أسباب الإرث وشروطه في الفقه والقانون السوري

محامي

مقدمة عن الإرث

الشريعة الإسلامية تعد الإرث حق مشروع بناء على إباحتها للملكية الفردية، وكل ما يجوز تملكه جاز توريثه.

والشريعة الإسلامية عندما أباحت الإرث وضعت نظام دقيقة وعادلا في توزيعه على أقارب الميت. وبشكل فريد ليس فيه ظلم لأحد، وكما تهدف الشريعة من وراء نظام الإرث وإباحتها للإرث توزيع الثروة على الناس بشكل عادل حتى لا تتكدس الأموال والثروات في يد قلة قليلة من الناس في المجتمع. وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع المال.

مكانة علم المواريث في الشريعة الإسلامية:

المواريث جمع میراث ، وهو اسم لما يورث عن الميت من أموال بعد الوفاة. ويسمى هذا العلم ((علم الفرائض)) وهو جمع فريضة، بمعنى مفروضة من الفرض والتقدير، لأن بعض الورثة لهم نصيب معلوم من الشارع، وهم أول من يأخذون نصيبهم من التركة.

ويسمى العالم بهذا العلم (( فرضية وفارض)).

وقد عرف الفقهاء علم المواريث بأنه:

(( علم بقواعد فقهية وحسابية يعرف بها نصيب كل واحد من التركة))

وقد جاءت أحكام المواريث في الشريعة مفصلة تفصيلاً كاملاً ودقيقاً، وهي جزء من نظام المال في الإسلام يوضح الحقوق المتعلقة بأموال الإنسان وتركته بعد وفاته، ويوضح من يستحق الميراث ممن لا يستحقه، ونصيب كل وارث.

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم الفرائض، وبين أنها أول ما يرفع من العلم من الأرض فقال :

(( تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإنها نصف العلم، وهو أول شيء ينزع من أمتي)).

ويستمد علم المواريث أحكامه من القرآن والسنة النبوية والإجماع واجتهادات الصحابة الكرام.

– أركان الإرث :

للإرث ثلاثة أركان وهي:

1- المورث: وهو الميت الذي ينتقل بموته أمواله إلى الورثة.

2- الوارث: وهو الذي يستحق الإرث بأحد أسبابه من الميت.

3- الموروث: وهو التركة التي يخلفها الميت المورث بعد موته، والتي تورث من بعده وتنتقل اللورثة وقد اختلف الفقهاء في تحديدها.

تحديد التركة:

ذهب الحنفية إلى أن التركة هي الأموال والحقوق المالية التي كان الميت يملكها، وهي تابعة للأموال أو موثقة أو معينة أو خادمة.

أما الحقوق الشخصية التي لا علاقة لها بالأموال، ولا تعد أموالا في ذاتها، فلا تنتقل بالإرث.

فالتركة تشمل ما يلي:

1- الأموال بجميع أنواعها منقولة كانت أم عقاراً، وسواء كانت بيد الميت عند الوفاة أم بيد وكيله أم بيد مغتصب، وكذلك تشمل ديون الميت على الغير، وحقوقه التقاعدية إن كان موظف.

2- الحقوق العينية التي ليست مالاً ولكنها تقوم بالمال أو متصلة بالمال، مثل حق العلو والمسيل والمرور والرهن.

3- خيارات الأعيان مثل خيار العيب، وخيار التعيين، وخيار الوصف، فإن هذه الخيارات تنتقل للورثة.

ويخرج من التركة ما يلي:

1- المنافع لأن المنافع عند الحنفية ليست أموالا مثل الإجارة والإعارة، فالإجارة تنتهي بالموت ولا تنتقل للورثة.

2- قبول الوصية: وذلك في حال ما إذا مات الموصى له قبل الرد أو القبول، وغد عدم الرد قبولاً ولزمت الوصية.

3- الخيارات الشخصية: كخيار الشرط، وخيار الرؤية، وحق الشفعة، لأنها خيارات شخصية.

إذن فالخلاصة: أن الحنفية عدوا كل ما كان مالاً أو حقاً تابعة له فهو من التركة، وما كان حقاً شخصياً فليس من التركة.

