اجتهاد في الصورية – بيع يخفي رهن

 

 صورية-بيع-يخفي-رهن

المبدأ : عقد بيع ـ صورية ـ اخفاء رهن ـ مخالفة النظام العام ـ تقادم ـ إثبات:

1 ـ إن الإدعاء بصورية العقد والمطالبة باستثبات هذه الصورية إنما ينطوي على المطالبة بإبطال العقد الصوري وإهمال العقد الحقيقي. ودعوى الصورية التي ترمي إلى تقدير حقيقة العقد من جراء بطلان العقد الظاهر لا تسقط ولا يزول حق الإدعاء بها بانقضاء سنة.

2 ـ يقع باطلاً كل اتفاق يجيز للدائن أن يتملك المال المرهون أو يتصرف فيه بدون أن يستحصل من القاضي على ترخيص ببيع المرهون أو استبقائه له لإيفائه بقدر دينه بناء على تخمين الخبراء.

3 ـ إن إخفاء عقد الرهن تحت ستار عقد البيع مخالفاً للنظام العام والطعن بمخالفة النظام العام يخول المدعي إثبات دعواه بالبينة الشخصية وجميع طرق الإثبات.

النظر في الطعن:

إن دائرة المواد المدنية والتجارية لدى محكمة النقض بعد إطلاعها على استدعاء الطعن المؤرخ في 2/11/1961 وعلى كافة أوراق الطعن وعلى رأي النيابة العامة في الجلسة المعقودة  للنظر في هذا الطعن اتخذت القرار الآتي:

من حيث أن الأسباب التي يعتمدها الطاعن تتلخص بما يلي:

1 ـ إن المحكمة لم تورد في حكمها الدفوع التي أدلى بها الطاعن من أن عقد البيع حقيقي لا صوري وأنه لا يجوز إثبات ما يخالفه إلا بدليل كتابي وأنه بفرض كونه صورياً إلا أن حق المطعون ضدهما بطلب إبطاله قد سقط بمرور سنة كاملة على وقوعه، وأن في دعوى المطعون ضدهما تناقضاً حين زعما تارة أن البيع رهن يخفي وعداً بالوفاء ثم زعماً أنه يخفي عقد أمانة كما وأن المحكمة لم ترد على هذه الدفوع.

2 ـ إن الحكم لا يتضمن البيانات المنصوص عليها في المادة 206 من الأصول لأنه خال من بيان موطن الخصوم.

3 ـ إن الحكم لا يتضمن المصدر القانوني المستند إليه ولا النصوص القانونية علماً بأنه ليس في القانون ما يسمى بعد أمانة.

4 ـ إن الحكم قضى بإلزام مدير المواصلات بتسجيل السيارة على اسم المستأنفين مناصفة فأي مدير مواصلات وفي سورية عدد كبير من مدراء المواصلات وإلى هذا فإن مدير المواصلات لم يخاصم بالدعوى كي يجوز الحكم بإلزامه بالتسجيل لأن المطعون ضدهما تنازلا صراحة عن مخاصمته في جلسة 1/7/1959.

5 ـ إن استدعاء الإستئناف لم يحدد مطالب المطعون ضدهما بشكل واضح إذ أنه اقتصر على طلب الحكم بالمطالب الواردة في الدعوى خلافاً لما تقتضيه المادة 232 من قانون الأصول.

6 ـ إن الإستئناف ينظر الدعوى بالنسبة للمسائل المستأنفة فقط إلا أن المحكمة لم تتقيد بالأسباب المثارة في استدعاء الإستئناف بل تعدتها إلى غيرها من الأسباب.

7 ـ إن المطعون ضدهما بينا دعواهما على صورية العقد واكتفيا بطلب تسجيل السيارة علماً بأن النتيجة الطبيعية لدعواهما هي طلب إبطال العقد الصوري وبما أنهما لم يطلبا هذا الإبطال والمحكمة لم تحكم به أيضاً كان القضاء بتسجيل السيارة لاسمهما مخالفاً للقانون.

8 ـ إن الحكم اعتبر أن المطعون ضدهما كانا بحالة إكراه معنوي حين باعا السيارة من الطاعن وفي مثل هذه الحال فإن دعواهما تستحق الرد لسقوطها بالتقادم الحولي عملاً بالمادة 141 مدني لتقديمها بعد انقضاء مهلة السنة.

