اجراءات دعوى التنصل ( الأصلية والفرعية ) والحكم فيها ونتائجها

 

اجراءات دعوى التنصل ( الأصلية والفرعية ) والحكم فيها ونتائجها

إجراءات دعوى التنصل

میز قانون الأصول بين نوعين من التنصل: التنصل الفرعي والتنصل الأصلي:

1- التنصل الفرعي:

تنص المادة (481/أ أصول محاکمات) على أنه إذا كان التنصل من عمل متعلق بخصومة قائمة وجب أن يحصل باستدعاء يقدم إلى المحكمة الناظرة في الدعوى يبين فيه موضوع التنصل وأسانيده وطلبات المتنصل”.

والمقصود بالخصومة القائمة بالنسبة لأحكام التنصل هي تلك التي مازالت منظورة أمام المحكمة، أو التي صدر بها حكم لما يصبح نهائيا بعد”.

 فقد أناط المشرع بالمحكمة الناظرة بالدعوى الأصلية اختصاص النظر في دعوى التنصل من الإجراء المراد التنصل منه والذي تم أمامها، بحسبانها أقدر من غيرها على تقرير ما إذا كان الوكيل قد قام بهذا الإجراء من دون تفويض خاص، وما يترتب عليه من آثار بالنسبة للموكل والخصوم،

فإذا كانت الدعوى تنظر أمام محكمة الاستئناف ووقع التنصل أمام هذه المحكمة، كان من اختصاصها النظر في دعوى التصل.

 ولكن إذا تم العمل أمام المحكمة البدائية، وعلم به الموكل عند وجود الدعوى أمام محكمة الاستئناف، فالمرجع المختص بنظر دعوى التنصل هو محكمة الاستئناف لا المحكمة البدائية، لأن المشرع أعطى صلاحية النظر في دعوى التنصل للمحكمة الناظرة في الدعوى وليس للمحكمة التي جرى أمامها التصرف المتنصل منه”، وهو استثناء من مبدأ التقاضي على درجتين، وربما من قواعد الاختصاص النوعي والمحلي قرره المشرع بالنظر للطبيعة الخاصة الدعوى التنصل.

ومن وجهة نظر القانون والاجتهاد فإنه إذا كان الإقرار – مثلا – قد وقع في دعوى مازالت قائمة، فإن طلب التنصل الأصلي غير مقبول، وإذا كانت تلك الدعوى قد انتهت بحكم ليس مبرمة ولما يكتسب الدرجة القطعية بعد، وانما كان قابلاً لطرق الطعن المقررة في القانون فإن طلب التنصل الأصلي يكون غير مقبول، وإنما يمكن للمتنصل أن يطعن بذلك الحكم ويثير مسألة التنصل بذات الوقت في ادعائه ووقتها يكون التنصل فرعياً لا أصلياً.

على أنه لا يقبل طلب التنصل من أجل عمل متعلق بخصومة قائمة إذا رفع بعد مضي ستة أشهر من تاريخ ذلك العمل (م 482 أصول محاكمات)، والعبرة في سريان ميعاد هذه الدعوى لا بعلم الموكل بالعمل المراد التنصل منه، إنما من تاريخ وقوع العمل الذي أتاه الوكيل ..

وهذا مفهوم قانوني موضوعي قرره المشرع ليحمل الموكل مسؤولية اختياره لوكيله في الخصومة، وليظل على اتصال دائم به وعالمة بجميع ما يقوم به من تصرفات بحسبان الموكل لا المحامي هو الطرف في الخصومة.

وفي تحديد هذا الميعاد رعاية لمصلحة الخصم الذي وقع العمل المراد التنصل منه لمصلحته، ولذا يحق لكل من الوكيل والخصم طلب رد دعوى التنصل لرفعها بعد مضي هذا الميعاد القانوني، إلا أن هذا الميعاد لا يتعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة إثارته أو رد الدعوى من تلقاء نفسها لعلة تقديمها بعد انقضاء ستة أشهر، وقد لا تقبل دعوى التنصل بالرغم من عدم انقضاء مدة ستة الأشهر من تاريخ العمل المتنصل منه، كما لو قام الوكيل بالعمل بحضور موكله ولم يتنصل منه أو ينفيه في أثناء نظر القضية في الجلسة نفسها، إذ يعد سكوته – كما مر- إقرارة بصحة العمل.

