الكونتيسة الدموية في المجر

تستحم بدماء ضحاياها من أجل الحفاظ على شبابها! I

قصة أغرب من الخيال .. لكنها حقيقية .. عن كونتيسة هنغارية التي حولت قلعتها إلى مسلخ بشري من أجل المحافظة على جمالها !!

قامت بقتل وتقطيع أوصال 650 فتاة بريئة لتستحم بدمائهن، ورغم وجود الوثائق التي تؤكد حدوث هذه الجرائم، ورغم العثور على أوراق المحاكمات التي أجريت للكونتيسة ومعاونيها في مطلع القرن السابع عشر، إلا أن هناك اليوم بعض المؤرخين ممن يقدحون في صحة تلك الوثائق التاريخية، ويعدونها جميعها ملفقة لغرض تصفية حسابات سياسية خاصة مع عائلة الكونتيسة ذات النفوذ الكبير في الدولة آنذاك ..

على كل حال .. إليك عزيزي القارئ القصة المخيفة والمثيرة لكونتيسة الدم الهنغارية .

عندما تتجمع قوى الشر جميعها في قلب امرأة، وترمي قذائفها الفتاكة على البشرية، فتتناثر الدماء على مرايا التاريخ، لتفتح الأيادي من خلف تلك المرايا على قصة أشهر مصاصة دماء في التاريخ البشري حملت بجدارة لقب «دراكيولا النساء» إنها الكونتيسة المجرية «إليزابيث باثوري»، والتي أهداها التاريخ الدموي وسام «كونتيسة الدم».

فمن خلف جبال (قربيزيا) وبالذات في القرن السادس عشر تعالت صرخات فتيات أشبه بأشباح الظلام، فقد كانت تلك الجبال تخبئ خلفها أسطورة الشر، ومصاصة دماء حقيقية، أي أن ما ينسجه التاريخ عنها هنا ليس مقطوفاً من الخيال بل حقيقة مخيفة، إذ اهتز التاريخ وهو يبصر ملامح الشر قد تجمعت كلها في قلب امرأة عاشت حياتها تقتات على لحوم الفتيات العذاري، وتشرب دماءهن.

ففي عام 1561م أسكبت قوى الشر في شمال غرب هنجاريا «المجر» وقد تناثرت جميعها داخل قلب طفلة آية في الجمال ولدت للتو دعى «إليزابيث باثوري» من أب يدعى «جورج» وأم تذعی «آنا». .

ترعرعت الطفلة إليزابيث مع أختين أكبر منها: «أنسشیکا وساندرا»، وقد وشمت على وجوه أفراد عائلتها جميعاً شامة العدوانية وسوء الخلق، وفي عام 1569م  أكملت إليزابيث عامها التاسع، وفي هذه الأثناء اشتعل فتيل ثورة «أزسید» بقيادة المزارعين، ونتج عن هذه الثورة الجرائم البشعة والاعتداءات والتعذيب.

وبينما كانت الثورة في أوج اشتعالها أبصرت إليزابيث مشهدا نحت بذاكرتها وهي مختبئة بذعر خلف الأشجار، فلقد أبصرت المزارعين وهم يقتلون أختها، وبعد أن هدأت نيران الثورة تم تعذيب المزارعين أمام عيون الصغيرة «إليزابيث».

وفي عام 1975م  أمسكت الكونتيسة «إليزابيث» بقبضة الأفراح بزواجها من الكونت «فرنسيس ناداستي»، ولكن زوجها للأسف قد نقش في قلبه عتمة القسوة، فقد كان يتلذذ بمشاركته في الحملات الجائرة ضد الأتراك بتعذيب أسراهم، وذلك بتقطيع رؤوسهم، وإقامة الحفلات الراقصة بجوار جثثهم، حتى إن التاريخ الدموي ليخبرنا بأنه تفنن في إعطاء زوجته الدروس المهمة في فنون التعذيب، وكان لها المعلم الماهر في ذلك!

