تعريف الاستثمار ومجالاته ومزايا وعيوب كل نوع فيه

 تعريف الاستثمار

المقدمة:

   إن عالمنا اليوم هو عالم السرعة و التغير في التكنولوجيا, و أساليب الإنتاج, و التطور السريع و المستمر في نظام الإتصالات و عالم الأنترنت.

و كذا رسوخ ظاهرة العولمة بأبعادها الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية, و التغير المستمر في أذواق المستهلكين لصالح سلع جديدة تلبي طموحات الأفراد.

و في ظل هذه الظروف و السمات, يجد المستثمرين أنفسهم في تردد كبير في اختيار مجال الإستثمار الذين يوظفون فيه أموالهم, و كذا اختيار الأداة المثلى من الإستثمار التي تسمح لهم بتحقيق أكبر عائد ضمن مستوى معين من المخاطرة.

و من هنا تتبادر إلى أذهاننا الإشكالية التالية:

        على أيّ أساس يتم اختيار مجال الإستثمار, وما هي يا ترى الأداة المثلى التي تسمح للمستثمر بالحصول على أكبر عائد و أقل مخاطرة ؟

على ضوء هذا الإشكال, ارتأينا أن نقدم مجموعة أسئلة نلخصها في النقاط التالية:

  • ما الفرق بين أداة الإستثمار و مجال الإستثمار ؟ و ما هي العلاقة بينهما ؟؟
  • ما هي الأداة الأمثل و الأكثر استقطابا من قبل المستثمرين ؟

و للإجابة على هذه الأسئلة, نضع مجموعة من الفرضيات:

1- يقصد بمجال الإستثمار طبيعة النشاط الذي يوظف فيه المستثمر أمواله, أما الأداة فهي السوق التي ستوظف فيه أمواله. و العلاقة بينهما هي علاقة الجزء من الكل, أي أنّ مجال الإستثمار أشمل و أوسع من كلمة أداة.

2- تحتل المتاجرة بالأوراق المالية المرتبة الأولي, و هي بذلك الأداة الأكثر استقطابا من قبل المستثمرين.

و للإلمام بالموضوع من كل جوانبه, ارتأينا أن نقسم خطة البحث إلى فصلين:

– فصل أول يتناول مجالات الإستثمار, يتناول بدوره معيارين لتبويب مجالات الإستثمار, المعيار الأول هو الجغرافي, أما الثاني فهو المعيار النوعي.

– فصل ثاني يتناول أدوات الإستثمار, مقسم بدوره هو الآخر إلى ثلاثة مباحث, أدوات الإستثمار الحقيقي, أدوات الإستثمار المالي, و أدوات أخرى.

مجالات الإستثمار :

        يقصد بمجال الإستثمار نوع أو طبيعة النشاط الإقتصادي الذي يوظف فيه المستثمر أمواله بقصد الحصول على عائد.

وبهذا المفهوم فإن معنى مجال الإستثمار أكثر شمولا من معنى أداة الإستثمار.

فإذا ما قلنا بأن مستثمر ما يوظف أمواله في الإستثمارات المحلية, بينما يوظف مستثمر آخر أمواله في الأوراق المالية,الأجنبية فإّن تفكيرنا هنا يتجه نحو مجال الإستثمار.

أما لو قلنا بأنّ المستثمر الأول يوظف أمواله في سوق العقار بينما يوظف الثاني أمواله في سوق الأوراق المالية, فإنّ تفكيرنا في هذه الحالة يتجه نحو أداة الإستثمار.  

و عموما, وكما تختلف مجالات الإستثمار, تختلف أيضا أدوات الإستثمار المتوفرة في كلّ مجال, وهذا ما يوفر للمستثمر بدائل استثمارية متعددة تتيح له الفرصة لإختيار ما يناسبه منها.

و يمكن تبويب مجالات الاستثمار من زوايا مختلفة, ولكن من أهم هذه التبويبات المتعارف عليها نوعان هما:    أ- المعيار الجغرافي لمجالات الاستثمار

         ب- المعيار النوعي لمجالات الإستثمار.

