شرح القاعدة الفقهية: الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان مع أمثلة

محامي

المراد بالبرهان ما عليه اصطلح الفقهاء وهو البينة الشخصية العادلة، والثابت به كالثابت بالمشاهدة فكما أن الأمر المشاهد بحاسة البصر لا يسع الإنسان مخالفته، فكذلك ما ثبت بالبينة المزكاة لا تسوغ مخالفته.

وكذلك كما أن المدعى عليه يلزم بإقراره إذا أقر لدى الحاكم، فإنه إذا ثبت أنه أقر قبلاً بالمدعى به واتضح ذلك بالبيئة العادلة أو بسند مرسوم حاو إمضاءه أو ختمه وخال من شبهة التزوير فيلزم حينئذ بهذا الإقرار.

إن مهمة القضاء بناء الأحكام على البينات الظاهرة، وليس القاضي مكلفاً باكتشاف الأدلة من القرائن وتتبع خفايا الوقائع، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو كنت راجماً أحداً من غير بينة لرجمت هذه المرأة الزانية» التي أتت بولد على شاكلة المتهم.

والقياس أن البيئة دليل ظني وليس بقاطع لأنها خبر آحاد وهو يحتمل الصدق والكذب، ولا يثبت به العلم اليقيني، إلا أنها اعتبرت في ثبوت حقوق العباد بها كالدليل القاطع للضرورة ولصعوبة العثور على الدليل القاطع فيها ، وللآيات الكريمات التي أوجبت القضاء بالبينة الشرعية.

ويفترق ما ثبت بالبينة عما ثبت بالحس والمشاهدة في شيء واحد وهو : أن ما كان قائماً مشاهداً لا تسمع دعوى ما يخالفه ولا تقام البينة عليه، كأن يدعي على آخر بأنه قتل موروثه وهو ما زال حياً، بخلاف ما كان أمراً منقضياً وثبت بالبينة فتسمع دعوى ما يخالفه وإن كانت هذه الدعوى عرضة للرد.

وينتج عن اعتبار البينة كالعيان أمران :

الأول : اعتبار البينة حجة متعدية ملزمة لكل من له علاقة بالحق المقضي به بموجبها، ولو لم يكن مدعى عليه، لأنها في حكم الدليل القاطع، بخلاف الإقرار فإنه حجة قاصرة على المقر.

الثاني : : لا يقبل من المدعى عليه إنكار أو دعوى تتضمن إنكار الحق الثابت عليه بالبينة الأولى، أي أن البينة لا تقبل النقض لأنها حجة قاطعة حكماً على خلاف اليمين فإنه يقبل الدعوى المناقضة له ولو بعد الحكم به .

Scroll to Top