وفي عام 1585م انتشرت ألحان السعادة في قصر إليزابيث بعد إنجابها ابنتها الأولى (آنا)، إلا أن الأمومة لم تجعلها تتشبث بثار الرحمة، وفي هذه الأثناء كان زوجها الخبير العسكري بعيدا عنها يزور عائلته لفترة قصيرة فقط، فبدأ عقلها يسبح في شطآن الكآبة والوحدة، وبدأت تطرد الضجر بجوار خادماتها الصغيرات اللاتي لم يتجاوزن سن الأربعة عشرة عاماً حسب أوامرها.

وكانت إليزابيث تختارهن وفق مزاجها.

وفي عام 1594م بدأت قوى الشر تتفاقم بطريقة غريبة عند إليزابيث بعد أن اختارت الخادم الأعرج «جانوس» والذي برع في مساعدتها في سلسلة تعذيب خادماتها، أي كان اليد اليمنى لها.

وفي عام 1598م أنجبت إليزابيث الابن الوحيد لها (باول) والذي أبصر الدنيا بعد ولادة أخواته الثلاث «آنا وأورسولا وكاترينا»، ويعد عام 1604 م العام الذي شهد العديد من الأحداث المرعبة التي خلقت الغيوم السوداء، فلقد رحل زوجها الدوق فرنسيس»، لتقرر إليزابيث بعد مرور أربعة أسابيع من رحيله ترك القصر إلى فيينا، ولتعتني بممتلكاتها الواسعة الممتدة في صربيا وسلوفاكيا.

وفي ظل هذه التغيرات ظهرت من بين أشباح الظلام امرأة شريرة في حياة إليزابيث دعی: «آنا دار فوليا» ومع طلتها المقيتة بدأ القتل يسلك الطرق الأكثر وحشية، ولكي تحقق إليزابيث مرادها في حلقات التعذيب هذه طردت أم زوجها مع أبنائها الأربعة من القصر الملكي.

وبدأت هنا رحلة التعذيب المتوحشة للخادمات الصغيرات والتي اتخذت فيها أبشع الطرق، حيث كانت إليزابيث تتبع أسلوب غرس الدبابيس على الشفتين العليا والشفلى للخادمات، وغرسها كذلك بأماكن متفرقة على لحم أجسادهن، كما كانت تجبرهن على البقاء طويلاً داخل مياه النهر الشديد البرودة في فصل الشتاء القارس.

ومن أساليبها البشعة التي تفننت بها أنها كانت تصب الماء المغلي على الخادمات، وتحرق شعورهن بالنيران الظامئة للمزيد من الضحايا، وإذا ما أخطأت خادمة في ربط یاقتها بدقة وإتقان يكون عقابها بطعن وجهها الناعم بالحديد الساخن.

ووصلت بالفعل إلى قمم الوحشية، حيث كانت تجبر – قسراً- الفتيات على الإمساك بنقود ومفاتيح تضيء باللون الأحمر المكتسب لونه من عملية تحميرها بالنيران وشدة سخونتها.

ومن غرائب المشاهد الجريئة حقاً أنها كانت تطلي الفتيات بالعسل وتخرجهن لمدة يوم كامل ليصبحن تحت غزو الحشرات، وكانت تجبر خادماتها على الصوم عن الطعام والشراب لعدة أيام، وعندما يشتعل غضبها تضع أصابعها المتصلة بمخالبها الحادة في زوايا فم إحدى الفتيات، ثم تجر أطراف فم الفتاة حتى تتقطع زوايا الفم، وكانت كذلك وبدون رحمة تقطع أصابع خادماتها بالقص.

قتلت الكونتيسة الدموية المزيد من الفتيات الشابات اللواتي كان خدمها يأتون بهن من قرية الفلاحين الفقيرة الواقعة على سفح الجبل، كانوا يخدعون الفتيات الخدمات زاعمين بأنهن سيحصلن على عمل مريح كخادمات في قلعة الكونتيسة وبرواتب مرتفعة، وما أن تنطلي الحيلة على الفتاة و تخطو إلى داخل قلعة الموت حتى تصبح خطواتها تلك هي الأخيرة في حياتها، كان مساعدو الكونتيسة يقتلونها ببشاعة لكي تتمكن سيدتهم من أخذ حمامها التنموي اليومي!.

