأقوالهم ومن مناقشة الأدلة المطروحة أثناء المحاكمة.

ولا ينصرف معنى حضور الخصوم إلى المداولة التي تجري سراً بين القضاة مجتمعين، فلا يحضرها الخصوم بمن في ذلك ممثل النيابة العامة.

ويعد الإجراء الذي يتم في غيبة الخصم الذي لم يتمكن من الحضور باطلاً، وهذا البطلان في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم لتعلقه بحق الدفاع.

ولا يصحح البطلان نتنازل أحد الخصوم عن حقه في حضور الجلسة، لأن مبدأ حضور إجراءات المحاكمة هو مبدأ يتعلق بالنظام العام.

لكن يجوز إبعاد أحد الخصوم أو غير الخصوم (باستثناء النيابة العامة) عن قاعة الجلسة إذا صدر من أحدهم ما يخل بنظام الجلسة  .

كما أجازت المادة (297) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، لرئيس محكمة الجنايات قبل سماع الشاهد وفي أثناء سماعه أو بعده أن يخرج المتهمين من قاعة المحاكمة وأن يبقي منهم من أراد ليستوضحه عن بعض وقائع الدعوى منفرداً أو مجتمعاً مع غيره، ولكنها ألزمته بأن لا يتابع المحاكمة العامة قبل أن يطلع المتهم على الأمور التي جرت في غيابه.

والهدف من إبعاد المتهم على هذا الوجه، هو المحافظة على حرية الشهود في أداء شهادتهم فيما إذا تأكد القاضي أن الشاهد قد لا يستطيع أداء الشهادة بحرية في حضور المتهم بسبب خوفه منه أو تأثره به.

Scroll to Top