بينما وسع جمهور الفقهاء مفهوم التركة بما يشمل المنافع لأنها أموال الحقوق الشخصية أيضاً كالخيارات التي تتعلق بالعقود.

موقف القانون السوري :

لم يتعرض القانون السوري لمفهوم التركة، وبمقتضى المادة 305 منه يطبق الراجح من المذهب الحنفي فيعمل به في القضاء.

 

أسباب الإرث 

للإرث ثلاثة أسباب:

1- عقد الزواج الصحيح:

فمتى تم عقد الزواج بين رجل وفتاة، وكان العقد بينهما صحيحاً ثبت التوارث بينهما، ولو مات قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة.

وإذا تم الطلاق وكان رجعياً، فإنهما يتوارثان إذا مات أحدهما خلال العدة، لأن الطلاق الرجعي لا يقطع الزوجية تماما خلال العدة.

أما المعتدة من طلاق بائن فإنها لا ترث من زوجها إذا مات خلال عدتها، لأنه يقطع الزوجية سواء كان الطلاق بائنة بينونة صغرى أم كبری.

واستثنى جمهور الفقهاء عدا الشافعية المطلقة طلاق فرار فإنها ترث من زوجها إذا مات خلال عدتها وهو ما أخذ به القانون السوري في المادة ( 116 ).

كما أنه لا توارث بين الزوجين في الزواج الفاسد ومن باب أولى في الزواج الباطل.

2- قرابة النسب:

وهي كل صلة سببها الولادة، وهذا النوع يشمل ثلاثة أنواع من الإرث وهي: الإرث بالفرض، والإرث بالتعصيب، وذوي الأرحام.

3- النسب الحكمي أو ولاء العتاقة:

فمن أعتق عبداً ثم مات العبد ولا وارث له، ورثه السيد الذي أعتقه.

 موقف القانون السوري :

نص القانون السوري في المادة (263) على السببين الأول والثاني من أسباب الإرث، وهما النسب والزوجية، ولم يذكر ولاء العتاقة، لأنه غير موجود الآن، وأصبح من التاريخ بإلغاء نظام الرق.

فقد نصت المادة (263) على ما يلي:

  1. أسباب الإرث الزوجية والقرابة.
  2. للإرث ثلاث طرائق: الفريضة المقدرة، أو العصوبة، أو حق الرحم.

3- يكون الإرث بالقرابة بطريق الفرض أو العصوبة أو بهما معاً، أو بالنصيب الرحمي.

فإذا كان لوارث جهتا إرث، ورث بهما معا مع مراعاة أحكام المادتين 271، 296.

والمادتان ( 271،296 ) تتعلقان بنصيب الجدات في الميراث ونصيب ذوي الأرحام كما سیمر معنا.

 

شروط الإرث

شروط استحقاق الإرث ثلاثة وهي:

1″- موت المورث حقيقة أو حكماً أو تقديراً، والمقصود بالموت الحكمي حكم القاضي بموت المفقود، وأما تقديراً فكالجنين الذي سقط بضرب، فإنه يحكم بحياته تقديراً حتى تورث عنه ديته.

2″- تحقق حياة الوارث عند موت المورث حقيق أو تقديرة كالحمل.

3″- عدم قيام مانع من موانع الإرث بالمورث.

– موقف القانون السوري:

نص القانون في المادة (260) والمادة (261) على الشرط الأول والثاني من شروط استحقاق الإرث مع بيان شرط وراثة الحمل.

نصت المادة 260 على ما يلي:

  • يستحق الإرث بموت المورث أو اعتباره ميتا بحكم القاضي.
  • يجب الاستحقاق الإرث تحقق حياة الوارث وقت موت المورث أو وقت الحكم باعتباره ميتاً، ويكون الحمل مستحقا للإرث إذا توافر فيه ما نص عليه في المادة 236.

ونصت المادة (261) على ما يلي:

إذا مات اثنان ولم يعلم أيهما مات أولا فلا استحقاق لأحدهما في تركة الآخر، سواء أكان موتهما في حادث واحد أم لا.

وقد تعرضت المادة (236) المذكورة سابقة لشروط الوصية للحمل.

Scroll to Top