جنسية الشركة وتمثيلها وإدارتها

جنسية الشركة

أولا – مفهومها

يكون للشركة جنسية خاصة بها لا تختلط بجنسية الأشخاص الطبيعيين المكونين لها أي الشركاء.

ويعد معرفة جنسية الشركة لازماً لمعرفة مدى تمتع الشركة بالحقوق التي تقتصرها كل دولة على رعاياها ومنها الحق في الاتجار (مادة 28 شركات)، ولتحديد الدولة التي يكون لها الحق في حماية الشركة في المجال الدولي، كما يمكن من خلال جنسية الشركة تحديد القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بصحة تكوينها وأهليتها وإدارتها وحلها وتصفيتها بوجه عام.

 ثانياً – معيارها

عدة ضوابط ظهرت وتتبناها التشريعات لتحديد جنسية الشركة، منها معیار مركز الإدارة ومعيار الرقابة والإشراف.

1- معیار مركز الإدارة:

تتحدد جنسية الشركة وفقا لهذا المعيار بموطنها أي بالدولة التي تتخذ فيها مركز إدارتها بصرف النظر عن جنسية الشركاء أو جنسية القائمين على الإدارة أو مصدر الأموال التي تقوم عليها. والعبرة في هذا الشأن بمركز الإدارة الرئيسي الفعلي.

 فإذا توزعت الإدارة فيعتد بالمركز الرئيسي للإدارة دون مراكز الإدارات المحلية أو الفرعية.

كما أنه لا يعتد بالمركز الذي تتخذه الشركة في الخارج والذي ينص عليه في نظامها إذا كان صورياً لا يتفق مع حقيقة الواقع.

وتنص الفقرة الثانية من المادة 12 من القانون المدني على أنه تعد سورية كل شركة مؤسسة في سورية ويقوم فيها مركزها الرئيسي، كما أخضع المشرع النظام القانوني للشركات الأجنبية إلى قانون الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي.

على أن قانون الشركات رقم 3 لعام 2008 قد اعتبر جنسية الشركة سورية حكماً، رغم كل نص مخالف في عقدها أو نظامها الأساسي، إذا تأسست في سورية وتم قيدها في سجل الشركات في الجمهورية العربية السورية. (مادة1/10شركات).

ونرى أن جنسية الشركة وفقا لأحكام قانون الشركات لا يمكن تحديدها من خلال معرفة محل تأسيسها وتسجيلها وحده بل لابد من إيجاد صلة بين محل التأسيس وبين مركز الإدارة الرئيسي للشركة طالما أن قانون الشركات يشترط على الشركة المؤسسة في سورية أن تتخذ مركزا لها فيها يكون موطنا لها. (مادة 1/12 شركات).

 وبناء عليه فإنه يمكن القول بأن المعيار الذي يجب الأخذ به وفقا لقانون الشركات الجديد في مجال تحديد جنسية شركة ولاسيما المساهمة هو مركز الشركة مع مراعاة محل التأسيس، وهذا ما ذهب إليه الفقه الحديث .

2- معيار الرقابة والإشراف:

إذا كانت جنسية الشركة تتحدد بمكان تأسيسها أو بالمكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها الرئيسي الفعلي، فإن البعض استند في تحديد جنسية الشركة إلى معيار الرقابة والإشراف، بمعنی أنه العبرة في تحديد جنسية الشركة إلى جنسية الشركاء الذين يحوزون أغلبية رأسمالها ويتولون إدارتها ومن ثم يهيمنون عليها ويستقلون بأمر توجيهها والإشراف عليها.

وهذا ما دعا إلى تدخل المشرع السوري عندما اشترط أن تكون أغلبية أعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة من جنسية الجمهورية العربية السورية، وأجاز لوزارة الاقتصاد تخفيض هذه النسبة إذا كانت نسبة مساهمة الأجانب برأسمال الشركة تتجاوز 65%.

ونرى أن تدخل المشرع في مجال الإدارة لا يمكن عده معيارا لتحديد جنسية الشركة بقدر ما هو وسيلة لحماية المصالح الوطنية من خلال الاعتداد بجنسية القائمين على الإدارة.

وتجدر الإشارة إلى أن مركز الإدارة الرئيسي الفعلي هو المعيار الذي يراه أغلب الفقهاء صالحة لتحديد جنسية الشركة، وذلك في ظل التعسف في استعمال الشخصية الاعتبارية للشركات.

ومع ذلك فإن للمحكمة أن تستند إلى معيار المركز الرئيسي وإلى مكان تأسيس الشركة لمعرفة ما إذا كانت جنسية الشركة سورية ولتحديد الحقوق والواجبات التي تخضع لها، وهذا يتناسب مع ما سعى إليه المشرع في قانون الشركات لتحقيق المصلحة العامة للدولة ودعم الاقتصاد الوطني وحمايته.

