مدخل الى الملكية الفكرية, ماهي ولماذا الاهتمام بها؟

 محامي-استشارة-قانونية

ما هي الملكية الفكرية ؟ قد تكون ملما بالإجابة على هذا السؤال إلى حد ما.

تعلم أن من يخترع آلة ما أو من يؤلف كتابا أو من يلحن قطعة موسيقية يعتبر عادة مالك العمل الذي قام به. وتعرف، لا شك، أنه يترتب على هذا المبدأ بعض التبعات القانونية إذ إنه لا يمكنك أن تنسخ هذه الأعمال أو أن تشتري نسخا منها بدون أن تأخذ بالاعتبار حقوق أصحابها. فمن الطبيعي أن تكون الرسوم والنماذج الصناعية الأصلية للمفروشات وورق الجدران وما شابه ملك شخص أو مؤسسة ما.

وفي كل مرة تشتري فيها هذه الأشياء المحمية يذهب جزء من المبلغ الذي تدفعه إلى ص احب الحق كمكافأة له على الوقت والمال والجهد والتفكير الذي بذله في ابتكار العمل. وقد أدى هذا النظام عبر السنوات إلى تطوير الصناعات كصناعة الموسيقى مثلا التي تزدهر وتنتشر على نطاق العالم وتحفز المواهب الجديدة على إنتاج المزيد من الابتكارات.

الجدول التالي يقترح بعض الأمثلة عن أشياء يمكن حمايتها باعتبارها ملكية فكرية بحسب القوانين الوطنية و/أو المعاهدات الدولية الخاصة بالملكية الفكرية.

البيانات الجغرافية بمنشأ

أنواع معينة من المنتجات

رسوم ونماذج الاشياء الاقراص المغناطيسية
الأسماء التجارية الصور الأداء العلني
العمليات الصناعية الشعارات البث ال‘ذاعي والتلفزيوني
الصيغ الكيميائية العلامات التجارية الفيديو
المواد الدوائر المتكاملة العاب الحاسوب
العطور الاختراعات براج الحاسوب

دعنا نبدأ بإعطاء تعريف دقيق للملكية الفكرية نستطيع أن نبني عليه أساسا متينا ترتكز عليه شروحاتنا اللاحقة لمختلف أنواع الملكية الفكرية والمعاهدات الدولية التي تحكمها.

أفضل نقطة للانطلاق في تعريف كلمة “ملكية“.

إن العنصر المشترك بين معظم أنواع الملكية هو أن للمالك الحرية المطلقة في استعمال ملكيته أو في منع الآخرين من استعمالها وذلك في نطاق ما يسمح به القانون.

يقتصر استعمال مصطلح ” الملكية الفكرية” في أيامنا الحاضرة على أنواع الملكية التي يبدعها الفكر الإنساني. وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) لم تحدد عبارة الملكية الفكرية بشكل واضح واختارت الدول التي قامت بصياغة مشروع الاتفاقية أن تقدم لائحة حصرية بالحقوق المتعلقة بالملكية الفكرية.

 وهذه الحقوق تشمل بحسب الفقرة الثامنة من المادة الثانية من ” اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية الموقعة في استوكهولم في 14 تموز/يوليو ۱۹۹۷”

ما يلي:

-المصنفات الأدبية والفنية والعلمية،

-إنجازات الفنانين القائمين بالأداء والفونغرامات و برامج الإذاعة والتلفزيون،

-الاختراعات في جميع مجالات الاجتهاد الإنساني،

-الاكتشافات العلمية،

-الرسوم والنماذج الصناعية،

-العلامات التجارية وعلامات الخدمة والأسماء والسمات التجارية،

-الحماية من المنافسة غير المشروعة،

وجميع الحقوق الأخرى الناتجة عن النشاط الفكري في المجالات الصناعية والعلمية والأدبية والفنية”.

لأسباب إدارية وتاريخية نجد أن الملكية الفكرية تشمل في العادة العناوين العريضة التالية :

.1. المصنفات الأدبية والفنية والعلمية (مثلا: الكتب)، وحماية هذا النوع من الملكية ترعاه القوانين المتعلقة بحق المؤلف.

٢. الأداء والبث الإذاعي والتلفزيوني (مثلا: الحفلات الموسيقية)، وحماية هذا النوع من الملكية ترعاه القوانين المختصة بالحقوق المجاورة لحق المؤلف.

٣. الاختراعات (مثلا: نوع جديد من المحركات النفاثة)، وحماية الاختراعات تتم بواسطة القوانين الخاصة بالبراءات.

