مالذي نتعلمه ” قانونياً ” من حادثة جنوح السفينة في قناة السويس؟

 مالذي-نتعلمه-قانونياً-من-حادثة-جنوح-السفينة-في-قناة-السويس؟

مالذي نتعلمه ” قانونياً ” من حادثة جنوح السفينة في قناة السويس؟
أتمنى لكم قراءة ممتعة بدون غرق.
عقود النقل البحري معقدة جداً، فنحن أمام علاقات كثيرة، مثلاً مالك للسفينة، الوكيل الملاحي الذي يقوم بالاعمال المتعلقة بتوفير ماتحتاجه السفينة، وكيل الشحن وهو من ينوب عن أصحاب البضائع، وعندنا الناقل والذي قد يكون مالك أم مستأجر، وهناك أيضا شركات التأمين، وسلطات الميناء ذات العلاقة.
وفي هذا النوع من العقود نحن أمام مخاطر متعددة ( يُحتمل) وقوعها أثناء الرحلة البحرية مثل الجنوح والتصادم والغرق وكل مايؤثر على عقد النقل البحري سواء على سبيل الذكر: ١) بتأخر تنفيذ الالتزامات ٢) وقوع اضرار على البضائع من تلف كامل أو جزئي. ٣) زيادة التكاليف والمصاريف.
نقطة التكاليف كثيرة فنحن أمام مثلا تكاليف تفريغ وتحميل ورسوم جمركية وتخزين ورسوم ارضيات وفحص ومعاينة، وتكاليف التعاقد وربما تكاليف اعادة شحن ووكالة. تخيل انك عينت الوكيل X في مصر لتسلُم البضائع وانهاء كل الاجراءات، لتجد أنك الان مضطر لتعيين وكيل اخر في الهند لان سير الرحلة تغير.
تغير سير الرحلة ربما يُكلف تكاليف أكثر لان عبور السفينة في مناطق معينة يعني مخاطر أكبر يجب تأمينها، تكاليف أكثر لان سير الرحلة ربما يصبح أطول، ناهيك عن تأثير ذلك السلبي على البضائع نفسها أو بشكل أدق ( موضوع عقد النقل) الذي قد يكون حبوب، حيوانات وغيرها.
لماذا ذكرت أعلاها نقطة التكاليف، تداخل العلاقات والمخاطر؟ ليفهم اصحاب العلاقة أهمية التفكير الشامل بالعقد الذي قد يراه البعض مجرد ورقه تُوقع بشكل سريع.
بغض النظر عن التحليل القانوني الدقيق لقضايا متعددة ومطالبات قد يواجهها بنسبة كبيرة مالك السفينة الياباني التي جنحت في قناة السويس، مالم نكن أمام سيناريو مخالصات نهائية بشكل ودي بعيدا عن القضاء، علينا أن نفكر بالدروس القانونية التي ممكن أن نتعلمها من هذه الحادثة وسأوجزها بثلاثة.
الدرس القانوني الأول:
١) ماهو الخطر القانوني الاكبر الذي تريد النص عليه في العقد لترتكز عليه أثناء المطالبة بالتعويض المستند على هذا العقد، مثلاً في حالات عقد النقل ربما تكرار اغلاق قناة بسبب جنوح سفينة، سيفتح عين المستشارين والمحامين على تضمين بند في العقد حول ذلك.
قد يكون هناك رأي يحب تضمين بنود تنتج عنها فسخ العقد، لكن شخصيا أرى أن للفسخ اسباب أخرى بالاصل اطراف العقد لا يلجأون لها كخيار أول، لآنك مثلا في حالة السفينة موضوع حديثنا هنا، تريد للبضائع أن تصل، تُفسح بأقل اضرار ممكنة.
حتى أن موضوع الفسخ أمام القضاء غير مؤكد لأن القضاء سيدقق في ذلك، ومثلا القضاء البريطاني دقيق جدا في تطبيق frustration principle لأن طالما أطراف العقد قادرين على تنفيذه حتى لو كلفهم ذلك أكثر فلن نكون – غالباً- أمام فسخ عقد بحكم قضائي.
ونجد مثلاً في النظام البحري التجاري أن فسخ عقد إيجار السفينة دون تعويض على المؤجر أو المستأجر يكون إذا قامت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الرحلة مستحيلاً. لاحظوا أن تغيير سير الرحلة ينفي ركن ( الاستحالة).
الدرس القانوني الثاني:
عليك أن تفهم جيداً ماهي الحالات التي تُعفي الطرف الثاني في العقد من تعويضك، هنا حديثنا عن بنود قانونية يتم فيها تحديد المسؤولية، بنود لها علاقة بالقوة القاهرة، اثبات ذلك وغيرها من الامور والتفاصيل التي لا مجال لذكرها.
الدرس القانوني الثلاث:
افهم الجانب التشريعي والقانوني لعقدك، هل عقدك يرتكز على نصوص قانونية ملزمة؟ إلى أي مدى يجب أن يتضمن عقدك بنود ما لغياب النص القانوني؟ لا يُمكن أن توقع عقد وأنت لا تفهم أو لم تُعين من يفهم عنك القانون ذات العلاقة بعقودك الحالية أو المستقبلية.
ماحاولت أن أقدمه في هذه السلسلة هو رفع الوعي على أهمية الفهم القانوني لعقودك التجارية عموماً، حتى لو لم تتمكن من تعديله قبل التوقيع لأسباب كثيرة، افهم جيداً متى وكيف تُطالب بالتعويض بموجب العقد، والحالات التي لا تنعقد فيها مسؤولية عليك أو مسؤولية على الطرف الاخر في العقد.
فعلاً عقود النقل مثال دقيق على المجموعات التعاقدية، وقضية السفينة درس لا يجب أن يمر بدون نقاش وانعكاس علينا، وهنا أدعو @ID_LAWFIRM لتقديم رأيه ولا سيما أن بيننا مناقشات تويترية حول عقود النقل البحرية، واعرف خبرته، لذلك رأيه ورأي المهتمين سيضيف لهذه السلسلة الشي الكثير. انتهى✅
أكاديمية في

|مستشارة متخصصة في قوانين الشركات والحوكمة وقوانين السوق المالية|LLM

|PhD candidate

| I’m a.k.a Elliptical Orbit

Scroll to Top