تنازع قوانين التنفيذ في الزمان والمكان

تنازع قوانين التنفيذ في الزمان والمكان

أولاً- تنازع قوانين التنفيذ في الزمــان:

1-  المبـدأ:

القاعدة العامة في تنازع القوانين في الزمان تقضي بعدم سريان القانون الجديد على الحقهق المكتسبة من القانون القديم وفقاً لمبدأ ” عدم رجعية القوانين ” أما في قوانين الأصول، وقانون التنفيذ جزء من قانون أصول المحاكمات، فإن الأمر يختلف لأنها تسـري فور صـدورها على الدعاوى القائمة ولو تم رفعها قبل العمل بالقوانين الجديدة. وهذا مانصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية: ” تسري قوانين الأصول على مالم يكن قد فصل من الدعــاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها “.

وعليه، فإن قاعدة الأثر المباشر لقوانين الأصول هو المطبق لأنها لا تتضمن تنظيماَ موضوعياَ للروابط القانونية، وانما تعمل على تنظيم مراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من قبل المشرع، فهي لا تمس أصل الحق وا تؤثر فيه.

2 – الاستثناءات:

يرد على مبدأ الأثر المباشر لقوانين الأصول بعض الاستثناءات والتي نص علها المشرع محافظة منه على ما اكتسبه الخصم من حق في ظل القانون السابق، وذلك في الأحكام الواردة في الفقرة الثانية من المادة الأولى، والمادة الثانية من قانـون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وهذه الاستثناءات يمكن أن تطبق عملياً على أمثلة تنفيذية:

آ- إذا جاء القانون الجديد بنص يقضي بمباشرة التنفيذ على أموال المدين المنقولة قبل عقاراته، وكان القانون القديم لا يفرق في ذلك، واذا كان الدائن قد باشر إجراءات التنفيذ على العقار في ظل القانون السابق، فإن من حقه أن يستمر في التنفيذ على العقار وهذا تطبيق للفقرة الأولى من المادة الثانية أصول: ” كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقـى صحيحاً ما لم يرد نص على خلاف ذلك “.

ب- إذا قضى القانون الجديد بعدم جواز الحجز إطلاقاً على رواتب موظفـي الدولـة خـلافاً للقانون القديم، فإن هذا القانون لا يسري على الدائن إذا كان المذكور أوقع حجزاً على راتب مدينه الموظف قبل العمـل بهذا القانون، ولو كان حجزًا احتياطياً، والسبب في ذلك، أن الحجز وهو إجراء تنفيذي تم صحيحاً في ظل القانـون القديم ووفق أحكامه، وقد نشـأ للدائن حق مكتسب، وعلى العكس، إذا بدأ بطلب الحجز على الراتـب ولكنه لم يتم فعلاً إلا في ظل القانون الجديد، يصبح هذا الحجــز باطلاً، لأن الأثر الفوري للقانون الجديد هو الواجب التطبيق في مثل هذه الحالة).

ج- تسري على قرار رئيس التنفيذ طرق الطعن المقررة قانوناً له بتاريخ صدوره ولا ينـال منه ما جاء في القانون الجديد من قواعد منشئة أو ملغية لبعض الطرق، واذا عدل القانون الجديد مهلة الطعن وكانت لم تبدأ بعد، خضع القرار للمهلة الجديدة، واذا كانت المهلة قد بدأت قبل نفاذ القانون الجديد فإنها تبقى خاضعة لأحكام القانون القديم.

د- وأخيراً، لا يطبق القانون الجديد الذي رتب جزاء على مخالفة إحدى قواعد التنفيذ على المخالفات المرتكبة قبل نفاذه إذا كان القانون القديم لايرتب أي جزاء” آخر أشد أو أخف.

 ثانياً – تنازع قوانين التنفيذ في المكــان:

بالنسبة لتنازع القوانين من حيث المكان فإن الأصل أن تلتزم دائرة التنفيذ بمبدأ ” إقليمية القوانين ” المقرر في القانون الدولي الخاص. ويعتبر القانون المحلي هو المطبق على تنفيذ الإحكام سواء أكانت صادرة عن المحكوم المحاكم المحلية أم عن المحاكم الأجنبية، وسواء أكان المحكوم عليه سورياً أم أجنبياً.

