تهريب المواد المخدرة
ينص قانون المخدرات على جريمة تهريب المواد المخدرة في البندين الأول والثاث من الفقرة أ من
المادة 39 . حيث عاقبت هذه المادة بالإعدام من يرتكب أحد الأفعال التالية:
1 ) تهريب المواد المخدرة
2) تهريب نبات من النباتات الواردة في الجدول رقم 4 في أي طور من أطوار نموه أو تهريب
بذوره.
وسندرس، على التوالي، في هذا الجزأ أركان هذه الجريمة والعقوبة المفروضة على مرتكبيها.
أولاً : محل جريمة تهريب المخدرات :
حددت المادة 39 من قانون المخدرات أن التهريب يقع على كل المواد المخدرة أو تهريب النباتات
الواردة في الجدول رقم 4 الملحق بقانون المخدرات في أي طور من أطوار نموها أو تهريب بذورها.
ثانياً: أركان جريمة تهريب المخدرات :
إن النموذج القانوني لهذه الجريمة يتألف من الأركان التالية:
1) الركن المادي لجرم تهريب المخدرات :
يتألف السلوك الايجابي لهذه الجريمة من تهريب المواد المخدرة، فلابد في البداية أن نحدد ما
المقصاود بتهريب المواد المخدرة ؟ ثم نحدد ما هي الحاالات التي لا يعتبر فيها إدخل أو إخراج المواد المخدرة تهريباً.
ماهية التهريب :
حددت المادة 39 أن التهريب يقع على كل المواد المخدرة أو تهريب النباتات الواردة في الجادول
رقم 4 الملحق بقانون المخدرات في أي طور من أطوار نموها أو تهريب بذورها.
وبين المشرع السوري في صلب قانون المخدرات ماهية تهريب المواد المخدرة.
فالتهريب كما عرفته المادة الأولى من هذا القانون هو:
جلب المواد المخدرة الى إقليم الدولة أو إخراجها منه بصورة غير مشروعة، ويشمل ذلك نقل المواد المخدرة بطريق العبور بصورة غير مشروعة
واستناداً الى ذلك فقد استقر الاجتهاد القضائي على أن:
( ضابط المواد المخدرة في الأراضي اللبنانية قبل دخولها الى الأراضي السورية يجعل جرم التهريب غير متوفر ).
وفي قرار آخر أكدت محكمة النقض على أن :
( اكتشاف كمياة من المخدر يعاد تهريباً في حالة عدم التصريح عنها في الحرم الجمركي ومغادرة واسطة النقل الحرم الجمركي )
وبالتالي فإن فعل التهريب يعتبر تاماً متى تجاوز الفاعل الخط الجمركي بالمخدر سواء في دخولها
أو خروجها.
ولكان قد تهرب المواد المخدرة من بلد مجاور الى بلد مجاور آخر فهل يعتبر إدخلها تهريباً
واخراجها تهريباً أيضاً وهل يعاقب الجاني عن فعل واحد أم عن فعلين
استقر الاجتهاد القضائي على اعتبار أن إدخل المخدرات والشروع بإخراجها تعتبر أفعالاً متممة
لبعضها البعض وتشكل جرماً واحداً لا عدة جرائم لذلك لا يجوز تجزئة هذه الأفعال .
الحالت التي لا يعتبر فيها إدخل أو إخراج المواد المخدرة تهريباً :
نصات المادة 65 من قانون المخدرات على الحالات التي لا يعتبر فيها إدخل أو اخراج المواد
المخدرة تهريباً :
- إدخل أو إخراج المواد المخدرة بوصفة طبية واحدة. وفي هذه الحالة لا تصادر المادة المخدرة.
- إدخل أو إخرا أدوية مخدرة لا تتجاوز الكميات المقررة في الجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون
بغير وصفة طبية لغرض العلاج الطبي. وفي هذه الحالة تضبط الأدوية وترسل إلى وزارة الصحة للتصرف بها.
2) الركن المعنوي لجرم تهريب المخدرات :
يكفي لتحقق الركن المعنوي لهذه الجريمة توافر القصد الجرمي العام، أي أن يتوافر لدى الفاعل
العلم بأنه يقوم بتهريب المادة المخدرة، وأن تتوافر لديه إرادة القيام بذلك.
فضبط المخدرات ضمن مخابئ سرية في السيارة وسلوك السيارة طريق غير مألوفة وفرار المتهم دليل على توفر قصد التهريب لدى الجاني،
كما أن ضبط الزنار الذي كان المتهم يضعه على جسده ورائحة الحشيش تفوح منه دليل على توفر ذات القصد الجرمي لديه.
واذا ضبطت المخدرات في حقائب المتهم وقيدها على اسمه ووجود مفاتيح الحقائب معه ووضعه أجور الزيادة في وزنها تعتبر أيضاً دليلاً على توفر القصد .
ويذهب بعض الفقهاء الى اعتبار أن قصد التهريب لا يتحقق معناه إلا إذا كان الشيء المهرب
يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي، حيث يجب أن تكفي الكمياة المهربة للطرح في السوق والتداول بين الناس.
ونحن لا نؤيد ما ذهب إليه هذا الاتجاه فيكفي لقيام القصد في جرم التهريب أن يكون الجاني عالماً
بأن المادة المهربة مادة مخدرة، ويستوي في ذلك إذا كانت هذه الكمية كبيرة أو صغيرة،
بمعنى آخر سواء أكان الدافع تهريب المواد المخدرة بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أم من أجل الاتجار أو التصنيع، فكل هذه الدوافع لا تؤثر في قيام جريمة التهريب ولا تغير من ماهيته .