ورغم الجمال الساحر للكونتيسة إليزابيث التي وصفت به لكونها أجمل نساء بريطانيا آنذاك إلا أنها كانت لا تحمل في داخلها ذرة جمال روحي، وعندما بلغت سن الثالثة والأربعين بدأت تجاعيد الزمن تسطو على ملامحها الجميلة، حتى لجأت للأطباء للتخلص منها دون أن تجد حلا لذلك!

وأخيرا طرقت يوماً باب ساحرة نصحتها بشرب دماء فتاة عذراء لتعيد شبابها المفقود، فقام حراسها بتلبية الأوامر يتنقلون بكر بين الأرياف الفقيرة، وذلك لخطف الفتيات العذاري يومياً، وتعليقهن بسلاسل لإحضارهن للقلعة، ومن ثم تأخذ دماءهن التشربها الكونتيسة إليزابيث، وبعض الروايات التاريخية تخبرنا بأنها كانت تأكل لحوم الفتيات الشابات بالإضافة إلى شرب دمائهن لتستعيد نضارة الشباب !

لكنها أحست بأن دماء الفلاحات القادمات من القرية له مفعول قليل الأثر على بشرتها، لذلك تطلعت للحصول على نوعية أفضل من الدماء، وقد وجدت ضالتها في فتيات الطبقة النبيلة اللواتي كانت عائلاتهن ترسلهن إلى قلعة الكونتيسة لكي يتعلمن منها أصول التصرف والتحدث بلباقة (الإتيكيت) في حفلات و تجمعات طبقة المجتمع الراقي، وقد لاقى عدد كبير من أولئك الفتيات النبيلات نفس المصير الأسود الذي تجرعته قبلهن بنات الفلاحين الفقراء.

لكن مع اختفاء فتيات العائلات النبيلة، ولأن الكونتيسة أصبحت أكثر تهوراً في اقتراف جرائمها. بدأت بالتدريج تنتشر شائعات كثيرة هنا وهناك حول مصير فتيات قلعة «كسيتز» المفقودات اللواتي أخذت أعدادهن تزداد يوما بعد آخر.

وأصبحت شكوى النبلاء الذين فقدوا بناتهم تصل تباعاً إلى أسماع إمبراطور «هنغاريا » الذي أصدر في النهاية أوامره لرئيس الحكومة بإرسال قواته إلى قلعة الكونتيسة تحري ما يجري هناك.

وفي 30 ديسمبر 1610م دخلت مجموعة من الجنود إلى قلعة الكونتيسة ليلا .. في الداخل كانت تنتظرهم مشاهد مرعبة بكل معنى الكلمة، ففي وسط البهو الكبير كانت هناك فتاة ميتة لا توجد قطرة دم في جسدها ؛ فتاة أخرى كان جسدها ينزف لكنها كانت لا تزال على قيد الحياة، وفي قبو القلعة اكتشفوا مجموعة من الفتيات اللائي كن ينتظرن مصيرهن الأسود في زنزانات صغيرة وقذرة حالكة الظلام، وبالقرب من سور القلعة على سفح الجبل اكتشف الجنود بقايا بشرية لأكثر من 50 فتاة.

في أثناء محاكمة الكونتيسة عام 1611م اكتشف المحققون أسماء 650 ضحية في دفتر ملاحظاتها ؛ لقد كانت محاكمتها من أكبر المحاكمات في تاريخ هنغاريا، ولا تزال وقائعها محفوظة حتى اليوم.

جميع معاوني الكونتيسة حُكم عليهم بالإعدام، تم شنقهم ثم أحرقت جثثهم ؛ لكن الكونتيسة، وبسبب مركزها الاجتماعي لم تحاكم .. بل وحتى لم تحضر إلى المحكمة، لكن الإمبراطور أمر بحبسها في قلعتها، حبسوها في غرفة نومها ثم أغلقوا عليها جميع النوافذ والأبواب بالحجارة، وكانوا يوصلون الطعام والماء إليها عبر فتحة صغيرة في الجدار .

وفي عام 1614م، أي بعد أربعة أعوام على سجن الكونتيسة في قلعتها، عثر حراسها عليها منكفئة على وجهها في وسط زنزانتها المنزلية وقد فارقت الحياة؛ إليزابيث باثوري أو الكونتيسة الدموية كانت في الرابعة والخمسين حين فارقت الحياة .

Scroll to Top