تمثيل الشركة

أولاً – طبيعة تمثيل الشركة:

 رغم أن الشركة تتمتع بالشخصية شأنها في ذلك شأن الشخص الطبيعي بحيث تكون لها مثله حقوق والتزامات، فإنها مع ذلك، بالنظر إلى طبيعة تكوينها، لا تقدر على ممارسة النشاط بذاتها، بل لابد من شخص طبيعي يقوم بتمثيلها والعمل باسمها ولحسابها في الحياة القانونية، وهذا الشخص هو مدير الشركة أو عضو مجلس الإدارة في الشركة المساهمة، الذي يتولى تمثيلها سواء تجاه الغير أو في ممارسة حق التقاضي فهو الذي تخاطب الشركة في شخصه.

ويعتبر البعض المدير نائباً قانونياً عن الشركة كشخص اعتباري، بالرغم من أن الاجتهاد يخضعه لأحكام الوكالة تبعاً لقيام الشركاء أو أغلبيتهم باختياره، إلا أن نيابته قانونية لأن القانون هو الذي يحدد أصول تعيينه وسلطاته ومسؤولياته أسوة بالوصي والقيم ومصفي الشركة والحارس القضائي.

 ويذهب آخرون إلى أن مدير الشركة ليس نائباً أو وكيلا عنها، إذ أن الوكالة تفترض عقداً بين الشركة والمدير أي تطابق إرادتيهما على الوكالة، في حين أن الشركة ليست لها إرادة مستقلة عن إرادة المدير ولا يمكنها أن تعمل إلا بوساطة المدير، ويمتنع قانون أن يمنح المدير نفسه الوكالة عن الشركة.

 كما أن المدير قد يعين بمعرفة أغلبية الشركاء، ولو كان وكيلا لما كانت له أية صفة في تمثيل من لم يوافق على تعيينه.

ويؤيدون ما ذهب إليه الفقه الحديث الذي تبني نظرية الجهاز أو الإدارة أو العنصر الجوهري ، ومقتضاها أن الشخص الاعتباري لا يتصور وجوده دون أجهزة معينة تحقق نشاطه في الحياة القانونية، بحيث تعد هذه الأجهزة جزأ لا يتجزأ منه، فلا كيان له بذاته منفصلاً عنها.

فهي في الواقع بمثابة جسمه القانوني يستخدمها لتحقيق نشاطه وأغراضه كما يستخدم الشخص الطبيعي عضو من أعضائه.

وعلى ذلك يرى هؤلاء الفقهاء أن المدير ليس وكيلاً عن الشركة أو الشركاء، بل هو عضو جوهري في الشركة و عنصر من العناصر الداخلة في تكوينها وبنيانها، ولا تستطيع الشركة أن تعمل إلا بواسطته.

ثانياً – نطاق نشاط ممثل الشركة:

 يقوم المدير بأعمال الإدارة وبالتصرفات التي تدخل في غرض الشركة.

فيبرم العقود مع الغير، ويوقع عن الشركة، ويدفع نصيب كل شريك من الأرباح، ويمثل الشركة أمام القضاء والسلطات العامة، كما يتمتع بالصلاحيات التجارية في تمثيل الشركة عند تنفيذ المشروع الذي تستثمره من شراء التجهيزات والمواد الأولية والبضائع وتسويقها واستخدام اليد العاملة وتوفير التحويل اللازم للشركة وإدارة أموالها وتوظيفها.

ومع ذلك يتوجب على المدير التقيد بنصوص القانون و عقد الشركة أو نظامها الأساسي والقرارات أو التوجيهات الصادرة عن الشركاء أو أجهزة الشركة الأخرى، والسعي باستمرار التحقيق مصلحة الشركة.

وتتأثر الشركة بتصرفات مديرها ليس فقط بالنسبة للتصرفات القانونية بل أحيانا بالنسبة لما يصدر عنه من أعمال غير مشروعة ترتب عليها المسؤولية المدنية والجزائية للشركة، وبالمقابل يحق للشركة أن تعود إلى المدير بموجب أحكام المسؤولية المدنية والجزائية، كما لو اختلس أموالها، المطالبته بالتعويض عما لحقها من ضرر.

 ثالثاً – المدير الفعلي للشركة :

قد يكون مدير الشركة مديراً ظاهراً يلتزم بتنفيذ التعليمات التفصيلية التي يصدرها له أحد الشركاء، وبالتالي تحجب عنه السلطة الفعلية في إدارة الشركة.

فإذا ثبت أن الشريك يتدخل باستمرار في اتخاذ القرارات ويمارس الرقابة الفعلية على إدارة الشركة، فيصدر التعليمات للعاملين ويتعامل مع المصارف ويتحكم في أعمال الشركة، أمكن عده مديراً فعلياً وجعله مسؤولاً عن الإدارة، فلو كان شريكاً موصياً ومارس هذا الدور أمكن اعتبار ذلك تدخلاً في الإدارة الخارجية للشركاء ووصفه بالشريك المتضامن مع ما ينجم عن ذلك من آثار.

ومن البديهي أن ممارسة الشريك صلاحياته القانونية في الاطلاع على أعمال الشركة وإبداء الرأي في تسييرها والموافقة على بعض تصرفات مديرها حسبما يقضي به النظام أو العرف لا يجعل منه مديرا فعلية بالمعنى الذي أسلفناه ولا يعرضه للمسؤولية.

Scroll to Top