جرم حيازة المواد المخدرة بقصد  التعاطي أو الاستعمال الشخصي ( أركانه – عقوبته )

تنص الفقرة أ من المادة 43 من قانون المخدرات :

( يعاقب بالاعتقال المؤقت وبالغرامة  من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة، كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو نقل أو سلم أو تسلم مواد مخدرة، وكان ذلك بقصد  التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ).

1-  أركان جريمة جرم حيازة المواد المخدرة بقصد  التعاطي أو الاستعمال الشخصي:

إن النموذج القانوني لهذه الجريمة يتألف من الأركان التالية:

أ) الركن المادي :

يحتوي نص المادة 43 على عدد من أفعل الاتصال غير المشروع مع المواد المخدرة والتي يؤلف أي منها السلوك المكون للركن المادي للجريمة  المنصوص عليها في هذه المادة:

الحيازة، الإحراز، الشراء، النقل، التسليم ، الاستلام.

وتثير الاجتهادات القضائية المتعلقة  بموضوع إحراز المادة المخدرة بقصد  التعاطي  ، أحياناً، بعض التعليقات الفقهية.

فقد أصدرت محكمة النقض السورية الحكم التالي :

( إن المخدر جسم قابل للإحراز ووضع اليد والتصرف فيه ، ولهذا فإذا وجد المخدر في معدة الشخص بعد غسلا لملتحري عن وجوده فإن هذا لا يعتبر إحرازاً، لأن السائل المعدي لا يكون محلا للإحراز ولا لوضع اليد، ولا يعتبر ما يوجد فيه  محرزاً من قبل صاحبه ولا يعد حائزاً عليه ).

 وفي نفس الاتجاه حكمت بأن:

( وجود نسبة من المخدر في دم الطاعن لا يكفي للإدانة بجرم تعاطي المخدر، فالإدانة بهذا الجرم يجب أن تقترن بضبط المادة المخدرة ) .

 ونحت بنفس الاتجاه عندما حكمت بأن:

( تحليل البول لا يكفي لإثبات تعاطي المخدرات )

وقررت في حكم آخر:

( من شروط الإدانة في جرم تعاطي  المخدر ضبط هذه المادة في حيازة المتهم ، ومصادرتها ) 

وحكمت في قضية أخرى أن:

( الاتهام بجرائم المخدرات  يستوجب حيازة المادة المخدرة وثبوت أنها من المواد المخدرة بالخبرة الفنية )

وبذلك تكون محكمة النقض قد دأبت على التذكير على أن الحيازة هي الأصل في جناية تعاطي  المخدرات .

ويرى بعض الفقه أن المبدأ القانوني  الذي استندت إليه محكمة النقض غير صحيح لأن جرم

إحراز  المادة المخدرة بقصد  التعاطي متوفر برغم إتلاف هذه المادة باستهلاكها عن طريق الفم. وليس هذا الاستهلاك سوى صورة لمباشرة السلطات المادية على الشيء التي تنطوي عليها الحيازة، ويعد بحد ذاته إنهاء للحيازة السابقة واحلال حيازة من لون جديد أو صورة أخرى تحتم معاقبة الفاعل.

ولهذا لا يمكن القول بانتفاء جرم حيازة المخدرات  بقصد  التعاطي  إذا تم استهلاك المادة المخدرة بابتلاعها،

إذ أن محل الحيازة هو المادة المخدرة بحد ذاتها بعد أن تبدلت صورتها بنتيجة ذوبانها في السائل المعدي واختلاطها به بعد التهامها.

ب) الركن المعنوي:

يتوفر القصد الجرمي العام للجريمة  المنصوص عليها في المادة 40 إذا علم  الفاعل بأنه  يقوم بالاتصال غير المشروع مع المادة المخدرة، واتجهت إرادته إلى القيام بذلك.

فإذا وجدت مادة مخدرة في مسكن أحد الأشخاص فليس شرطاً أن يكون هو حائزها لأن من المحتمل أن تكون قد دست في البيت للإيقاع به،

ومن المحتمل أن يكون أحد أفراد أسرته قد وضعها لتعاطيها .

فإذا أنكر المتهم علمه بالمادة المخدرة فإن على المحكمة أن تستخلص من ظروف الواقعة علم و بوجود المادة المخدرة.

كأن يكون مفتاح المكان الذي وجدت فيه  المادة المخدرة مع المتهم ، أو أن هذا المكان لا يدخله غيره ولم يثبت أن دخل إليه غيره.

في المقابل يمكن للمحكمة أن تبرأ المخبرالخاص لرجال الأمن الذي اشترى الحشيش ليتمكن رجال الشرطة من ضبط المتهم  بالجرم المشهود،

وكون المخبر دخن أنفاساً من الكمية التي اشتراها متظاهراً بأنه  يجربها فليس في ذلك ما يدعو لعقابه،

لأن من شروط الشراء أن يجرب المشتري المادة التي يريد أن يشتريها، وقد فعل المخبر ذلك كي يزيل أي اشتباه بأنه  جاد في صفقته وبالتالي فقد انتفى  لديه القصد الجرمي.

بالإضافة للقصد الجرمي العام المطلوب توفره للحكم على الفاعل فإن المادة 43 من قانون المخدرات تتطلب قصداً جرمياً خاصاً وهو قصد التعاطي أوالاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

فقد أجاز قانون المخدرات في المادة 17 للأفراد حيازة أدوية مخدرة لاستعمالهم الخاص ولأسباب صحية، وذلك في حدود الكميات التي يصفها لهم الأطباء المرخص هم بمزاولة مهنة الطب، ولا يجوز لهم التنازل عن هذه المواد لأي شخص آخر مهما كانت الأسباب.