 وكذلك إذا صدر بالدعوى الأصلية حكم بني على العمل الصادر عن الوكيل واكتسب الحكم المذكور قوة القضية المقضية، فلا تقبل دعوى التنصل منه، وإن لم تكن مدة ستة الأشهر قد انقضت من تاريخ العمل (م 484 أصول محاکمات).

وعلى الرغم من أن المشرع لم ينص على ضرورة وقف النظر في الدعوى الأصلية إلى حين الفصل في دعوى التنصل، فإن بعضهم ذهب إلى أنه ينبغي على المحكمة أن تقرر وقفها إذ قد تؤثر نتيجة الحكم في دعوى التنصل في مراكز الخصوم في الدعوى الأصلية ، والحقيقة أن التحقيق في طلب التنصل الفرعي يكون كأي طلب أو دفع يقدم في أثناء سير الخصومة، ويصير جزء منها، ويتحدد به نطاقها.

٢- التنصل الأصلي:

 إذا كان التنصل من عمل غیر متعلق بخصومة قائمة، وقع طلب التنصل منه بدعوى تقدم بالطرق المعتادة إلى المحكمة التي يقع موطن المدعى عليه في دائرتها (م 483 أصول محاكمات).

 وتحديدا محكمة البداية استناداً إلى اختصاصها الشامل.

 والاجتهاد مستقر على أن التنصل بشأن عمل اتخذ أمام محكمة الدرجة الأولى أو الثانية لا يصح أن يقدم إلى محكمة النقض، إنما يتعين الالتجاء إلى دعوى التنصل الأصلية، إذ المقصود بالخصومة القائمة بالنسبة الأحكام التنصل هي تلك التي مازالت منظورة أمام المحكمة أو التي صدر بها حكم لما يصبح نهائيا بعد، فضلا عن أن طبيعة دعوى التنصل الفرعية وما تقتضيه من بحث الوقائع يتنافى مع عمل محكمة النقض وطبيعة اختصاصها” .

والحقيقة أنه لا محل للتنصل في هذا الفرض، لا أصلياً ولا فرعياً، لأن صدور القرار عن محكمة الاستئناف بالدرجة الأخيرة يجعله حائز قوة القضية المقضية، ولا يقبل الادعاء بالتنصل من عمل بني عليه حكم حاز قوة القضية المقضية (م 484 أصول محاکمات).

إنما يجوز التنصل من الصلح الواقع أمام محكمة النقض التي وضعت يدها على الخصومة الجارية في الدعوى بمقتضى الطعن الواقع على الحكم”.

فالتنصل الأصلي يستلزم ألا تكون هنالك خصومة قائمة عند قيام الوكيل بالتصرف كأن يقبل الوكيل صلحا أو تحكيمة في قضية للموكل قبل رفع الدعوى بها ومن دون تفويض خاص، ولكن إذا وقع العمل المراد التنصل منه في أثناء قيام الدعوى وانتهت بحكم اكتسب الدرجة القطعية، وكان الحكم الذي اكتسب الدرجة القطعية قد بني على هذا العمل فلا يقبل الادعاء بالتنصل.

ولم ينص المشرع على ضرورة رفع دعوى التنصل الأصلية خلال مدة معينة، لذلك يجوز تقديم هذه الدعوى طالما لم يكتمل التقادم المانع من سماع الدعوى”.

الفصل في دعوى التنصل ونتائجها 

 “إن التنصل من الحوادث أو الأوضاع التي تطرأ على الدعوى وتقتضي من المحكمة أن توقف السير بها حتى ينتهي هذا الحادث أو الوضع الطارئ أي حتى الفصل في هذا الطارئ..

 ولم يحدد المشرع مهلة معينة للرد على دعوى التنصل، كما لم يحدد مهلة للحكم بها، إنما نص على ضرورة الحكم فيها على وجه السرعة (م 485/أ أصول محاکمات). وسواء أكانت دعوى التنصل فرعية أم أصلية، فإنه يترتب على الحكم بقبولها إلغاء التصرف المتنصل منه، ويلزم الوكيل بالتعويض قبل المتنصل وقبل غيره من الخصوم عند الاقتضاء، بناء على طلب المتضرر. واذا حكم برفض التنصل ألزم المتنصل بغرامة مقدارها ثلاثة آلاف ليرة سورية، وبالتعويض لمصلحة الوكيل بالخصومة ولباقي الخصوم الذين وجهت إليهم إذا قدموا طلبة، وطلبوا الحكم لهم قبل المتنصل بالتضمينات إن كان لها وجه، وتختص المحكمة عندها بهذه التضمينات ” (م 485 أصول).

Scroll to Top