-1المعيار الجغرافي لمجالات الاستثمار:

        تبوب الإستثمارات من زاوية جغرافية إلى استثمارات محلية و استثمارات خارجية أو أجنبية.

أالإستثمارات المحلية:

        تشمل مجالات الاستثمار المحلية جميع الفرص المتاحة للإستثمار في السوق المحلي,  بغض النظر عن أداة الإستثمار المستخدمة مثل: العقارات, الأوراق المالية و الذهب, والمشروعات التجارية.

ب- الإستثمارات الخارجية أو الأجنبية:

        تشمل مجالات الإستثمار جميع الفرص المتاحة في الاستثمار في الأسواق الأجنبية, مهما كانت أدوات الاستثمار المستخدمة.

و تتم الإستثمارات الخارجية من قبل الأفراد و المؤسسات المالية إمّا بشكل مباشر أو غير مباشر.

فلو قام مستثمر جزائري مثلا بشراء عقار في لندن بقصد المتاجرة, أو قامت الحكومة الجزائرية بشراء حصة في شركة عالمية مثل شركة مر سيدس, فإنه استثمار خارجي مباشر.

أما لو قام ذلك الشخص بشراء حصة في محفظة مالية لشركة استثمار جزائرية تستثمر أموالها في بورصة نيويورك, في هذه الحالة فإنّه استثماراً خارجيًا غير مباشر بالنسبة للفرد المستثمر, ومباشر بالنسبة لشركة الاستثمار.

مزايا الإستثمارات الخارجية و عيوبها:   

1- مزاياها:

– توفر للمستثمر مرونة كبيرة في اختيار أدوات الإستثمار.

– تهيئ له مبدأ توزيع المخاطر بشكل أفضل.

– تتميز بوجود أسواق متنوعة و متطورة.

– تتوفر في هذه الأسواق قنوات إيصال فعّالة و نشيطة.

– تتوفر الخبرات المتخصصة من المحللين و الوسطاء الماليين.

2- عيوبها:

– ارتفاع درجة المخاطرة و المتعلقة بالظروف السياسية.

– قد يكون لها تأثير على الإنتماء الوطني للمستثمر لأنه يسعى وراء مصالحه في الخارج بدلا من استثمارها في الوطن.

– احتمال ازدواجية الضرائب.

– مخاطر تغير القوة الشرائية لوحدة النقد و التي تنشأ عن تقلب أسعار الصرف العملة الأجنبية

-1-2- المعيار النوعي لمجال الإستثمار:    

     تبوب مجالات الاستثمار من زاوية نوع الأصل محل الاستثمار إلى استثمارات حقيقية أخرى مالية.

أ- الإستثمارات الحقيقية أو الإقتصادية:

        يعتبر الإستثمار حقيقيا أو اقتصاديا عندما يكون للمستثمر الحق في حيازة أصل حقيقي كالعقاّر, السلع, الذهب…ألخ.

و الأصل الحقيقي يقصد به كل أصل له قيمة اقتصادية في حدّ ذاته, و يترتب على استخدامه منفعة اقتصادية إضافية تظهر على شكل سلعة أو على شكل خدمة مثل العقار.

أمّا السهم, فهو أصل مالي, ولا يمكن اعتباره أصل حقيقي لأنه لا يترتب لحامله حق الحيازة في أصل حقيقي, و إنما لمالكه حق المطالبة بالحصول على عائد.

و عموما فإنّ جميع الإستثمارات المتعارف عليها عدا الأوراق المالية, هي استثمارات حقيقية, لذا يطلق عليها البعض مصطلح الاستثمار في غير الوراق المالية, كما يطلق عليها آخرون مصطلح استثمارات الأعمال و المشروعات.

و إذا كان عامل الأمان من أهم مزايا الاستثمار في الأصول الحقيقية, فإن المستثمر فيها يواجه عدة مشاكل أهمها:

* اختلاف درجة المخاطرة للاستثمار بين أصل و آخر, لأن هذه الأصول غير متجانسة.