وعليه، يطبق القانون السوري بحبس المدين الأجنبي الموجود في سورية لإكراهه على تنفيذ دين نفقة، ولو كان قانون بلده لا يجيز الحبس من أجل هذا الدين ولا أهمية لصدور الحكم عن محكمة سورية أو صدوره عن محكمة أجنبية طالما أصبح نافذاً في سوريا بسبب إعطائه صيغة التنفيذ.

ويستثنى من هذا المبدأ، التنفيذ على الأموال المملوكة لدولة أجنبية، كدور السفارات والقنصميات العائدة إليها وأية أموال أخرى ولو كانت موجودة خارج هذه الدور كالسيارات مثلاً، أما الأموال الخاصة بالممثلين الدبلوماسيين فيمكن التنفيذ عليها إذا كانت موجودة خارج هذه الدور 0 وبذلك فإن الحصانة الدبموماسية تشمل سكن الدبلوماسي الخاص وأمواله الموجودة فيه ولو كان خارج دور السفارة أو البعثة.

ثالثاً- مدى تعلق قواعد التنفيذ بالنظام العام:

راعى المشرع عندما وضع قواعد التنفيذ الجبري صيانة مصلحة الدائن أو مصلحة المدين أو مصلحة من قد تمسهم إجراءات التنفيذ من الغير، وفي ضوء هذه المصالح يمكننا القول بأن ما وضع تأميناً لمصلحة خاصة لا يعد من النظام العام، ولا يجوز لرئيس التنفيذ أو للمحكمة أن يقضي من تلقاء نفسو ببطلان الإجراءات جزاء لمخالفة قواعد التنفيذ، بل لا بد لصاحب المصلحة من إثارة البطلان. أما ما وضع لصيانة مصلحة عامة فانه يعتبر متعلقاً بالنظام العام ويتوجب على رئيس التنفيذ أو المحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها.

وبناء على ما تقدم يجوز للمحجوز عليه أن يتنازل صراحة أو ضمناً عن حقه في التمسك بالبطلان إذا كان البطلان قد تقــرر لمصلحته. ولا يجوز في هذه الحالة أن يقرر رئيـس التنفيذ البطلان من تلقاء نفسه. ويزول البطلان إذا رد صـاحب المصلحة، ( في التمسك بالبطلان) على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحاً.

ومثال ذلك، أن القاعدة المتعلقة بعدم جواز حجز بعض الأموال ومنها دار سكن المدين، ا تعتبر من النظام العام لأنها وضعت لمصلحة المدين، فإذا تنازل عنها كان تنازله صحيحاً ووجب العمل به  وفي هذه الحالة لا يحق لرئاسة التنفيذ أن تقضي يالبطلان من تلقاء نفسها، ويعتبر السـكوت عن عدم إثارة الدفع بالبطلان رضاءً ضمنياً بالإجراء المخالف.

ومـن الأمثلة على تعلـق بعض قواعد التنفيذ بالنظام العام قواعد البيع بالمزاد العلني، ولا يجوز لأصحاب المصلحة مخالفتها لتعلقها بمصلحة عامة. فلا يجوز مثلاً الاتفاق تحت طائلة البطلان على اعفاء الدائن من توجيه الاخطار أو الاستغناء عن معاملات النشر في الجرائد والاعلان على لوحة دائرة التنفيذ.

فقد اعتـبر المشـرع الاعلان عن البيع باطلاً إذا لم تراعَ فيه أحكام المواد ( 399، 400، 401 ) من قانون أصول المحاكمات. وقد أكّدت محكمة استئناف دمشق في قرارها رقم /56/ لعام 1964/5/15 بأن:

” كل زيادة تقع خارج المدة وهي العشرة أيام التالية لنشر قرار الإحالة بإحدى الصحف تقع باطلاً…”.

Scroll to Top