9 ـ إن المطعون ضدهما قيدا حق ملكيتهما للسيارة على شرط وفاء الأقساط من قيمة استثمارها. وهذا الالتزام المعلق على شرط لا يكون نافذاً إلا إذا تحقق كما هو حكم المادة 268 مدني.

10 ـ إن الغموض والتناقض في أقوال الخصم في محضر استجوابه إذا كان يبعث على احتمال صدق المدعي فإن مثل هذا الغموض أو التناقض لم يرد في أقوال الطاعن كي يعتبر استجوابه مبدأ ثبوت بالكتابة وبذلك أخطأ الحكم في تطبيق القانون وتأويله.

11 ـ إن توفر مبدأ الثبوت بالكتابة لا يجيز الإثبات بالبينة الشخصية إلا إذا طلب ذلك صاحب العلاقة والخصم لم يطلب هذا الإثبات.

12 ـ إن الشهود المستمعين أمام المحكمة كانوا قد دعوا لإثبات أن عقد البيع يخفي رهناً ثم بيعاً بالوفاء لا لإثبات أنه يخفي عقد أمانة.

13 ـ إن واقعة تسليم السيارة على أساس عقد الأمانة لا يجوز إثباتها عن طريق استجواب الخصم واتخاذ مبدأ ثبوت بالكتابة من هذا الإستجواب لأن واقع الحالة حتى تشكل الوثيقة مبدأ بالكتابة يجب أن تكون مثبتة لوجود عقد لا مثبتة لتنفيذه.

في مناقشة أسباب الطعن ما عدا التاسع:

من حيث أن الدعوى التي رفعها المطعون ضدهما تقوم على أنهما وافقا عند شروع الدائن شركة الآليات الدائنة ببيع سيارتهما استيفاء للدين الباقي من ثمنها على تسجيل السيارة باسم الطاعن لقاء تعهده بتسديد باقي الأقساط مع فوائدها للشركة شريطة أن يقوم بتشغيل السيارة وبإعادتها بعد تسديد الأقساط من أرباحها، وعلى هذا الأساس حرر له عقداً ببيع السيارة لدى مصلحة المواصلات وحرر هو بدوره سندات تجارية لصالح الشركة بقيمة الأقساط المذكورة ثم قام بتشغيل السيارة تحت إشراف المطعون ضدهما ومراقبتهما إلى أن تم تسديد الدين فامتنع عن إعادة السيارة ولذلك طلبا بعد إجراء المحاسبة والتثبت من تسديد كامل الأقساط من أرباح السيارة إلزام مدير المواصلات بتسجيل السيارة المتنازع عليها باسمهما.

ومن حيث أن الدعوى المقامة على الوجه المذكور تنطوي على الادعاء بصورية عقد البيع عن المطعون ضدهما للطاعن وعلى أن العقد الحقيقي الذي يستتر تحته هو عقد الرهن باعتبار أن تسليم السيارة للطاعن وتسجيلها باسمه كان لضمان حقه باستيفاء الدين الذي التزم تسديده للدائن إذ أن الرهن بحسب ما عرفته المادة 1030 يتم بتسليم المدين الشيء إلى الدائن تأميناً للدين.

ومن حيث أن الرهن يخول الدائن عند عدم الوفاء أن يطلب من القاضي ترخيصاً لبيع المرهون أو إصدار أمر باستيفاء المرهون له لإيفائه بقدر دينه بناء على تخمين الخبراء على أن يقع باطلاً كل اتفاق يجيز للدائن أن يتملك المرهون بدون إجراء المعاملات المذكورة وفق ما نصت عليه المادة 1043 من القانون المدني.

ومن حيث أن قيام الطرفين بإخفاء عقد الرهن تحت ستار عقد البيع يغدو على هذا الأساس مخالفاً للنظام العام لما ينطوي عليه من تمكين الدائن من تملك المرهون دون القيام بإجراء المعاملات القانونية التي فرضها المشترع لمصلحة المدين حماية له من تأثير الدائن عليه واستغلال حاجته.