* بسبب عدم توافر سوق ثانوي فعّال لتداول هذه الأصول.

* يترتب على المستثمر فيها نفقات غير مباشرة مرتفعة نسبيا (تكاليف النقل, التخزين…)

* يترتب الاستثمار فيها خبرة متخصصة و ذات دراية بطبيعة الأصل محل الاستثمار.

خصائص الأصول الحقيقية:   

من أهم الخصائص نذكر ما يلي:

  • غير متجانسة و هي بذلك تحتاج إلى الخبرة و المهارة و التخصص للتعامل بها.
  • لها قيمة ذاتية, و لها كيان مادي ملموس.
  • تتمتع بدرجة عالية من الأمان.
  • تحصل المنفعة فيها من خلال استخدامها
  • الاستثمار بها استثمار حقيقي يؤدي إلى زيادة الدخل الوطني, ويساهم في تكوين رأس مال البلد
  • قابليتها للتسويق منخفظة, و لذلك فسيولتها منخفظة.
  • يترتب عليها نفقات النقل و التخزين في حالة السلع, و الصيانة في حالة العقار.

ب- الإستثمار المالي:

        و تشمل الاستثمار في سوق الأوراق المالية حيث يترتب على عملية الاستثمار فيها حيازة المستثمر لأصل مالي غير حقيقي يتخذ شكل سهم, أو سند, أو شهادة إيداع…ألخ.

و الأصل المالي: يمثل حقا ماليا لمالكه أو لحامله, المطالبة بأصل حقيقي, و يكون عادة مرفقا بمستند قانوني, كما يترتب لحامله الحق في الحصول على جزء من عائد الأصول الحقيقية للشركة المصدرة للورقة المالية.

و ما يحدث في السوق الثانوية من عمليات بيع أو شراء للأسهم أو السندات فيعتبر نقل ملكية الأصل المالي, حيث يتخلى البائع عن ملكية لذلك الأصل (سهم، السند…) مقابل حصوله على المقابل, فخلال عملية التبادل هذه لا تنشأ أيّ منفعة اقتصادية مضافة للناتج الوطني, لكن هنا حالات استثنائية يترتب فيها على الاستثمار في الأصول المالية قيمة مضافة, و ذلك في حالات التمويل للمشاريع الجديدة, أو التوسع في النشاط….

خصائصه:

  • التجانس الكبير في وحداتها – وجود أسواق متطورة للتعامل بها
  • تعطي مالكها حق المطالبة بالفائدة أو الربح, عند موعد الإستحقاق في حالة السندات, و عند التصفية في حالة الأسهم.
  • ليس لها كيان مادي ملموس , فهي تحتاج إلى مصارف نقل و تخزين أو صيانة.
  • يحصل مالكها على منفعته منها في حالة اقتنائه لها عن طريق جهود الآخرين.
  • تتصف بدرجة عالية من المخاطر بسبب تذبذب أسعارها.

مزايا الإستثمارات المالية و عيوبها:  

1-مزاياها:

– وجود أسواق منظمة غاية التنظيم للتعامل بالأصول المالية.

– انخفاض تكاليف المتاجرة بالأوراق المالية مقارنة بالأوراق الاستثمارية الأخرى

– انخفاض تكاليف المتاجرة بالأوراق المالية مقارنة بأدوات الاستثمار الأخرى

– التجانس بين و حدات الأصول المالية.

– وجود وسطاء ماليين متخصصين يقدمون خدماتهم للمستثمرين العاديين مما يجعل للمستثمرين قادرين على الحصول على خدمات استثمارية جيدة, دون أن يكونوا خبراء في الموضوع.

و نظرا للتفوق الواضح للمزايا مقارنة بالعيوب, جعل الأسواق المالية أكثر مجالات الاستثمار استقطابا لأموال المستثمرين أفراداً أو مؤسسات.

Scroll to Top