ثالثاً: المؤيد الجزائي:
عاقب المشرع السوري على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة 39 من قانون
. المخدرات بعقوبة الإعدام.
وتقضي المحكمة فضلاً عن ذلك بالغرامة المقررة في قانون الجمارك
إلا أن الفقرة ب من المادة 39 أجازت للمحكمة إذا وجدت أسباب مخففة أن تبدل عقوبة الإعدام
الى الاعتقال المؤبد أو الاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن عشرين سنة وبغرامة من مليون الى خمسة
ملايين ليرة سورية في كلتا العقوبتين.
ولكن لا يجوز منح الأسباب المخففة في الحالات التالية:
1- التكرار لإحدى الجرائم المنصاوص عليها في المادة 39 وفي المادة 40 من قانون
المخدرات .
وتراعى في إثبات التكرار الأحكام القضائية الأجنبية الصادرة بالإدانة في
جرائم مماثلة لهذه الجرائم.
- ارتكاب الجريمة من أحد العاملين في الدولة المنوط بهم مكافحة جرائم المخدرات .
- استخدام قاصر في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 39 من قانون
المخدرات .
- اشتراك الجاني في إحد العصابات الدولية لتهريب المواد المخدرة أو عمله لحسابها
أو تعاونه مها.
- استغلال الجاني، في ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 39 من
قانون المخدرات أو في تسهيلها، السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو
الحصانة المقررة له طبقا للقانون.
رابعاً : خصائص المعاقبة لجرم تهريب المخدرات:
نقصد بخصائص المعاقبة القواعد القانونية المرتبطة بمعاقبة مرتكبي جرائم المخدرات من حيث
العقاب على الشروع في ارتكابها أو التقدم الذي تخضع له .
- الشروع بجرم تهريب المخدرات:
يعاقب على الشروع في الجريمة المنصوص عليها في المادة 39 بعقوبة الجريمة التامة سواء أكان
الشروع شروعاً تاماً أم شروعاً ناقصاً .
هذا وان اعتبار عقوبة الشروع كعقوباة الجريمة التامة مسألة مستحدثة في التشريع السوري، اتخذت قاعدة في بعض الجرائم كاالجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات الاقتصادية .
ولابد للعقاب على الشروع من ارتكاب الفاعال أفعال تدل على البدء بتنفيذ الجريمة، فيعتبر من
قبيل الشروع بتهريب المواد المخدرة الوصول بها الى النطاق الجمركي البري أو البحري ومحاولة إخفائها عن أعين رجال الضابطة الجمركية.
أما إذا لم يبدأ الفاعل بالأفعال التنفيذية فيعتبر عمله تحضيرياً ولا يعاقب الجاني إلا بعقوباة جريمة
حيازة المخدرات مثلاً .
فمن الواجب تعيين الأفعاال المساندة إلى الجاني وبيان درجة انطباقها على جريمة التهريب
المنصوص عليها في المادة 39 من قانون المخدرات .
فإذا كان الواقع يشير إلى أن المخدر قد صودر من المتهم في بهو المطار وانتهت المحكمة على
اعتبار هذه الواقعة شروعاَ بالتهريب فإن ما ذهبت إليه المحكمة غير سليم، لأن أعمال التنفيذ في جرم التهريب تبدأ حينما يكون المتهم قد أتى دوره للتفتيش في المكان المخصص لذلك في المطار.
أما شراء البطاقة والاستعداد للسفر فإنه عمل من أعمال التحضير ولا يعتبر شروعاً بارتكاب جريمة تهريب المواد المخدرة.
فالشروع بجريمة التهريب يبدأ من اللحظاة التي يحاول فيها الجاني إخفاء المخدرات المهربة عن
أعين أعضاء الضابط العدلية الذين يقومون بتفتيش الركاب وأمتعتهم.
ولذلك لابد من التفريق بين ما إذا كان إلقااء القابض على المتهم قد تم قبل تفتيش أمتعته أم بعده.
ففي الحالة الثانية يعتبر الفعل قد دخل حيز الشروع وكل ما سابقه لا يعتبر سوى أفعال تحضيرية ولا
يعاقب إلا على حيازة المادة المخدرة.
-2 التقادم في جرم تهريب المخدرات:
نصت المادة 66 من قانون المخدرات على أن تضاعف مدة التقدم المنصوص عليها في القوانين
النافذة بالنسبة للجرائم والعقوبات المنصوص عليها في المادة 39 من قانون المخدرات .
والنصوص القانونية النافذة تقضي بأن تتقادم الدعوى العامة في الجرائم الجنائية بانقضاء عشر
سنوات من تاريخ وقوع الجناية إذا لم تجر ملاحقة بشأنها .
أما العقوبات فإنها تتقادم بخمس وعشرين سنة إذا كانت العقوبة هي الإعدام أو عقوبة مؤبدة.
وتتقادم بضعف مدة العقوبة التي حكمت بها المحكمة على ألا تتجاوز العشرين سنة أو تنقص عن عشر سانوات إذا كانات العقوباة مؤقتة.
وتخفض مدد التقاادم إلى النصف إذا كان الجاني من الأحداث .
ووفقاً لقانون المخدرات فقد تضاعفت المدد التي أشرنا إليها لتصبح على الشكل التالي:
- التقدم على دعو الحق العام هو عشرين سنة.
- التقدم على عقوبة الإعدام والاعتقال المؤبد والأشغال الشاقة المؤبدة خمسون سنة.
- إذا كانات العقوباة الجنائية مؤقتة فإنها تتقادم بضعف مدة العقوبة المحكوم بها على أن لا تزيد
عن أربعين سنة ولا تنقص عن عشرين سنة.
- تخفض إلى النصف مدة التقدم بالنسبة للأحداث.