ومن حيث أن الطعن بمخالفة العقد النظام العام يخزل المدعي إثبات دعواه بالبينة الشخصية وبجميع طرق الإثبات بمقتضى المادة 57 من قانون البينات فإن ما ذهب إليه الحكم من قبول سماع البينة في هذه الدعوى وأن يكن مبنياً على أساس آخر إلا أنه جاء بحسب النتيجة سليماً لا تنال منه أسباب الطعن من هذه الناحية.

ومن حيث أن ما يستهدفه المشترع من وجوب ذكر موطن الخصوم إنما هو التعريف بهم بصورة تنفي الجهالة عنهم هند تنفيذ الحكم.

ومن حيث أن الجهة الطاعنة التي تأخذ على الحكم المطعون فيه عدم ذكر موطن الخصوم لا تدعي وقوع الجهالة في أشخاصهم فإن ما تثيره من هذه الناحية حري بالرفض.

ومن حيث أن الخصومة بشأن تسجيل السيارة المنازع عليها تنحصر في الأصل بين الأطراف الذين يدعي كل منهم ملكيتها ولا شأن لمدير المواصلات في هذه الخصومة إذ أن دوره يقتصر على تنفيذ ما تقضي به المحكمة فليس في الحكم بإلزامه بالتسجيل دون دعوته ما يتناقض مع قواعد الأصول أ، يؤثر في سلامة الحكم.

ومن حيث أن إصرار المستأنف على المطالب الواردة في استدعاء الدعوى الابتدائية تكفي لاعتبار استئنافه مستوفياً للشروط المنصوص عليها في المادة 332 من قانون أصول المحاكمات دون حاجة لإعادة تفصيلها أمام محكمة الاستئناف.

ومن حيث أن الادعاء بصورية العقد والمطالبة باستثبات هذه الصورية وتسجيل السيارة باسم الجهة المدعية إنما ينطوي على المطالبة بإبطال العقد الصوري وإهمال العقد الحقيقي الذي يؤدي إلى تسجيل السيارة باسم هذه الجهة فإن ما تثيره الطاعنة لجهة عدم المطالبة بإبطال العقد الصوري لا تؤثر في سلامة الحكم.

ومن حيث أن دعوى الصورية التي ترمي إلى تقرير حقيقة العقد من جراء بطلان العقد الظاهر لا تسقط ولا يزول حق الادعاء بها بانقضاء سنة على اعتبار أن هذا التقادم الاستثنائي المنصوص عليه في المادة 141 من القانون المدني السوري لا يسري بشأن هذا النوع من الادعاء فإن تحدي الحكم من هذه الناحية لا يقوم على أساس من القانون أيضاً.

في السبب التاسع:

من حيث أن دعوى الجهة المدعية تقوم على المطالبة بتسجيل السيارة تأسيساً على أنها سجلت باسم الطاعن ضماناً لحقه في استرداد قيمة الأقساط التي دفعها عن ذمتها وأنه استوفى هذه الأقساط من أرباح السيارة بحيث يتوجب عليه إعادتها إعمالاً لشروط العقد.

ومن حيث أن حق الجهة الطاعنة باسترداد السيارة يتوقف بحسب ادعائها على إجراء المحاسبة بين الطرفين وثبوت تسديد ما يستحقه الطاعن.

ومن حيث أن الحكم المطعون فيه الذي استثبت صورية العقد وقضى بإبطال العقد الصوري لم يقم بإعمال أثر العقد الحقيقي المستتر وهو عقد الرهن إذ أن إعمال هذا الأثر يوجب على المحكمة إجراء الحساب بين الطرفين لاستثبات حصول الدائن على حقوقه فإذا لم تثبت الجهة المدعية تسديدها أو تسديد قسم منها وجب على المحكمة إعمالاً للعقد الحقيقي أن تسجل السيارة باسم الجهة المدعية مثقلة بحق الرهن في حدود المبالغ التي لم يتم استيفاؤها.

ومن حيث أن المحكمة لم تسر على هذا النهج فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون من هذه الناحية فحسب.

لذلك حكمت المحكمة بالإجماع بنقض الحكم المطعون فيه من الناحية الملمع إليها في السبب التاسع ورد ما عدا ذلك من أسباب الطعن التي لا تأتلف مع هذا النقض.

(نقض سوري رقم 386 أساس 211 تاريخ 4/7/1962 مجلة نقابة المحامين ص153 لعام 1962)

التعليقات مغلقة.

Scroll to Top