ويقصد بالتعاطي كل فعل مادي الغاية منه إدخل المادة المخدرة في جسم الإنسان كي تحدث

مفعولها فتنقل المتعاطي إلى عالم يصوره له  خياله ، كل شيء فيه  ممكن وكل شيء فيه  مباح.

أما الاستعمال الشخصي للمادة المخدرة وان كان ينسحب معناه إلى تعاطي  المخدرات إلا أن

المشرع قصد منه فعلاً غير التعاطي  .

إذ قد تكون الغاية من حيازة المادة المخدرة استعمالها في أغراض كيميائية كي تستخلص منها مواد معينة أو تخلط بمواد معينة وقد تكون الغاية من حيازتها  استعمالها في تجارب تهدف لمعرفة تأثيرها على النبات أو الحيوان.

فالفعل يعتبر جريمة سواء أكان القصد من الحيازة  التعاطي أم كان الاستعمال الشخصي.

وقد قررت محكمة النقض السورية  أنه :

( لا يغير من جرم  الإحراز بقصد  التعاطي أن يكون محرز الحشيش قد قدم منه قطعة لشخص آخر دخن منه، ويجب محاسبتهما على جريمة إحراز  المخدر بقصد  التعاطي )

ويرجع تقدير هذا القصد الخاص إلى قاضي الموضوع، وغالباً ما يستدل عليه من ضآلة الكمية ومن حالة المدمن المرضية،

ومن غير ذلك من ظروف القضية، فمثلاً يمكن للمحكمة أن ترجح قصد التعاطي على الاتجار وتبرر ذلك بأنه لو كان المتهم  يتجر لأعد لفافات صغيرة لتوزيع المخدر، ولضبط معه آلة تقطيع وميزان .

  1. المؤيد الجزائي:

عاقب المشرع السوري على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة 43 من

 قانون  المخدرات  بعقوبة الاعتقال المؤقت وبغرامة  من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة.

  1. خصائص المعاقبة:

تعد مسألة البدء بتنفيذ الجريمة واشكلية  التقادم من المواضيع التي لها  أثر هام على عقوبة الجريمة لذلك لابد من الإشارة إليهما لتمتعهما بخصائص مميزة في بعض جرائم المخدرات .

أ- الشروع:

ذكرنا أن الركن المادي للجريمة  المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة 43 من قانون المخدرات يتمثل في العديد من الأفعل: الحيازة ، الإحراز، الشراء، النقل، التسليم و الاستلام. ومن الواضح أن أيياً من فعلي الحيازة أو  الإحراز يجعلان هذه الجريمة من الجرائم الشيكلية.

وقد استقر الفقه الجزائي على أنيه لا يمكن نصور الشروع في الجرائم الشيكلية لأن الشروع يتطلب أن يكون للفعل نتيجة لكي نقول بخيبة النتيجة فالجرائم الشكلية لا يمكن أن تكون موقوفة أو خائبة.

إلا أن الفقرة أ من المادة 43 تضمنت أفعال أخرى من الممكن أن يتحقق بموجبها الركن المادي كالشراء، النقل، التسليم والاستلام. وهذه الأفعل من الممكن تصور الشروع فيها .

إن الجريمة المنصوص عليها في الفقرة أ المادة 43 من  قانون  المخدرات  جنائية الوصف، وبالتالي يعاقب على الشروع في ارتكابها وفقاً لاقواعد القانونية العامة المنصوص عليها في  قانون العقوبات العام،

حيث يجوز للقاضي تخفيض العقوبة المعينة في القانون، مع الإشارة إلى أن عقوبة الشروع الناقص أخف من عقوبة الشروع التام .

ب-  التقادم  :

إن مدد التقادم  فيما يتعلق بالجريمة المنصوص عليها في المادة 43 من  قانون  المخدرات  تبقى على ما هي عليه في النصوص القانونية النافذة ولا تضاعف هذه المدد.

والنصوص القانونية النافذة تقضي بأن تتقادم الدعوى العامة في الجرائم الجنائية بانقضاء عشرسنوات من تاريخ وقوع الجناية إذا لم تجر ملاحقة بشأنها .

أما العقوبات فإنها تتقادم بضعف مدة العقوبة التي حكمت بها المحكمة على ألا تتجاوزالعشرين سنة أو تنقض عن عشر سنوات إذا  كانت العقوبة مؤقتة. وتخفض مدد التقادم إلى النصف إذا كان الجاني من الأحداث .

ولابد من الإشارة إلى إنه إذا تمثل الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة 43 بفعلي الحيازة أو الإحراز فإنها تعد مين الجرائم المستمرة،

وبالتالي لا يبدأ التقادم على ارتكاب الجريمة إلا من تاريخ انقطاع هذه الاستمرارية، أي من اليوم التالي لخروج المخدر من حيازة الجاني.

فما دامت هذه الحيازة قائمة فإن ارتكاب الجريمة يتجدد باستمرار. أما إذا تجلى الركن المادي لهذه الجريمة بالأفعال الأخرى المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة 43 فإنها تعد من الجرائم الآنية التي يبدأ  التقادم  فيها من اليوم التالي لوقوعها.

Scroll to Top