مقالة عن جرم وهن الأمة واضعاف الشعور القومي للدكتور محمد الفاضل

حول “وهن نفسية الأمة” و”إضعاف الشعور القومي”!!!

في الواقع هذه التعابير الفضفاضة في قانون العقوبات والتي تثير حفيظة الجميع، لم تمرَّ مرور الكرام على علماء القانون أبداً، وإنما وضعوها تحت مجهر النقد والتفنيد منذ عقود، 
فها هو الفقيه الكبير المرحوم الدكتور “محمد الفاضل” انتقدها في مرجعه النفيس “الجرائم الواقعة على أمن الدولة” قائلاً أن:
التعبيرات التي استخدمها الشارع هنا وهناك في تجريم الأفعال الماسّة بأمن الدولة غير واضحة المعالم ولا محددة الأطراف، وظلال الألفاظ متموجة تكاد تتسع لكل شيء ….
ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة 285 عقوبات من قام بدعوة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي…
والمادة 286 التي تعاقب من نقل أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة…

ويتابع قائلاً بشيء من التهكم:
ومن ذا الذي يستطيع أن يعين فحوى الدعاوى التي ترمي إلى “إضعاف الشعور القومي”؟ أو أن يحدد الأنباء التي من شأنها أن “توهن نفسية الأمة”؟

بينما الأصل في النصوص الجزائية على حد تعبير الدكتور الفاضل، أن تتسم بدقة التعبير، ووضوح اللفظ، واستخدام الكلم الصريح للدلالة على المعاني المعينة المحددة، وذلك كله حرصاً على سلامة تطبيق مبدأ قانونية التجريم.

ويضع الدكتور الفاضل درعاً متيناً لمواجهة هذه التعابير الفضفاضة كسلاح في يد الدولة يمثل في شرف وضمير ووجدان القاضي نفسه فيقول:

ولا عاصم للفرد أو المواطن من هذا السلاح الخطير الذي تملكه الدولة سوى شرف ضمير القاضي، ونزاهة وجدانه، واستقلاله ورهافة حسه في تمييز الغث من السمين، والمهم أنه لا يجوز إطلاقاً أن يؤول تطبيق هذه النصوص المرنة إلى خرق مبدأ قانونية الجريمة والعقاب.

المرجع:
{الدكتور “محمد الفاضل” – الجرائم الواقعة على أمن الدولة – ج1 – ص53 وما بعد}

Scroll to Top