4- الرسوم والنماذج الصناعية (مثلا: شكل زجاجة مشروب بارد). وحماية الرسوم والنماذج الصناعية تتم بواسطة التشريعات الخاصة بها أو من خلال قوانين الملكية الصناعية أو من خلال قانون حق المؤلف.

5- العلامات التجارية وعلامات الخدمة والأسماء والسمات التجارية (مثلا: شعار الشركة أو البيانات الجغرافية للسلع ذات المنشأ الفريد كجبنة روكفور). وثمة طرق عديدة لحماية هذه العلامات سيتم تناولها بالتفصيل في الوحدة المخصصة للعلامات التجارية.

6- الحماية من المنافسة غير المشروعة. ( مثلا: الادعاءات الكاذبة ضد مشروع الغير أو تقليد سلع الغير بهدف خداع الزبون). سوف تتناول بعض الوحدات موضوع المنافسة غير المشروعة كما ستخصص له وحدة دراسية مستقلة.

يشمل لفظ (القوانين) القوانين القومية والاتفاقيات الدولية المعاهدات ، الاتفاقيات وما شابها من الاتفاقات الحكومية الداخلية

 

لماذا الاهتمام بحقوق الملكية الفكرية ؟

السبب الأول للاهتمام بحماية الملكية الفكرية هو الرغبة في تأمين العدالة التي تسمح لأي شخص جها ووقتا في ابتكار عمل ما بأن ينتفع ماديا من عمله هذا.

والسبب الثاني هو أن الحماية الممنوحة للملكية الفكرية تشجع المبدعين كثيرا على القيام بمزيد من الابتكارات، نظرا للمردود المادي لأعمالهم هذه فتنمو بذلك وتزدهر الصناعات والشركات القائمة على تلك الابتكارات.

خير مثال على ما سبق ذكره هو صناعة الدواء في العالم. إذ أن طرح دواء في السوق يتطلب استثمارات لمدة طويلة ومصاريف في مجال البحث والتطوير (وقت كثير في المختبرات العلمية وفي الأبحاث والتجارب وفي الحصول على الموافقة المطلوبة للتسويق) وهذا كله يكلف أموالا طائلة تقدر بآلاف الدولارات (أو الماركات أو الينات أو الليرات لا فرق) يستوجب إنفاقها قبل طرح الدواء في السوق. وبالتالي، وفي حال عدم وجود حقوق الملكية الفكرية تمنع المنافسين من صنع الدواء ذاته فإنه ما من مصلحة للشركة التي صنعت هذا الدواء بأن تنفق الوقت والجهود والأموال من أجل تطويره.

ففي غياب الحماية التي يؤمنا نظام براءات الاختراع، قد تواجه هذه الشركة خسائر اقتصادية ضخمة بسبب الحرية المطلقة لمنافسيها بالانتفاع من جهودها.

وفي غياب الحماية التي يوفرها نظام العلامات التجارية لا تتمتع هذه الشركة بالسمعة التجارية المطلوبة من خلال إخلاص الزبائن لعلامتها التجارية والذي يجعلها تستمر في السوق لمدة أكثر من تلك التي تؤمنها الحماية بواسطة البراءة وحدها.

وفي غياب الحماية التي تصونها القوانين والمعاهدات الخاصة بالملكية الفكرية فإن هذه المؤسسات التجارية الدوائية لن تبذل أي مجهود في مجال البحث بهدف إنتاج أدوية جديدة.

يبين هذا المثل بشكل واضح أنه من دون الحماية الموضحة أعلاه ستكون الصحة في العالم أكثر تدنية مما هي عليه الآن .

تساعد حقوق الملكية الفكرية على حماية الإبداعات الثقافية الشفهية وغير المسجلة في بعض البلدان ولاسيما البلدان النامية، وهذا ما يعرف بحماية الفلكلور الفن الشعبي). وتسمح هذه الحماية للدول وللسكان الأصليين بالاستفادة من العائد المادي ومن الأرباح الناتجة عن هذه الحماية.

 

الأسباب التي تدفع الدول لسن تشريعات وطنية وللتوقيع على اتفاقيات إقليمية أو دولية في مجال حقوق الملكية الفكرية تشمل:

تشجيع الإبداع الفكري من خلال توفير الحماية له؛ الاعتراف الرسمي بالمبدعين؛ خلق بنوك للمعلومات تتضمن معلومات حيوية؛ تسهيل نمو الصناعة والثقافة المحلية والتجارة الدولية من خلال المعاهدات التي تقدم الحماية المتعددة متعددة الأطراف.

سوف نتناول في الوحدات اللاحقة مجالات الملكية الفكرية التي تم ذكرها سابقاً.


نقلاً عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية

Scroll to Top